الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي صُورَةٍ مِنْ الصُّوَرِ لِأَنَّهُ حَزْرٌ وَتَخْمِينٌ فَلَا يَجُوزُ كَالِاعْتِمَادِ عَلَى النُّجُومِ وَعَلَى عِلْمِ الرَّمْلِ وَالْفَأْلِ وَالزَّجْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْحَزْرِ وَالتَّخْمِينِ فَإِنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِالْخَلْقِ عَلَى الْأَنْسَابِ مِنْ بَابِ الْحَزْرِ الْبَعِيدِ وَمَعَ طُولِ الْأَيَّامِ يُولَدُ لِلشَّخْصِ مَنْ لَا يُشْبِهُهُمَا فِي خَلْقٍ وَلَا فِي خُلُقٍ وَقَدْ «قَالَ عليه السلام لِلَّذِي أَنْكَرَ وَلَدَهُ مِنْ لَوْنِهِ لَعَلَّهُ عِرْقٌ نَزَعَ بَعْدَ أَنْ قَالَ لَهُ هَلْ لَك مِنْ إبِلٍ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَا أَلْوَانُهَا قَالَ بِيضٌ قَالَ هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمِنْ أَيْنَ ذَلِكَ الْأَوْرَقُ قَالَ لَعَلَّهُ عِرْقٌ نَزَعَ قَالَ لَهُ عليه السلام لَعَلَّهُ عِرْقٌ نَزَعَ» يُشِيرُ إلَى أَنَّ صِفَاتِ الْأَجْدَادِ وَأَجْدَادِ الْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ قَدْ تَظْهَرُ فِي الْأَبْنَاءِ فَيَأْتِي الْوَلَدُ يُشْبِهُ غَيْرَ أَبَوَيْهِ وَقَدْ يَأْتِي يُشْبِهُ أَبَوَيْهِ وَلَيْسَ مِنْهُمْ لِأَنَّ الْوَاطِئَ الزَّانِي بِأُمِّهِ كَانَ يُشْبِهُ أَبَاهُ أَوْ جَدًّا مِنْ أَجْدَادِهِ أَوْ خَالًا مِنْ أَخْوَالِهِ يُشْبِهُ أَبَاهُ الَّذِي أَلْحَقَتْهُ بِهِ الْقَافَةُ وَلَيْسَ بَابٌ لَهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَإِذَا لَمْ يَطَّرِدْ وَلَمْ يَنْعَكِسْ لَمْ يَجُزْ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْحَزْرِ وَالتَّخْمِينِ الْبَعِيدِ وَاحْتَجَّ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ رضي الله عنهما بِمَا فِي مُسْلِمٍ «قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ مَسْرُورًا فَقَالَ يَا عَائِشَةُ أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا الْمُدْلِجِيَّ دَخَلَ عَلَيَّ فَرَأَى أُسَامَةَ وَزَيْدًا وَعَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ قَدْ غَطَّيَا رُؤْسَهُمَا وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا فَقَالَ إنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ» فَقَالَ أَبُو دَاوُد كَانَ أُسَامَةُ شَدِيدَ السَّوَادِ وَأَبُوهُ شَدِيدَ الْبَيَاضِ فَطَعَنَتْ الْجَاهِلِيَّةُ عَلَى زَيْدٍ بِذَلِكَ فَسُرَّ عليه السلام لِعِلْمِهِ بِتَرْكِ الطَّعْنِ عِنْدَ ذَلِكَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يُسَرُّ إلَّا بِسَبَبٍ حَقٍّ فَتَكُونُ الْقِيَافَةُ حَقًّا وَهُوَ الْمَطْلُوبُ. أَجَابَ الْحَنَفِيَّةُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِوَجْهَيْنِ
(الْأَوَّلُ) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ سُرَّ لِكَوْنِ الْقِيَافَةِ حَقًّا بَلْ جَازَ أَنْ يُسَرَّ لِقِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَى الْجَاهِلِيَّةِ بِمَا كَانُوا يَعْتَقِدُونَهُ وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا وَالْحُجَّةُ قَدْ تَقُومُ عَلَى الْخَصْمِ بِمَا يَعْتَقِدُهُ وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا وَقَدْ يُؤَيِّدُ اللَّهُ الْحَقَّ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ وَبِمَا شَاءَ فَإِخْمَالُ الْبَاطِلِ وَدَحْضُهُ يُوجِبُ السُّرُورَ بِأَيِّ طَرِيقٍ كَانَ
(الثَّانِي) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُرَّ بِوُجُودِهِ آيَةِ الرَّجْمِ فِي التَّوْرَاةِ وَهُوَ لَا يَعْتَقِدُ صِحَّتَهَا بَلْ لِقِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَى الْكُفَّارِ وَظُهُورِ كَذِبِهِمْ وَافْتِرَائِهِمْ فَلِمَ لَا يَكُونُ هُنَا كَذَلِكَ. أَجَابَ الْفُقَهَاءُ عَنْ الْأَوَّلِ بِمَا جَاءَ فِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي حَدِيثِ اللِّعَانِ الْمَشْهُورِ «لَمَّا لَاعَنَ بَيْنَ عُوَيْمِرٍ الْعَجْلَانِيِّ وَامْرَأَتِهِ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ بِوَاسِطَةِ الْحَجْرِ عَنْ الِاسْتِرْسَالِ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ إلَّا بِمُقْتَضَى الْإِذْنِ لَمْ يَخْلُ عَنْ كُلْفَةٍ وَمَشَقَّةٍ
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ أَيْضًا عَنْ الْعَلَّامَةِ الْأَمِيرِ أَنَّ التَّكْلِيفَ كَمَا يُفَسَّرُ بِإِلْزَامِ مَا فِيهِ كُلْفَةٌ فَلَا يَشْمَلُ النَّدْبَ وَالْكَرَاهَةَ كَذَلِكَ يُفَسَّرُ بِالطَّلَبِ فَيَشْمَلُهُمَا وَعَلَى الْأَوَّلِ يَظْهَرُ مَا رَجَّحَهُ الْمَالِكِيَّةُ مِنْ تَعَلُّقِ النَّدْبِ وَالْكَرَاهَةِ بِالصَّبِيِّ كَأَمْرِهِ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعٍ مِنْ الشَّارِعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالْأَمْرِ أَمْرٌ وَأَمَّا الْإِبَاحَةُ فَلَيْسَتْ تَكْلِيفًا عَلَيْهَا وَعَدَّهَا فِي أَحْكَامِهِ إمَّا تَغْلِيبًا وَإِمَّا لِأَنَّهَا لَا تَتَعَلَّقُ إلَّا بِالْمُكَلَّفِ لِمَا صَرَّحَ بِهِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ مِنْ أَنَّ أَفْعَالَ الصَّبِيِّ وَنَحْوِهِ كَالْبَهَائِمِ مُهْمَلَةٌ وَلَا يُقَالُ إنَّهَا مُبَاحَةٌ إذْ الْمُبَاحَةُ مَا لَا إثْمَ فِي فِعْلِهَا وَلَا فِي تَرْكِهَا وَلَا يُنْفَى الشَّيْءُ إلَّا حَيْثُ يَصِحُّ ثُبُوتُهُ. اهـ فَافْهَمْ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ ذَوِي الْأَرْحَامِ لَا يَلُونَ عَقْدَ الْأَنْكِحَةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْعَصَبَةِ فَإِنَّهُمْ يَلُونَ الْعَقْدَ فِي النِّكَاحِ]
(الْفَرْقُ الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ ذَوِي الْأَرْحَامِ لَا يَلُونَ عَقْدَ الْأَنْكِحَةِ وَهُمْ أَخُو الْأُمِّ وَعَمُّ الْأُمِّ وَجَدُّ الْأُمِّ وَبَنُو الْأَخَوَاتِ وَالْبَنَاتِ وَالْعَمَّاتِ وَنَحْوُهُمْ مِمَّنْ يُدْلِي بِأُنْثَى وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْعَصَبَةِ فَإِنَّهُمْ يَلُونَ الْعَقْدَ فِي النِّكَاحِ وَهُمْ الْآبَاءُ وَالْأَبْنَاءُ وَالْجُدُودُ وَالْعُمُومَةُ وَالْإِخْوَةُ الشَّقَائِقُ وَإِخْوَةُ الْأَبِ) وَهُوَ أَنَّ الْوَلَاءَ شُرِعَ لِحِفْظِ النَّسَبِ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَسَبٌ كَذَوِي الْأَرْحَامِ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ يَكُونُ لَهُ نَسَبٌ حَتَّى تَحْصُلَ الْحِكْمَةُ لِمُحَافَظَتِهِ عَلَى مَصْلَحَةِ نَفْسِهِ فَذَلِكَ يَكُونُ أَبْلَغَ فِي اجْتِهَادِهِ فِي نَظَرِهِ فِي تَحْصِيلِ الْإِكْفَاءِ وَرَدِّهِ الْعَارَ عَنْ النَّسَبِ وَخَالَفَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الِابْنِ فَقَالَ لَا وِلَايَةَ لَهُ مُحْتَجًّا عَلَى ذَلِكَ بِثَلَاثَةِ وُجُوهٍ
(أَحَدُهَا) قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَنْكَحَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِ مَوَالِيهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ» وَالِابْنُ لَا يُسَمَّى مَوْلًى
(وَثَانِيهَا) أَنَّهُ يُدْلِي بِهَا فَلَا يُزَوِّجُهَا كَتَزْوِيجِهَا لِنَفْسِهَا فَإِنَّ الْفَرْعَ لَا يَكُونُ أَقْوَى مِنْ الْأَصْلِ وَلَمَّا أَدْلَى بِهَا صَارَ فِي مَعْنَاهَا
(وَثَالِثُهَا) أَنَّهُ شَخْصٌ لَا تَصِحُّ مِنْ أَبِيهِ الْوِلَايَةُ فَلَا تَصِحُّ مِنْهُ كَابْنِ الْخَالِ مَعَ الْخَالِ
(وَالْجَوَابُ) عَنْ الثَّلَاثَةِ الْوُجُوهِ أَمَّا عَنْ الْأَوَّلِ فَبِوَجْهَيْنِ
(الْأَوَّلُ) أَنَّ الْحَدِيثَ كَمَا رُوِيَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوَالِيهَا كَذَلِكَ رُوِيَ «بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا» وَالِابْنُ وَلِيُّ أُمِّهِ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ مِنْ الْقُرْبِ لِقَوْلِ الْعَرَبِ هَذَا يَلِي هَذَا أَيْ يَقْرُبُ مِنْهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ ابْنَهَا أَقْرَبُ إلَيْهَا مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ جُزْؤُهَا وَجُزْءُ الشَّيْءِ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ الْأُمُورِ الْخَارِجَةِ عَنْهُ
(الْوَجْهُ الثَّانِي) أَنَّ الْمَوْلَى فِي الْحَدِيثِ عَلَى رِوَايَتِهِ بِغَيْرِ إذْنِ مَوَالِيهَا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ خُصُوصُ السَّيِّدِ حَتَّى يَصِحَّ أَنْ يُقَالَ لَا يُسَمَّى الِابْنُ مَوْلًى بَلْ الْمَوْلَى لَهُ مَعَانٍ كَثِيرَةٌ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ
وَكَانَتْ حَامِلًا إنْ جَاءَتْ بِهِ أَحْمَرَ قَصِيرًا كَأَنَّهُ وَحِرَةٌ فَلَا أَرَاهَا إلَّا قَدْ صَدَقَتْ وَكَذَبَ عَلَيْهَا وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْوَدَ أَعْيَنَ ذَا أَلْيَتَيْنِ فَلَا أَرَاهُ إلَّا قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى الْمَكْرُوهِ مِنْ ذَلِكَ» وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ فِي الْبُخَارِيِّ «كَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مُصْفَرًّا قَلِيلَ اللَّحْمِ سَبْطَ الشَّعْرِ. وَكَانَ الَّذِي ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ وَجَدَهُ عِنْدَ أَهْلِهِ خَدِلًا آدَمَ كَثِيرَ اللَّحْمِ جَعْدًا قَطَطًا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ بَيِّنْ فَجَاءَتْ شَبِيهًا بِالرَّجُلِ الَّذِي ذَكَرَ زَوْجُهَا أَنَّهُ وَجَدَهُ عِنْدَهَا»
(فَائِدَةٌ) الْوَحِرَةُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ دُوَيْبَّةٌ حَمْرَاءُ تَلْصَقُ بِالْأَرْضِ وَالْأَعْيَنُ الْوَاسِعُ الْعَيْنَيْنِ وَالْآدَمُ الشَّدِيدُ الْأُدْمَةِ وَهِيَ سُمْرَةٌ بِحُمْرَةٍ وَالْخَدْلُ الْكَثِيرُ اللَّحْمِ فِي السَّاقَيْنِ يُقَالُ رَجُلٌ خَدْلٌ وَامْرَأَةٌ خَدْلَاءُ وَالْقَطَطُ الشَّدِيدُ الْجُعُودَةِ كَشَوْرِ السُّودَانِ وَبِمَا جَاءَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ «قَالَ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها لَمَّا قَالَتْ أَوَ تَجِدُ الْمَرْأَةُ مَا يَجِدُ الرَّجُلُ يَعْنِي مِنْ إنْزَالِ الْمَنِيِّ وَاللَّذَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلْغُسْلِ فَقَالَ لَهَا عليه السلام تَرِبَتْ يَدَاك وَمِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشَّبَهُ» فَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ مَنِيَّ الْمَرْأَةِ وَمَنِيَّ الرَّجُلِ يُحْدِثُ شَبَهًا فِي الْوَلَدِ بِالْأَبَوَيْنِ فَيَأْتِي فِي الْخِلْقَةِ وَالْأَعْضَاءِ وَالْمَحَاسِنِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْأَنْسَابِ وَحَدِيثُ اللِّعَانِ أَيْضًا يَقْتَضِي ذَلِكَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى عَلَى خِلْقَةٍ مَخْصُوصَةٍ أَنَّهَا تُوجِبُ أَنَّهُ مِنْ وَاطِئٍ مَخْصُوصٍ وَأَنَّهُ يُوجِبُ النَّسَبَ إنْ جَاءَتْ بِهِ يُشْبِهُ صَاحِبَ الْفِرَاشِ وَإِذَا اسْتَدَلَّ عليه السلام بِالْخَلْقِ الَّتِي لَمْ تُوجَدْ عَلَى الْأَنْسَابِ فَالْأَوْلَى ثُبُوتُ الدَّلِيلِ بِالْخَلْقِ الْمُشَاهَدِ فَإِنَّ الْحِسَّ أَقْوَى مِنْ الْقِيَاسِ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَثْبَتَ هَذَا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ فِي صُورَةٍ لَيْسَ فِيهَا غَرَضٌ لِلْمُشْرِكِينَ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ حَقٌّ فِي نَفْسِهَا وَأَنَّ سُرُورَهُ عليه السلام لَمْ يَكُنْ إلَّا بِحَقٍّ لَا لِأَجْلِ إقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ. وَعَنْ الثَّانِي أَنَّ رَجْمَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْيَهُودِيَّيْنِ إنَّمَا كَانَ بِوَحْيٍ وَصَلَ إلَيْهِ صلى الله عليه وسلم لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّوْرَاةِ فِي آيَةِ الرَّجْمِ وَتَجْوِيزِ أَنَّهَا مِنْ الْمُحَرَّفَاتِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إخْبَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ أَنَّ فِي التَّوْرَاةِ آيَةَ الرَّجْمِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ صَحِيحًا لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ إنَّمَا أَخْبَرَ بِأَنَّهُ رَآهَا مَكْتُوبَةً فِي نُسَخِ التَّوْرَاةِ وَلَمْ يُخْبِرْ أَنَّهَا مَرْوِيَّةٌ عِنْدَهُ بِالطَّرِيقِ الصَّحِيحِ إلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ عليه السلام وَلَا يَلْزَمُ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي النُّسَخِ شَيْءٌ مَكْتُوبًا أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا فَإِنَّ الْإِنْسَانَ مِنَّا يَقْطَعُ بِأَنَّهُ وَجَدَ فِي كُتُبِ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ فِي الْحَدِيثِ مِنْهَا النَّاصِرَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} [التحريم: 4] أَيْ نَاصِرُهُ وقَوْله تَعَالَى {وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ} [محمد: 11] أَيْ لَا نَاصِرَ لَهُمْ وَهُوَ كَثِيرٌ وَالِابْنُ نَاصِرُ أُمِّهِ فَيَكُونُ هُوَ مَوْلَاهَا بَلْ هَذَا الِاحْتِمَالُ أَوْلَى لِأَنَّ فِيهِ جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ
(وَأَمَّا عَنْ الثَّانِي) فَبِالْفَرْقِ بِقُوَّةِ عَقْلِهِ النَّاشِئِ عَنْ الذُّكُورِيَّةِ وَضَعْفِ عَقْلِهَا النَّاشِئِ عَنْ الْأُنُوثَةِ
(وَأَمَّا عَنْ الثَّالِثِ) فَبِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا فَيَتَعَلَّقُ بِهِ عَارُهَا بِخِلَافِ أَبِيهِ وَابْنِ الْخَالِ فَإِنَّ ابْنَ الْخَالِ بَعِيدٌ عَنْهَا لَا تَنْكِيهِ فَضِيحَتُهَا كَمَا تَنْكِي ابْنَهَا بَلْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الِابْنُ مُقَدَّمًا عَلَى جَمِيعِ الْأَوْلِيَاءِ حَتَّى الْأَبِ لِأَنَّهُ جُزْؤُهَا وَجُزْؤُهَا أَمَسُّ بِهَا مِنْ الْأُمُورِ الْخَارِجَةِ نَعَمْ فِي شب أَنَّ أَبَ الْمَجْنُونَةِ مُقَدَّمٌ فِي الْجَبْرِ عَلَى ابْنِهَا وَالِابْنُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ فِي الْوِلَايَةِ. اهـ
لَكِنَّهُ غَيْرُ الْمَعْقُولِ إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِأَنَّ فِي سَبَبِيَّتِهِ أَيْ مُقَدَّمٌ بِسَبَبِ الْجَبْرِ عَلَى ابْنِ الْمَجْنُونَةِ وَالِابْنِ مَنْ زِنًى مَثَلًا لِأَنَّ الْجَبْرَ وِلَايَةٌ وَزِيَادَةٌ فَلَا يَلْزَمُ أَنَّ الِابْنَ لَهُ جَبْرٌ، وَالِابْنُ مُقَدَّمٌ فِي الْوِلَايَةِ الَّتِي لَا جَبْرَ فِيهَا وَهِيَ الْآتِيَةُ فِي الْعَصَبَاتِ أَفَادَهُ الْأَمِيرُ فِي شَرْحِ الْمَجْمُوعِ وُضُوءِ الشُّمُوعِ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّهُ يُقَدَّمُ فِي كُلِّ وِلَايَةٍ مَنْ هُوَ أَقْوَمُ بِمَصَالِحِهَا وَلِذَلِكَ قُدِّمَ فِي الْقَضَاءِ مَنْ هُوَ أَيْقَظُ وَأَكْثَرُ تَفَطُّنًا لِوُجُوهِ الْحِجَاجِ وَسِيَاسَةِ الْخُصُومِ وَأَضْبَطُ لِلْفِقْهِ وَفِي الْحُرُوبِ مَنْ هُوَ أَعْرَفُ بِمَكَايِدِهَا وَسِيَاسَةِ الْجُنْدِ أَوْ الْجُيُوشِ وَفِي الْفُتْيَا مَنْ هُوَ أَوْرَعُ وَأَضْبَطُ لِمَنْقُولَاتِ الْفِقْهِ وَفِي أَمَانَةِ الْحُكْمِ عَلَى الْأَيْتَامِ مَنْ هُوَ أَعْرَفُ بِتَنْمِيَةِ الْأَمْوَالِ وَمَقَادِيرِ النَّفَقَاتِ وَالْكُلَفِ وَالْجِدَالِ فِي الْخِصَامِ لِيُنَاضِلَ عَنْ الْأَيْتَامِ وَفِي سِعَايَةِ الزَّكَاةِ مَنْ هُوَ أَعْرَفُ بِنِصَابِهَا وَالْوَاجِبِ فِيهَا وَأَحْكَامِ الزَّكَاةِ مِنْ الِاخْتِلَاطِ وَالِافْتِرَاقِ وَأَقْوَى خَرْصًا لِلثِّمَارِ وَرُبَّمَا كَانَ الْمُقَدَّمُ فِي بَابٍ مُؤَخَّرًا فِي بَابٍ آخَرَ كَمَا قُدِّمَ الرِّجَالُ فِي الْحُرُوبِ وَالْإِمَامَةِ وَأُخِّرُوا فِي الْحَضَانَةِ فَإِنَّ مَزِيدَ إنْفَاقِهِمْ يَمْنَعُهُمْ مِنْ تَحْصِيلِ مَصَالِحِ الْأَطْفَالِ وَأُخِّرَ النِّسَاءُ فِي الْحُرُوبِ وَالْإِمَامَةِ وَقُدِّمْنَ فِي الْحَضَانَةِ عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُنَّ بِسَبَبِ مَزِيدِ شَفَقَتِهِنَّ وَصَبْرِهِنَّ عَلَى الْأَطْفَالِ أَكْمَلُ فِيهَا مِنْهُمْ فَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ يُقَدَّمُ كُلُّ وَلِيٍّ تَكُونُ صِفَتُهُ أَقْرَبَ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ لِأَنَّ صِفَةَ أَقْرَبِيَّتِهِ تَكُونُ حَاثَّةً عَلَى حُسْنِ النَّظَرِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ وَنَحْنُ نَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ ابْنَ الْإِنْسَانِ أَشْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ ابْنِ عَمِّهِ لَا سِيَّمَا إذَا بَعُدَ وَفِي بِدَايَةِ الْمُجْتَهِدِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ اعْتَبَرَ أَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ مِنْ عَصَبَتِهَا لِحَدِيثِ عُمَرَ «لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ إلَّا بِإِذْنِ وَلِيِّهَا أَوْ ذِي الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ السُّلْطَانِ» وَلَمْ يَعْتَبِرْهُ مَالِكٌ فِي الِابْنِ لِحَدِيثِ «أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ