الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يجترئ مؤمن على ذم جميع مسلمي الدنيا؟ وإنما مناطُ ذم شخصٍ معينٍ كونُه مصدراً للفتن من الكفر والشرك والبدع» .
* نكتة مهمة
وهنا نكتة مهمة، لا بد من بيانها والتركيز عليها؛ وهي:
فصل
الفتن تموج موج البحر
وإنما هَمُّ النبي صلى الله عليه وسلم من هذا البيان: الحرص والحذر (3) ، وليس ذم الزمان أو المكان؛ إذ الفتنة في آخر الزمان تشتد، وتعصف وتموج موج البحر، ويبدأ ذلك من مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
أخرج البخاري في «صحيحه» في كتاب مواقيت الصلاة (باب الصلاة
كفارة) (رقم 525) وفي كتاب الزكاة (باب الصدقة تكفِّر الخطيئة)(رقم 1435) وفي كتاب الصوم (باب الصوم كفارة)(رقم 1895) وفي كتاب المناقب (باب علامات النبوة في الإسلام)(رقم 3586) وفي كتاب الفتن (باب الفتنة التي تموج موج البحر)(رقم 7096) ، ومسلم في «صحيحه» في كتاب الفتن (باب في الفتنة التي تموج كموج البحر)(رقم 144) بعد (26) بسنديهما إلى أبي وائل شقيق بن سلمة، قال: سمعتُ حذيفة يقول: بينا نحن جلوس عند عمر، إذ قال: أيكم يحفظ قول النبي صلى الله عليه وسلم في الفتنة؟ قال: «فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره، يكفرها الصلاة والصدقة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» . قال: ليس عن هذا أسألك، ولكنِ التي تموج كموج البحر، قال: ليس عليك منها بأس يا أمير المؤمنين، إنّ بينك وبينها باباً مغلقاً، قال عمر: أيكسر الباب أم يفتح؟ قال: بل يكسر. قال عمر: إذاً لا يُغلق أبداً. قلت: أجل. قلنا لحذيفة: أكان عمر يعلم الباب؟ قال: نعم، كما أعلم أن دون غَدٍ ليلةً، وذلك أني حدثته حديثاً ليس بالأغاليط. فهِبْنا أن نسأله: من الباب؟ فأمرنا مسروقاً فسأله، فقال: من الباب؟ قال: عمر.
وأخرجه مسلم -قبلُ- في كتاب الإيمان (باب بيان أن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً، وإنه يأرز بين المسجدين)(144) بعد (231) إلى رِبعيّ -هو: ابن حراش- عن حذيفة، قال: كنا عند عمر، فقال: أيكم سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الفتن؟ فقال قوم: نحن سمعناه. فقال: لعلكم تعنون فتنة الرجل في أهله وجاره؟ قالوا: أجل. قال: تلك تكفرها الصلاة والصيام والصدقة. ولكن أيكم سمع النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الفتن التي تموج موج البحر؟ قال حذيفة: فأسكَتَ القومُ. فقلت: أنا. قال: أنت، لله أبوك (1) ! قال حذيفة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(1)«لله أبوك» : كلمة مدح تعتاد العرب الثناء بها، فإن الإضافة إلى العظيم تشريف، ولهذا يقال: بيت الله وناقة الله. قال صاحب «التحرير» : فإذا وُجد من الولد ما يحمد، قيل له: لله أبوك حيث أتى بمثلك. قاله النووي في «شرح صحيح مسلم» (2/226) .
«تُعرض (1) الفتن على القلوب كالحصير عُوداً عُوداً (2) ، فأي قلب أُشربها (3)
نُكت فيه نكتة (4) سوداء، وأي قلب أنكرها (5) نُكت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير على قلبين، على أبيض مثل الصفا (6) ، فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض، والآخرُ أسودُ مُربادّاً (7) ، كالكوز مُجَخِّياً (8) لا يعرف معروفاً ولا ينكر
(1)«تعرض الفتن» ؛ أي: تلصق بعرض القلوب -أي: جانبها- كما يلصق الحصير بجنب النائم ويؤثر فيه شدة التصاقها به. قاله النووي (2/226) .
(2)
«عوداً عوداً» ، قال النووي: هذان الحرفان مما اختلف في ضبطه على ثلاثة أوجه؛ أظهرها وأشهرها: عُوداً عُوداً. والثاني: عَوداً عَوداً. والثالث: عَوذاً عوذاً. ولم يذكر صاحب «التحرير» غير الأول. وأما القاضي عياض فذكر هذه الأوجه الثلاثة عن أئمتهم، واختار الأول
…
-أيضاً-. انظر: «شرح النووي» (2/226) ، «إكمال المعلم» (1/452) .
(3)
«فأي قلب أشربها» ؛ أي: دخلت فيه دخولاً تامّاً وألزمها، وحلت منه محل الشراب. ومنه قوله -تعالى-:{وأُشرِبُوا في قُلوبِهم العِجل} [البقرة: 93] ؛ أي: حب العجل. ومنه قولهم: ثوب مشرب بحمرة؛ أي: خالطته الحمرة مخالطة لا انفكاك لها. قاله عياض (1/453) ، والنووي (2/227) ..
(4)
«نكت فيه نكتة» ؛ أي: نقط نقطة. قال ابن دريد وغيره: كل نقطة في شيء بخلاف لونه فهو نكت. قاله عياض (1/453) ، والنووي (2/227) .
(5)
«أنكرها» : ردّها.
(6)
«مثل الصفا» ، قال القاضي عياض رحمه الله (1/453) : ليس تشبيهه بالصفا بياناً لبياضه، لكن صفة أخرى؛ لشدته على عقد الإيمان وسلامته من الخلل، وأن الفتن لم تلصق به ولم تؤثر فيه؛ كالصفا؛ وهو: الحجر الأملس الذي لا يعلق به شيء، ونقله النووي (2/227) .
(7)
«مربادّاً» ، قال الإمام النووي -رحمه الله تعالى- (2/227) : كذا هو في روايتنا، وأصول بلادنا، وهو منصوب على الحال. وذكر القاضي عياض [1/454] خلافاً في ضبطه، وإن منهم من ضبطه كما ذكرنا، ومنهم من رواه مربئدّ. قال القاضي: وهذه رواية أكثر شيوخنا. وأصله أن لا يهمز، ويكون مربدّ؛ مثل: مسودّ ومحمرّ. وكذا ذكره أبو عبيد الهروي [في «غريبه» (4/121) ] ، وصححه بعض شيوخنا عن أبي مروان بن سرّاج؛ لأنه من اربدّ، إلا على لغة من قال: احمأرّ، بهمزة بعد ميم لالتقاء الساكنين. فيقال: اربأد ومربئد، والدال مشددة على القولين، وسيأتي تفسيره.
(8)
«مجخياً» ؛ معناه: مائلاً. كذا قاله الهروي وغيره. وفسره الراوي في الكتاب بقوله: =