الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واستشكلوا -أيضاً- زمان عيسى ابن مريم بعد زمان الدجال، قال الحافظ ابن حجر: ويحتمل أن يكون المراد بالأزمنة ما قبل وجود العلامات العظام كالدجال وما بعده، فيكون المراد بالأزمنة المتفاضلة في الشر في زمن الحجاج فما بعده إلى زمن الدجال، وأما زمن عيسى عليه السلام فله حكم مستأنف، والله أعلم.
ويحتمل أن يكون المراد بالأزمنة المذكورة أزمنة الصحابة؛ بناء على أنهم هم المخاطبون بذلك، فيختص لهم، لكن الصحابي رضي الله عنه فَهِم التعميم، فلذلك أجاب من شكى إليه الحجاج بذلك وأمرهم بالصبر، وكذلك التعميم واضح وصريح في قول ابن مسعود رضي الله عنه (1) .
والشاهد من هذا: أنّ الاستشكال المذكور بسبق الحجاج لعمر بن عبد العزيز في الزمن، مع قوله صلى الله عليه وسلم:«لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده أشر منه، حتى تلقوا ربكم» لا يزول إلا بتذكر هذه القاعدة؛ وهي: (الفتن في كل زمان حسب رجاله) ، فالرجال الموجودون في زمن الحجاج هم الصحابة، بخلاف الموجودين في زمن عمر بن عبد العزيز فإنهم التابعون.
فصل
حرمة التشبه بأهل العراق في خروجهم الأول
وبناءً عليه؛ فإنّ المتأخرين من العلماء حكوا إجماع أهل السنة على
= (2/129 رقم 280) من طرق مدارها على مجالد بن سعيد، عن الشعبي، عن مسروق، عن ابن مسعود، به.
وإسناده ضعيف؛ لضعف مجالد واختلاطه، قال الهيثمي في «المجمع» (1/180) :«وفيه مجالد بن سعيد وقد اختلط» . ومع هذا؛ فقد جوّده ابن حجر في «فتح الباري» (13/20) .
نعم؛ هو جيد من طرق أخرى، أخرجه يعقوب بن شيبة، وهي التي نقلناها عنه.
(1)
«فتح الباري» (133/21) مع حذف بعض العبارات وزيادة اليسير عليها.
حرمة الخروج على الأمراء، وعدوا ذلك من عقائد أهل السنة.
قال النووي في «شرح صحيح مسلم» (12/317) : «وأما الخروج عليهم، وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين، وإن كانوا فسقة ظالمين، وقد تظاهرت الأحاديث بمعنى ما ذكرته، وأجمع أهل السنة أنه لا ينعزل السلطان بالفسق، وأما الوجه المذكور في كتب الفقه لبعض أصحابنا أنه ينعزل، وحكي عن المعتزلة -أيضاً- فغلط من قائله، مخالف للإجماع» .
ونقل في (12/318) عن القاضي عياض في «إكمال المعلم» (6/247) أنّ أبا بكر بن مجاهد ادعى الإجماع في هذا، قال:
ثم ذكر أجوبة على هذا؛ من بينها:
«إن هذا الخلاف كان أولاً، ثم حصل الإجماع على منع الخروج عليهم، والله أعلم» .
وسبق ذكر شذرات من كلام العلماء الأكابر وفتاواهم في الفتن التي ظهرت في هذا الزمان، وبيان أن ذلك دخيل على منهج السلف الكرام، وتعرف الأمور بثمرتها، ويستحيل أن يَقِرّ الشرعُ وحملتُه وحراسُه نحو الفتن التي ظهرت في عدة من بلاد المسلمين، ولا سيما أن «الفتنة إذا وقعت عجز العقلاء فيها عن دفع السفهاء، فصار الأكابر عاجزين عن إطفاء الفتنة، وكفّ أهلها، وهذا شأن الفتن؛ كما قال -تعالى-: {وَاتّقوا فِتنَةً لا تُصِيبَنَّ الّذين