الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مستخدماً في مصر (1) ، وذكر بعض المعاصرين (2) أنواعاً كثيرة للأرادب.
ويقدر الإردب بـ (198) لتراً، ويوافق هذا (150) كغم من القمح، أو (130) كغم من الشعير، أو (140) كغم من الذرة، أو (155) كغم من الفول، أو (157) كغم من العدس (3) .
والمراد هنا الجمع، كما قدمناه عن نظائره.
فصل
تبويبات العلماء على الحديث
*
تبويبات المخرجين له:
بوب عليه النووي (4) في «المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج» : (باب الفتن التي تموج كموج البحر) ، وبوب عليه -ووضعه مع الذي قبله (5) -
(1) يُعتقَدُ أن القدماء المصريين هم الذين وضعوا هذا المكيال، انظر:«النقود العربية وعلم النميات» (ص 52-53) للكرملي.
(2)
هو: علي باشا مبارك في كتابه «الميزان في الأقيسة والأوزان» (ص 139 وما بعد) .
(3)
انظر: «المكاييل في صدر الإسلام» (41-42) ، و «رسالة في المقاييس» (ص 13) لمحمود الفلكي، و «الخراج والنظم المالية للدولة الإسلامية» (341-343) ، و «المكاييل والأوزان» .
وزاد المناوي قوله: «وذلك أربعة وعشرون صاعاً بصاع المصطفى صلى الله عليه وسلم» . والظاهر أن هذا المعيار كان يختلف باختلاف الأزمنة، فذكر -مثلاً- المقدسي في «أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم» (ص 204 - ط. الثانية) أن الإردب يَسَعُ (15) منّاً من الحنطة؛ ولعله لهذا السبب قال النسفي في «طلبة الطلبة» (96) :«الإرْدَب: مكيال ضخم» .
(4)
من المعلوم أن (تبويبات صحيح مسلم) اختلفت باختلاف مذاهب وفهوم شُرّاحها، وأن مسلماً لم يصنع ذلك، ولذا كانت لنا هذه الجولة مع (شروحاته) ، والله الموفق.
(5)
وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «يوشك الفرات أن يحسر عن جبل من ذهب، فمن حضره فلا يأخذ منه شيئاً» .
أبو العباس القرطبي في «تلخيص صحيح مسلم» (2/1280) : (باب لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب، وحتى يمنع أهل العراق ومصر والشام ما عليهم) ، وهكذا صنَعَ القاضي عياضٌ في كتابه «إكمال المعلم» (8/434) ؛ فوضعه مع الذي قبله، ولكنْ لم يؤثِّرْ هذا على تبويبه، فاقتصر على:(باب لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب) ، وتابعه على هذا السيوطي في «الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج» (6/222-223) ، ومحمد تقي العثماني في «تكملة فتح الملهم» (6/291) ، ولكن الأخيرين شَرَحاه واعتنيا به، بينما الأولُ أهملَهُ بالكلية، ولم يورد شيئاً تحته، وبوب عليه المنذري في «مختصر صحيح مسلم» (ص 538 رقم 2033)، وتبعه صديق حسن خان في «السراج الوهاج» (11/366) :(باب في منع العراق درهمها)، بينما بُوِّب عليه في نسخة ابن خير الإشبيلي من «صحيح مسلم» (1) (ق 264) :(باب في منع العراق درهمها والشام مُدْيها ومصر دينارها)، وبوب عليه المباركفوري في «منية المنعم» (4/350) (باب تنفصل البلاد: العراق والشام ومصر، وتمنع خراجها وجبايتها» (2) .
ووضعه أبو داود في «سننه» تحت (كتاب الخراج والفيء والإمارة)، وبوب عليه:(باب في إيقاف أرض السواد وأرض العنوة) .
و (أرض السواد) : قال في «المراصد» : السواد؛ يراد به: رستاق من رساتيق العراق وضياعها التي فتحها المسلمون على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، سمّي سواداً لحضرته بالنخل والزرع. وحد السواد؛ قال أبو عبيد: الموصل طولاً إلى عبادان، ومن عذيب القادسية إلى حلوان عرضاً،
(1) سبق وصفها (ص 195) .
(2)
لم يظهر له تبويب متميز في «فتح المنعم» للأستاذ الدكتور موسى شاهين لاشين حيث ساقه (10/496) مع أحاديث عديدة قبله وبعده تحت عنوان (باب اقتران الفتن وفتح ردم يأجوج ومأجوج، والجيش الذي يخسف به، وتواجه المسلمين بسيفيهما، وبعض أشراط الساعة) .
فيكون طولَه مئةٌ وستون فرسخاً، فطوله أكثر من طول العراق، فطول العراق ثمانون فرسخاً، ويقصر من طول السواد خمسة وثلاثون فرسخاً.
قال صاحب «المراصد» : وهذا التفاوت كأنه غلط، ولعله أن يكون بينهما خمسون فرسخاً أو أكثر. وعرض العراق هو عرض السواد، لا يختلف، وذلك ثمانون فرسخاً. انتهى.
و (أرض العنوة) ؛ أي: إيقافُ الأرضِ التي أُخِذَت قهراً لا صُلْحاً، يقال: عَنَا يعنو عنوة: إذا أَخَذ الشيء قهراً.
قال الحافظ ابن القيم: إن الأرض لا تَدخُل في الغنائم، والإمام مخيّرٌ فيها بحسب المصلحة، وقد قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وترك، وعمر لم يقسم، بل أقرها على حالها، وضرب عليها خراجاً مستمرّاً في رقبتها تكون للمقاتلة، فهذا معنى وقفها، ليس معناه الوقف الذي يمنع من نقل الملك في الرقبة، بل يجوز بيع هذه الأرض؛ كما هو عمل الأمة. وقد أجمعوا على أنها تورَثُ، والوقف لا يورَث. وقد نصّ الإمامُ أحمدُ على أنها يجوز أن يُجعلَ صداقاً، والوقف لا يجوز أن يكون مهراً، ولأنّ الوقف إنما امتنع بيعُه ونقلُ الملك في رقبته؛ لما في ذلك من إبطال حقّ البطون الموقوف عليهم من منفعته، والمقاتِلَةِ حقَّهم في خراج الأرض، فمن اشتراها صارت عنده خراجية كما كانت عند البائع سواء، فلا يبطل حقّ أحدٍ المسلمين بهذا البيع، كما لم يبطل بالميراث والهبة والصداق. انتهى مختصراً.
وأما وجه استدلال أبي داود بهذا الحديث على ما ترجم به (1) من (إيقاف سواد الأرض) ؛ فبأن النبي صلى الله عليه وسلم قد علم أن الصحابة يفتتحون تلك البلاد، ويضعون الخراج على أرضهم، ويقفونها على المقاتلة والمجاهدين،
(1) معنى تَرجمَتِه: أي: تركُ قسمَتِها بين الغانِمين، وإبقائُها لمصالح المسلمين، وما ينوب الإمام من النوائب والحاجات، كذا في «بذل المجهود» (13/373) .
ولم يرشدْهُم إلى خلاف ذلك، بل قرره وحكاه لهم، لكن المؤلف لم يجزم على أنّ إيقافَها أمرٌ لازم، بل تبويبه كأنه على طريق الاستفهام؛ أي: ماذا يفعل بأرض العنوة؛ يوقف على المقاتلة، أو يقسم للغانمين؟ وما حكم إيقاف الأرض السواد (1) ؟
ووضعه الطحاوي تحت (باب المواقيت التي ينبغي لمن أراد الإحرام أن لا يتجاوزها) ، وأزال به إشكالاً، وأجاب به على اعتراض القائل:
«وكيف يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم وقّت لأهل العراق يومئذٍ ما وقَّت، والعراقُ إنّما كانت بعده؟» . فأجاب على هذا الاعتراض بكلامٍ جرّه لسردِ هذا الحديث، قال:
«قيل له -أي: للسائل-:
«كما وقَّت لأهل الشام ما وقّت، والشام إنما فتحت بعده.
فإن كان يريد بما وقَّت لأهل الشام من كان في الناحية التي افتتحت حينئذٍ من قِبَل الشام، فكذلك يريد بما وقَّت لأهل العراق، مَنْ كان في الناحية التي افتتحت حينئذٍ من قِبَل العراق، مثل جبل طَيّ ونواحيها.
وإن كان ما وقّت لأهل الشام إنما هو لما علم بالوحي أن الشام ستكون دار إسلام، فكذلك ما وقَّت لأهل العراق؛ إنما هو لما علم بالوحي أن العراق ستكون دار إسلام، فإنه قد كان صلى الله عليه وسلم ذكر ما سيفعله أهل العراق في زكواتهم، معَ ذِكرِه ما سيفعلُه أهلُ الشام في زكواتهم» . ثم أسند الحديث، وقال:
«فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكر ما سيفعلُه أهلُ العراق من منع الزكاة قبل أن يكونَ عراقٌ، وذكر مثل ذلك في أهل الشام وأهل مصر قبل أن يكون الشام
(1) انظر: «الأموال» لأبي عبيد (ص 92) ، و «عون المعبود» (7/280-281، 284-285) ، «بذل المجهود» (13/373) ، و «نيل الأوطار» (8/161) ، و «بستان الأخبار» (2/437) .
ومصر؛ لما أعلمه الله -تعالى- من كونهما من بعده.
فكذلك ما ذكره من التوقيت لأهل العراق، مع ذكرِه التوقيتَ لغيرهم المذكورين؛ هو لما أخبره الله -تعالى- أنه سيكون من بعده.
وهذا الذي ذكرناه، من تثبيت هذه المواقيت التي وصفناها لأهل العراق، ولمَنْ ذكرنا معهم، قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد -رحمهم الله تعالى-» (1) .
وقال في «أحكام القرآن» (2/28-29) في معرض حديثه على (ميقات أهل العراق) ما نصّه:
«فإنْ قال قائل: وكيف يجوز أن يوقت لأهل العراق هذا الوقت ولم يكُنْ يومئذٍ عراقٌ؟ قيل له: كما جاز أنْ يُوقّتَ لأهل الشام، ولم يكن يومئذٍ شام.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم على علم أنّ العراقَ ستكون، وأنّ كنوزَ كسرى ستفتح على المسلمين من بعده، وأخبر أصحابُه مع ذلك أنّ أهلَ العراق سيمنعون قفيزهم ودرهمهم الواجبَيْن عليهم خراجاً لأرضيهم، وأن أهل الشام سيمنعون مدَّهم ودينارهم الواجبَيْن عليهم خراجاً لأرضيهم، وأنّ أهلَ مصر سيمنعون إردبّهم ودينارهم الواجبين عليهم خراجاً لأرضيهم. فمما روي عنه في ذلك ما:
…
» وأسند الحديث، ثم قال:
«فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكر ما سيفعلُه أهلُ العراق من منع الخراج، ولا عراقَ يومئذٍ؛ لعلمه أنه ستكون العراق. كما ذكر فيما سيفعله أهل الشام، ولا شام يومئذٍ؛ لعلمه أنه ستكون الشام.
(1) نحوه في «التمهيد» (15/141) و «الاستذكار» (11/78) ، كلاهما لابن عبد البر، و «الجوهر النقي» لابن التركماني (5/28) ؛ فانظرهما.
ولما كانتا عنده صلى الله عليه وسلم كائنتين لا محالةَ؛ وقَّت لأهلها المواقيتَ لحجّهم، إذ كان لا بدَّ لهم من ذلك، كما وقّت لمن سواهم من أهل البلدان التي قد كانت قبل ذلك. وهذا الذي ذكرناه في هذه المواقيتِ قولُ أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد فيما حدثنا سليمان، عن أبيه، عن محمد» .
فالذي يُهِمُّنا من الكلام السابق قول الأخير: «ما سيفعله أهل العراق من منع الزكاة
…
وذكر مثل ذلك في أهل الشام وأهل مصر» ، وقول الأول:«قد علم صلى الله عليه وسلم أن الصحابة يفتتحون تلك البلاد» . وسيأتي بيان ما فيه، والله الهادي والموفق.
وبوَّب عليه البيهقي في «الدلائل» (6/317) بقوله: « (باب: قول الله عز وجل: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ من بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 55] ) .
ثم وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أمَّتَه بالفتوح التي تكون بعده، وتصديق الله عز وجل وعده» .
ووضعه في «السنن الكبرى» في (كتاب السير) ، وبوَّب عليه (باب قدْر الخراج الذي وضع على السواد) .
وبوب عليه أبو محمد البغوي في «شرح السنة» (11/175)(باب سقوط الجزية عن الذمي إذا أسلم) .
وبوب عليه أبو عبيد (باب أرض العنوة تقرُّ في أيدي أهلها، ويوضع عليها الطّسق؛ وهو: الخراج) . وبوب عليه الساعاتي في «الفتح الرباني بترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني» (24/36-37) : (ومن الفتن منع أهل الذمة أداء الجزية) .