المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث الأول: حديث بريدة بن الحصيب - العراق في أحاديث وآثار الفتن - جـ ١

[مشهور آل سلمان]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌فصلفي بيان أنّ العراق تهيّج منها الفتن،وصلتها بأهمّ فتن هذا العصر

- ‌ طرق في ألفاظها نُكْرة

- ‌ أحاديث أخرى وقع التصريح فيها بذكر العراق، وأن الفتن تهيج منها، أو تكون فيها، وفي أسانيدها ضعف:

- ‌فصلفرية وردّها

- ‌فصلالفتن تموج موج البحر

- ‌فصلضروب الفتنة

- ‌الضرب الأول: لا ينفك عن الإنسان في أي مكان أو زمان كان

- ‌الضرب الثاني: الفتن التي تموج موج البحر

- ‌فصلزمن الفتنة (نشأتها، اشتدادها، آخرها)

- ‌فصلالخوارج والعراق

- ‌فصلاستمرار خروج الخوارج ووصول فتنتهم إلى كل مكان

- ‌فصلالخروج في عصرنا

- ‌فصلمظاهر الخروج الجديد ونواره الذي لم ولن يعقد

- ‌فتنة جهيمان والحرم المكي

- ‌فصلفتنة حماة

- ‌فصلفتنة الجزائر المتولّدة عن الخروج الأول في العراق

- ‌ فتنة الجزائر وجبهة الإنقاذ الإسلامية

- ‌مما زاد وَحَل هذه (الفتنة) :

- ‌فصلالتباس (الثورة) بمفهوم الجهاد

- ‌فصلالفرق بين المطلوب الشرعي وواجب الوقتوما عليه أصحاب الثورات والانقلابات ودعاة الخروج

- ‌فصلالفتن في كل زمان حسب رجاله

- ‌فصلاشتداد الفتن مع مضي الزّمن

- ‌فصلحرمة التشبه بأهل العراق في خروجهم الأول

- ‌فصلالفتنة وكلت بثلاث

- ‌فصلكلام جملي عن محور الفتنة وثمرتها ووقتهاومادتها ووسيلتها ووقت اشتدادها

- ‌فصلمكان الفتنة

- ‌فصلرد شيخنا الألباني لفرية (نجد) التي يطلع منها قرن الشيطانهي دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى

- ‌فصلالعراق والفتنة وإبليس

- ‌فصلفي تخريج حديث: «منعت العراق

- ‌فصلفي ألفاظ الحديث

- ‌فصلفي غريبه

- ‌فصلتنبيهات مهمات

- ‌فصلتبويبات العلماء على الحديث

- ‌ تبويبات المخرجين له:

- ‌ معرض الاستشهاد

- ‌فصلتعليقات وإيضاحات على حديث: «منعت العراق

- ‌فصلفي بيان معنى (المنع) الوارد في الحديث

- ‌فصلفي بيان الراجح في معنى (المنع) الوارد في الحديث عند الشراح

- ‌فصلفي سياق قول جابر وتخريجه

- ‌فصلفي سياق كلام العلماء في تحديد من هم المانعون

- ‌فصلفي سياق كلام أبي هريرة رضي الله عنه

- ‌الإشكال الأول: كيف يقال عن حديث مسلم الذي فيه «منعت العراق…» متفق عليه

- ‌الإشكال الثاني: كيف يقال عن لفظ مسلم: متفق عليه

- ‌فصلفي سياق الألفاظ وما يشهد لها من الآثار

- ‌فصلفي بيان أن المراد بالأخبار السابقة أكثر من حادثة

- ‌فصلفي أحاديث الترك وإخراج أهل العراق

- ‌الحديث الأول: حديث بريدة بن الحصيب

- ‌ الكلام على إسناد حديث بريدة

- ‌الحديث الثاني: حديث معاوية بن أبي سفيان

- ‌الحديث الثالث: حديث أبي بكرة نُفَيع بن الحارث بن كَلَدة

- ‌ الكلام على إسناد حديث أبي بكرة

- ‌ هل الحديث منكر

- ‌ ثلاث ملاحظات مهمات، وكليّات معتبرات، وإفاضات وإضافات:

- ‌ شواهد بمعانٍ مقاربة من المرفوع والموقوف

- ‌فصلفي وصول الشر والفتن آخر الزمان كل مكان

- ‌الأول: كثرة الخير الذي ظهر من الشام في زمن عمر للمسلمين

- ‌الثالث: الفتن ظهرت في زمن الصحابة

- ‌الرابع -وبيت القصيد-: إن الفتن آخر الزمان ستشتد

- ‌فصلفي الأخبار السابقة، هل مضت وانتهت

- ‌فصلفي فتنة التتر والمغول

- ‌من الجدير بالذكر هنا أمور:

- ‌أولاً: وردت في بعض الحوادث صفاتٌ تأذن بأن بعض الآثار المتقدم ذكرُها إنما هي في هذه الفتنة

- ‌ثانياً: وقعت حوادث كثيرة قبل الاجتياح المذكور لبغداد

- ‌ثالثاً: تتابعت غزوات التتار

- ‌خامساً: حمل بعض شراح الحديث ما حصل من التتار على أنهم هم يأجوج ومأجوج

- ‌فصلحصار العراق الاقتصادي

- ‌أولاً: تبويبات بعض العلماء

- ‌ثالثاً: المتمعن في الكلام السابق يجد أن القائلين بأن الأمر قد ظهر تتفاوت أزمانهم

- ‌رابعاً: في الحديث ما يشير إلى هذا التكرار

- ‌فصلالمدينة النبوية ونصيبها من الفتن

- ‌فصلفي معنى قوله صلى الله عليه وسلم «وعدتم من حيث بدأتم»

- ‌فصلفي خروج خيار أهل العراق منها

الفصل: ‌الحديث الأول: حديث بريدة بن الحصيب

كذا رواه قتادة (1) ، عن عبد الله بن بريدة، أخطأ فيه إسماعيل.

وبه: ثنا إسماعيل، عن نافع بن عامر، عن قتادة، عن عبد بن يزيد، عن سليمان ابن ربيعة -وكان من نساك البصرة-، قال: انطلقت مع ناس من أهل البصرة حاجين، فأتينا عبد الله بن عمرو، فقال:«يوشك بنو قنطوراء» - وذكر الحديث.

قال أبو عبد الله: إنما هو عبد الله بن بريدة» .

ففي هذا بيان أرجح طرق الخبر، وبه يثبت هذا الأثر مع ما سبق من طرق، ولله الحمد والمنّة.

لكن قد يقال: إن عبد الله بن عمرو وقعت له صحف يوم اليرموك، فيها أخبار عن أهل الكتاب (2) ، فلعل هذه منها؟

فالجواب: إن هذه الأخبار وردت عن غيره -كما تقدم- وقد أخذها عنه جمع من صلحاء التابعين من البصرة والكوفة، وروي ما يأذن برفعها عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ظفرتُ بجملة أحاديث وردت في ذلك، لا تخلو طرقها من كلام، ولكن بمجموعها مع ما سقناه من الآثار، تدلل على أنّ لها أصلاً محتجّ به، وهذا البيان، والله المستعان، لا ربّ سواه:

‌فصل

في أحاديث الترك وإخراج أهل العراق

ورد فيه عدة أحاديث وآثار، نسوقها مع بيان تخريجها، والله الموفق:

‌الحديث الأول: حديث بريدة بن الحصيب

.

(1) نسبه في «كنز العمال» (14/555-556 رقم 39588) لإسحاق بن راهويه وفيه على إثره: «قال الحافظ ابن حجر: رجاله ثقات، لكن فيه انقطاع بين قتادة وأبي الأسود» .

(2)

انظر: «النكت على ابن الصلاح» لابن حجر (2/532-533) .

ص: 297

أخرجه أحمد في «المسند» (5/348-349) : حدثنا أبو نعيم، حدثنا بشير بن المهاجر، حدثني عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: كنتُ جالساً عند النبي صلى الله عليه وسلم، فسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:«إن أمتي يسوقُها قوم، عراض الأوجه، صغار الأعين، كأن وجوههم الحَجَفُ (1) ، ثلاث مرات، حتى يُلحقوهم بجزيرة العرب، أما السائقة (2) الأولى فينجو من هرب منهم، وأما الثانية فيهلك بعض وينجو بعض، وأما الثالثة فيُصْطَلمون (3) كلهم من بقي منهم» ، قالوا: يا نبي الله! من هم؟ قال: «هم الترك» ، قال: أما والذي نفسي بيده ليربطن خيولهم إلى سواري مساجد المسلمين» ، قال: وكان بريدة لا يفارقه بعيران أو ثلاثة ومتاع السفر، والأسقية، بعد ذلك، للهرب مما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم من أمراء الترك» .

وأخرجه البزار في «مسنده» (4/129-130 رقم 3367 - «كشف الأستار» )، قال: حدثنا علي بن المنذر، ثنا محمد بن فضيل، ثنا بشير (4) بن المهاجر، به، ولفظه:

«يجيء قوم، صغار الأعين، عراض الوجوه، كأنّ وجوههم المجانّ المطرقة، فيُلْحِقون أهل الإسلام بمنابت الشيح، كأني أنظر إليهم، قد ربطوا خيولهم بسواري المسجد» ، قيل: يا رسول الله! من هم؟ قال: «الترك» .

(1) الحَجَف: ضرب من التُّروس، من جلود ليس فيها خشب ولا رباط من عَصَب، واحدتها (حَجَفة) .

(2)

في الأصل: «السابقة» ، والصواب ما أثبتناه، وهو كذلك في طبعة الرسالة (38/44/ 22951) .

(3)

فيُصطَلَمون -بالبناء للمفعول-؛ أي: يُستأصَلون ويُبادون.

قال الطيبي في «شرحه المشكاة» (10/85) : «أي: يحصدون بالسيف، والاصطلام: افتعال من (الصلم) ، وهو القطع المستأصل» .

(4)

في مطبوع «كشف الأستار» : «بشر» ؛ وهو خطأ، صوابه المثبت.

ص: 298

قال الهيثمي عقبه: «قلت: له حديث عند أبي داود غير هذا» .

قلت: سيأتي قريباً، وهو هو، إلا أن بعض الرواة وهم فيه.

وأخرجه أبو يعلى في «مسنده» (1) -ومن طريقه ابن الشجري في «الأمالي» (2/263) - قال: حدثنا عبد الله بن عامر بن زرارة، حدثنا ابن فضيل، به، مثله. وفيه زيادة بعد كلمة (الشيح) ما نصه:

«ثلاث مرات، أما المرة الأولى؛ فينجو منهم من هرب، وأما المرة الثانية؛ فينجو بعض ويهلك بعض، وأما المرة الثالثة؛ فيهلكون جميعاً، كأني أنظر إليهم

» الخ ما فيه.

وأخرجه نعيم بن حماد في «الفتن» (2/678-679 رقم 1910) من طريق يحيى بن سعيد، قال: أخبرني الحسن بن بشير بن المهاجر عن عبد الله ابن بريدة، به، ولفظه: «يسوق أمتي قوم

» نحو لفظ أحمد، مع قولة بريدة التي في آخره.

كذا في مطبوعه ومخطوطه (ج10/ق6/أ) ، وفي المخطوط فوق (الحسن) علامة إلحاق، ولا شيء في الهامش، إذ النسخة غير مقابلة، وليس في الرواة عن (بشير) الحسن، فيما أورده المزي، ولم يستوعب كما يظنه بعض الطلبة، ولذا استدرك عليه مغلطاي في بعض الرواة، دون الموطن الذي نحن بصدده.

وممن رواه عن بشير -أيضاً-:

* وكيع بن الجراح الرؤاسي، أخرجه الروياني في «مسنده» (1/77 رقم 36) : نا محمد بن إسحاق، أنا سفيان بن وكيع، نا أبي، عن بشير، به، مثل لفظ

(1) في رواية ابن المقرئ غير المطبوعة، وليست هي على شرط الهيثمي في «المجمع» ، ولا ابن حجر في «المقصد العلي» ، ووقعت هذه الرواية لابن عساكر في «تاريخه» والضياء في «المختارة» ، وغيرهما.

ص: 299

أحمد، إلا أنه تحرفت في مطبوعه «فيصطلمون» (بالميم) إلى (الحاء) ؛ فلتصوّب.

* خلاد بن يحيى، أخرجه الحاكم في «المستدرك» (4/474)، قال: أخبرنا أبو النضر محمد بن محمد الفقيه، وأبو الحسن أحمد بن محمد العنزي؛ قالا: ثنا معاذ بن نجدة القرشي، ثنا خلاد بن يحيى (1) ثنا بشير، به، مثل لفظ محمد بن فضيل.

وقال: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وقد اتفق الشيخان رضي الله عنهما على حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا

» (2) » .

وخولف معاذ بن نجدة، خالفه جعفر بن مسافر التِّنِّيس، وأخطأ فيه، وهذا البيان:

أخرجه أبو داود في «السنن» في كتاب الملاحم (باب في قتال الترك)(4/113 رقم 4315) : حدثنا جعفر بن مسافر التِّنِّيسي، ثنا خلاد بن يحيى، به، ولفظه:

«يقاتلكم قوم صغار الأعين -يعني: الترك-، قال: تسوقونهم ثلاث مرات حتى تلحقوهم بجزيرة العرب، فأما في السِّياقة الأولى فينجو من هرب منهم، وأما في الثانية فينجو بعض ويهلك بعض، وأما في الثالثة فيُصْطَلَمون» أو كما قال» (3) .

(1) سقط ذكره من مطبوع «المستدرك» ، وأثبتّه من «إتحاف المهرة» (2/583 رقم 2313) .

(2)

مضى تخريجه.

(3)

نسبه في «الدر المنثور» (6/54) و «كنز العمال» (11/168-169 رقم 31073) للبيهقي والضياء -أيضاً-، وهو في «البعث والنشور» للبيهقي (ص 22/رقم 25) معلقاً عن بشير ابن المهاجر.

ص: 300

أخطأ جعفر بن مسافر -وفيه كلام (1) -، فقلب متنه، فجعل المسلمين هم الذين يسوقون الترك ثلاث مرات!

وهذه مخالفة لابن مسافر، خالف فيه معاذ (2) بن نجدة، وهو «صالح الحال، قد تكلم فيه» (3) ، ولكنه جوّده. ووافقت روايته رواية سائر من نقله عن بشير، وهم ثلاثة عدا خلاد، وهذه أمارات لائحة على مخالفة ابن مسافر، والقلْبُ (4) يقع للثقات، إذ الحفظ قد يخون، وقد يسبق اللسان، فينطق بما لا يريده صاحبه، كما هو معلوم.

قال صاحب «عون المعبود» (11/414) : «فانظر إلى سياق أحمد كيف خالف سياق أبي داود، مخالفة بينة لا يظهر وجه الجمع بينهما. وبوب القرطبي في «التذكرة» بلفظ (باب في سياق الترك للمسلمين وسياقة المسلمين لهم)(5) ثم أورد فيه رواية أحمد ورواية أبي داود، المذكورتين، وإني لست أدري ما مراده

(1) قال النسائي: صالح، وقال أبو حاتم في «الجرح والتعديل» (2/491 رقم 2010) : شيخ، وذكره ابن حبان في «الثقات» (8/161)، وقال:«كتب عن ابن عيينة، ربما أخطأ» ، اقتصر المزي في «تهذيب الكمال» (5/110 رقم 955) على هذه الأقوال، وزاد مُغلطاي في «إكمال تهذيب الكمال» (3/232 رقم 1006) على أن مسلمة بن قاسم وثقه، قال:«وخرج ابن حبان حديثه في «صحيحه» وكذلك الحاكم» ، قلت: وقال الذهبي في «الكاشف» (1/186) : «صدوق» ، وقال ابن حجر في «التقريب» (ص 141/رقم 957) :«صدوق ربما أخطأ» .

(2)

من رجال الحاكم، له في «المستدرك» عدة روايات، وتحرف اسمه في بعضها (1/492) إلى «معاوية» ! فليصحح.

(3)

قاله الذهبي في «الميزان» (4/133 رقم 8614) ، واقتصر على ما فيه صاحبُ «رجال الحاكم في المستدرك» (2/326 رقم 1612) .

(4)

إذ جعل (المسلمين) بدل (الترك) ، فقلب معنى الحديث رأساً على عقِب، ويا ليت الذي قاله يصح، لاسترحنا من تدوين هذه السطور، فما دفعني إليها إلا الشفقة والتحذير، وحتى يعلم كلّ منا أين يضع قدمه، ويحفّز همته على الثبات عند اشتداد الفتن، ويجمّع قواه النفسيّة على ملاقاتها، ويقوّي إيمانه -بإذن ربه- حتى تمر (الأعاصير) دون أن تنال منه، والله الواقي والهادي.

(5)

(2/428 - ط. دار البخاري) .

ص: 301