الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ يُلَاحِظُ الْمَالِيَّةَ.
وَهِيَ ضَرَرٌ وَالضَّرَرُ مَنْفِيٌّ عَنْ الْمُكَلَّفِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» وَلِقَوْلِهِ عز وجل {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] وَوَاجِدُ الثَّمَنِ يَخْرُجُ عَلَى تَنْزِيلِ وَسِيلَتِهِ مَنْزِلَتَهُ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ الْقَادِرُ عَلَى التَّدَاوِي إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ النُّصُوصِ وَالْأَقْيِسَةِ وَالْمُنَاسِبَاتِ الَّتِي اُشْتُهِرَتْ فِي الشَّرْعِ اعْتِبَارُهَا وَهِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى مُوجِبِ الِاعْتِبَارِ أَمَّا مَا لَا يَشْتَمِلُ عَلَى مُوجِبِ الِاعْتِبَارِ فَلَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ قَاعِدَةً شَرْعِيَّةً بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُضَافَ إلَيْهِ مِنْ الْقُيُودِ الْمُوجِبَةِ لِلْمُنَاسِبَةِ كَمَا تَقَدَّمَ مَا يُوجِبُ اشْتِمَالَهُ عَلَى مُوجِبِ الِاعْتِبَارِ وَنَقْلِ النُّقُوضِ عَلَيْهِ وَتَظْهَرُ مُنَاسَبَتُهُ أَمَّا عَدَمُ الْمُنَاسَبَةِ وَكَثْرَةُ النُّقُوضِ فَاعْتِبَارُ مِثْلِ هَذَا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ خِلَافُ الْمَعْلُومِ مِنْ نَمَطِ الشَّرِيعَةِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَدْ كَثُرَ بَيْنَ الْمُتَأَخِّرِينَ خُصُوصًا الشَّيْخَ أَبَا الطَّاهِرِ بْنِ بَشِيرٍ فَإِنَّهُ اعْتَمَدَ عَلَيْهِ فِي كِتَابِهِ الْمَعْرُوفِ بِالتَّنْبِيهِ كَثِيرًا.
(الْفَرْقُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الرِّيَاءِ فِي الْعِبَادَاتِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ التَّشْرِيكِ فِي الْعِبَادَاتِ)
اعْلَمْ أَنَّ الرِّيَاءَ فِي الْعِبَادَاتِ شِرْكٌ وَتَشْرِيكٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى فِي طَاعَتِهِ وَهُوَ مُوجِبٌ لِلْمَعْصِيَةِ وَالْإِثْمِ وَالْبُطْلَانِ فِي تِلْكَ الْعِبَادَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ الْمُحَاسِبِيُّ وَغَيْرُهُ وَيُعَضِّدُهُ مَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ «أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ فَمَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ غَيْرِي تَرَكْتُهُ لَهُ أَوْ تَرَكْتُهُ لِشَرِيكِي» فَهَذَا ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِذَلِكَ الْعَمَلِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5] يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْمُخْلِصِينَ لِلَّهِ تَعَالَى لَيْسُوا مَأْمُورِينَ بِهِ وَمَا هُوَ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِهِ لَا يُجْزَى عَنْ الْمَأْمُورِ بِهِ فَلَا يُعْتَدُّ بِهَذِهِ الْعِبَادَةِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَتَحْقِيقُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَسِرُّهَا وَضَابِطُهَا أَنْ يَعْمَلَ الْعَمَلَ الْمَأْمُورَ بِهِ وَالْمُتَقَرَّبَ بِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَيَقْصِدَ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنْ يُعَظِّمَهُ النَّاسُ أَوْ يُعَظَّمَ فِي قُلُوبِهِمْ فَيَصِلَ إلَيْهِ نَفْعُهُمْ أَوْ يَنْدَفِعَ عَنْهُ ضَرَرُهُمْ فَهَذَا هُوَ قَاعِدَةُ أَحَدِ قِسْمَيْ الرِّيَاءِ وَالْقِسْمُ الْآخَرُ أَنْ يَعْمَلَ الْعَمَلَ لَا يُرِيدُ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى أَلْبَتَّةَ بَلْ النَّاسَ فَقَطْ وَيُسَمَّى هَذَا الْقِسْمُ رِيَاءَ الْإِخْلَاصِ وَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ رِيَاءَ الشِّرْكِ لِأَنَّ هَذَا لَا تَشْرِيَك فِيهِ بَلْ خَالِصٌ لِلْخَلْقِ وَالْأَوَّلُ لِلْخَلْقِ وَلِلَّهِ تَعَالَى وَأَغْرَاضُ الرِّيَاءِ ثَلَاثَةٌ التَّعْظِيمُ وَجَلْبُ الْمَصَالِحِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَدَفْعُ الْمَضَارِّ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالْأَخِيرَانِ يَتَفَرَّعَانِ عَنْ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ إذَا عَظُمَ انْجَلَبَتْ إلَيْهِ الْمَصَالِحُ وَانْدَفَعَتْ عَنْهُ الْمَفَاسِدُ فَهُوَ الْغَرَضُ الْكُلِّيُّ فِي الْحَقِيقَةِ فَهَذِهِ قَاعِدَةُ الرِّيَاءِ الْمُبْطِلَةُ لِلْأَعْمَالِ الْمُحَرَّمَةُ بِالْإِجْمَاعِ.
وَأَمَّا مُطْلَقُ التَّشْرِيكِ كَمَنْ جَاهَدَ لِيُحَصِّلَ طَاعَةَ اللَّهِ بِالْجِهَادِ وَلِيُحَصِّلَ الْمَالَ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
ذُرِّيَّتِهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَاعَةً مِنْ إيمَانٍ تَعْدِلُ دَهْرًا مِنْ كُفْرٍ أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ عَلَى وَفْقِ الْحِكْمَةِ وَعَدَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَلْقَهُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ مِنْ جُمْلَةِ الْبَرَكَاتِ الْمُوجِبَةِ لِتَعْظِيمِهِ فَقَالَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «أَفْضَلُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فِيهِ خُلِقَ آدَم وَفِيهِ تَابَ عَلَيْهِ وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ» لِأَنَّ خَلْقَهُ سَبَبُ وُجُودِ الْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام وَالصَّالِحِينَ وَأَهْلِ الطَّاعَةِ وَالْمُؤْمِنِينَ.
وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ ذُرِّيَّتِهِ كُفَّارًا فَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ لِآدَمَ عليه السلام ابْعَثْ بَعْثَ النَّارِ فَيُخْرَجُ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعُمِائَةٌ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ فَيَبْقَى مِنْ كُلِّ أَلْفٍ وَاحِدٌ وَالْبَقِيَّةُ كُفَّارٌ فُجَّارٌ أَهْلُ النَّارِ وَالْمَعَاصِي وَالْفُجُورِ» إذْ لَا عِبْرَةَ بِكَثْرَةِ الْكُفَّارِ لِأَجْلِ ذَلِكَ الْمُسْلِمِ الْوَاحِدِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْوَاحِدَ تَرْبُو مَصْلَحَةُ إسْلَامِهِ عَلَى مَفْسَدَةِ أُولَئِكَ الْكُفَّارِ وَأَنَّهُمْ كَالْعَدَمِ الصِّرْفِ بِالنِّسْبَةِ إلَى نُورِ الْإِيمَانِ وَعِبَادَةِ الرَّحْمَنِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَبِالْجُمْلَةِ فَعَقْدُ الْجِزْيَةِ لَمَّا كَانَتْ ثَمَرَتُهُ تُوقِعُ الْإِيمَانَ مِنْ الْأَصْلِ أَوْ مِنْ أَحَدِ الذَّرَارِيّ الَّذِي لَا يُعَادِلُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ الْكُفْرِ الْوَاقِعِ مِنْ غَيْرِهِ لَا مُجَرَّدُ تَحْصِيلِ مَصْلَحَةِ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْهُ كَانَ مِنْ آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمِنْ الشَّرَائِعِ الْوَاقِعَةِ عَلَى وَفْقِ الْحِكْمَةِ الْإِلَهِيَّةِ فَلِذَا أَبَاحَتْهُ الْقَوَاعِدُ الشَّرْعِيَّةُ وَلَمْ يُلْتَفَتْ إلَى قَوْلِ بَعْضِ الطَّاعِنِينَ فِي الدِّينِ فِي إيرَادِهِ سُؤَالًا فِي الْجِزْيَةِ إنَّ شَأْنَ الشَّرَائِعِ دَفْعُ أَعْظَمِ الْمَفْسَدَتَيْنِ بِإِيقَاعِ أَدْنَاهَا وَتَفْوِيتُ الْمَصْلَحَةِ الدُّنْيَا بِدَفْعِ الْمَفْسَدَةِ الْعُلْيَا وَمَفْسَدَةُ الْكُفْرِ تَرْبُوا عَلَى مَصْلَحَةِ الْمَأْخُوذِ مِنْ الْجِزْيَةِ مِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ بَلْ عَلَى جُمْلَةِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا فَضْلًا عَنْ هَذَا النَّزْرِ الْيَسِيرِ فَلِمَ وَرَدَتْ الشَّرِيعَةُ الْمُحَمَّدِيَّةُ بِذَلِكَ وَلِمَ لَمْ تُحَتِّمْ الْقَتْلَ دَرْءًا لِمَفْسَدَةِ الْكُفْرِ اهـ.
وَلِمَ كَانَ أَخْذُ الْمَالِ عَلَى مُدَاوَمَةِ الزِّنَا أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمَفَاسِدِ ثَمَرَتُهُ مُجَرَّدُ أَخْذِ الدَّرَاهِمِ الَّذِي هُوَ مَصْلَحَةٌ حَقِيرَةٌ لَا تُعَادِلُ الْمُدَاوَمَةَ عَلَى الْمَفْسَدَةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي هِيَ مَعْصِيَةُ اللَّهِ تَعَالَى لَمْ يَقَعْ فِي الشَّرِيعَةِ بَلْ مَنَعَتْهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَفْسَدَةٌ صِرْفَةٌ فَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَاعِدَتَيْنِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُوجِبُ نَقْضَ الْجِزْيَةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يُوجِبُ نَقْضَهَا]
(الْفَرْقُ الثَّامِنَ عَشَرَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُوجِبُ نَقْضَ الْجِزْيَةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يُوجِبُ
مِنْ الْغَنِيمَةِ فَهَذَا لَا يَضُرُّهُ وَلَا يُحَرَّمُ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لَهُ هَذَا فِي هَذِهِ الْعِبَادَةِ فَفَرْقٌ بَيْنَ جِهَادِهِ لِيَقُولَ النَّاسُ إنَّهُ شُجَاعٌ أَوْ لِيُعَظِّمَهُ الْإِمَامُ فَيُكْثِرَ إعْطَاءَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَهَذَا وَنَحْوُهُ رِيَاءٌ حَرَامٌ وَبَيْنَ أَنْ يُجَاهِدَ لِيُحَصِّلَ السَّبَايَا وَالْكُرَاعَ وَالسِّلَاحَ مِنْ جِهَةِ أَمْوَالِ الْعَدُوِّ فَهَذَا لَا يَضُرُّهُ مَعَ أَنَّهُ قَدْ أَشْرَكَ وَلَا يُقَالُ لِهَذَا رِيَاءٌ بِسَبَبِ أَنَّ الرِّيَاءَ لِيَعْمَلَ أَنْ يَرَاهُ غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ خَلْقِهِ وَالرُّؤْيَةُ لَا تَصِحُّ إلَّا مِنْ الْخَلْقِ فَمَنْ لَا يَرَى وَلَا يُبْصِرُ لَا يُقَالُ فِي الْعَمَلِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ رِيَاءٌ وَالْمَالُ الْمَأْخُوذُ فِي الْغَنِيمَةِ وَنَحْوُهُ لَا يُقَالُ إنَّهُ يَرَى أَوْ يُبْصِرُ فَلَا يَصْدُقُ عَلَى هَذِهِ الْأَغْرَاضِ لَفْظُ الرِّيَاءِ لِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ فِيهَا وَكَذَلِكَ مَنْ حَجَّ وَشَرَّك فِي حَجِّهِ غَرَضَ الْمَتْجَرِ بِأَنْ يَكُونَ جُلُّ مَقْصُودِهِ أَوْ كُلُّهُ السَّفَرَ لِلتِّجَارَةِ خَاصَّةً وَيَكُونَ الْحَجُّ إمَّا مَقْصُودًا مَعَ ذَلِكَ أَوْ غَيْرَ مَقْصُودٍ وَيَقَعُ تَابِعًا اتِّفَاقًا فَهَذَا أَيْضًا لَا يَقْدَحُ فِي صِحَّةِ الْحَجِّ وَلَا يُوجِبُ إثْمًا وَلَا مَعْصِيَةً وَكَذَلِكَ مَنْ صَامَ لِيَصِحَّ جَسَدُهُ أَوْ لِيَحْصُلَ لَهُ زَوَالُ مَرَضٍ مِنْ الْأَمْرَاضِ الَّتِي يُنَافِيهَا الصِّيَامُ وَيَكُونُ التَّدَاوِي هُوَ مَقْصُودُهُ أَوْ بَعْضُ مَقْصُودِهِ وَالصَّوْمُ مَقْصُودُهُ مَعَ ذَلِكَ وَأَوْقَعَ الصَّوْمَ مَعَ هَذِهِ الْمَقَاصِدِ لَا تَقْدَحُ هَذِهِ الْمَقَاصِدُ فِي صَوْمِهِ بَلْ أَمَرَ بِهَا صَاحِبُ الشَّرْعِ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» أَيْ قَاطِعٌ فَأَمَرَ بِالصَّوْمِ لِهَذَا الْغَرَضِ فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ قَادِحًا لَمْ يَأْمُرْ بِهِ عليه الصلاة والسلام فِي الْعِبَادَاتِ وَمَا مَعَهَا وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يُجَدِّدَ وُضُوءَهُ وَيَنْوِيَ التَّبَرُّدَ أَوْ التَّنْظِيفَ وَجَمِيعُ هَذِهِ الْأَغْرَاضِ لَا يَدْخُلُ فِيهَا تَعْظِيمُ الْخَلْقِ بَلْ هِيَ تَشْرِيك أُمُورٍ مِنْ الْمَصَالِحِ لَيْسَ لَهَا إدْرَاكٌ وَلَا تَصْلُحُ لِلْإِدْرَاكِ وَلَا لِلتَّعْظِيمِ فَلَا تَقْدَحُ فِي الْعِبَادَاتِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الرِّيَاءِ فِي الْعِبَادَاتِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ التَّشْرِيكِ فِي الْعِبَادَاتِ غَرَضًا آخَرَ غَيْرَ الْخَلْقِ مَعَ أَنَّ الْجَمِيعَ تَشْرِيكٌ نَعَمْ لَا يَمْنَعُ أَنَّ هَذِهِ الْأَغْرَاضَ الْمُخَالِطَةَ لِلْعِبَادَةِ قَدْ تُنْقِصُ الْأَجْرَ وَأَنَّ الْعِبَادَةَ إذَا تَجَرَّدَتْ عَنْهَا زَادَ الْأَجْرُ وَعَظُمَ الثَّوَابُ أَمَّا الْإِثْمُ وَالْبُطْلَانُ فَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ وَمِنْ جِهَتِهِ حَصَلَ الْفَرْقُ لَا مِنْ جِهَةِ كَثْرَةِ الثَّوَابِ وَقِلَّتِهِ.
(الْفَرْقُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ عَقْدِ الْجِزْيَةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ غَيْرِهَا مِمَّا يُوجِبُ التَّأْمِينَ)
وَهُوَ إمَّا الْمَصْلَحَةُ أَوْ الْأَمَانُ وَالْجَمِيعُ يُوجِبُ الْأَمَانَ وَالتَّأْمِينَ غَيْرَ أَنَّ عَقْدَ الْجِزْيَةِ يَكُونُ لِضَرُورَةٍ وَلِغَيْرِ ضَرُورَةٍ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا أَوْجَبَ الْقِتَالَ عِنْدَ عَدَمِ مُوَافَقَتِهِمْ عَلَى أَدَاءِ الْجِزْيَةِ بِقَوْلِهِ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ فَجَعَلَ الْقِتَالَ مُغَيًّا إلَى وَقْتِ مُوَافَقَتِهِمْ عَلَى أَدَاءِ الْجِزْيَةِ وَلَا يَعْقِدُهُ إلَّا الْإِمَامُ وَيَدُومُ لِلْمَعْقُودِ لَهُمْ وَلِذَرَارِيِّهِمْ إلَى قِيَامِ السَّاعَةِ إلَّا أَنْ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
نَقْضَهَا) عَقْدُ الْجِزْيَةِ هُوَ الْتِزَامُنَا لِلْكُفَّارِ صِيَانَةَ أَمْوَالِهِمْ وَأَعْرَاضِهِمْ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ بِشُرُوطٍ نَشْتَرِطُهَا عَلَيْهِمْ بِهَا سُنَّةُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَاسْتُفِيدَتْ مِنْ قَوْله تَعَالَى {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] قَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي مَرَاتِبِ الْإِجْمَاعِ وَهِيَ أَنْ يُعْطُوا أَرْبَعَةَ مَثَاقِيلَ ذَهَبًا فِي انْقِضَاءِ كُلِّ عَامٍ قَمَرِيٍّ صَرْفُ كُلِّ دِينَارٍ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَأَنْ لَا يُحْدِثُوا كَنِيسَةً وَلَا بِيعَةً وَلَا دِيرًا وَلَا صَوْمَعَةً وَلَا يُجَدِّدُوا مَا خَرِبَ مِنْهَا وَلَا يَمْنَعُوا الْمُسْلِمِينَ مِنْ النُّزُولِ فِي كَنَائِسِهِمْ وَبِيَعِهِمْ لَيْلًا وَنَهَارًا وَيُوَسِّعُوا أَبْوَابَهَا لِلنَّازِلِينَ وَيُضَيِّفُوا مَنْ مَرَّ بِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثًا وَأَنْ لَا يَأْوُوا جَاسُوسًا وَلَا يَكْتُمُوا غِشًّا لِلْمُسْلِمِينَ
وَلَا يُعَلِّمُوا أَوْلَادَهُمْ الْقُرْآنَ وَلَا يَمْنَعُوا أَحَدًا مِنْهُمْ الدُّخُولَ فِي الْإِسْلَامِ وَيُوَقِّرُوا الْمُسْلِمِينَ وَيَقُومُوا لَهُمْ مِنْ الْمَجَالِسِ وَلَا يَتَشَبَّهُوا بِهِمْ فِي شَيْءٍ مِنْ لِبَاسِهِمْ وَلَا فَرْقِ شَعْرِهِمْ وَلَا يَتَكَلَّمُوا بِكَلَامِهِمْ وَلَا يَتَكَنَّوْا بِكُنَاهُمْ وَلَا يَرْكَبُوا عَلَى السُّرُوجِ وَلَا يَتَقَلَّدُوا شَيْئًا مِنْ السِّلَاحِ وَلَا يَحْمِلُوهُ مَعَ أَنْفُسِهِمْ وَلَا يَتَّخِذُوهُ وَلَا يَنْقُشُوا خَوَاتِيمَهُمْ بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَا يَبِيعُوا الْخَمْرَ مِنْ مُسْلِمٍ وَيَجِزُّوا مَقَادِمَ رُءُوسِهِمْ وَيَشُدُّوا الزَّنَانِيرَ وَلَا يُظْهِرُوا الصَّلِيبَ وَلَا يُجَاوِرُوا الْمُسْلِمِينَ بِمَوْتَاهُمْ وَلَا يَطْرَحُوا فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ نَجَاسَةً وَيُخْفُوا النَّوَاقِيسَ وَأَصْوَاتَهُمْ وَلَا يُظْهِرُوا شَيْئًا مِنْ شَعَائِرِهِمْ وَلَا يَتَّخِذُوا مِنْ الرَّقِيقِ مَا جَرَتْ عَلَيْهِمْ سِهَامُ الْمُسْلِمِينَ وَيُرْشِدُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا يُطْلِعُوا عَلَيْهِمْ عَدُوًّا وَلَا يَضْرِبُوا مُسْلِمًا وَلَا يَسُبُّوهُ وَلَا يَسْتَخْدِمُوهُ وَلَا يُسْمِعُوا مُسْلِمًا شَيْئًا مِنْ كُفْرِهِمْ وَلَا يَسُبُّوا أَحَدًا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ وَلَا يُظْهِرُوا خَمْرًا وَلَا نِكَاحَ ذَاتِ مَحْرَمٍ وَأَنْ يُسْكِنُوا الْمُسْلِمِينَ بَيْنَهُمْ. اهـ
وَقَدْ ذَهَبَ عُلَمَاءُ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ فِي إخْلَالِ الذِّمِّيِّ بِشَرْطٍ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ إلَى طَرِيقَتَيْنِ الطَّرِيقَةُ الْأُولَى لِبَعْضِهِمْ نَقْضُ الْعَهْدِ بِإِخْلَالِهِ بِأَيِّ شَرْطٍ مِنْهَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُنَافِيًا لِمَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ عَقْدِ الذِّمَّةِ مِنْ الْأَمَانِ وَالتَّأْمِينِ وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ لِجُمْهُورِهِمْ نَقْضُ الْعَهْدِ بِإِخْلَالِهِ بِمَا يُنَافِي الْأَمَانَ وَالتَّأْمِينَ فَقَطْ وَهَذِهِ هِيَ الصَّوَابُ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا أَنَّ عَقْدَ الْجِزْيَةِ كَعَقْدِ الْإِسْلَامِ فَكَمَا أَنَّ عَقْدَ الْإِسْلَامِ عَاصِمٌ لِلدِّمَاءِ وَنَحْوِهَا كَذَلِكَ عَقْدُ الذِّمَّةِ عَاصِمٌ لِلدِّمَاءِ وَكَمَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَلْزَمَ الْمُسْلِمَ جَمِيعَ التَّكَالِيفِ
يَحْصُلَ لِلْعَقْدِ نَاقِضٌ كَمَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُ النَّوَاقِضِ وَأَنَّهُ لَيْسَ رُخْصَةً عَلَى خِلَافِ الْقَوَاعِدِ بَلْ عَلَى وَفْقِ الْقَوَاعِدِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ وَأَمَّا التَّأْمِينُ فَيَصِحُّ مِنْ آحَادِ النَّاسِ بِخِلَافِ عَقْدِ الْجِزْيَةِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فِي عَدَدٍ مَحْصُورٍ كَالْوَاحِدِ وَنَحْوِهِ.
وَأَمَّا الْجَيْشُ الْكَثِيرُ فَالْعَقْدُ فِي تَأْمِينِهِ لِلْأَمِيرِ عَلَى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ وَلَا يَجُوزُ إلَّا لِضَرُورَةٍ تَقْتَضِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ عَقْدُ الْمُصَالَحَةِ لَا يَجُوزُ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَلَا يَعْقِدُهُ إلَّا الْإِمَامُ وَيَكُونُ إلَى مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ بِخِلَافِ الْجِزْيَةِ وَيَجُوزُ بِغَيْرِ مَالٍ يُعْطُونَهُ بِخِلَافِ الْجِزْيَةِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْمَالِ وَهُوَ رُخْصَةٌ عَلَى خِلَافِ قَاعِدَةِ الْقِتَالِ وَطَلَبُ الْإِسْلَامِ مِنْهُمْ وَلِذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ قِتَالِهِمْ أَوْ إلْجَائِهِمْ إلَى الْإِسْلَامِ أَوْ الْجِزْيَةِ وَشُرُوطُ الْجِزْيَةِ كَثِيرَةٌ مَعْلُومَةٌ مُتَقَرِّرَةٌ فِي الشَّرْعِ وَشُرُوطُ الْمُصَالَحَةِ بِحَسَبِ مَا يَحْصُلُ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهَا مَا لَمْ يَكُنْ فِي الشُّرُوطِ فَسَادُ الْمُسْلِمِينَ وَكَذَلِكَ التَّأْمِينُ لَيْسَ لَهُ شُرُوطٌ بَلْ بِحَسَبِ الْوَاقِعِ وَاللَّازِمُ فِيهِ مُطْلَقُ الْأَمَانِ وَالتَّأْمِينِ وَعَقْدُ الْجِزْيَةِ يُوجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حُقُوقًا مُتَأَكِّدَةً مِنْ الصَّوْنِ لَهُمْ وَالذَّبِّ عَنْهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَالْمُصَالَحَةُ لَا تُوجِبُ مِثْلَ تِلْكَ الْحُقُوقِ بَلْ يَكُونُونَ أَجَانِبَ مِنَّا لَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْنَا بِرُّهُمْ وَلَا الْإِحْسَانُ إلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا فِي ذِمَّتِنَا غَيْرَ أَنَّا لَا نَغْدِرُ بِهِمْ وَلَا نَتَعَرَّضُ لَهُمْ فَقَطْ وَنَقُومُ بِمَا الْتَزَمْنَا لَهُمْ فِي الْعَقْدِ وَمِنْ الشُّرُوطِ وَاتَّفَقْنَا عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ نُوَاسِيَ فَقِيرَهُمْ وَنَنْصُرَ مَظْلُومَهُمْ بَلْ نَتْرُكُهُمْ يَنْفَصِلُونَ بِأَنْفُسِهِمْ بِخِلَافِ عَقْدِ الْجِزْيَةِ يَجِبُ عَلَيْنَا فِيهِ دَفْعُ التَّظَالُمِ بَيْنَهُمْ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي الْفِقْهِ مَبْسُوطًا هُنَالِكَ فَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْقَوَاعِدِ.
(الْفَرْقُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَجِبُ تَوْحِيدُ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ مِنْ التَّعْظِيمِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَجِبُ تَوْحِيدُهُ بِهِ)
اعْلَمْ أَنَّ تَوْحِيدَ اللَّهِ تَعَالَى بِالتَّعْظِيمِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ وَاجِبٌ إجْمَاعًا وَغَيْرُ وَاجِبٍ إجْمَاعًا وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ هَلْ يَجِبُ تَوْحِيدُ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ أَمْ لَا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ الَّذِي يَجِبُ تَوْحِيدُ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ مِنْ التَّعْظِيمِ بِالْإِجْمَاعِ فَذَلِكَ كَالصَّلَوَاتِ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا وَالصَّوْمِ عَلَى اخْتِلَافِ رُتَبِهِ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَالنَّذْرِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُفْعَلَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَذَلِكَ الْحَجُّ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْخَلْقُ وَالرِّزْقُ وَالْأَمَانَةُ وَالْإِحْيَاءُ وَالْبَعْثُ وَالنَّشْرُ وَالسَّعَادَةُ وَالشَّقَاءُ وَالْهِدَايَةُ وَالْإِضْلَالُ وَالطَّاعَةُ وَالْمَعْصِيَةُ وَالْقَبْضُ وَالْبَسْطُ فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَعْتَقِدَ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
قَالَ (الْفَرْقُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَجِبُ تَوْحِيدُ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ مِنْ التَّعْظِيمِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَجِبُ تَوْحِيدُهُ تَعَالَى بِهِ إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ)
قُلْت مَا قَالَهُ فِي ذَلِكَ صَحِيحٌ
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
فِي عَقْدِ إسْلَامِهِ كَذَلِكَ أَلْزَمَ الذِّمِّيَّ جُمْلَةَ هَذِهِ الشُّرُوطِ فِي عَقْدِ أَمَانِهِ وَكَمَا أَنَّ رَفْضَ التَّكَالِيفِ فِي الْإِسْلَامِ يَنْقَسِمُ إلَى مَا يُنَافِي الْإِسْلَامَ وَيُبِيحُ الدِّمَاءَ وَالْأَمْوَالَ كَرَمْيِ الْمُصْحَفِ فِي الْقَاذُورَاتِ وَانْتِهَاكِ حُرْمَةِ النُّبُوَّاتِ وَإِلَى مَا لَيْسَ مُنَافِيًا لِلْإِسْلَامِ وَهُوَ ضَرْبَانِ كَبَائِرُ تُوجِبُ التَّغْلِيظَ بِالْعُقُوبَةِ وَرَدَّ الشَّهَادَاتِ وَسَلْبَ أَهْلِيَّةِ الْوِلَايَةِ وَصَغَائِرُ تُوجِبُ التَّأْدِيبَ دُونَ التَّغْلِيظِ فَكَذَلِكَ رَفْضُ هَذِهِ الشُّرُوطِ فِي الذِّمَّةِ يَنْقَسِمُ إلَى مَا يُنَافِي مَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ عَقْدِ الذِّمَّةِ مِنْ الْأَمَانِ وَالتَّأْمِينِ كَالْقَتْلِ وَالْخُرُوجِ عَنْ أَحْكَامِ السُّلْطَانِ وَإِلَى مَا لَيْسَ بِمُنَافٍ لِلْأَمَانِ وَالتَّأْمِينِ وَهُوَ ضَرْبَانِ مَا هُوَ عَظِيمُ الْمَفْسَدَةِ كَالْكَبِيرَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْإِسْلَامِ كَالْحِرَابَةِ وَالسَّرِقَةِ وَمَا هُوَ خَفِيفُ الْمَفْسَدَةِ كَالصَّغِيرَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْإِسْلَامِ كَسَبِّ الْمُسْلِمِ وَإِظْهَارِ التَّرَفُّعِ عَلَيْهِ فَكَمَا أَنَّ ضَرْبَيْ مَا لَيْسَ بِمُنَافٍ لِعَقْدِ الْإِسْلَامِ مِنْ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ لَا يُبْطِلَانِ عِصْمَةَ دَمِ وَمَالِ الْمُسْلِمِ الْمُرْتَكِبِ لِأَحَدِهِمَا كَذَلِكَ ضَرْبَا مَا لَيْسَ بِمُنَافٍ لِلْأَمْنِ وَالْأَمَانِ الْمَقْصُودَيْنِ مِنْ عَقْدِ الْجِزْيَةِ مِمَّا يُشْبِهُ وَاحِدًا مِنْ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ لَا يُبْطِلَانِ عِصْمَةَ دَمِ وَمَالِ الذِّمِّيِّ النَّاقِضِ لِأَحَدِهِمَا
(الْأَمْرُ الثَّانِي) أَنَّ الْقَاعِدَةَ الشَّرْعِيَّةَ الْمَشْهُورَةَ فِي أَبْوَابِ الْعُقُودِ الشَّرْعِيَّةِ أَنَّنَا لَا نُبْطِلُ عَقْدًا مِنْ الْعُقُودِ إلَّا بِمَا يُنَافِي مَقْصُودَ ذَلِكَ الْعَقْدِ دُونَ مَا لَا يُنَافِي مَقْصُودَهُ وَإِنْ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْ مُقَارَنَتِهِ مَعَهُ وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذِهِ الشُّرُوطُ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ الَّتِي هِيَ طَرِيقَةُ الْجُمْهُورِ تَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ
(الْقِسْمُ الْأَوَّلُ) مَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ مُوجِبٌ لِمُنَافَاةِ عَقْدِ الذِّمَّةِ كَالْخُرُوجِ عَلَى السُّلْطَانِ وَنَبْذِ الْعَهْدِ وَالْقَتْلِ وَالْقِتَالِ بِمُفْرَدِهِمْ أَوْ مَعَ الْأَعْدَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ خَرَجُوا نَقْضًا لِلْعَهْدِ وَالْإِمَامُ عَادِلٌ فَهُمْ فَيْءٌ كَمَا فَعَلَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ لَمَّا عَصَتْ عَلَيْهِ بَعْدَ الْفَتْحِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ خُرُوجُهُمْ وَامْتِنَاعُهُمْ مِنْ الْجِزْيَةِ الظُّلْمَ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ غَيْرِهِ رُدُّوا إلَى ذِمَّتِهِمْ.
وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ إنْ كَانَ خُرُوجُهُمْ مِنْ ظُلْمٍ فَهُوَ نَقْضٌ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُعَاهَدُوا عَلَى أَنْ يَظْلِمُوا مَنْ ظَلَمَهُمْ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّ ذِمِّيًّا نَخَسَ بَغْلًا عَلَيْهِ مُسْلِمَةٌ فَوَقَعَتْ فَانْكَشَفَتْ عَوْرَتُهَا فَأَمَرَ بِصَلْبِهِ فِي
تَوْحِيدَ اللَّهِ تَعَالَى وَتَوَحُّدَهُ بِهَذِهِ الْأُمُورِ عَلَى سَبِيلِ الْحَقِيقَةِ وَإِنْ أُضِيفَ شَيْءٌ مِنْهَا لِغَيْرِهِ تَعَالَى فَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الرَّبْطِ الْعَادِيِّ لَا أَنَّ ذَلِكَ الْمُشَارَ إلَيْهِ فَعَلَ شَيْئًا حَقِيقَةً كَقَوْلِنَا قَتَلَهُ السُّمُّ وَأَحْرَقَتْهُ النَّارُ وَرَوَاهُ الْمَاءُ فَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ يَفْعَلُ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ حَقِيقَةً بَلْ اللَّهُ تَعَالَى رَبَطَ هَذِهِ الْمُسَبَّبَاتِ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ كَمَا شَاءَ وَأَرَادَ وَلَوْ شَاءَ لَمْ يَرْبِطْهَا وَهُوَ الْخَالِقُ لِمُسَبِّبَاتِهَا عِنْدَ وُجُودِهَا لَا أَنَّ تِلْكَ الْأَسْبَابَ هَذِهِ الْمُوجِدَةُ.
وَكَذَلِكَ إخْبَارُ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ عِيسَى عليه الصلاة والسلام أَنَّهُ كَانَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَيُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَانَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَيُبْرِئُ عِنْدَ إرَادَةِ عِيسَى عليه السلام لِذَلِكَ لَا أَنَّ عِيسَى عليه السلام هُوَ الْفَاعِلُ لِذَلِكَ حَقِيقَةً بَلْ اللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْخَالِقُ لِذَلِكَ وَمُعْجِزَةُ عِيسَى عليه السلام فِي ذَلِكَ رَبْطُ وُقُوعِ ذَلِكَ الْإِحْيَاءِ وَذَلِكَ الْإِبْرَاءِ بِإِرَادَتِهِ فَإِنَّ غَيْرَهُ يُرِيدُ ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُ إرَادَتُهُ ذَلِكَ فَاللُّزُومُ بِإِرَادَتِهِ هُوَ مُعْجِزَتُهُ عليه السلام وَكَذَلِكَ جَمِيعُ مَا يَظْهَرُ عَلَى أَيْدِي الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ مِنْ الْمُعْجِزَاتِ وَالْكَرَامَاتِ اللَّهُ تَعَالَى هُوَ خَالِقُهَا وَكَذَلِكَ يَجِبُ تَوْحِيدُهُ تَعَالَى بِاسْتِحْقَاقِ الْعِبَادَةِ وَالْإِلَهِيَّةِ وَعُمُومُ تَعَلُّقِ صِفَاتِهِ تَعَالَى فَيَتَعَلَّقُ عِلْمُهُ بِجَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ وَإِرَادَتُهُ بِجَمِيعِ الْكَائِنَاتِ وَبَصَرُهُ بِجَمِيعِ الْمَوْجُودَاتِ الْبَاقِيَاتِ وَالْفَانِيَاتِ وَسَمْعُهُ بِجَمِيعِ الْأَصْوَاتِ وَخَبَرُهُ بِجَمِيعِ الْمُخْبَرَاتِ فَهَذَا وَنَحْوُهُ تَوْحِيدٌ وَاجِبٌ بِالْإِجْمَاعِ مِنْ أَهْلِ الْحَقِّ لَا مُشَارَكَةَ لِأَحَدٍ فِيهِ.
الْقِسْمُ الثَّانِي: وَهُوَ الْمُتَّفَقُ عَلَى عَدَمِ التَّوْحِيدِ فِيهِ وَالتَّوَحُّدِ، كَتَوْحِيدِهِ بِالْوُجُودِ وَالْعِلْمِ وَنَحْوِهِمَا فَمَفْهُومُ الْوُجُودِ مُشْتَرَكٌ فِيهِ سَوَاءٌ قُلْنَا هُوَ عَيْنُ الْمَوْجُودِ أَوْ غَيْرُهُ فَإِنْ قُلْنَا الْوُجُودُ زَائِدٌ عَلَى الْمَوْجُودِ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
قَالَ
(الْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ الْمُتَّفَقُ عَلَى عَدَمِ التَّوْحِيدِ فِيهِ وَالتَّوَحُّدُ كَتَوْحِيدِهِ تَعَالَى بِالْوُجُودِ وَالْعِلْمِ وَنَحْوِهِمَا إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ فِي هَذَا الْقِسْمِ)
قُلْت مَا قَالَهُ فِي ذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو أَنْ تَقُولَ إنَّ الْوُجُودَ هُوَ عَيْنُ الْمَوْجُودِ أَوْ غَيْرُهُ فَإِنْ قُلْت بِالْأَوَّلِ لَمْ يَصِحَّ الْقَوْلُ بِعَدَمِ التَّوْحِيدِ وَالتَّوَحُّدِ مِنْ حَيْثُ إنَّ وُجُودَ الْبَارِي تَعَالَى عَيْنُ ذَاتِهِ وَوُجُودُ غَيْرِهِ عَيْنُ ذَاتِهِ وَالْغَيْرَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُنْفَرِدٌ بِذَاتِهِ غَيْرُ مُشَارَكٍ فِيهَا فَلَا يَصِحُّ عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلُ بِعَدَمِ التَّوْحِيدِ وَالتَّوَحُّدِ عَلَى هَذَا بِاعْتِبَارِ الْوُجُودِ الْخَارِجِ عَنْ الذِّهْنِ.
وَأَمَّا بِاعْتِبَارِ الْأَمْرِ الذِّهْنِيِّ فَلَا يَصِحُّ عَلَى ذَلِكَ الِاتِّفَاقُ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ التَّوْحِيدِ وَالتَّوَحُّدِ لِلْخِلَافِ فِي الْأَمْرِ الذِّهْنِيِّ وَإِنْ قُلْنَا بِالْأَمْرِ الثَّانِي فَلَا يَصِحُّ أَيْضًا الْقَوْلُ بِعَدَمِ التَّوْحِيدِ وَالتَّوَحُّدِ مِنْ حَيْثُ إنَّ وُجُودَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْغَيْرَيْنِ يَخْتَصُّ بِهِ هَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِإِنْكَارِ الْحَالِ
وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالْحَالِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يُقَالَ إنَّ الْحَالَ هِيَ الْأَمْرُ الذِّهْنِيُّ أَوْ لَا فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ لَمْ يَصِحَّ الِاتِّفَاقُ عَلَى عَدَمِ التَّوْحِيدِ وَالتَّوَحُّدِ لِلْخِلَافِ فِي الْأَمْرِ الذِّهْنِيِّ وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي لَمْ يَصِحَّ
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَقَالَ إنَّمَا عَاهَدْنَاهُمْ عَلَى إعْطَاءِ الْجِزْيَةِ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا حَارَبَ أَهْلَ الذِّمَّةِ وَظُفِرَ بِهِمْ وَالْإِمَامُ عَدْلٌ قُتِلُوا وَتُسْبَى نِسَاؤُهُمْ وَلَا نَتَعَرَّضُ لِمَنْ يُظَنُّ أَنَّهُ مَغْلُوبٌ مَعَهُمْ كَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالضَّعِيفِ وَلَوْ ذَهَبُوا لِبَلَدِ الْحَرْبِ وَتَرَكُوا أَوْلَادَهُمْ نَقْضًا لِلْعَهْدِ لَمْ يُسْبَوْا بِخِلَافِ مَا إذَا ذَهَبُوا بِهِمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِظُلْمٍ أَصَابَهُمْ إلَّا أَنْ يُعِينُوا عَلَيْنَا الْمُشْرِكِينَ فَهُمْ كَالْمُحَارِبِينَ وَقَالَ أَيْضًا إذَا حَارَبُوا وَالْإِمَامُ عَدْلٌ اسْتَحَلَّ سَبْيَهُمْ وَذَرَارِيَّهُمْ إلَّا مَنْ يُظَنُّ بِهِ أَنَّهُ مَغْلُوبٌ كَالضُّعَفَاءِ وَلَمْ يَسْتَثْنِ أَصْبَغُ رحمه الله أَحَدًا وَأَلْحَقَ الضُّعَفَاءَ بِالْأَقْوِيَاءِ فِي النَّقْضِ كَمَا انْدَرَجُوا مَعَهُمْ فِي النَّقْدِ وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «سَبَى ذَرَارِيَّ قُرَيْظَةَ وَنِسَاءَهُمْ بَعْدَ نَقْضِ الْعَهْدِ» قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا اسْتَوْلَى الْعَدُوُّ عَلَى مَدِينَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهَا ذِمَّةٌ فَغَزَوْا مَعَهُمْ ثُمَّ اعْتَذَرُوا لَنَا بِالْقَهْرِ الَّذِي لَا يُعْلَمُ إلَّا بِقَوْلِهِمْ فَمَنْ قَتَلَ مِنْهُمْ مُسْلِمًا قُتِلَ وَإِلَّا أُطِيلَ سَجْنُهُ قَالَ الْمَازِرِيُّ رحمه الله وَيُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ إذَا صَارُوا عَوْنًا لِلْحَرْبِيِّينَ عَلَيْنَا
(الْقِسْمُ الثَّانِي)
مَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُنَافِي عَقْدَ الذِّمَّةِ كَتَرْكِ الزِّنَا وَرُكُوبِ الْخَيْلِ وَتَرْكِ ضِيَافَةِ الْمُسْلِمِينَ وَنَقْشِ خَوَاتِيمِهِمْ بِالْعَرَبِيَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا تَخِفُّ مَفْسَدَتُهُ فَفِي الْأَصْلِ عَنْ الْأَصْحَابِ إذَا أَظْهَرُوا مُعْتَقَدَهُمْ فِي الْمَسِيحِ عليه السلام أَوْ غَيْرِهِ أَدَّبْنَاهُمْ وَلَا يُنْقَضُ بِهِ الْعَهْدُ وَإِنَّ حُكْمَهُمْ فِي الْقَتْلِ الْمُوجِبِ لِلْقِصَاصِ
(الْقِسْمُ الثَّالِثُ) مَا اخْتَلَفُوا فِي كَوْنِهِ هَلْ يُلْحَقُ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ فَيُنْتَقَضُ بِهِ عَقْدُ الْجِزْيَةِ أَوْ بِالْقِسْمِ الثَّانِي فَلَا يُنْتَقَضُ بِهِ عَقْدُ الْجِزْيَةِ كَإِكْرَاهِ الْمُسْلِمَةِ عَلَى الزِّنَا وَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَتَعَرُّضِهِمْ لَهُ صلى الله عليه وسلم وَلِغَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا عَظُمَتْ مَفْسَدَتُهُ فَفِي الْأَصْلِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَإِنَّمَا يُنْقَضُ بِالْقِتَالِ وَمَنْعِ الْجِزْيَةِ وَالتَّمَرُّدِ عَلَى الْأَحْكَامِ وَالتَّطَلُّعِ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَإِكْرَاهِ الْمُسْلِمَةِ عَلَى الزِّنَا.
وَأَمَّا قَطْعُ الطَّرِيقِ فَحُكْمُهُمْ فِيهِ حُكْمُ الْمُسْلِمِينَ، وَتَعَرُّضُهُمْ لَهُ صلى الله عليه وسلم وَلِغَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - مُوجِبٌ لِلْقَتْلِ إلَّا أَنْ يُسْلِمُوا وَرُوِيَ يُوجَعُ أَدَبًا وَيُشَدُّ ذَنَبُهُ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ قُبِلَ مِنْهُ