الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7565 -
ط. مؤسسة الرسالة) ، وفرق كبير بين (المدي) و (المد) ، كما سيأتي قريباً تحت بيان الغريب.
ووقع الحديث عند ابن عبد البر في «التمهيد» (15/141) هكذا: «منعت العراق دينارها ودرهمها، ومنعت الشام إردبها ومديها وقفيزها» ! وهو ليس بمحفوظ بهذا اللفظ! نعم؛ في رواية ابن داسة لـ «سنن أبي داود» (3/487 - ط. عوامة) عن مصر: «إرْدَبها [وتِبْرها] ودينارها» ، بزيادة:«وتبرها» . وانظرها: (1/25) .
وأورده أبو عبيد في «الأموال» (ص 93) هكذا: «وضعت العراق درهمها وقفيزها» !!
وأورده الأزهري في «تهذيب اللغة» (14/104) هكذا: «مَنَعت العراق درهمها وقفيزها، ومَنَعت مصر إرْدَبّها، وعدتم من حيث بَدَأْتم» .
ووقع في مطبوع «الجوهر النقي» لابن التركماني (5/28-29) : «منعت العراق درهمها ودرهمها» ! وهذا خطأ.
ووقع في «طلبة الطلبة» (ص 96) لأبي حفص النسفي هكذا: «مُنعتِ العراق قفيزها ودرهمها، ومُنِعتِ الشام مُديَها وإرْدبّها» ، وهذا اللفظ -أيضاً- غير محفوظ.
فصل
في غريبه
قوله: «مَنَعَت» كذا بالماضي، والمراد به: المستقبل؛ بقرينة: «وعدتم من حيث بدأتم» ؛ فالمعنى: «ستمنع (1) ، وإنما أتى بصيغة الماضي للدلالة على
(1) ذكر هذا كثيراً ابن عبد البر، وعزاه مرة للطحاوي -وسيأتي كلامه تحت سياقنا كلام الجصاص- ومرة للعلماء، وردده غير واحد كما ستأتي النقولات بذلك.
تحقق وقوعها» (1) .
قال ابن الجوزي في «كشف المشكل من حديث الصحيحين» (3/566) :
وقال أبو العباس القرطبي في «المفهم» (7/229) :
« «منعت» : كذا الرواية المشهورة بغير (إذا)، فيكون ماضياً بمعنى الاستقبال؛ كما قال -تعالى-:{أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} (3)[النحل: 1] ؛ أي: يأتي. وكقوله: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ} [المائدة: 116] ؛ يعني: إذ يقول. ومثله كثير.
وقد رواه ابن ماهان: «إذا منعت» (4) ،
وهو أصل الكلام، غير أنه يحتاج
(1)«بذل المجهود في حل أبي داود» (13/374) ، ونحوه في «تكملة فتح الملهم» (6/291) ، وللبيهقي نحوه في كلمة له تأتي (ص 225-226) .
(2)
انظر عنه لزاماً: ما سيأتي (ص 260) ، والمذكور من قول أبي هريرة.
(3)
نحوه في «التذكرة» لتلميذه القرطبي المفسّر (3/213 - ط. دار ابن كثير) .
(4)
كذلك أثبت في نسخة ابن خير الإشبيلي من «صحيح مسلم» (ق264) ، وهي أصح النسخ على الإطلاق.
وهي من محفوظات مكتبة القرويين بفاس إلى الآن، قابلها ابن خير مراراً، وسمع فيها، وأسمع، بحيث يعدُّ أعظمَ أصلٍ موجود من «صحيح مسلم» في إفريقية، وهو بخط الشيخ الأديب الكاتب أبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر الأموي الإشبيلي المالكي، فرغ منه سنة (573هـ) ، وعليه بخط ابن خير أنه عارضه بأصول ثلاثة معارضةً بنسخة الحافظ أبي علي الجياني -شيخ عياض- وغيره من الأعلام، وكتب بهامشه كثيراً من الطّرَرِ والفوائد والشرح لغريب ألفاظه، وشروح بعض معانيه، وفرغ من ذلك سنة (573هـ) ، أفاده الكتاني في «فهرس الفهارس والأثبات» =
إلى (جواب إذا) . ويحتمل ذلك وجهين:
أحدهما: أن يكون الجواب: (عدتم من حيث بدأتم) ، وتكون الواو زائدة، كما قال امرؤ القيس:
فلما أجَزْنا ساحةَ الحيِّ وانتحى (1)
أي: لما أجزنا انتحى، فزاد الواو.
و [الثاني] : يحتمل أن يكون جواب (إذا) محذوفاً؛ تقديره: إذا كانت هذه الأمور؛ جاءت الساعة، أو ذهب الدين، ونحو ذلك، والله أعلم» .
وقال ابن حجر في «الفتح» (6/280) : «وساق الحديث بلفظ الماضي، والمراد: ما يستقبل؛ مبالغة في الإشارة إلى تحقق وقوعه» ، وبحروفه في «عمدة القاري» (15/102) .
وقال الحميدي (محمد بن أبي نصير)(ت 488هـ) في «تفسير غريب ما في الصحيحين» (ص 363) : « «وعُدتم كما بدأتم» هذا نص الحديث؛ كقوله -تعالى-: {كما بَدَأَكُم تَعودُون} [الأعراف: 29] ، وفي هذا إخبار منه -عليه
= (1/385) . وانظر: كتابي «الإمام مسلم ومنهجه في الصحيح» (1/377) .
وكذا -أيضاً- في «إكمال المعلم» (8/426 - ط. الوفاء) للقاضي عياض، و «إكمال إكمال المعلم» للأبّي (7/242) ، و «الأحكام السلطانية» (ص 166) لأبي يعلى الفراء، و «مختصر صحيح مسلم» للمنذري (ص 538 رقم 2033) ، وصوبه (!!) شيخنا، فأثبته في المتن دونها، وعلق في الهامش:«الأصل «إذا منعت» ، والتصويب من مسلم» !! و «القناعة فيما يحسن الإحاطة به من أشراط الساعة» (ص 106 - تحقيق الأخ الشيخ محمد العقيل) .
(1)
هذا صدر البيت، وعجزه:
…
.....................................
...........................................
…
بنا بَطْنُ خَبْتٍ ذي قِفافٍ عَقَنْقَلِ
والبيت في «ديوان امرئ القيس» (ص 15، أو ص 22 - شرح النحاس) ، «موائد الحيس» (ص 136) .
السلام- بما لم يكن وهو في علم الله -سبحانه- أمر كائن، فخرج لفظه على لفظ الماضي تحقيقاً لكونه» ؛ «أي: ستُمنَعُ هذه البلادُ الحبَّ والمالَ بسببِ الفتنِ بين المسلمين» (1) .
قلت: ومن المحتمل أن تكون: (مُنِعَت) -بضم الميم وكسر النون- على البناء للمجهول، ولم أرَ ذلك مصرّحاً في شيء من الروايات (2) ، وإن كان التوجيه الراجح لمعنى الحديث يقتضيه ويلزمه، كما سيأتي.
ووقع خلاف بين شراح الحديث في سبب المنع، يأتي الكلام عليه مفصلاً عند سردنا كلام الشراح عليه.
قوله: «القفيز» : «بالقاف، فالفاء، فالياء، فالزاي؛ كأمير» (3) : مكيال معروف لأهل العراق؛ هو: ثمانية مكاكيك. والمكوك: صاع ونصف، وهو نصف كيلجات (4) .
قال الأزهري في «تهذيب اللغة» (8/437) : «القفيز مكيال، وهو
…
(1)«فتح المنعم» (10/512) .
(2)
تكملة «فتح الملهم» (6/292) ، ورأيت محقق «طلبة الطلبة» (ص 96) الأستاذ خالد عبد الرحمن العك، ضبطه هكذا.
(3)
«فقه الملوك ومفتاح الرتاج» (1/68) .
(4)
كذا عند جل شراح «صحيح مسلم» و «سنن أبي داود» . وقال أبو العباس العزفي في «إثبات ما ليس منه بدّ لمن أراد الوقوف على حقيقة الدينار والدرهم والصاع والمد» (ص 131) : «القفيز: ثمانية مكاكيك، ذكر ذلك أبو عبيد الهروي والخطابي» .
قلت: نعم، هو عند أبي عبيد في «الغريبين» (1/139)، والخطابي في «معالم السنن» (3/35) . وانظر:«النهاية» (4/90) .
ومن المفيد ذكره هنا: أن ابن الفقيه الهمداني ذكر في أول كتابه «بغداد مدينة السلام» (ص 27-28) عند ذكر تسمية (بغداد)(دار السلام)، قال:«وقد جرى لها هذا الاسم على ضرب الدنانير والدراهم، وما تقع به الأشرية في الكتب، ويتبايع به الناس، وما يقع فيها من غلات الطساسيج من الحنطة والشعير، وما يسمى به القفيز، فيقال: قفيز مدينة السلام» .