الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا الإسناد (1) ، والذي أُراه أنه (حسن) ، ولا ينزل هذا الإسناد بأي حال من الأحوال عن درجة الحسن في الشواهد، إذ (بشير) لم ينفرد بأصل الحديث، فقد وردت آثار صحيحة تقدمت (2) ، تشهد لبعض ما فيه، ومنها يعلم أن (السَّوق) المذكور إنما هو من العراق، وهذا ما فهمه بريدة، وهو ممن سكن (البصرة) ، وعدّه غير واحد من العلماء (3) من أهلها، ودل عليه -أيضاً- قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث «يلحقوهم بجزيرة العرب» ، فهم ليسوا من أهلها، ولبعض ما فيه شواهد من أحاديث أخر؛ مثل:
الحديث الثاني: حديث معاوية بن أبي سفيان
.
أخرجه أبو يعلى في «المسند» (13/366 رقم 7376)، قال:
حدثنا محمد بن يحيى البصري، حدثنا محمود بن يعقوب، قال: حدثني أحمد بن إبراهيم، قال: حدثني إسحاق بن إبراهيم بن الغمر مولى سموك، قال: حدثني أبي، عن جدي، قال: سمعتُ معاوية بن حُدَيجٍ يقول: كنتُ عند
(1) قال -مثلاً- صديقنا الشيخ علي الحلبي في تعليقه على «هداية الرواة» (5/110 رقم 5358) عند قول الخطيب التبريزي: «أبو داود» ؛ علق في (هامش 3) بقوله: «بسندٍ لين» ، وعلق أبو سفيان محمود البسطويسي في تعليقه على «التذكرة» للقرطبي (2/428) هامش (523) :«إسناده صحيح» ! وعلق مجدي السيد على «التذكرة» -أيضاً- (2/495-496 رقم 1921) : «حديث حسن» ، وقال الأستاذ عبد القادر جوندل في تعليقه على «المطالب العالية» (18/320 - ط. العاصمة) -وذكر قول الذهبي في (بشير) :«ثقة فيه شيء» -: «وعليه، فإن الإسناد حسن لذاته، والله -تعالى- أعلم» ، ولم يُنَبِّهوا -عدا الأخير- على القلب الواقع في رواية أبي داود، مع عزوهم جميعاً الحديث إليه» .
(2)
(ص 271-272، 273-274، 276) .
(3)
مثل مسلم في «الطبقات» (1/182 رقم 338) -ذكره تحت (من سكن منهم -أي: الصحابة- بالبصرة)، وقال عنه:«غزا إلى مرو، فمات بها» -، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (3/162 - ط. الغرباء)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (4/241 و7/365 و8/8) . وانظر:«الإصابة» (1/146) ، و «السير» (2/469) ، و «التهذيب» (1/432) .
معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه حين جاءه كتاب عامله، يخبرُه أنه وقع بالترك وهزمهم، وكثرةَ من قَتل منهم، وكثرة ما غنم، فغضب معاوية رضي الله عنه في ذلك، ثم أمر أن يكتب إليه: قد فهمتُ ما ذكرتَ مما قتلت وغنمتَ، فلا أعلمنَّ ما عُدت لشيء من ذلك، ولا قاتلتهم حتى يأتيك أمري، قلت له: لم يا أمير المؤمنين؟ قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لتظهرن الترك على العرب، حتى تُلحقها بمنابت الشيح والقيصوم» (1) ؛ فأكرهُ قتالَهم لذلك.
وعزاه إلى أبي يعلى: الهيثميُّ في «مجمع الزوائد» (7/311-312)، وقال:«رواه أبو يعلى، وفيه جماعة لم أعرفهم» .
قلت: مراده -والله أعلم-: أحمد بن إبراهيم، وإسحاق بن إبراهيم مولى الغمر، وأبوه، وجده (2) .
ولفظة «لتظهرنّ الترك على العرب» مثبتة في «المجمع» و «المقصد العلي» (1852) ، و «المقصد الأعلى» (3/1238 رقم 4520) . وكذا في الطبعة الأخرى من «مسند أبي يعلى» (3)(6/440 رقم 7338)، وأثبت محققا «المسند» في الهامش ما مفاده: إن في الأصول «إن الترك على العرب» ، وقال أسد:«وأخشى أن تكون (على) تحرفت إلى «تجلي» » .
(1) نوع من نبات الأرطماسيا، من الفصيلة المركبة، قريب من نوع الشيح، كثير في البادية، ويقال: فلان يمضغ الشيح والقيصوم لمن خلصت بدويّته.
ويحتمل أن يكون المراد من الحديث ما «قد حدث أن السلطان خلال أربع مئة عام كان للترك على العرب إلا مناطق الصحراء، وهي مكان الشيح والقيصوم» .
(2)
مع ملاحظة أن المثبت في (إسناد أبي يعلى) في مخطوطة «المطالب العالية» (ق4540/ب) المسندة: «أحمد بن إبراهيم بن المعمر: حدثني أبي
…
» ؛ فالإسنادان بينهما فرق!
(3)
وهي بتحقيق الأستاذ إرشاد الحق الأثري، ظهرت سنة 1408هـ عن دار القبلة، جدة، في (6) مجلدات.
قال أبو عبيدة: الذي أراه صواباً في متن الحديث: «إن الترك تُجلي العرب
…
» (1) بناء على ما ورد في الباب، ثم وجدته هكذا في «إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة» (10/198-199 رقم 9822 - ط. الرشد) ، وبوب عليه (باب القتال على الملك وترك قتال الترك) ، وسكت عليه، وكذلك في «المطالب العالية» (18/317 رقم 4477 - ط. العاصمة) ، وبوب عليه (باب الزجر عن قتال الترك لما يُخشى من تسلطهم على بلاد الإسلام) ، وسكت عليه -أيضاً-، وعزاه لأبي يعلى، وقال محقق «المطالب» :
«أتوقف في الحكم على الحديث» ، ثم قال وأورد له بعض ما قدمناه عن ابن مسعود وحذيفة قوليهما: «وما تقدم من حديث ابن مسعود وحذيفة
…
رضي الله عنهما قد وردا موقوفاً عليهما، ولهما حكم الرفع؛ لأنه من الأمور الغيبية التي لا مجال للرأي فيها، وجملة القول أن حديث الباب (2) يرتقي بهذه الطرق والشواهد لدرجة الحسن لغيره، والله أعلم» (3) .
قال أبو عبيدة: له عن معاوية طريق أخرى:
أخرجه نعيم بن حماد في «الفتن» (2/682 رقم 1922) عن رشدين، عن ابن لهيعة، حدثني كعب بن علقمة، حدثني حسان بن كريب، أنه سمع ابن ذي الكلاع يقول: كنت عند معاوية، فجاءه بريد من أرمينية من صاحبها، فقرأ الكتاب فغضب، ثم دعا كاتبه، فقال: اكتب إليه جواب كتابه: تذكر أن الترك أغاروا على طرف أرضك، فأصابوا منها، ثم بعثت رجالاً في طلبهم، فاستنقذوا الذي أصابوا، ثكلتك أمك! فلا تعودنّ لمثلها، ولا تحركنَّهم بشيء،
(1) كذا رأيته -أيضاً- في «فتح الباري» (6/609) و «لوامع العقول شرح راموز الحديث» (5/58) .
(2)
يعني: حديث معاوية رضي الله عنه.
(3)
«المطالب العالية» (18/322 - الهامش) .
ولا تستنقذ منهم شيئاً، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
وإسناده ضعيف؛ لضعف رشدين بن سعد، وفيه عبد الله بن لهيعة، قال الحافظ ابن حجر عنه في «التقريب» (ص 319) :«خلط بعد احتراق كتبه» .
وله طريق أخرى بنحوه عن معاوية قوله.
وأخرجه من طريق آخر (2/680 رقم 1917) -ومن طريقه ابن العديم في «بغية الطلب» (1/518) -: حدثنا بقية، عن أم عبد الله، عن أخيها عبد الله ابن خالد، عن أبيه خالد بن معدان، عن معاوية، قال: اتركوا الرابضة ما تركوكم، فإنهم سيخرجون، حتى ينتهوا إلى الفرات، فيشرب منهم أولهم، ويجيء آخرهم، فيقولون: قد كان ها هنا ماء.
قلت: فيه بقية بن الوليد الحمصي، وهو صدوق، ومدلس، وقد عنعن، وخالد بن معدان ثقة، يرسل كثيراً، وقد عنعن -أيضاً-، وعليه فإن حديثه ضعيف، وفيه أم عبد الله؛ لم أقف لها على ترجمة.
وله شاهد من حديث عبد الله بن السائب، ولكن لا يفرح به.
أخرجه الطبراني في «الأوسط» (6/111 رقم 5228 - ط. الطحان) من طريق عدي بن الفضل، عن علي بن الحكم، عن القاسم بن أبي بزة، عن عبد الله بن السائب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تبلغ العربُ مولد آبائهم منابت الشيح والقيصوم» ، وقال:«لم يرو هذا الحديث عن القاسم بن أبي بزَّة إلا عليّ بن الحكم، ولا عن علي إلا عديّ بن الفضل، تفرد به سعيد بن سليمان» .
قلت: وبوّب عليه الهيثمي في «مجمع البحرين» (7/264) و «مجمع الزوائد» (7/310)(باب فتنة العجم)، وقال في «المجمع» :«وفيه عديّ بن الفضل التيميّ، وهو متروك» .
ودلّت الرواية قبل الأخيرة أن الإلحاق الوارد في الحديث بجزيرة