الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
في تخريج حديث: «منعت العراق
…
»
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنعتِ العراقُ درهمها وقَفيزَها، ومَنعتِ الشّامُ مُدْيَها ودينارها، ومنعت مصرُ إردبَّها ودينارها، وعدتم من حيث بدأتم، وعدتم من حيث بدأتم، وعدتم من حيث بدأتم» .
شهد على ذلك لحمُ أبي هريرة ودمُه.
* تخريجه:
أخرجه مسلم في «صحيحه» (2896) بعد (33) -ومن طريقه أبو عمرو الداني في «الفتن» (رقم 602) - من طريق يحيى بن آدم -وهو في «الخراج» (ص 67-68/رقم 227) له- عن زهير، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة. واللفظ السابق له.
وأخرجه البيهقي في «الخلافيات» (2/ق131/ب) من طريق الحسين ابن علي بن عفّان، نا يحيى بن آدم، به.
وأخرجه أبو داود في «سننه» (3035) من طريق أحمد بن يونس عن زهير بن معاوية، به.
ولم يعزه في «تحفة الأشراف» (9/403 رقم 12652) من هذا الطريق إلا لمسلم وأبي داود، ووقع الحديث معزوّاً في «أحكام أهل الذمة» (1/266 - ط. رمادي) للشيخين! وهو ليس عند البخاريّ بهذا اللفظ، وفيه ما يدلُّ عليه،
= دراسة نقدية» للدكتور خالد الغيث مباحث كثيرة عن (العراق) و (الفتنة) ، وذلك فيما جرى بين الصحابة خاصة قبيل وعند استشهاد عثمان رضي الله عنه، ففيه (ص 43) :(دور الكوفة في الفتنة)، و (ص 170) :(موقف أهل البصرة من أصحاب الجمل) .
كما سيأتي قريباً، فقول المعلقين عليه:«بل هو في «صحيح مسلم» ، ولم يخرجه البخاري، كما ذكر ابن القيم رحمه الله» ؛ فيه نظر! مع أنّ أخانا الشيخ عبد الله العبيلان -حفظه الله- ذكره في كتابه «إرشاد القاري إلى أفراد مسلم عن البخاري» (1)(2/212 رقم 1093) .
قلت: وأخرجه أحمد (2/262) ، وأبو عبيد في «الأموال» (ص 91/ رقم 182) ، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (2/120) و «أحكام القرآن» (2/28) ، وابن المنذر في «الأوسط» (11/45 رقم 6433) ، وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (رقم 2767 - ط. الفلاح، أو 2673 - ط. مؤسسة نادر، أو 2684 - ط. الخانجي) ، وابن زنجويه في «الأموال» (1/217 رقم 274) ، وابن عبد البر في «التمهيد» (9/457) ، وابن عدي في «الكامل» (3/1286 - ط. دار الفكر، أو 4/523 - ط. دار الكتب العلمية) ، والبيهقي في «دلائل النبوة» (6/329) و «السنن الكبرى» (9/137) ، وأبو محمد البغوي في «شرح السنة» (2754) ، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (2/210 - ط. دار الفكر) من طرق عن زهير، به.
وعزاه ابن حجر في «إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة» (14/549 رقم 18195) إلى أبي عوانة في «مسنده» (كتاب الفتن) من طرق عن زهير، به. وهو في (القسم المفقود) منه.
وأعاده (14/585 رقم 18273) معزوّاً لابن الجارود.
وهو في «المنتقى» له (ص 373-374/رقم 1108) من طريق زهير -أيضاً-.
(1) فاته فيه جملة من (انفرادات مسلم) ، وفيه -أيضاً- بعض ما أخرجه البخاري، وبيّنتُ ذلك في طبعة لي لـ «صحيح مسلم» ، تظهر -إن شاء الله تعالى- قريباً عن مكتبة المعارف، الرياض.
فالحديث إسناده صحيح، وهو غريب من هذا الطريق، مداره على زهير ابن معاوية، به. قال الطحاوي في «أحكام القرآن» (2/29) :«لم يروه غير زهير» .
وتوبع زهير (1) ، ولم أجد له متابعاً إلا (عياش بن عباس القتباني) وآخران، قال ابن عدي في «الكامل» (3/1286 - ط. دار الفكر، أو 4/523 - ط. دار الكتب العلمية) بعد أن أخرجه من طريق زهير:
«وهذا الحديث لا يعرف إلا بسهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة. ولا أعلم رواه عن سهيل إلا رجلين:
* زهير بن معاوية؛ هذا الذي ذكرتُه.
* وعياش بن عباس القتباني» (2) .
وأسنده من طريق عياش، فقال: «حدثناه الحسين بن محمد المديني، ثنا يحيى بن بكير، عن ابن لهيعة، عن عياش بن عباس؛ هكذا، ولم يسق لفظه.
ثم ظفرتُ بلفظه من طريق عياش -وهو ثقة-.
أخرجه ابن عدي في «الكامل» -أيضاً- (4/1468 - ط. دار الفكر، أو 5/248 - ط. دار الكتب العلمية)، قال:
أخبرنا الحسن بن محمد المدني (3) ، ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، ثنا ابن لهيعة، عن عياش بن عباس (4) ، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي
(1) وهو مشهور جدّاً عنه، رواه عنه جماعات لا فائدة من تعدادهم، إذ لم أقف على خلاف عليهم فيه؛ لا في السند، ولا في اللفظ؛ فالتطويل بالسرد لا طائل تحته، والمصادر مذكورة، فالراغب في ذلك يقف عليه دون أيّةِ معاناة!
(2)
وهنالك متابع آخر، يأتي -إن شاء الله تعالى- قريباً، وآخر لكنه خالف!
(3)
كذا هنا في الطبعتين، وفيهما -أنفسهما- في الموطن السابق -كما تقدم-:«الحسين ابن محمد المديني» !
(4)
كذا في طبعة دار الكتب العلمية، وهو الصواب. وفي طبعة دار الفكر: «عن عياش =
هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:
وقال على إثره كما تقدم عنه، ونصّ كلامه:
قلت: نعم؛ المعنى مؤتلف، والألفاظ مختلفة، وسبق لفظ زهير.
أما بالنسبة إلى رواية ابن لهيعة؛ فقد رواها غير ابن بكير! أخرجه ابن زنجويه في «الأموال» (1/217-218 رقم 275) -ومن طريقه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (2/211-212) -: أنا أبو الأسود، أنا ابن لهيعة، به.
وأخرجه الطبرانيُّ في «المعجم الأوسط» (8/383 رقم 8944 -
…
ط. الحرمين، أو 9/436-437 رقم 8939 - ط. الطحان) : حدثنا مقدام، ثنا أبو الأسود، به. وقال:«لم يرو هذا الحديث عن عياش بن عباس إلا ابنُ لهيعةَ، تفرد به أبو الأسود» .
وأبو الأسود هو النضر بن عبد الجبار المصري، مشهور بكنيته، وهو ثقة، ولم ينفرد به، وإنما تابعه عليه -كما رأيت- يحيى بن عبد الله بن بكير.
ووجدته في «الخلافيات» (2/ق131/ب) من طريق الحسين بن بكر:
= عن ابن عياش» !
(1)
كذا في طبعة دار الكتب العلمية، وهو الصواب. وفي طبعة دار الفكر:«المدي» !
(2)
كذا في طبعة دار الكتب العلمية، وهو الصواب. وفي طبعة دار الفكر:«مديهم» !
نا أبو النضر، نا ابن خيثمة، نا سهيل، به. كذا في مخطوطه، وصوابه:«أبو الأسود النضر، نا ابن لهيعة» بالإسناد السابق؛ ففيه تحريف وسقط، والله أعلم.
وخالفَ أبا الأسود وابنَ بكير: (عبدُالله بن وهب) .
أخرجه ابن قتيبة -ومن طريقه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (2/211) -، قال: نا حرملة، نا ابن وهب، أنا ابن لهيعة، عن عبد الله الفهري، عن سهيل، به مثله. إلا أنه قال:«لا تقوم الساعةُ حتى يُغلَبَ أهلُ القفيز على قفيزهم» .
هكذا بدأه بالقفيز، وبعده المد، بتقديم وتأخير، وفيه:«وأهل الدراهم» على الجمع، وسائره مثله.
ومشّى العلماءُ (1) رواية ابن وهب عن ابن لهيعة؛ لأنه روى عنه قبل اختلاطه، هذا الذي درج عليه أهل الصنعة الحديثية.
وأما عبد الله الفهري؛ فهو غير مذكور في الرواة عن (سهيل) ، ولا فيمن روى عنهم (ابن لهيعة) في «تهذيب الكمال» ، وهذا مُشعِرٌ -في الغالب-؛ إما بتحريف في اسمه، أو في عدم صلة متميزة له بالتتلمذ على الأول، والأخذ عن الثاني؛ إذ لو كان لوقع في الكتب الستة، وهي -بالجملة- أنظف الكتب إسناداً، وأقلها -عَدَا أشياء محدودة- دخلاً.
بقي النظر في «إكمال تهذيب الكمال» لمغلطاي في ترجمة (سهيل) و (ابن لهيعة) ، فالترجمتان في القسم المطبوع منه -ولله الحمد-، ولكن؛ لم يزِدْ شيئاً عما أورده المزي في (الشيوخ) و (التلاميذ) في الترجمتين، فلم ينفعْنا
(1) ذكر أبو الفضل بن طاهر في كتاب «المنثور» : «قال عبد الغني: إذا روى العبادلة: ابن وهب وابن المبارك والمقرئ عن ابن لهيعة؛ فهو سند صحيح» . كذا في «إكمال تهذيب الكمال» (8/144) .
ذلك في تحديد (عبد الله الفهري) .
ثم نظرتُ في «الجامع» (1) لابن وهب، فلم أظفر بالحديث فيه، ولا يوجد في سلسلة رواته ما يسعِفُ على تعيينه.
ثم نظرتُ في النسخة الخطية من «تاريخ دمشق» (1/ق288 - الظاهرية) ، ففيه -كما في المطبوع- بالسند إلى (ابن لهيعة عن عبد الله الفهري ابن (كذا في المخطوط) سهيل
…
) ، وقال عقبه:
إذن؛ (عبد الله الفهري) من تخاليط الرواة (2) ، فالبحث عنه عبثٌ، وجُهدٌ ضائعٌ، والطريق المحفوظة هي الطريق السابقة؛ فقد جوده ابن بكير وأبو الأسود عن ابن لهيعة، وإسنادها يُحتجُّ به في الشواهد، كما في روايتنا هذه.
ولم يعزه السيوطي في «الجامع الكبير» (14/250 رقم 38605 - ترتيبه «الكنز» ) إلا لابن عساكر!
(1) طبع في ليدن قديماً، ثم ظهر في جلدين عن دار ابن الجوزي في نشرة غير جيدة، وفهارسها سقيمة، ولكتابه هذا ثلاث نسخ خطية في المكتبة العتيقة بالقيروان، لم ينشر الكتاب عنها بعد، وهي نفيسة جدّاً بخط عبد الله بن مسرور بن أبي هاشم التجيبي (ت 346هـ) تحوي على تفسير القرآن الكريم، وفيها أجزاء مبتورة أخرى تحتوي على أبواب أخرى من هذا «الجامع» ؛ كلها برواية سحنون بن سعيد عن ابن وهب، يسّر الله لها من يخرجها إلى عالم النور في أقرب وقت، وعلى أحسن حال، وفي أجمل حُلّةٍ وأزهاها، وما ذلك على الله بعزيز.
(2)
هنالك جماعة من الرواة خلط الناس في أسمائهم، بل لعله لا وجود -ألبتة- لبعضهم، وإنما خُصُّوا وسُمُّوا بسبب سوء فهمٍ لبعض النصوص، أو عدم معرفة منهج أهل العلم في مؤلفاتهم، ونبه على هذا ابنُ حجر في «تعجيل المنفعة» في مواطن من كتابه، وتعقب الحسيني في «الإكمال» كثيراً، والهيثمي في «المجمع» قليلاً، وكشف عن أسماء ذكروها لا وجود لها عند التحقيق، فتنبهْ لهذا.