الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الماضية والغابرة يظهر منها صدق هذه الأخبار، ويستحيل فيها بأدنى احتمال التخلّف وعدم الوقوع، ويستفاد منها جميعاً أن (العراق) مركز مثار الفتن، التي صرح فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، سواء فيما لم يقع؛ مثل: خروج يأجوج ومأجوج، وظهور الدجال، وحسر الفرات عن جبل من ذهب، واقتتال الناس عنده مقتلة عظيمة، أو ما وقع وحصل (1) ؛
مثل: وقعة الجمل، ومحاربة صفين، وفتنة كربلاء، وحادثة التتر، أو ما هو واقع الآن؛ مثل: طمع الكفار بخيرات بلاد العراق، وسيطرتهم عليها (2) -على ما سيأتي بيانه بإسهاب وتفصيل، والله الموفق للخيرات، والهادي إلى الصالحات.
فصل
فرية وردّها
وقد زعم بعضُ من أزاغ الله قلبه (3)
أن (نجداً) المذكورة في الأحاديث
(1) وكذلك ظهور الفرق البدعيّة الضالة؛ كالخوارج الذين ظهروا من (الحروراء) -وهي قرية على نحو ميلين من الكوفة-، والروافض -ولا زال وجودهم فيها قويّاً-، وسائر الفرق؛ كالمعتزلة، والجهمية، والقدرية، فإنّ أول ظهورهم كان في العراق؛ كما في أول حديث في «صحيح مسلم» .
والناظر في تاريخ نشوء الفرق الكفرية والضالة -ولا سيما تلك التي هاجت وماجت وانتقلت إلى بلاد المسلمين الأخرى- قديماً وحديثاً، يجد أنّ (العراق) لها نصيب الأسد منها!
(2)
سواء بالمحاصرة الاقتصادية، أو الاحتلال العسكري.
(3)
مثل: الحداد في «مصباح الأنام» (ص 5-7) ، والعاجلي في «كشف الارتياب» (ص 120) ، ودحلان في «الدرر السنية في الرد على الوهابية» (ص 54) ، ومحمد حسن الموسوي في «البراهين الجلية» (ص 71) ، والنبهاني في «الرائية الصغرى» (ص 27) ، وللدجوي في مجلة «الأزهر» (م5/ص 329) كلام طويل فيه ترداد لهذه الفرية بتعصب وعناد، وكذا وجدتها في مواطن من «جؤنة العطار» لأحمد الغماري! ثم وجدت له كلاماً في كتابه «مطابقة الاختراعات العصريّة لما أخبر به سيّد البريّة» (ص 50) لا يقوى على اعتقاده إلا شقيّ غبي، جريء على الله =
السابقة هي (الحجاز) ، وأن الفتن التي ظهرت منها هي دعوة الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب (1)
-رحمه الله تعالى-!
= ورسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا نصه بحروفه، قال تحت عنوان (إخباره صلى الله عليه وسلم بالإهمال الواقع من النجديّين للمدينة المنورة الذي سيؤول بها إلى الخراب) ما نصّه:«روى أحمد وأبو داود من حديث معاذ بن جبل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عمران بيت المقدس خراب يثرب، وخراب يثرب خروج الملحمة، وخروج الملحمة فتح القسطنطينيّة، وفتح القسطنطينية خروج الدجال» .
فعمران بيت المقدس قد ابتدأ وظهر إن لم يكن تم بإنشاء دولة اليهود، فإنهم عمروه ولا زالوا جادِّين في عمارته.
والمدينة المنورة في طريق الخراب لمحاربة (القرنيين) لها، وسعيهم في القضاء عليها بعدم التفاتهم إليها وإلى إصلاحها، مع إهمالهم لأهلها ومعاكستهم لمن يريد الإقامة بها، وصرفهم النظر عن سكانها وعدم مساعدتهم ومد يد المعونة إليهم لتخرب، ولا يبقى بها ساكن ولا مجاور لسيد الخلق صلى الله عليه وسلم، بغضاً منهم في جانبه الشريف، واعتقاداً منهم -قبحهم الله- أن زيارته ومجاورته وتعظيمه بدعة وضلال، فهم يسعون لذلك في خرابها، حتى ينصرف الناس عن المجاورة والزيارة، وخرابها كما ترى من أشراط الساعة» .
قال أبو عبيدة: هكذا يفعل الكذب بأهله، فالعمران الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم لبيت المقدس مقرون بخراب يثرب، ووقع الأول -على زعمه-، فأين الثاني؟! والمدينة لا تزال عامرة على وجه لا يشك فيه عاقل! وفي كلامه ظلم للقائمين على الحرمين الشريفين -زادها الله عمارة وشرفاً وتعظيماً-. وفيه -أيضاً- كذب على علماء الدعوة النجدية، ببغضهم للنبي صلى الله عليه وسلم، ومن الذي يحارب المدينة، ويسعى في القضاء عليها وعلى أهلها؟! وكل من يعرف المدينة ويزورها؛ يعلم أن هذا من المَيْن والزور والكذب الذي له قرون!
(1)
دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب دعوة سلفية خالصة، أُلصِقت بها تهم وبواطيل، وافتراءات وأكاذيب، وأصبح الخصوم والأعداء من القبوريين والطرقيين ينعتون الدعاة إلى التوحيد والكتاب والسنة بـ (الوهابيين) ؛ حنقاً وحقداً على التوحيد وأهله وأئمته! ولا قوة إلا بالله.
وكلمة (وهّابي) -على حد عبارات النابزين- تسمية غريبة، لم تنقل عن أحد من أئمة الدعوة الأول، وإنما نقلت عن خصومهم، وإلا؛ فنعم الانتساب إلى (الوهاب) جل جلاله:
إن كان توحيد الإله توهباً
…
يا رَبِّ! فاشهد أنني وَهّابي
وهاك نصَّيْن من كلام الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في بيان معتقده ومنهجه: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الأول: ففي «مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب» -القسم الخامس (الرسائل الشخصية)(ص 252) - ما نصه:
«لست -ولله الحمد- أدعو إلى مذهب صوفي، أو فقيه، أو متكلم، أو إمام من الأئمة الذين أعظمهم؛ مثل: ابن القيم، والذهبي، وابن كثير، وغيرهم، بل أدعو إلى الله وحده لا شريك له، وأدعو إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أوصى بها أول أمته وآخرهم، وأرجو أني لا أرد الحق إذا أتاني، بل أشهد الله وملائكته وجميع خلقه: إن أتانا منكم كلمة من الحق، لأقبلنها على الرأس والعين، ولأضربن الجدار بكل ما خالفها من أقوال أئمتي، حاشا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإنه لا يقول إلا الحق
…
» .
والآخر: جاء في رسالته لعبد الرحمن بن عبد الله السويدي أحد علماء العراق يذكر الإمام رحمه الله حقيقة دعوته، ومن ذلك قوله -كما في «مؤلفات الشيخ الإمام» (الرسائل الشخصية) (5/36) -:
وهناك نقولات عديدة عن الإمام المجدد، وغيره من أئمة الدعوة المباركة في الاتباع، والاقتصار على الدليل، ونبذ ما يخالفه. تراها في رسالة «الإقناع بما جاء عن أئمة الدعوة من الأقوال في الاتباع» .
وأما عن الشبه التي تثار في وجه هذه الدعوة، فقد تصدى لها بالدراسة والرد على وجه حسن غايةً: الأخ الباحث الشيخ عبد العزيز العبد اللطيف في كتابه «دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، عرض ونقد» .
وأما عن المؤلفات التي طبعت وفيها سموم وبواطيل حول هذه الدعوة، فقد كدتُ استيعابها والتحذير منها في كتابي «كتب حذر منها العلماء» (المجموعة الأولى)(1/250-287) ، فانظره، فإنه مفيد -إن شاء الله تعالى-.
وكتب -حديثاً- بعض إخواننا ومحبينا الشيخ مالك شعبان في مجلتنا (الأصالة) ثلاث حلقات عن أسوأ كتاب ظهر عن حياة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب، وفنّد أباطيله، وهو =
وهذه فرية بلا مرية، إذ فيها مضادّة للأحاديث النبوية الصحيحة الشهيرة، وقد تتابعت جهود الأعلام من العلماء على اختلاف أعصارهم وأمصارهم على كشف الباطل الذي فيها، وهذه شذرات من كلماتهم (1) :
* الشيخ عبد الرحمن بن حسن، قال في «مجموعة الرسائل والمسائل» (4/264-265) :
…
قيل أنه أراد نجد العراق؛ لأن في بعض ألفاظه: ذكر المشرق، والعراق شرقي المدينة، والواقع يشهد له، لا نجد الحجاز، ذكره العلماء في شرح هذا الحديث، فقد جرى على العراق من الملاحم والفتن، ما لم يجر في نجد الحجاز، يعرف ذلك من له اطلاع على السير والتاريخ؛ كخروج الخوارج بها، وكمقتل الحسين (2) ،
وفتنة ابن الأشعث، وفتنة المختار
= «مذكرات همفر» ، انظر الأعداد (31، 32، 33) ، وللمحدث الشيخ مقبل بن هادي رحمه الله مقالة بعنوان «حول كلمة وهابي» نشرناها في «الأصالة» -أيضاً- (العدد 34/ص 28-33) ؛ فلتنظر.
(1)
وفيها جميعاً ما يؤكّد أنّ المراد بـ (نجد) : (العراق) ، وهذا هو سبب إيراد هذه النقولات.
(2)
ورد في ذلك حديث صحيح بشواهده، أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (15/98 رقم 19214) ، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (1/308-309 رقم 427) ، وأحمد (1/85) والبزار (884) وأبو يعلى (363) في «مسانيدهم» ، والطبراني (2811) من طريق عبد الله بن نُجيّ عن أبيه: أنه سار مع علي، وكان صاحبَ مطهرته، فلما حاذى نينوى وهو منطلق إلى صفين، فنادى عليّ: اصبر أبا عبد الله، اصبر أبا عبد الله، بشط الفرات. قلت: وماذا؟ قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم وعيناه تفيضان، قلت: يا نبيَّ الله! أغضبك أحد، ما شأن عينيك تفيضان؟ قال:«بل قام من عندي جبريل قبل، فحدثني أنّ الحسين يُقتل بشط الفرات» ، قال: فقال: «هل لك إلى أن أُشِمَّكَ من تربته؟» قال: قلت: نعم. فمد يده، فقبض قبضة من تراب فأعطانيها، فلم أملك عَيْنَيَّ أن فاضتا. =
-، وابن الأثير في «أسد الغابة» (1/146) ، وعن الحسين نفسه ومعاذ وزينب بنت =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وإسناده ضعيف، نجي والد عبد الله، لم يرو عنه غير ابنه، ولم يوثقه غير ابن حبان، وقال:«لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا انفرد» .
وقال البزار: «وعبد الله بن نجي وأبوه سمعا من علي» .
وله طرق أخرى عن علي، وبعضها موقوفة عليه، لكن لها حكم الرفع. انظر:«المعجم الكبير» للطبراني (3/117-118 رقم 2823، 2824، 2825، 2826) .
والحديث له شواهد عديدة، أشار إليها الهيثمي بقوله في «المجمع» (9/187) على إثر هذا الحديث:«رجاله ثقات، ولم ينفرد نجي بهذا» .
قلت: ورد نحوه من حديث أنس، أخرجه أحمد (3/242، 265) والبزار (2642 - «زوائده» ) وأبو يعلى (3402) في «مسانيدهم» ، وابن حبان (6742) ، والطبراني (2813)، وأبو نعيم في «الدلائل» (2/709 رقم 492) من طريق عُمارة بن زاذان: حدثنا ثابت، عن أنس بنحوه، وفي آخره:«قال ثابت: بلغنا أنها كربلاء» .
وعمارة يروي عن ثابت عن أنس مناكير، وتفرد بهذا الحديث.
وورد من حديث أم الفضل بنت الحارث، أخرجه الحاكم في «المستدرك» (3/176-177) ، والطبراني مختصراً في «الكبير» (25/رقم 42) من طريق محمد بن مصعب عن الأوزاعي، عن أبي عمار شداد بن عبد الله، عن أم الفضل بنحوه.
وأخرجه جمع من الطريق نفسه دون موطن الشاهد.
وصححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:«بل منقطع ضعيف، فإنّ شداداً لم يدرك أم الفضل، ومحمد بن مصعب ضعيف» .
وورد من حديث عائشة، أخرجه أحمد (6/294) في «الفضائل» (2/770 رقم 1357) ، والطبراني في «الكبير» (3/3/113-114 رقم 2814، 2815) ، ووقع عند أحمد (عن عائشة أو أم سلمة) بالشك.
وأما حديث أم سلمة، فأخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (4/288) ، والقطيعي في «زياداته على فضائل الصحابة» (2/782 رقم 1391) ، والطبراني في «الكبير» (3/114، 115 رقم 2817، 2818، 2819، 2820، 2821) .
وفي الباب عن أنس بن الحارث رفعه: «إن ابني هذا يقتل بأرض العراق» .
أخرجه أبو نعيم في «معرفة الصحابة» (1/243 رقم 97) و «الدلائل» (2/710 رقم 493) ، والبغوي في «معجم الصحابة» (1/63-64 رقم 46) ، وابن السكن -كما في «الإصابة» (1/68)
وقد ادعى النبوة
…
وما جرى في ولاية الحجاج بن يوسف من القتال، وسفك الدماء وغير ذلك مما يطول عده.
وعلى كل حال؛ فالذم إنما يكون في حال دون حال، ووقت دون وقت، بحسب حال الساكن؛ لأن الذم إنما يكون للحال دون المحل، وإن كانت الأماكن تتفاضل، وقد تقع المداولة فيها، فإن الله يداول بين خلقه، حتى في البقاع، فمحل المعصية في زمن قد يكون محل طاعة في زمن آخر، وبالعكس» .
ثم قال رحمه الله: «فلو ذم نجد بمسيلمة بعد زواله، وزوال من يصدقه، لذم اليمن بخروج الأسود العنسي ودعواه النبوة
…
، وما ضرَّ المدينة سكنى اليهود بها، وقد صارت مُهاجَرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ومعقل الإسلام، وما ذُمَّتْ مكةُ بتكذيب أهلها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وشدة عداوتهم له، بل هي أحب أرض الله إليه» .
* الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن (1) :
= جحش، أخرجها -بالترتيب-: الطبراني في «الكبير» (3/112 رقم 2812 و3/129 رقم 2861 و24/54-55، 57 رقم 141، 147) وفيه مجاهيل، وعن ابن عباس عند البزار، ورجاله ثقات، وفي بعضهم خلاف، وعن أبي الطفيل عند الطبراني، وإسناده حسن. قاله الهيثمي في «المجمع» (9/190، 191-192) .
والخلاصة: الحديث صحيح بمجموع طرقه. انظر: «السلسلة الصحيحة» (رقم 1171) وفاته ما ذكرناه بعد حديث أم سلمة.
ومما ينبغي ذكره هنا: إن ابن أبي الدنيا أفرد «مقتل الحسين» بمصنف مفرد مطبوع في طهران، ونشر عن دار الأوراد في الكويت بتحقيق محمد شجاع ضيف الله:«مقتل الحسين» للطبراني، وهو قطعة من «المعجم الكبير» ! وألّف في هذا الباب غير واحد، وجلهم من الرافضة! وبيّن شيخ الإسلام ابن تيمية في «منهاج السنة النبوية» (4/556 وما بعد) أن الذين نقلوا مصرع الحسين زادوا أشياء من الكذب، ومثّل على ذلك، فانظر كلامه، إن أردت الاستزادة؛ فإنه مهم.
(1)
من أجوبته المسكتة: ما حكاه في «مصباح الظلام» (ص 237) ، وعنه صاحب «الضياء» الشارق في الرد على شبهات الماذق المارق» (ص 45)، قال: «قد قال لي بعض =
يقرر رحمه الله في كتابه «منهاج التأسيس والتقديس في الرد على ابن جرجيس» (ص 62) المراد بالمشرق ونجد الذي ورد ذمه في الأحاديث السابقة، فيقول:«إن المراد بالمشرق ونجد في هذا الحديث وأمثاله هو العراق؛ لأنه يحاذي المدينة من جهة المشرق، يوضحه أن في بعض طرق هذا الحديث: «وأشار إلى العراق» ، قال الخطابي: نجد من جهة المشرق، ومن كان بالمدينة، كان نجده بادية الشام ونواحيها، فهي مشرق أهل المدينة، وأصل نجد: ما ارتفع من الأرض، وهو خلاف الغور؛ فإنه ما انخفض منها، وقال الداودي: أن نجداً من ناحية العراق، ذكر هذا الحافظ ابن حجر، ويشهد له ما في «مسلم» عن ابن عمر، قال: يا أهل العراق! ما أسأَلَكم عن الصغيرة وأركَبَكم للكبيرة، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«أن الفتنة تجيء من ها هنا» ، وأومأ بيده إلى المشرق، فظهر أن هذا الحديث خاص لأهل العراق؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فسّر المراد بالإشارة الحسيّة، وقد جاء صريحاً في «المعجم الكبير» للطبراني النصُّ على أنها العراق، وقول ابن عمر وأهل اللغة وشهادة الحال، كل هذا يعين المراد
…
» .
ويشير الشيخ عبد اللطيف إلى فضل بني تميم، فيقول (ص 61) :
«وقد جاء في فضل بعض أهل نجد كتميم، ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: أُحِبُّ تميماً لثلاث سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم: قوله لما جاءت صدقاتهم: «هذه صدقات قومي» ، وقوله في الجارية التميمية:«اعتقها فإنها من ولد إسماعيل» ، وقوله:«هم أشد أمتي على الدجال»
…
هذا في المناقب الخاصة، وأما العامة للعرب، فلا شك في عمومها لأهل نجد؛ لأنهم من صميم العرب، وما ورد في تفضيل القبائل
= الأزهريين: مسيلمة الكذاب من خير نجدكم. فقلت: وفرعون اللعين رئيس مصركم. فبهت، وأين كفر فرعون من كفر مسيلمة لو كانوا يعلمون» .
والشعوب أدل وأصرح في الفضيلة مما ورد في البقاع والأماكن في الدلالة على فضل الساكن والقاطن.
ومعلوم أن رؤساء عباد الصور الداعين إلى دعائهم وعبادتها لهم حظ وافر مما يأتي به الدجال، وقد تصدى رجال من تميم، وأهل نجد للرد على دجاجلة عبّاد القبور الدعاة إلى تعظيمها مع الله، وهذا من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم، إنْ قلنا أن «ال» في الدجال للجنس لا للعهد، وإن قلنا أنها للعهد -كما هو الظاهر-؛ فالرد على جنس الدجال توطئة وتمهيد لجهاده، ورد باطله، فتأمله فإنه نفيس جدّاً» .
* الشيخ محمود شكري الآلوسي العراقي (ت 1342هـ) :
قال في كتابه «غاية الأماني» (2/180) مقرراً أن نجداً بها يطلع قرن الشيطان في معرض كلامه على من تكلم على ابن تيمية من أهل العراق:
* الشيخ محمد بشير السهسواني الهندي (ت 1326هـ) :
أسهب في كتابه «صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان» في رد هذه الفرية، وعمل على تخريج الحديث، ودقق في ذكر مروياته وألفاظه، ومما أفاد وأجاد بهذا الصدد، قوله فيه (ص 497) بعد كلام:
وقال (ص 496) : «أقول: كون الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأتباعه مصداق تلك الأحاديث
…
محل نظر» .
وذكر (ص 498-499) بعض كلام الشراح المتقدم؛ ككلام الخطابي والقسطلاني، وقال على إثره داحضاً الكذبة المذكورة:«ولا يخفى عليك أن لفظاً من ألفاظ هذا الحديث لا يقتضي أنّ كل من يولد في المشرق أو يسكن فيه، يكون مصداقاً لهذا الحديث، حتى يثبت ما ادّعاه المؤلف من كون الشيخ -يريد: الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب- مصداقاً له، والمؤلف لم يبيّن وجه الاستدلال به، حتى يتكلم فيه، ويجاب عليه. ومجرد وقوع الفتنة في موضع لا يستلزم ذم كل من يسكنه» .
ثم أورد أحاديث فيها وصول الفتنة إلى المدينة، ثم قال (ص 500) :
«وهذه الأحاديث وغيرها مما ورد في هذا الباب دالة على وقع الفتن في المدينة النبوية، فلو كان وقوع الفتن في موضع مستلزماً لذم ساكنيه، لزم ذم سكان المدينة كلهم أجمعين، وهذا لا يقول به أحد، على أن مكة والمدينة كانتا في زمن موضع الشرك والكفر، وأي فتنة أكبر منهما، بل وما من بلد أو قرية إلا وقد كانت في زمن أو ستصير في زمان موضع الفتنة (3) ، فكيف
(1) يريد: دحلان (أحمد زيني)(ت 1304هـ)، حيث أورد الحديث هكذا:«الفتنة من ههنا» ، وصوابه -كما قدمناه-: «الفتنة ههنا، من حيث يطلع
…
» ، وفرق كبير في المعنى بينهما!
(2)
يريد: دحلان.
(3)
سيأتيك هذا مفصلاً (ص 357) تحت عنوان (فصل في وصول الشر والفتن آخر الزمان كل مكان) .