الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال البخاري: أزهر أبو الوليد الهوزني روى عن عصمة صاحب النبي صلى الله عليه وسلم روى عنه حريز.
وقال ابن أبي حاتم: أزهر بن راشد أبو الوليد الهوزني روى عن عصمة ابن قيس صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، وأرسل عن ابن عباس، وسمع من سليم بن عامر. روى عنه حريز بن عثمان وغيره.
وقال ابن حبان في (ثقات التابعين) : أزهر أبو الوليد الهوزني يروي عن رجل من الصحابة، روى عنه حريز بن عثمان.
فوضَح بهذا أن أزهر بن قيس لا وجودَ له في الخارج» .
قلت: والشاهد أن الفتن تشتد آخر الزمان، وتزيد الصادق المخلص تألّماً وتوجّعاً، لما يترتب على انتشارها من غربة الإسلام والمسلمين، كما هو مُشاهدٌ الآن لكل مسلم في كل مكان، ولا قوة إلا بالله.
فصل
في الأخبار السابقة، هل مضت وانتهت
؟
ظهر لنا من خلال ما مضى، أن الأخبار الواردة في الفتن، ذكرت العراق بعامة، والبصرة والكوفة بخاصة، وأن فتنة التتر والمغول التي قد ظهرتْ سابقاً، قد حملها العلماء على حديث: «لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوماً نعالهم الشعر، وحتى تقاتلوا الترك، صغار الأعين،
…
» (1) .
وهذا أمر مشهور عندهم، سبق أن نقلناه (2) عن ابن تيمية وابن حجر والنووي.
(1) سبق تخريجه.
(2)
(ص 284) .
ونزيد هذا الأمر وضوحاً، فنقول:
أولاً: ليست كل الأحاديث والآثار السابقة مضت وانتهت (1) ، بل في بعضها مؤيِّدات ومرجِّحات إلى عدم وقوعها بعد، ولا سيما حديث: «منعت العراق
…
» ، فإنه -فيما يبدو لي- لا صلة له بما مضى من فتنة المغول والتتر، وسيأتي لهذا مزيد بيان في فصل خاص.
ثانياً: لا شك أن لفتنة المغول والتتر صلة بحديث وأخبار سبقت، وتكاد تُجمِعُ كلمة العلماء (مؤرخين وشراح حديث) على ذلك، ونخص الفصل الآتي لنقولاتهم وكلامهم على اختلاف أعصارهم وأمصارهم.
ثالثاً: ما قيل سابقاً في الأحاديث يقال -أيضاً- في الآثار؛ فإنّ بعضها قد ظهر بعد زمانهم بمدة يسيرة، وبعضها لم يظهر، ويعجبني ما قاله أبو أحمد الحسن بن عبد الله العسكري (ت 382هـ) في كتابه «تصحيفات المحدثين» (1/82-83) :
«سمعتُ شيخاً من شيوخ البصرة يحكي ولم يذكر إسناداً، قال: غَبَر المحدثون بالبصرة زماناً يروون، أن عليّاً رضي الله عنه قال: «ألا إن خراب بصرتكم هذه يكون بالريح» . فما أقلعوا عن هذه التصحيفة إلا بعد مئتي سنة، عند معاينتهم أمر الزّنج» .
قال ابن خلكان في «وفيات الأعيان» (3/28) : «دخل الزِّنج البصرة وقت الجمعة لثلاث عشرة ليلة بقيت من شوال سنة سبع وخمسين ومئتين، فأقاموا على القتل والإحراق ليلة السبت ويوم السبت، ثم عادوا لها يوم الإثنين، فدخلوها وقد تفرق الجند وهربوا، فنادَوْا بالأمان، فلما ظهر الناس
(1) يتعامل الكثير مع كثير من أشراط الساعة -مثل افتراق هذه الأمة إلى فرق عديدة- على أن عجلة الزمن قد توقّفت، ويجعلون المدى الزمني للأحاديث ما عايشوه ورأوه فحسب، وهذا زلل منهجي، يتفرع عنه علل خطيرة.
قتلوهم، فلم يسلم منهم إلا النادر، واحترق الجامع ومن فيه» (1) .
قال البرزنجي في «الإشاعة» (ص 87 - ط. دار الهجرة) :
«وفي أيام المعتمد في سنة ست وستين ومئتين دخلت الزنج البصرة وأعمالها وخربوها، وبذلوا السيف وسبوا وهم من الخوارج الذين قتلهم أمير المؤمنين عليّ، وأعقب ذلك الوباء العظيم فمات خلق كثير لا يحصون، ثم أعقبه هزات وزلازل فمات تحت الردم ألوف من الناس، واستمر القتال مع الزنج إلى سنة سبعين.
قال الصولي: إنه قتل من المسلمين ألف ألف وخمس مئة آدمي، وقتل في يوم واحد بالبصرة ثلاث مئة ألف، وكان له منبر في بلده يصعد عليه يسب عثمان وعليّاً ومعاوية وطلحة والزبير وعائشة، وكان ينادي على المرأة العلوية في عسكره بدرهمين وثلاثة، وكان عند الواحد منهم العشرين من العلويات يستخدمهن، فقتل اللعين رئيس الزنج سنة سبعين، وكان اسمه يهبود، وكان يدّعي أنه أُرسِل إلى الخلق؛ فردَّ الرسالة، وإنه مطلع على المغيبات، ووقع في زمنه غلاء مفرط بالحجاز والعراق، وبلغ كُرُّ الحنطة ببغداد بمئة وخمسين ديناراً، والكُرّ ستة أحمال الحمير والبغال واثنا عشر وَسْقاً، وفي أيامه انبثق في نهر عيسى بَثْقٌ، فجاء الماء إلى الكرخ فهدم سبعة آلاف درهم، وفي زمنه ظهرت القرامطة بالكوفة، وهم نوع من الملاحدة وهم الباطنية يدّعون أنه لا
(1) انظر تفصيل ذلك في: «تاريخ ابن جرير» (9/476 وما بعد) ، «البداية والنهاية» (11/28) ، ولشيلمة «أخبار صاحب الزنج ووقائعه» ، وللوشاء «أخبار صاحب الزنج» . ذكرهما ياقوت في «معجم الأدباء» -على الترتيب- (6/494، 278) .
وللمستشرق تيودور نولدكه بحث مفصل عن ثورة الزنج، وكذلك ألف الدكتور فيصل الساحر «ثورة الزنج» ، وفي أكثر من ثلثه تفاصيل مجريات الحروب ومراحلها، وهو مطبوع ببغداد، سنة 1954م، ووقفت -أيضاً- على كتاب «ثورة الزنج وقائدها علي بن محمد» لأحمد عُلَبي، مطبوع في بيروت، سنة 1961م.