الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَدْ حَصَلَ لَهُ أَيْضًا تَعَلُّقٌ فِي مَسْأَلَةِ الرَّجْعَةِ وَالْمَفْقُودِ وَغَيْرِهِمَا فَلِمَ كَانَ دَفْعُ ضَرَرِ الثَّانِي أَوْلَى مِنْ الْأَوَّلِ لَا سِيَّمَا وَصُحْبَةُ الْأَوَّلِ أَطْوَلُ وَمُعَاهَدٌ قَضَاءُ الْأَوْطَارِ بَيْنَهُمَا أَكْثَرُ قَالَ الشَّاعِرُ:
" مَا الْحُبُّ إلَّا لِلْحَبِيبِ الْأَوَّلِ
" قُلْت بَلْ ضَرَرُ الثَّانِي هُوَ الْأَوْلَى بِالْمُرَاعَاةِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَعْرَضُ بِالطَّلَاقِ، وَتَوَحُّشُ الْعِصْمَةِ إمَّا بِالطَّلَاقِ وَإِمَّا بِالْفِرَاقِ مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ وَإِمَّا بِحُصُولِ السَّآمَةِ مِنْ طُولِ الْمُبَاشَرَةِ وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ أَنَّ طُولَ صُحْبَةِ الْمَرْأَةِ تُوجِبُ قِلَّةَ وَقْعِهَا فِي النَّفْسِ وَأَنَّ جِدَّتَهَا تُوجِبُ شِدَّةَ وَقْعِهَا فِي النَّفْسِ وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ ضَرَرَ الثَّانِي أَقْوَى وَأَوْلَى بِالْمُرَاعَاةِ فَهَذَا هُوَ سِرُّ الْفَرْقِ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْأَنْكِحَةِ فِي هَذَا الْبَابِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْوَكَالَاتِ فِي السِّلَعِ وَالْإِجَارَاتِ فَإِنْ قُلْت قَدْ سَرَدْت ثِنْتَيْ عَشَرَةَ مَسْأَلَةً مِنْهَا ثَمَانِيَةٌ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَمِنْهَا أَرْبَعٌ تُعَارِضُهَا وَهِيَ نَقْضٌ عَلَى مَا ذَكَرْته مِنْ الْفَرْقِ وَالنَّقْضُ مُوجِبٌ لِعَدَمِ الِاعْتِبَارِ فَيُلْغَى مَا ذَكَرْتَهُ مِنْ الْفَرْقِ مَا لَمْ تُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا قُلْت مَا ذَكَرْتَهُ سُؤَالٌ حَسَنٌ مَسْمُوعٌ وَبَيَانُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَرْبَعَةِ وَالثَّمَانِيَةِ يَتَّضِحُ بِأَنْ تُعَيِّنَ أَقْرَبَ الثَّمَانِيَةِ لِلْأَرْبَعَةِ وَتُبَيِّنَ الْفَرْقَ بَيْنَ تِلْكَ الصُّورَةِ وَتِلْكَ الْأَرْبَعَةِ فَيَحْصُلَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْأَرْبَعَةِ وَالثَّمَانِيَةِ أَوْ تَعَيَّنَ أَقْرَبُ الصُّوَرِ الثَّمَانِيَةِ لِعَدَمِ الْفَوَاتِ بِالدُّخُولِ وَأَقْرَبُ الْأَرْبَعَةِ لِلْفَوَاتِ بِالدُّخُولِ وَتُفَرِّقُ بَيْنَ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ فَيَكُونُ الْفَرْقُ قَدْ حَصَلَ بَيْنَ الْجَمِيعِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَإِنَّهُ إذَا حَصَلَ بِاعْتِبَارٍ الْأَبْعَدِ حَصَلَ بِاعْتِبَارِ الْأَقْرَبِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَنَقُولُ: كُلُّ مَسْأَلَةٍ دَخَلَ فِيهَا حُكْمُ حَاكِمٍ مِنْ هَذِهِ الثَّمَانِي فَهِيَ أَقْرَبُ إلَى التَّفْوِيتِ بِالدُّخُولِ مِنْ الصُّورَةِ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ فِيهَا حُكْمُ حَاكِمٍ بِسَبَبِ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ فَسْخِ النِّكَاحِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله عنه قَالَ إنَّ الْحَاكِمَ إذَا حَكَمَ بِالطَّلَاقِ بِشَهَادَةِ زُورٍ نَفَذَ الطَّلَاقُ فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ وَكَذَلِكَ إذَا حَكَمَ بِالنِّكَاحِ وَالزَّوْجِيَّةِ بِشُهُودِ زُورٍ ثَبَتَ النِّكَاحُ فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ وَجَازَ لِأَحَدِ تِلْكَ الشُّهُودِ الزُّورِ أَنْ يَتَزَوَّجَ تِلْكَ الْمَرْأَةَ الَّتِي شَهِدَ بِطَلَاقِهَا مَعَ عِلْمِهِ بِكَذِبِ نَفْسِهِ وَأُبِيحَتْ الزَّوْجَةُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُخْرَى فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَإِنْ لَمْ يُصَادِفْ عَقْدًا وَلَا طَلَاقًا لَكِنَّ حُكْمَهُ نَفْسَهُ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ وَلِهَذَا الْمُدْرَكِ عَمَّمَ نُفُوذَ الْأَحْكَامِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ دُونَ الدُّيُونِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْقَضَايَا فَإِنَّ الدَّيْنَ وَنَحْوَهُ لَا يَدْخُلُ حُكْمَ الْحَاكِمِ فَتَسْتَقِلُّ الذِّمَّةُ بِهِ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
وَالْبَدْرِ فِي الْمَرْأَةِ الْجَمِيلَةِ وَلَفْظِ الْغَيْثِ وَالْبَحْرِ وَالْغَمَامِ فِي الرَّجُلِ السَّخِيِّ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَنْصَرِفُ عَنْ حَقِيقَتِهِ إلَى الْمَجَازِ إلَّا بِقَرِينَةٍ صَارِفَةٍ إلَيْهِ فَالنَّقْلُ أَخَصُّ مِنْ التَّكَرُّرِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ التَّكَرُّرِ النَّقْلُ لِأَنَّ الْأَعَمَّ لَا يَسْتَلْزِمُ الْأَخَصَّ وَإِذَا لَمْ يَصِرْ اللَّفْظُ مَنْقُولًا بِمُجَرَّدِ التَّكَرُّرِ لَا يَجُوزُ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى شَيْءٍ تَكَرَّرَ اللَّفْظُ فِيهِ وَلَمْ يَكُنْ اللَّفْظُ مَوْضُوعًا لَهُ إلَّا بِقَرِينَةٍ وَلَا يَعْتَمِدُ عَلَى مُطْلَقِ التَّكَرُّرِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْقَاعِدَتَيْنِ وَبِهِ يَظْهَرُ بُطْلَانُ مَا وَقَعَ فِي مَذْهَبِنَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا أَفْعَلُ شَيْئًا حِينًا أَوْ زَمَنًا أَوْ دَهْرًا وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَذَلِكَ كُلُّهُ سَنَةٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَابْنُ حَنْبَلٍ ذَلِكَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} [إبراهيم: 25] أَيْ فِي سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَاهُ بَلْ النَّخْلَةُ مِنْ ابْتِدَاءِ حَمْلِهَا إلَى نِهَايَتِهِ تِسْعَةُ أَشْهُرٍ تُعْطِي ثَمَرَهَا حِينَئِذٍ وَهُوَ أَحَدُ الْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ الَّتِي وَقَعَتْ الْمُشَابَهَةُ فِيهَا بَيْنَ النَّخْلَةِ وَبَيْنَ بَنَاتِ آدَمَ وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «أَكْرِمُوا عَمَّتَكُمْ النَّخْلَةَ» قَالُوا لِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ فَضْلَةِ طِينَةِ آدَمَ فَهِيَ عَمَّةٌ بِهَذَا الْمَعْنَى وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ تَرَدُّدًا فِي الدَّهْرِ هَلْ هُوَ سَنَةٌ أَمْ لَا وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ سَنَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} [إبراهيم: 25] إشَارَةً إلَى أَنَّ النَّخْلَةَ إذَا حَمَلَتْ بِالثَّمَرَةِ فِي وَقْتِ لَا تَحْمِلُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَهَذِهِ الْإِشَارَاتُ كُلُّهَا إلَى أَصْلِ وُجُوهِ الِاسْتِعْمَالِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ حُصُولِ أَصْلِ الِاسْتِعْمَالِ أَنْ يُحْمَلَ اللَّفْظُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ قَرِينَةٍ صَارِفَةٍ وَالْمَنْقُولُ فِي اللُّغَةِ أَنَّ الْحِينَ اسْمٌ لِجُزْءٍ مَا مِنْ الزَّمَانِ وَإِنْ قَلَّ فَهُوَ يَصْدُقُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنْ قَبِيلِ صِدْقِ الْمُتَوَاطِئِ عَلَى أَفْرَادِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ الْمُتَوَاطِئِ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً أَوْ مَرَّاتٍ أَنْ يُقَالَ لَهُ شَرْعِيٌّ وَلَا عُرْفِيٌّ بَلْ ذَلِكَ شَأْنُ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ الْمُتَوَاطِئِ يَنْتَقِلُ فِي أَفْرَادِهِ فَالْمُتَّجَهُ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه فَقَدْ ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ كَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ وَقَاعِدَةِ النَّقْلِ وَظَهَرَ بِظُهُورِهِ الْحَقُّ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ تَعَذُّرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ عَقْلًا وَبَيْنَ قَاعِدَةِ تَعَذُّرِهِ عَادَةً أَوْ شَرْعًا]
(الْفَرْقُ الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ تَعَذُّرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ عَقْلًا وَبَيْنَ قَاعِدَةِ تَعَذُّرِهِ عَادَةً أَوْ شَرْعًا)
وَهُوَ أَنَّ النَّاسَ إنَّمَا يَقْصِدُونَ بِأَيْمَانِهِمْ الْحَثَّ عَلَى الْفِعْلِ الْمُمْكِنِ لَهُمْ فَالْحَلِفُ عَلَى الشَّيْءِ مَشْرُوطٌ بِإِمْكَانِهِ وَالْمُتَعَذِّرُ عَقْلًا لَيْسَ بِمُمْكِنٍ فَلَمْ يُوضَعْ اللَّفْظُ فِي الْقِسْمِ حَاثًّا عَلَيْهِ فَلَا يُوجِبُ حِنْثًا لِأَنَّ فَوَاتَ الشَّرْطِ يُوجِبُ عَدَمَ الْمَشْرُوطِ فَإِذَا حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ
وَالْفَسْخُ يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِهِ الْحَاكِمُ فِي صُوَرٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ الْحَاكِمُ يَسْتَقِلُّ بِالْعَقْدِ وَلَا تَسْتَقِلُّ الذِّمَمُ بِالْمَالِ إلَّا أَخْذُهُ بِالْفَرْضِ أَوْ غَيْرِهِ فَلِذَلِكَ عُمِّمَ فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ وَمُنِعَ غَيْرُهُمَا وَنَحْنُ وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِهَذَا الْمُدْرَكِ وَقُلْنَا لَا يَنْفُذُ هَذَا الْحُكْمُ غَيْرَ أَنَّهُ يَبْقَى فَارِقًا مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ بَيْنَ مَا فِيهِ حُكْمُ حَاكِمٍ وَبَيْنَ مَا لَيْسَ فِيهِ حُكْمُ حَاكِمٍ فَيَكُونُ مَا فِيهِ حُكْمُ حَاكِمٍ أَقْرَبُ إلَى الْفَوَاتِ بِالدُّخُولِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ فَأَقُولُ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ حُكْمُ الْحَاكِمِ مِنْهَا مَسْأَلَةُ الْمَفْقُودِ وَمَسْأَلَةُ الْمَرْأَةِ تَطْلُقُ بِسَبَبِ طُولِ الْغَيْبَةِ وَمَسْأَلَةُ الْمَرْأَةِ تُسْلِمُ ثُمَّ يَتَبَيَّنُ تَقَدُّمُ إسْلَامِ زَوْجِهَا فَهَذِهِ الثَّلَاثُ الْمَسَائِلُ فِيهَا حُكْمُ الْحَاكِمِ يُوجِبُ الْفَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا وَالْخَمْسُ الْمَسَائِلُ الْبَاقِيَةُ مِنْهَا مَا بُنِيَ فِيهَا عَلَى ظَاهِرٍ فَانْكَشَفَ خِلَافُهُ وَمِنْهَا مَا لَا يُبْنَى فِيهَا عَلَى ظَاهِرٍ فَاَلَّتِي يُبْنَى فِيهَا عَلَى ظَاهِرٍ انْكَشَفَ خِلَافُهُ الْمَرْأَةُ فِيهَا مَعْذُورَةٌ بِسَبَبِ الظَّاهِرِ مَأْذُونٌ لَهَا فِي الْإِقْدَامِ عَلَى الْعَقْدِ الثَّانِي بِسَبَبِ الظَّاهِرِ وَكَذَلِكَ وَلِيُّهَا بِخِلَافِ مَا لَا ظَاهِرَ فِيهِ يَقْتَضِي بُطْلَانَ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَاَلَّتِي فِيهَا ظَاهِرٌ هِيَ الْمَرْأَةُ الْحُرَّةُ تَعْلَمُ بِالطَّلَاقِ دُونَ الرَّجْعَةِ فَإِنَّ ظَاهِرَ الطَّلَاقِ يُبِيحُ الْعَقْدَ وَالْأَمَةُ يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَامْرَأَةُ الْمُرْتَدِّ فَإِنَّ ظَاهِرَ الْكُفْرِ يُبِيحُ الْعَقْدَ وَالرَّجُلُ يُسَلِّمُ عَلَى كَثِيرِ نِسْوَةٍ فَإِنَّ ظَاهِرَ حَالِهِنَّ يَقْتَضِي الِاخْتِيَارَ وَتَزَوُّجُهُنَّ بَنَاهُ عَلَى ظَاهِرِ الِاخْتِيَارِ فَهُنَّ مَعْذُورَاتٌ فَهَذِهِ أَرْبَعٌ فِيهَا عُذْرٌ يُبِيحُ وَفِي مَسْأَلَةِ الْوَلِيَّيْنِ لَيْسَ فِيهَا حُكْمُ حَاكِمٍ وَلَا ظَاهِرَ فَهِيَ أَبْعَدُ الْمَسَائِلِ عَنْ الْفَوَاتِ بِالدُّخُولِ فَنُعَيِّنُهَا لِلْبَحْثِ وَالْفَرْقِ وَأَمَّا الْأَرْبَعُ وَهِيَ الْمَرْأَةُ يُنْعَى لَهَا زَوْجُهَا فَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْوَلِيَّيْنِ أَنَّ الْمَوْتَ شَأْنُهُ الشُّهْرَةُ وَالظُّهُورُ فَالْخَطَأُ فِيهِ نَادِرٌ فَيَضْعُفُ الْعُذْرُ.
فَلَا يَفُوتُ بِالدُّخُولِ وَعَقْدُ الْوَلِيِّ الْأَوَّلِ عَلَى الْمَرْأَةِ لَيْسَ اشْتِهَارُهُ فِي الْوُجُودِ كَاشْتِهَارِ الْمَوْتِ وَلَا تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي لِلْإِخْبَارِ بِهِ كَتَوَفُّرِهِ عَلَى الْإِخْبَارِ بِمَوْتِ إنْسَانٍ وَالتَّفَجُّعِ عَلَيْهِ وَالْعَوَائِدُ شَهَادَةٌ بِذَلِكَ وَمَسْأَلَةُ التَّطْلِيقِ بِالْإِعْسَارِ فَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْوَلِيَّيْنِ أَنَّ الْمَرْأَةَ هُنَا ظَالِمَةٌ قَاصِدَةٌ لِلْفَسَادِ فَنَاسَبَ أَنْ تُعَاقَبَ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهَا فِي إبْطَالِ تَصَرُّفِهَا بِالزَّوَاجِ لِأَنَّهَا تَعْلَمُ أَنَّهَا أَسْقَطَتْ النَّفَقَةَ وَأَنَّهَا مُبْطِلَةٌ فِي جَمِيعِ تَصَرُّفِهَا وَدَعْوَاهَا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْوَلِيَّيْنِ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهَا عِلْمٌ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الَّذِي يَقُولُ عَائِشَةُ طَالِقٌ فَإِنَّ الْحُكْمَ هُنَا يَبْنِي عَلَى اسْتِصْحَابِ الْحَالِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ زَوَاجِهِ لِامْرَأَةٍ أُخْرَى وَاسْتِصْحَابِ الْوَلِيِّ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
كَذَا وَتَعَذَّرَ الْفِعْلُ عَقْلًا لَمْ يَحْنَثْ إلَّا إذَا أَمْكَنَهُ الْفِعْلُ قَبْلَ ذَلِكَ ثُمَّ تَعَذَّرَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَالْمُرَادُ بِالْمُتَعَذِّرِ عَقْلًا مَا كَانَ فِعْلُهُ مِنْ خَوَارِقِ الْعَادَاتِ فَلِذَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالشَّافِعِيُّ إذَا حَلَفَ لَيَذْبَحَنَّ الْحَمَامَةَ فَقَامَ مَكَانَهُ فَوَجَدَهَا مَيِّتَةً لَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَقَالَ مَالِكٌ الْحَالِفُ لَيَضْرِبَنَّ امْرَأَتَهُ إلَى سَنَةٍ فَتَمُوتُ قَبْلَ السَّنَةِ لَمْ يَحْنَثْ بِمَوْتِهَا وَهُوَ عَلَى بِرٍّ فَجَعَلُوا مَوْتَ الْحَمَامِ وَالْحَيَوَانِ مِنْ الْمُتَعَذِّرِ عَقْلًا مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ عَقْلًا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحْيِ الْحَمَامَ وَالْحَيَوَانَ حَتَّى يَتَأَتَّى فِيهِ أَفْعَالُ الْأَحْيَاءِ لَكِنَّ ذَلِكَ خَارِقٌ لِلْعَادَةِ أَمَّا الْمُتَعَذِّرُ عَادَةً وَهُوَ مَا يَكُونُ الْفِعْلُ مَعَهُ مُمْكِنًا شَرْعًا وَعَقْلًا أَوْ الْمُتَعَذِّرُ شَرْعًا وَهُوَ مَا يَكُونُ الْفِعْلُ مَعَهُ مُمْكِنًا عَادَةً وَعَقْلًا فَهُمَا مُنْدَرِجَانِ فِي الْيَمِينِ عَمَلًا بِظَاهِرِ اللَّفْظِ فَإِنَّ الْحَلِفَ اقْتَضَى الْفِعْلَ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ إلَّا مَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى إخْرَاجِهِ وَقِيلَ الْمُتَعَذِّرَاتُ كُلُّهَا سَوَاءٌ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ إنْ حَلَفَ لَيَرْكَبَنَّ الدَّابَّةَ فَتُسْرَقُ يَحْنَثُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْفِعْلَ أَيْ فِي ذَاتِهِ مُمْكِنٌ عَادَةً وَإِنَّمَا مَنَعَهُ السَّارِقُ بِخِلَافِ مَوْتِ الْحَمَامِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ مُتَعَذِّرٌ أَيْ عَادَةً بِسَبَبِ السَّرِقَةِ فَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ التَّمَكُّنِ بَرَّ لِتَعَذُّرِ الْفِعْلِ عَقْلًا وَمَنْعُ الْغَاصِبِ وَالْمُسْتَحِقِّ كَالسَّارِقِ وَإِنْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ عَبْدَهُ فَكَاتَبَهُ أَوْ لَيَبِيعَنَّ أَمَتَهُ فَوَجَدَهَا حَامِلًا يَحْنَثُ لِأَنَّ الْمَانِعَ شَرْعِيٌّ وَالْفِعْلُ أَيْ فِي ذَاتِهِ مُمْكِنٌ أَيْ عَادَةً وَعَقْلًا.
وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ مُتَعَذِّرٌ أَيْ شَرْعًا وَإِنْ حَلَفَ لِيَطَأهَا فَوَجَدَهَا حَائِضًا يُخَرَّجُ الْحِنْثُ عَلَى الْخِلَافِ وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ حَلَفَ لَيَصُومَنَّ رَمَضَانَ وَشَوَّالًا إنْ صَامَ يَوْمَ الْفِطْرِ بَرَّ وَإِلَّا حَنِثَ وَلَيْسَ الْفِعْلُ مَعَ السَّارِقِ وَنَحْوِهِ بِمُسْتَحِيلٍ عَادَةً لِأَنَّ مِنْ الْمُمَكَّنِ عَادَةً الْقُدْرَةَ عَلَى السَّارِقِ وَالْغَاصِبِ وَيَفْعَلُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْأَصْلِ وَسَلَّمَهُ ابْنُ الشَّاطِّ وَفِي الْمَجْمُوعِ وَشَرْحِهِ وَحَاشِيَتَيْهِ مَا حَاصِلُهُ وَحَنِثَ بِفَوْتِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ حَيْثُ لَا نِيَّةَ لَهُ إنْ قَدَرَ مَثَلًا وَلَا بِسَاطَ بِذَلِكَ وَلَوْ لِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ مُطْلَقًا أَيْ تَأَخَّرَ أَمْ لَا فَرَّطَ أَمْ لَا أَقَتَّ أَمْ لَا وَمِنْ الْمَانِعِ الشَّرْعِيِّ أَنْ يَحْلِفَ لَيَصُومَنَّ غَدًا فَمَرِضَ فَإِنَّهُ دَائِرٌ بَيْنَ الْعَادِي حَيْثُ لَمْ يُطْلِقْهُ وَالشَّرْعِيُّ لِحُرْمَةِ ضَرَرِ نَفْسِهِ وَأَمَّا إنْ ظَهَرَ أَنَّهُ عِيدٌ فَنَقَلَ السَّيِّدُ عِنْدَ قَوْلِهِ أَنْ يُكْرَهَ عَنْ عج عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ عَدَمُ الْحِنْثِ لِأَنَّ بِسَاطَ يَمِينِهِ إنْ كَانَ يُصَامُ وَمِنْ الْمَانِعِ الشَّرْعِيِّ أَيْضًا حَلِفُهُ لَيَبِيعَنَّ الْأَمَةَ فَوَجَدَهَا حَمَلَتْ مِنْهُ أَوْ لَيَطَأَنَّهَا اللَّيْلَةَ فَحَاضَتْ فِيهَا فَيَحْنَثُ فِيهِمَا وَأَمَّا لَيَطَأَنَّهَا وَأَطْلَقَ فَيَنْتَظِرُ طُهْرَهَا وَانْظُرْ لِمَ لَا يَجْعَلُونَهُمَا كَمَسْأَلَةِ يَوْمِ الْعِيدِ السَّابِقَةِ.
وَكَأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْحَمْلُ وَالْحَيْضُ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي تَطْرَأُ أَرْجَعُوهُمَا لِلْمَوَانِعِ وَأَمَّا الْعِيدِيَّةُ فَذَاتِيَّةُ يَوْمِ الْعِيدِ لَا تَنْفَكُّ عَنْهُ عَلَى أَنَّ مَسَائِلَ الْأَيْمَانِ خِلَافِيَّةٌ جِدًّا فَرُبَّمَا وَقَعَ فِيهَا تَلْفِيقٌ مِنْ قَوْلَيْنِ فَلَمْ تَجْرِ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ كَعَادِيٍّ مُتَأَخِّرٍ