الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
9820) لأبي داود الطيالسي، قال:«ورواته ثقات، ومسدد» وأورد لفظ ابن حبان، وقال:
«ورواه أحمد بن منيع وأبو بكر بن أبي شيبة (1)، وعنه أبو يعلى الموصلي (2) بلفظ: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضاً يقال لها البصرة
…
» وذكره.
وهو في «الفردوس» (5/522-523 رقم 8961 - ط. زغلول) ، دون إسناد (3) .
*
الكلام على إسناد حديث أبي بكرة
اختلف الرواة في تسمية (ابن أبي بكرة) على خمسة أقوال:
الأول: منهم من أبهمه، ولم يسمه، وقع ذلك في رواية يزيد بن هارون ومحمد بن يزيد عن العوّام بن حوشب، عن سعيد بن جمهان.
الثاني: عبيد الله أو عبد الله، شك فيه سُريج بن النعمان في روايته عن حشرج بن نباتة، عن ابن جمهان، ورواه الطيالسي -عند ابن عدي- عن حشرج، وجزم بأنه (عبيد الله) .
الثالث: عبد الله، سماه أبو النضر هاشم بن القاسم عن حشرج، به.
الرابع: عبد الرحمن، سماه الطيالسي ويحيى الحماني، عن حشرج، به.
الخامس: مسلم، سماه هكذا عبد الوارث بن سعيد، عن سعيد بن جمهان.
(1) في «مسنده» ، وهو ليس في القسم المطبوع منه.
(2)
في «مسنده» ، برواية ابن المقرئ، وليس لأبي بكرة ذكر في رواية ابن حمدان المطبوعة.
(3)
لم أظفر به في «زهر الفردوس» ، ووقع في الطبعة الأخرى من «الفردوس» (5/424 رقم 8372) عن أبي بكر، وهو خطأ!
وهذا اضطراب لا يُعَلُّ به أصل الحديث، إن كان هؤلاء ثقات! وهذا يحتاج إلى فحص وفتش، وبها نجد أن كلاًّ من (مسلم) و (عبد الرحمن) ثقة، وأما (عبد الله) أو (عبيد الله) ؛ فترجمه هكذا بالشك: الحسيني في كتابه «الإكمال في ذكر من له رواية في مسند الإمام أحمد من الرجال سوى من ذُكر في «تهذيب الكمال» » (ص 228/رقم 429)، قال:«عن أبيه، وعنه سعيد ابن جمهان، مجهول» ! وتعقّبه ابن حجر في «تعجيل المنفعة» (ص 214 رقم 523) . فقال:
«لا يقال هذا لأولاد (أبي بكرة) ، فإنهم مشاهير من رؤساء أهل البصرة في زمانهم، وعبيد الله -بالتصغير- أشهر من عبد الله، وهو الذي وقع ذكره في «الصحيح» (1) من رواية عبد الرحمن بن أبي بكرة: أنّ أبا بكرة كتب إلى ابنه عبيد الله، وهو يقضي بسجستان، وقد ذكر ابن حبان (2) في (ثقات التابعين) :(عبيد الله) -المصغّر-؛ فقال: «ولي لزياد، وروى عنه أهل البصرة» وقد اختلف على سعيد بن جمهان
…
» ، وذكر الخلاف، وقال:
«فالذي يظهر أن سعيد بن جمهان كان يضطرب فيه، والله أعلم» .
قلت: ما استظهره ظاهر، ولا سيما أن الطيالسي وقعت له الروايتان، فالاضطراب من (ابن جمهان) محصور في اسم (ابن أبي بكرة) ، وهذا لا يعلّ به الحديث، و «شرط الاضطراب (3) أن تتساوى الوجوه في الاختلاف، وأما إذا تفاوتت؛ فالحكم للراجح بلا خلاف» (4) ، فهذه العلة غير قادحة في صحة أصل الحديث، إذ الجميع ثقات، وأما عبد الله، فقد قال البزار: «لا أعلم لأبي بكرة
(1) يعني: «صحيح مسلم» (رقم 1717) .
(2)
في كتابه «الثقات» (5/64) .
(3)
الذي يُعَلُّ به الحديث.
(4)
قاله ابن حجر في «الإصابة» (3/578) في ترجمة (نوفل بن فروة الأشجعي)، وانظر:«الخلافيات» (1/143، 145، 233 (مهم) ، 234، 154-155، 227) وتعليقي عليها.
ابناً يقال له (عبد الله) » (1) !
قلت: ليس كذلك، قال ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (7/189) :
ولم يقتصر الأمر على ابن سعد، فقد ذكره ابن حبان في «الثقات» (5/534) في ترجمة (يزيد بن أبي بكرة)(2)، فقال:«أخو عبد الله ومسلم ورواد وعبيد الله» ، بني أبي بكرة، صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، عداده في أهل البصرة، روى عنه أهلها» .
بل لعبد الله ورود في بعض نسخ «الطبقات» (3) للإمام مسلم بن الحجاج.
وعلى فرض عدم وجوده، فيكون راوٍ قد وهم في تسميته، وخالف من
(1)«البحر الزخار» (9/118) .
(2)
وله مع المذكورين إخوة، ذكر منهم علي بن المديني في (باب تسمية الإخوة) من كتابه «تسمية من روى عنه من أولاد العشرة» برقم (343-345) عبد الرحمن، ومسلمة، وعبد العزيز، وذكر هؤلاء: أبو داود السجستاني في «تسمية الإخوة الذين روى عنهم الحديث» ، وزاد عبيد الله، ورواداً، انظر منه: الأرقام (797-801) . وزاد ابن سعد في طبقاته (7/191) عتبة مع إخوته السبعة الآخرين، وزاد عليهم رشيدالدين العطار في «غرر الفوائد المجموعة» (724-725 - الملحق بآخر كتابي «الإمام مسلم ومنهجه في الصحيح» ) :(كيّسة) ، وكذلك فعل عبد الغني ابن سعيد في كتابه «المؤتلف والمختلف» (ص 109) .
(3)
(1/340 رقم 1730) ، وسقطت الترجمة من نسخة مجوَّدة بخط عبد الرحيم بن المِهتَر النّهاوندي مقابلة على عدَّة نسخ، انظر تقديمنا للكتاب (1/65-71) ، ومن الجدير بالذكر أن مسلماً ترجم فيه (رقم 1726-1731) لعبد الرحمن وعبد العزيز وعبيد الله ومسلم وعبد الله ورواد.
هو أوثق منه، وأكثر عدداً، وبقية بني بكرة المسمّين ثقات، والراجح من حيث الصنعة الحديثية: أن «اسمه في هذا الإسناد هو عبد الرحمن (1) ، ثقة متفق عليه، بيّن ذلك» (2)، الطيالسي في روايته:«وأما مسلم؛ فانفرد به مسلم، وأما عبد العزيز؛ فأخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجه» (3) .
وعلى كلٍّ؛ القول بجهالة عبيد الله أو عبد الله مردودة، بما قاله ابن حجر (4) ، وسبقه الذهبي، فقال في آخر كتابه «ديوان الضعفاء» (ص 478) :«وأما المجهولون من الرواة، فإن كان الرجل من كبار التابعين أو أوساطهم، احتمل حديثه وتلقي بحسن الظن إذا سلم من مخالفة الأصول وركاكة الألفاظ، وإن كان الرجل منهم من صغار التابعين فيتأتى في رواية خبره، ويختلف ذلك باختلاف جلالة الراوي عنه وتحريه، وعدم ذلك» انتهى.
وإذا كانت الجملة الأخيرة من هذه القاعدة في (صغار التابعين) فإنها تشمل (عبيد الله) و (عبد الله) من باب أولى، إذ جعلهما مسلم (5) في (الطبقة الثانية من التابعين من أهل البصرة) ، وقد أخرج في «صحيحه» (6) حديث «إن الزمان استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض
…
» بسندٍ فيه (ابن أبي
(1) اقتصر الدارقطني في «العلل» (7/158 رقم 1270) عليه، وتابع ابن جمهان على ذكره مولى لأبي بكرة، كما سيأتي في كلام ابن أبي حاتم.
(2)
من كلام رشيدالدين العطار في «غرر الفوائد المجموعة» (2/724 - الملحق بآخر كتابي «الإمام مسلم ومنهجه في الصحيح» ) .
(3)
من كلام رشيدالدين العطار في «غرر الفوائد المجموعة» (2/725 - الملحق بآخر كتابي «الإمام مسلم ومنهجه في الصحيح» ) .
(4)
فيما تقدم من كلام له.
(5)
في كتابه «الطبقات» (1/339-340) .
(6)
في كتاب القسامة (باب تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال)(رقم 1679) بعد (29) ، وذكرت حوله فائدة عجيبة في كتابي «مسائل أعيت العلماء» ، يسر الله إتمامه وإظهاره.
بكرة) هكذا بالإبهام، ووقع خلاف في تعيينه، ولا عبرة بتضعيفه لمجرد هذا السبب (1) .
بقيت علّة أخرى؛ وهي مستمسك مضعّفيه؛ وهي: (سعيد بن جُمهان)، قال ناقدوه: «سعيد بن جُمهان، وإن ذُكر توثيقه عن غير واحد من أهل العلم، فقد قال المروزي: قلت لأحمد: يروى عن يحيى القطان أنه سئل عنه فلم يرضه! فقال: باطل، وغضب، وقال: ما قال هذا أحد غير علي بن المديني، ما سمعت يحيى يتكلم فيه بشيء (2) .
وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به (3) . وقال أبو داود مع توثيقه له: وقوم يضعِّفونه. وقال الساجيّ: لا يتابع على حديثه. ونقل الحافظ ابن حجر في «التهذيب» أن البخاري قال: عنده عجائب. وقال في «التقريب» : صدوق له أفراد (4) .
قلت: ليس كل خلاف في الراوي يضر، بل لا بد من النظر والترجيح، وقد قال ابن أبي عاصم في «السنة» (5) : حديثه ثابت، وقد روى عنه حماد بن سلمة، والعوام بن حوشب، وحشرج.
قال شيخنا الإمام الألباني مدافعاً عن (ابن جمهان) وقد صحح له حديثاً
(1) انظر دفاعاً عن الحديث في «غرر الفوائد المجموعة» (ص 724-725) و «تنبيه المعلم» لأبي ذر سبط ابن العجمي (رقم 661) ، وتعليقي عليهما، و «فتح الباري» (8/108 رقم 4406) .
(2)
في كتابه «من كلام الإمام أحمد في علل الحديث ومعرفة الرجال» (ص 81/رقم 168) .
(3)
«الجرح والتعديل» (4/10) .
(4)
«مسند الإمام أحمد» (34/56 - ط. مؤسسة الرسالة) .
(5)
قاله على إثر حديث «الخلافة ثلاثون سنة، ثم تكون بعد ذلك ملكاً» ، انظر:«السنة» (2/559) عقب رقم (1185) .
آخر (1) : «وقد وثقه جماعة من الأئمة، منهم أحمد وابن معين، وأبو داود، وقال الحافظ في «التقريب» : صدوق له أفراد.
قال: ولذلك قوّى حديثه الترمذي، وقال: حسن. والحاكم (3/71، 145) وصححه، وفي [ (3/606) حديث آخر] . ووافقه الذهبي.
وأشار إلى مثل هذا التصحيح الحافظ في «الفتح» (13/182)، فقال موافقاً: وصححه ابن حبان (1534، 1535 - «الموارد» ) وغيره.
واحتج به الإمام ابن جرير الطبري في جزئه في «الاعتقاد» (ص 7) .
وصححه شيخ الإسلام ابن تيمية في «قاعدة» له في هذا الحديث
…
قال: اعتمده الإمام أحمد.
وصححه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (2/184)، ويضاف إليهم هنا ابن حبان؛ فإنه ذكر سعيداً في «الثقات» والنسائي؛ فإنه هو الذي قال: ليس به بأس.
وعارض هؤلاء قولَ البخاري: في حديثه عجائب، وقولَ الساجي: لا يتابع على حديثه.
قال الشيخ: فهذا جرحٌ مبهم غير مفسَّر، فلا يصحّ الأخذُ به في مقابلة توثيق من وثّقه، كما هو مقرر في (المصطلح) ، زد على ذلك أن الموثِّقين جمع، ويزداد عددُهم إذا ضُمَّ إليهم مَنْ صحَّحَ حديثه، باعتبار أن التصحيح يستلزم التوثيق كما هو ظاهر» (2) .
(1) وهو الحديث المذكور في الهامش السابق، والتصحيح والاحتجاج الآتي المقيد بحديث إنما يراد به هذا.
(2)
«سلسلة الأحاديث الصحيحة» (1/825 رقم 459)، وانظر:«معجم أسامي الرواة الذين ترجم لهم العلامة محمد ناصرالدين الألباني» (2/116-117) .