الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من تبويبه بهذا اللفظ، إن أراد به الجمع بين روايتي أبي داود وأحمد بأنهما محمولتان على زمانين مختلفين، ففي زمان يكون سياقة الترك للمسلمين، وفي زمان آخر يكون سياقة المسلمين لهم، فهذا بعيد جدّاً كما لا يخفى على المتأمل، وإن أراد غير هذا فالله -تعالى- أعلم بما أراد» ، وقال:
«وعندي أن الصواب هي رواية أحمد، وأما رواية أبي داود؛ فالظاهر أنه قد وقع الوهم فيه من بعض الرواة، ويؤيده ما في رواية أحمد من أنه كان بريدة لا يفارقه بعيران أو ثلاثة ومتاع السفر، والأسقية بعد ذلك؛ للهرب مما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم من البلاء من أمراء الترك، ويؤيده -أيضاً- أنه وقع الشك لبعض رواة أبي داود، ولذا قال في آخر الحديث: أو كما قال.
ويؤيده -أيضاً- أنه وقعت الحوادث على نحو ما ورد في رواية أحمد، فقد قال:
…
» وساق كلام القرطبي الآتي قريباً -إن شاء الله تعالى-.
ونقل السهارنفوري في «بذل المجهود» (17/219) كلام صاحب «العون» ، وقال بعد كلام:
قلت: وما قالاه هو الصواب قطعاً، وهو الذي تقتضيه الصّنعة الحديثية.
*
الكلام على إسناد حديث بريدة
قال القرطبي في «التذكرة» (2/428) :
«قال الإمام أبو الخطاب عمر ابن دحية (1) :..............................
(1) بإثبات الألف؛ لأن (دحية) ليس اسماً لأبيه، فأبوه (الحسن) ، وهو من وفيات (633هـ)، من كتبه:«النبراس في تاريخ خلفاء بني العباس» ، طبع بتحقيق عباس العزاوي، سنة =
وهذا سند صحيح (1) ، أسنده إمام السنة، والصابر على المحنة: أبو عبد الله أحمد بن حنبل الشيباني، عن الإمام العدل، المجمع على ثقته أبي نُعيم الفضل بن دُكين، وبشير بن المهاجر ثقة (2) ، رأى أنس بن مالك، روى عنه جماعة من الأئمة فوثقوه» .
وقال الحاكم على إثره: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه» ووافقه الذهبي.
وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (7/311) : «رواه أبو داود مختصراً، ورواه أحمد والبزار باختصار، ورجاله رجال الصحيح» .
قال أبو عبيدة: مدار الحديث على بشير بن المهاجر الغنوي، وفيه كلام لأئمة الجرح والتعديل، قال أبو بكر الأثرم عن أحمد بن حنبل:«منكر الحديث، قد اعتبرتُ أحاديثه، فإذا هو يجيء بالعجب» ، نقله المزي (3)، وزاد:«وقال البخاري: يخالف في بعض حديثه» .
قلت: قولة البخاري هذه في «التاريخ الكبير» (2/101 رقم 1839)
= 1356هـ-1964م، فلعل هذا النقل منه، ثم رأيته مطبوعاً عن مكتبة الثقافة الدينية، مصر، بتحقيق مديحة الشرقاوي، سنة 1421هـ - 2001م، ولم أعثر على هذا النص فيه، وإلا فهو في كتابه «البشارات والإنذارات المتلقّاة من أصدق البراءات» ، ذكره له ابن عبد الملك في «الذيل والتكملة» (1/219) .
(1)
قال صاحب «العون» (11/414) : «قال القرطبي: بإسناد صحيح» ، وتبعه صاحب «البذل» (17/219) ، وفي هذا تجوّز؛ فالقائل هو ابن دحية لا القرطبي.
(2)
في «التذكرة» (2/428 - ط. البخاري) : «وثقه» ! والتصويب من سائر الطبعات، مثل (2/498 - ط. دار الصحابة و (2/273 - ط. دار الكتاب العربي) و (3/190 - ط. دار ابن كثير) ، وفي توثيق (بشير) نزاع، يأتي بسط الخلاف بين الأئمة فيه.
(3)
في «تهذيب الكمال» (4/177) وقبله -باختصار- العقيلي في «الضعفاء الكبير» (1/144) ، ومثله في «الميزان» (1/330) .
على إثر حديث: «رأس مئة سنة يبعث الله ريحاً
…
» ، قال:«يخالف في بعض حديثه هذا» ، فعبارته مقيّدة بهذا الحديث (1) ، ونقل المزي هذا على خلاف دقّته المتناهية لكلام الأئمة في كتبه (2) -رحمه الله تعالى-.
وقال أبو حاتم في «الجرح والتعديل» (2/378 رقم 1472) : «يكتب حديثه ولا يحتجّ به» (3) .
وقال الساجي: «منكر الحديث، عنده مناكير عن عبد الله بن بريدة أحاديث
…
عدد يطول ذكرها» (4) .
وقال العقيلي: «مرجئ متّهم، يتكلم فيه، منكر الحديث» (5) .
وفي كتاب ابن الجارود: «يخالف في بعض حديثه» (6)، وقال ابن حبان:
(1) نبه على هذا مغلطاي في «إكمال تهذيب الكمال» (2/424)، قال: «في قول المزي قال البخاري:
…
نظر، من حيث إن البخاري قال هذا مقيداً بحديث لا مطلقاً، يتبين ذلك لك بسياقة كلامه....» ، ولم يتنبه لهذا ابن حجر في «التهذيب» (1/411) ، فهو -على العادة- ينقل كلام مغلطاي بتمامه في زياداته على كلام المزي في آخر الترجمة، مسبوقة بـ (قلت)، قال في ديباجة «التهذيب» (1/5) :«وما زدته في أثناء التراجم قلت في أوله (قلت) ، فجميع ما بعد (قلت) فهو من زيادتي إلى آخر الترجمة» !!
(2)
على الرغم من قلَّتها؛ فمشهور كتبه: «تحفة الأشراف» و «تهذيب الكمال» ، وقد سدّا (ثغرة) لا يعلمها إلا الله، ونفع الله بهما طلبة علم الحديث على وجه فيه استمرار، وكادت كتبه هذه أن تكون (عمدة) للمشتغلين بهذا الفن، فجزاه الله خيراً، وهكذا فليكن التأليف والجمع: في شيء جديد نافع، لا تكرار فيه واجترار، كما هو مشاهد في كثير من الأحوال! مع سمعةٍ وطغيان، وطمع في عرض زائل ومال، ولا وقوة إلا بالله العلي العظيم.
(3)
هذا ما نقله المزي عند المجرحين، وما بعده من مغلطاي، والعبارات نفسها في زيادات ابن حجر من «التهذيب» -أيضاً-.
(4)
العبارة في مطبوع «التهذيب» (1/411 - ط. الفكر) إلى «عنده» هكذا مبتورة ولا معنى لها.
(5)
«الضعفاء الكبير» (1/144) .
(6)
«إكمال تهذيب الكمال» (2/424) .
«كان يخطئ كثيراً» (1) .
وقال النسائي (2) : «ليس بالقوي» ، وقال مرة:«ليس به بأس» (3) ، ووثقه ابن معين في رواية إسحاق بن منصور (4)، وقال العجلي:«كوفيٌّ ثقة» (5)، وقال ابن خلفون -وذكره في كتاب «الثقات» -:«هو عندي في (الطبقة الثالثة من المحدثين) ، وقد تكلم في مذهبه، ونسب إلى الإرجاء» (6) . وقال ابن عدي: «روى ما لا يتابع عليه، وهو ممن يكتب حديثه، وإن كان فيه بعض الضعف» (7) ، و «روى له الجماعة سوى البخاري» (8)، وأجمل الذهبي الأقوال السابقة بعبارة:«ثقة فيه شيء» (9) ، وترجمه في كتابه «ذكر أسماء من تُكُلِّم فيه وهو موثق» (10)، وقال عنه ابن حجر:«صدوق، لين الحديث، رمي بالإرجاء» .
وبناء على هذا الخلاف وقع اختلاف بين المعاصرين في الحكم على
(1)«الثقات» (6/98) .
(2)
في «الضعفاء» له (286) .
(3)
كذا في «تهذيب الكمال» (4/177) و «الميزان» (1/330)، وقال الخزرجي في «الخلاصة» (ص 50) :«وثقه.... والنسائي» .
(4)
كذا في «تهذيب الكمال» -أيضاً- (4/177) ، ولم ينقل عباس الدوري في «تاريخه» (2/60-61) عن ابن معين منه شيئاً في «الجرح والتعديل» .
(5)
في «ترتيب الثقات» (ص 82/رقم 157) ضمن (تضمينات ابن حجر) .
(6)
«إكمال تهذيب الكمال» (2/424) .
(7)
«الكامل في الضعفاء» (2/454) .
(8)
«تهذيب الكمال» (4/178)، وقال الخزرجي في «الخلاصة» (ص 50) :«له في مسلم فرد حديث» .
(9)
«الكاشف» (1/159)، واقتصر في «ديوان الضعفاء والمتروكين» (1/123 رقم 651) على قوله:«قال النسائي: ليس بالقوي» ، وقال في «المغني» (1/108 رقم 937) :«تابعي صدوق، وثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: لا يحتج به» .
(10)
(ص 54/رقم 53)، وقال:«صدوق» .