الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِشَيْءٍ وَإِنْ كَانَ مُتَوَلِّي هَذَا الطَّرْزِ وَالصَّبْغِ بِنَفْسِهِ لَمْ يُحْسَبْ وَلَا يُحْسَبُ لَهُ رِبْحٌ؛ لِأَنَّهُ كَمَنْ وَصَفَ ثَمَنًا عَلَى سِلْعَةٍ بِاجْتِهَادِهِ وَهَذِهِ الْأَحْكَامُ عِنْدَنَا تَتْبَعُ قَوْلَهُ بِعْتُك هَذِهِ السِّلْعَةَ مُرَابَحَةً لِلْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ أَوْ بِوَضِيعَةٍ لِلْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ أَوْ يَقُولُ لِلْعَشَرَةِ عَشَرَةٌ وَصِيغَةٌ أَوْ مُرَابَحَةٌ وَمَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ إذَا قَالَ لِلْعَشَرَةِ اثْنَا عَشَرَ أَيْ يَنْقُصُ السُّدُسُ فِي الْوَضِيعَةِ أَوْ يَزِيدُ السُّدُسُ فِي الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّ اثْنَيْنِ سُدُسٌ اثْنَيْ عَشَرَ وَلِلْعَشَرَةِ عَشَرَةٌ مَعْنَاهُ يُضَافُ لِلْعَشَرَةِ عَشَرَةٌ، فَيَكُونُ الزِّيَادَةُ أَوْ النُّقْصَانُ النِّصْفَ؛ لِأَنَّ إخْرَاجَ عَشَرَةٍ مِنْ عَشَرَةٍ مُحَالٌ، وَهَذَا الْكَلَامُ مَعَ بَقِيَّةِ تَفَارِيعِ هَذَا الْبَابِ كُلُّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعَوَائِدِ وَإِلَّا فَمِنْ أَيْنَ لَنَا مَا يُحْسَبُ وَيُحْسَبُ رِبْحُهُ وَعَكْسُهُ.
وَلَوْلَا الْعَوَائِدُ لَكَانَ هَذَا تَحَكُّمًا صِرْفًا وَبَيْعُ الْمَجْهُولِ وَالْغَرَرِ فِي الثَّمَنِ جَائِزٌ إجْمَاعًا، وَلَوْ أُطْلِقَ هَذَا اللَّفْظُ فِي زَمَانِنَا لَمْ يَصِحَّ بِهِ بَيْعٌ لِعَدَمِ فَهْمِ الْمَقْصُودِ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
تَخْصِيصِ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ عَلَى عَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ؛ لِأَنَّ الْخَصْمَ لَا يُسْلَمُ أَنَّهُ حُجَّةٌ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ مُخَصِّصًا لِلْأَدِلَّةِ وَيُرَدُّ عَلَى تَأْكِيدِهِ بِالْآيَةِ أَنَّ الْآيَةَ أَعَمُّ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْأَرْبَعَةِ وَالْقَاعِدَةُ الْأُصُولِيَّةُ أَنَّ الْخَاصَّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ عِنْدَ التَّعَارُضِ قَالَ الْأَصْلُ وَهُمَا إيرَادَانِ صَحِيحَانِ مُتَّجَهَانِ لَا يَحْضُرُنِي عَنْهُمَا جَوَابٌ فَتَأَمَّلْ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ هَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِاشْتِرَاطِ الْقَبْضِ فِي خُصُوصِ الْبَيْعِ.
وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ فَقَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ لَا يَتَوَقَّفُ شَيْءٌ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ عَلَى الْقَبْضِ إلَّا الْبَيْعُ اهـ. وَقَالَ الْعَبْدِيُّ يَجُوزُ الطَّعَامُ قَبْلَ قَبْضِهِ فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ الْهِبَةِ وَالْمِيرَاثِ وَالِاسْتِهْلَاكِ وَالْقَرْضِ وَالصُّكُوكِ وَهِيَ أُعْطِيَاتُ النَّاسِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَاخْتُلِفَ فِي طَعَامِ أَهْلِ الصُّلْحِ وَوَقَعَتْ الرُّخْصَةُ فِي الشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَالْإِقَالَةِ وَالتَّوْلِيَةِ تَنْزِيلًا لِلثَّانِي مَنْزِلَةَ الْأَوَّلِ الْمُشْتَرِي عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَفْتَرِقَ الْعَقْدَانِ فِي أَجَلٍ أَوْ مِقْدَارٍ أَوْ غَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُشْعِرُ بِالْمُكَايَسَةِ وَمَنَعَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ رضي الله عنهم الْجَمِيعَ نَظَرًا لِلنَّقْلِ وَالْمُعَاوَضَةِ اهـ. وَقَالَ الْحَفِيدُ فِي الْبِدَايَةِ وَالْعُقُودُ تَنْقَسِمُ إلَى قِسْمَيْنِ قِسْمٌ يَكُونُ بِغَيْرِ مُعَاوَضَةٍ كَالْهِبَاتِ وَالصَّدَقَاتِ وَقِسْمٌ يَكُونُ بِمُعَاوَضَةٍ وَهُوَ يَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ
(أَحَدُهَا) يَخْتَصُّ بِقَصْدِ الْمُغَابَنَةِ وَالْمُكَايَسَةِ وَهِيَ الْبُيُوعُ وَالْإِجَارَاتُ وَالْمُهُورُ وَالصُّلْحُ وَالْمَالُ الْمَضْمُونُ بِالتَّعَدِّي وَغَيْرِهِ
(وَالْقِسْمُ الثَّانِي) لَا يَخْتَصُّ بِقَصْدِ الْمُغَابَنَةِ وَإِنَّمَا يَكُونُ عَلَى جِهَةِ الرِّفْقِ وَهُوَ الْقَرْضُ
(وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ) مَا يَصِحُّ أَنْ يَقَعَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا أَعْنِي عَلَى قَصْدِ الْمُغَابَنَةِ وَعَلَى قَصْدِ الرِّفْقِ كَالشَّرِكَةِ وَالْإِقَالَةِ وَالْبَتُولِيَّةِ وَتَحْصِيلِ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ فِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ أَنَّ مَا كَانَ بَيْعًا وَبِعِوَضٍ فَلَا خِلَافَ فِي اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ فِيهِ، وَذَلِكَ فِي الشَّيْءِ الَّذِي يَشْتَرِطُ فِيهِ الْقَبْضَ وَاحِدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَأَنَّ مَا كَانَ خَالِصًا لِلرِّفْقِ أَعْنِي الْقَرْضَ فَلَا خِلَافَ أَيْضًا أَنَّ الْقَبْضَ لَيْسَ شَرْطًا فِي بَيْعِهِ أَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَبِيعَ الْقَرْضَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ وَاسْتَثْنَى أَبُو حَنِيفَةَ مِمَّا يَكُونُ بِعِوَضِ الْمَهْرِ وَالْخُلْعِ وَالْجُعْلِ فَقَالَ يَجُوزُ بَيْعُهَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَأَنَّ الْعُقُودَ الَّتِي تَتَرَدَّدُ بَيْنَ قَصْدِ الرِّفْقِ وَالْمُغَابَنَةِ وَهِيَ التَّوْلِيَةُ وَالشَّرِكَةُ وَالْإِقَالَةُ إذَا وَقَعَتْ عَلَى وَجْهِ الرِّفْقِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ الْإِقَالَةُ أَوْ التَّوْلِيَةُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ فَلَا خِلَافَ أَعْلَمُهُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ لَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ وَلَا التَّوْلِيَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَتَجُوزُ الْإِقَالَةُ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّهَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَسْخُ بَيْعٍ لَا بَيْعٌ فَعُمْدَةُ مَنْ اشْتَرَطَ الْقَبْضَ فِي جَمِيعِ الْمُعَاوَضَاتِ أَنَّهَا فِي مَعْنَى الْبَيْعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَإِنَّمَا اسْتَثْنَى مَالِكٌ مِنْ ذَلِكَ التَّوْلِيَةَ وَالْإِقَالَةَ وَالشَّرِكَةَ لِلْأَثَرِ وَالْمَعْنَى أَمَّا الْأَثَرُ فَمَا. رَوَاهُ مِنْ مُرْسَلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ إلَّا مَا كَانَ مِنْ شَرِكَةٍ أَوْ تَوْلِيَةٍ أَوْ إقَالَةٍ» .
وَأَمَّا مِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى فَإِنَّ هَذِهِ إنَّمَا يُرَادُ بِهَا الرِّفْقُ لَا الْمُغَابَنَةُ مَا لَمْ تَدْخُلْهَا زِيَادَةٌ أَوْ نُقْصَانٌ وَإِنَّمَا اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ الصَّدَاقَ وَالْخُلْعَ وَالْجُعْلَ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ فِي ذَلِكَ لَيْسَ بَيِّنًا إذَا لَمْ يَكُنْ عَيْنًا اهـ. هَذَا تَنْقِيحُ مَا فِي الْأَصْلِ مِنْ تَلْخِيصِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْقَاعِدَتَيْنِ وَبَيَانِ الْخِلَافِ وَمَدَارِكِهِ وَسَلَّمَهُ ابْنُ الشَّاطِّ مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ الْبِدَايَةِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَتْبَعُ الْعَقْدَ عُرْفًا وَقَاعِدَةِ مَا لَا يَتْبَعُهُ]
(الْفَرْقُ التَّاسِعُ وَالتِّسْعُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَتْبَعُ الْعَقْدَ عُرْفًا وَقَاعِدَةِ مَا لَا يَتْبَعُهُ)
وَهُوَ أَنَّ الْأَلْفَاظَ الَّتِي حَكَمَتْ الْعَوَائِدُ بِأَنَّهَا تَتْبَعُ بِشَيْءٍ إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا ثَمَانِيَةٌ لَفْظُ الشَّرِكَةِ وَلَفْظُ الْأَرْضِ وَلَفْظُ الْبِنَاءِ وَلَفْظُ الدَّارِ وَلَفْظُ الْمُرَابَحَةِ وَلَفْظُ الشَّجَرِ وَلَفْظُ الثِّمَارِ وَلَفْظُ الْعَبْدِ وَيَتَعَلَّقُ بِبَيَانِ مَا يَتْبَعُهَا وَالْخِلَافُ فِي الْبَعْضِ ثَمَانِ مَسَائِلَ (الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى)
لَفْظُ الشَّرِكَةِ قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَغَيْرُهُ إذَا قَالَ أَشْرَكْتُك مَعِي فِي السِّلْعَةِ يُحْمَلُ عَلَى النِّصْفِ (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ)
لَفْظُ الْأَرْضِ قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَغَيْرُهُ بَيْعُ الْأَرْضِ يَنْدَرِجُ تَحْتَهُ الْأَشْجَارُ وَالْبِنَاءُ دُونَ الزَّرْعِ الظَّاهِرُ كَمَأْبُورِ الثِّمَارِ فَإِنْ كَانَ كَامِنًا فِي الْأَرْضِ انْدَرَجَ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ كَمَا تَنْدَرِجُ الْحِجَارَةُ الْمَخْلُوقَةُ
مِنْهُ لُغَةً وَلَا عُرْفًا فَجَمِيعُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَهَذِهِ الْأَبْوَابِ الَّتِي سَرَدْتهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعَوَائِدِ غَيْرَ مَسْأَلَةِ الثِّمَارِ الْمُؤَبَّرَةِ بِسَبَبِ أَنَّ مُدْرِكَهَا النَّصُّ وَالْقِيَاسُ وَمَا عَدَاهَا مُدْرِكَةُ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، فَإِذَا تَغَيَّرَتْ الْعَادَةُ أَوْ بَطَلَتْ بَطَلَتْ هَذِهِ الْفَتَاوَى وَحَرُمَتْ الْفَتْوَى بِهَا لِعَدَمِ مُدْرِكِهَا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ، بَلْ تَتْبَعُ الْفَتَاوَى هَذِهِ الْعَوَائِدَ كَيْفَمَا تَقَلَّبَتْ كَمَا تَتْبَعُ النُّقُودَ فِي كُلِّ عَصْرٍ وَحِينٍ وَتَعْيِينُ الْمَنْفَعَةِ مِنْ الْأَعْيَانِ الْمُسْتَأْجَرَةِ إذَا سَكَتَ عَنْهَا فَتَنْصَرِفُ بِالْعَادَةِ لِلْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْهَا عَادَةً لِعَدَمِ اللُّغَةِ فِي الْبَابَيْنِ وَكُلُّ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْعَقْدِ وَاقْتَضَتْهُ اللُّغَةُ فَهَذَا هُوَ الَّذِي لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْعَوَائِدِ وَلَا يُقَالُ إنَّ الْعُرْفَ اقْتَضَاهُ فَهَذَا تَلْخِيصُ هَذَا الْفَرْقِ، وَقَدْ اشْتَمَلَ عَلَى سِتَّةِ أَلْفَاظٍ لَفْظِ الشَّرِكَةِ وَلَفْظِ الْأَرْضِ وَلَفْظِ الْبِنَاءِ وَلَفْظِ الدَّارِ وَلَفْظِ الْمُرَابَحَةِ وَلَفْظِ الثِّمَارِ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ كُلُّهَا حَكَمَتْ فِيهَا الْعَوَائِدُ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
فِيهَا دُونَ الْمَدْفُونَةِ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مَنْ مَلَكَ ظَاهِرَ الْأَرْضِ مَلَكَ بَاطِنَهَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه لَا يَنْدَرِجُ فِي الْأَرْضِ الْبِنَاءُ الْكَثِيرُ وَلَا الْغَرْسُ، وَعِنْدَنَا يَنْدَرِجُ الْمَعْدِنُ فِي لَفْظِ الْأَرْضِ دُونَ الْكَنْزِ؛ لِأَنَّ الْمَعْدِنَ مِنْ الْأَجْزَاءِ، فَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يَنْدَرِجُ فِي الْأَرْضِ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ (الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ)
لَفْظُ الْبِنَاءِ قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَغَيْرُهُ إذَا بَاعَ الْبِنَاءَ يَنْدَرِجُ فِيهِ عِنْدَنَا الْأَرْضُ (الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ)
لَفْظُ الدَّارِ قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَغَيْرُهُ يَنْدَرِجُ فِي لَفْظِ الدَّارِ عِنْدَنَا الْخَشَبُ الْمُسَمَّرُ وَالتَّوَابِيتُ وَمَرَافِقُ الْبِنَاءِ كَالْأَبْوَابِ وَالرُّفُوفِ وَالسُّلَّمِ الْمُثَبَّتِ دُونَ الْمَنْقُولَاتِ، وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ يَنْدَرِجُ فِي لَفْظِ الدَّارِ الْأَبْوَابُ وَالْخَوَابِي الْمَدْفُونَةُ وَالرُّفُوفُ الْمُسَمَّرَةُ وَمَا هُوَ مِنْ مَصَالِحِهَا دُونَ الْحَجَرِ الْمَدْفُونِ؛ لِأَنَّهُ كَالْوَدِيعَةِ وَتَنْدَرِجُ الْحِجَارَةُ الْمَخْلُوقَةُ فِيهَا وَالْمَعْدِنُ دُونَ الْكَنْزِ (الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ)
لَفْظُ الْمُرَابَحَةِ قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَغَيْرُهُ لَفْظُ الْمُرَابَحَةِ عِنْدَنَا يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ صَنْعَةٍ قَائِمَةٍ كَالصَّبْغِ وَالْخِيَاطَةِ وَالْكِمَادِ وَالطَّرْزِ وَالْفَتْلِ وَالْغُسْلِ يُحْسَبُ وَيُحْسَبُ لَهُ رِبْحٌ إذَا لَمْ يَتَوَلَّ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَإِلَّا لَمْ يُحْسَبْ وَلَا يُحْسَبُ لَهُ رِبْحٌ؛ لِأَنَّهُ كَمَنْ وَصَفَ ثَمَنًا عَلَى سِلْعَةٍ بِاجْتِهَادِهِ وَمَا لَيْسَ لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ وَلَا يُسَمَّى السِّلْعَةُ ذَاتًا وَلَا سَوْمًا لَا يُحْسَبُ وَلَا يُحْسَبُ لَهُ رِبْحٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَقِلْ لِلْمُشْتَرِي وَلَا يُقَابَلُ بِشَيْءٍ فَهَذِهِ الْأَحْكَامُ عِنْدَنَا تَتْبَعُ قَوْلَهُ بِعْتُك هَذِهِ السِّلْعَةَ مُرَابَحَةً لِلْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَةَ أَوْ بِوَضِيعَةٍ لِلْعَشَرَةِ أَوْ عَشَرَةٍ يَقُولُ لِلْعَشَرَةِ عَشَرَةٌ وَضِيعَةً أَوْ مُرَابَحَةً فَإِذَا قَالَ لِلْعَشَرَةِ اثْنَا عَشَرَ كَانَ مَعْنَاهُ فِي الْوَضِيعَةِ يَنْقُصُ السُّدُسُ وَفِي الْمُرَابَحَةِ يَزِيدُ السُّدُسُ؛ لِأَنَّ الِاثْنَيْنِ سُدُسٌ اثْنَيْ عَشَرَ، وَإِذَا قَالَ لِلْعَشَرَةِ عَشَرَةٌ كَانَ مَعْنَاهُ يُضَافُ لِلْعَشَرَةِ عَشَرَةٌ، فَيَكُونُ الزِّيَادَةُ أَوْ النُّقْصَانُ النِّصْفَ؛ لِأَنَّ إخْرَاجَ عَشَرَةٍ مِنْ عَشَرَةٍ مُحَالٌ قَالَ الْأَصْلُ، وَهَذَا الْكَلَامُ مَعَ بَقِيَّةِ تَفَارِيعِ هَذَا الْبَابِ كُلُّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعَوَائِدِ أَيْ الْقَدِيمِ وَإِلَّا فَمِنْ أَيْنَ لَنَا مَا يُحْسَبُ وَيُحْسَبُ رِبْحُهُ وَعَكْسُهُ، وَلَوْلَا الْعَوَائِدُ الْقَدِيمَةُ لَكَانَ هَذَا تَحَكُّمًا صِرْفًا وَبَيْعُ الْمَجْهُولِ وَالْغَرَرِ فِي الثَّمَنِ غَيْرُ جَائِزٍ إجْمَاعًا فَلِذَا لَوْ أُطْلِقَ هَذَا اللَّفْظُ فِي زَمَانِنَا لَمْ يَصِحَّ بِهِ بَيْعٌ لِعَدَمِ فَهْمِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ لُغَةً وَلَا عُرْفًا (الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ)
لَفْظُ الشَّجَرِ قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَغَيْرُهُ لَفْظُ الشَّجَرِ تَتْبَعُهُ الْأَرْضُ وَاسْتِحْقَاقُ الْبِنَاءِ مَغْرُوسًا وَالثَّمَرَةُ غَيْرُ الْمُؤَبَّرَةِ دُونَ الْمُؤَبَّرَةِ، وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ لَا تَنْدَرِجُ الْأَرْضُ فِي لَفْظِ الشَّجَرِ وَوَافَقَنَا الشَّافِعِيُّ وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي الثِّمَارِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ هِيَ لِلْبَائِعِ مُطْلَقًا وَفِي الْمُوَطَّإِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُبْتَاعُ» وَمَفْهُومُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا لَمْ تُؤَبَّرْ لِلْمُبْتَاعِ؛ لِأَنَّهُ عليه السلام إنَّمَا جَعَلَهَا لِلْبَائِعِ بِشَرْطِ الْإِبَارِ فَإِذَا انْتَفَى الشَّرْطُ انْتَفَى الْمَشْرُوطُ
فَالْأَوَّلُ مَفْهُومُ الصِّفَةِ وَالثَّانِي مَفْهُومُ الشَّرْطِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ لَا يَرَوْنَ الْمَفْهُومَ حُجَّةً فَلَا يُحْتَجُّ عَلَيْهِمْ بِهِ، بَلْ نَحْتَجُّ عَلَيْهِمْ أَوَّلًا بِقِيَاسِ الثَّمَرَةِ عَلَى الْجَنِينِ إذَا خَرَجَ لَمْ يَتْبَعْ وَإِلَّا اتَّبَعَ
وَثَانِيًا بِقِيَاسِ الثَّمَرَةِ عَلَى اللَّبَنِ قَبْلَ الْحِلَابِ فَإِنَّ اسْتِتَارَ الثِّمَارِ فِي الْأَكْمَامِ كَاسْتِتَارِ الْأَجِنَّةِ فِي الْأَرْحَامِ وَاللَّبَنِ فِي الضُّرُوعِ
وَثَالِثًا بِقِيَاسِ الثَّمَرَةِ عَلَى الْأَغْصَانِ وَالْوَرَقِ وَنَوَى التَّمْرِ فَهَذِهِ الْأَقْيِسَةُ أَقْوَى مِنْ قِيَاسِهِمْ بِكَثِيرٍ لِقُوَّةِ جَامِعِهَا، وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ غَيْرَ الْمُؤَبَّرَةِ عَلَى الْمُؤَبَّرَةِ فَفَارِقُهُ ظَاهِرٌ وَجَامِعُهُ ضَعِيفٌ وَفِي بِدَايَةِ الْحَفِيدِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ مَنْ بَاعَ نَخْلًا فِيهَا ثَمَرٌ قَبْلَ أَنْ يُؤَبَّرَ فَإِنَّ الثَّمَرَ لِلْمُشْتَرِي، وَإِذَا كَانَ الْبَيْعُ بَعْدَ الْإِبَارِ فَالثَّمَرُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ إلَّا وَالثِّمَارُ كُلُّهَا فِي هَذَا الْمَعْنَى فِي مَعْنَى النَّخِيلِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ هِيَ لِلْبَائِعِ قَبْلَ الْإِبَارِ وَبَعْدَهُ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى سَوَاءٌ أُبِّرَ أَوْ لَمْ يُؤَبَّرْ إذَا بِيعَ الْأَصْلُ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي اشْتَرَطَهَا أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهَا وَسَبَبُ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ، وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ مُعَارَضَةُ دَلِيلِ الْخِطَابِ لِدَلِيلِ مَفْهُومِ الْأُخْرَى وَالْأَوْلَى وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى فَحْوَى الْخِطَابِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ» إلَخْ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَابْنُ حَنْبَلٍ، وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ لَمَّا حَكَمَ صلى الله عليه وسلم بِالثَّمَرِ لِلْبَائِعِ بَعْدَ الْإِبَارِ
(الْفَرْقُ الْمِائَتَانِ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَجُوزُ مِنْ السَّلَمِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَجُوزُ مِنْهُ) السَّلَمُ الْجَائِزُ مَا اجْتَمَعَ فِيهِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ شَرْطًا
(الْأَوَّلُ) تَسْلِيمُ جَمِيعِ رَأْسِ الْمَالِ حَذَرًا مِنْ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ
(الثَّانِي) السَّلَامَةُ مِنْ السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ فَلَا تُسَلَّمُ شَاةٌ فِي شَاتَيْنِ مُتَقَارِبَتَيْ الْمَنْفَعَةِ
(الثَّالِثُ) السَّلَامَةُ مِنْ الضَّمَانِ بِجُعْلٍ فَلَا يُسَلَّمُ جَذَعٌ فِي نِصْفِ جَذَعٍ مِنْ جِنْسِهِ
(الرَّابِعُ) السَّلَامَةُ مِنْ النَّسَاءِ فِي الرِّبَوِيِّ فَلَا يُسَلَّمُ النَّقْدَانِ فِي تُرَابِ الْمَعَادِنِ
(الْخَامِسُ) أَنْ يَكُونَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ يُمْكِنُ ضَبْطُهُ بِالصِّفَاتِ فَيَمْتَنِعُ سَلَمُ خَشَبَةٍ فِي تُرَابِ الْمَعَادِنِ
(السَّادِسُ) أَنْ يَقْبَلَ النَّقْلَ حَتَّى يَكُونَ فِي الذِّمَّةِ فَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الدُّورِ
(السَّابِعُ) أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ الْمِقْدَارِ فَلَا يُسَلَّمُ فِي الْجُزَافِ
(الثَّامِنُ) ضَبْطُ الْأَوْصَافِ الَّتِي تَخْتَلِفُ الْمَالِيَّةُ بِاخْتِلَافِهَا نَفْيًا لِلْغَرَرِ
(التَّاسِعُ) أَنْ يَكُونَ مُؤَجَّلًا فَيَمْتَنِعُ السَّلَمُ الْحَالُّ
(الْعَاشِرُ) أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ مَعْلُومًا نَفْيًا لِلْغَرَرِ
(الْحَادِي عَشَرَ) أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ زَمَنَ وُجُودِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ فَلَا يُسَلَّمُ فِي فَاكِهَةِ الصَّيْفِ لِيَأْخُذَهَا فِي الشِّتَاءِ
(الثَّانِي عَشَرَ) أَنْ يَكُونَ مَأْمُونَ التَّسْلِيمِ عِنْدَ الْأَجَلِ نَفْيًا لِلْغَرَرِ فَلَا يُسَلَّمُ فِي الْبُسْتَانِ الصَّغِيرِ
(الثَّالِثَ عَشَرَ) أَنْ يَكُونَ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ فَلَا يُسَلَّمُ فِي مُعَيَّنٍ؛ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ فَهُوَ غَرَرٌ
(الرَّابِعَ عَشَرَ) تَعْيِينُ مَكَانِ الْقَبْضِ بِاللَّفْظِ أَوْ الْعَادَةِ نَفْيًا
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
قَالَ (الْفَرْقُ الْمِائَتَانِ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَجُوزُ مِنْ السَّلَمِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَجُوزُ مِنْهُ إلَى مُنْتَهَى قَوْلِهِ وَفِي الشُّرُوطِ سِتُّ مَسَائِلَ)
قُلْت مَا قَالَهُ فِي ذَلِكَ صَحِيحٌ.
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
عَلِمْنَا بِدَلِيلِ الْخِطَابِ أَيْ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ أَنَّهَا لِلْمُشْتَرِي قَبْلَ الْإِبَارِ بِلَا شَرْطٍ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إذَا وَجَبَتْ لِلْبَائِعِ بَعْدَ الْإِبَارِ فَهِيَ بِالْأَحْرَى أَنْ تَجِبَ لَهُ قَبْلَ الْإِبَارِ وَشَبَّهُوا خُرُوجَ الثَّمَرِ بِالْوِلَادَةِ قَالُوا فَكَمَا أَنَّ مَنْ بَاعَ أَمَةً لَهَا وَلَدٌ فَوَلَدُهَا لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ كَذَلِكَ الْأَمْرُ فِي الثَّمَرِ لَكِنَّ مَفْهُومَ الْأَحْرَى هَاهُنَا ضَعِيفٌ.
وَإِنْ كَانَ فِي الْأَصْلِ أَقْوَى مِنْ دَلِيلِ الْخِطَابِ، وَأَمَّا سَبَبُ مُخَالَفَةِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى لَهُمْ فَمُعَارَضَةُ الْقِيَاسِ لِلسَّمَاعِ لِأَنَّهُ رَأَى أَنَّ الثَّمَرَ جُزْءٌ مِنْ الْمَبِيعِ فَرَدَّ الْحَدِيثَ بِالْقِيَاسِ وَلَا مَعْنَى لِذَلِكَ إلَّا إنْ كَانَ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ الْحَدِيثُ هَذَا وَالْإِبَارُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ أَنْ يُجْعَلَ طَلْعُ ذُكُورِ النَّخْلِ فِي طَلْعِ إنَاثِهَا وَفِي سَائِرِ الشَّجَرِ أَنْ تُنَوَّرَ وَتُعْقَدَ وَالتَّذْكِيرُ فِي شَجَرِ التِّينِ الَّتِي تُذْكَرُ فِي مَعْنَى الْإِبَارِ وَإِبَارُ الزَّرْعِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فِي الْمَذْهَبِ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ إبَارَهُ أَنْ يُفْرَكَ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الثَّمَرِ وَهَلْ الْمُوجِبُ لِهَذَا الْحُكْمِ هُوَ الْإِبَارُ أَوْ وَقْتُ الْإِبَارِ قِيلَ الْوَقْتُ، وَقِيلَ الْإِبَارُ وَعَلَى هَذَا يَنْبَنِي الِاخْتِلَافُ إذَا أُبِّرَ بَعْضُ النَّخْلِ وَلَمْ يُؤَبَّرْ الْبَعْضُ هَلْ يَتْبَعُ مَا لَمْ يُؤَبَّرْ مَا أُبِّرَ أَوْ لَا يَتْبَعُهُ وَاتَّفَقُوا فِيمَا أَحْسَبُهُ عَلَى أَنَّهُ إذَا بِيعَ ثَمَرٌ، وَقَدْ دَخَلَ وَقْتُ الْإِبَارِ فَلَمْ يُؤَبَّرْ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمُؤَبَّرِ اهـ. بِتَلْخِيصٍ (الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ)
لَفْظُ الثِّمَارِ قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَغَيْرُهُ لَفْظُ إطْلَاقِ الثِّمَارِ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ يَقْتَضِي عِنْدَنَا التَّبْقِيَةُ بَعْدَ الزَّهْوِ، وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقْتَضِي الْقَطْعَ كَسَائِرِ الْمَبِيعَاتِ وَلَمَّا فِيهِ مِنْ الْجَهَالَةِ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْعَقْدَ مُعَارَضٌ بِالْعَادَةِ وَمِثْلُ هَذِهِ الْجَهَالَةِ لَا تَقْدَحُ فِي الْعُقُودِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى طَعَامًا كَثِيرًا فَإِنَّهُ يُؤَخِّرُهُ زَمَانًا طَوِيلًا لِقَبْضِهِ وَتَحْوِيلِهِ وَكَبَيْعِ الدَّارِ فِيهَا الْأَمْتِعَةُ الْكَثِيرَةُ لَا يُمْكِنُ خُلُوُّهَا إلَّا فِي زَمَانٍ طَوِيلٍ (الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ)
لَفْظُ الْعَبْدِ قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَغَيْرُهُ لَفْظُ الْعَبْدِ يَتْبَعُهُ ثِيَابُهُ الَّتِي عَلَيْهِ إذَا أَشْبَهَتْ مِهْنَتَهُ دُونَ مَالِهِ اهـ.
وَفِي بِدَايَةِ الْحَفِيدِ فِي كَوْنِ مَالِ الْعَبْدِ يَتْبَعُهُ فِي الْبَيْعِ وَالْعِتْقِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ
(أَحَدُهَا) لِلشَّافِعِيِّ وَالْكُوفِيِّينَ أَنَّ مَالَهُ فِي الْبَيْعِ وَالْعِتْقِ لِسَيِّدِهِ، وَكَذَلِكَ فِي الْمُكَاتَبِ
(وَالثَّانِي) لِمَالِكٍ وَاللَّيْثِ أَنَّهُ تَبَعٌ لَهُ فِي الْعِتْقِ لَا فِي الْبَيْعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ أَيْ الْمُشْتَرِي فَوَافَقَ الْأَوَّلَ فِي الْبَيْعِ وَحُجَّتُهُمَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الْمَشْهُورُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ» وَخَالَفَهُ فِي الْعِتْقِ حَيْثُ جَعَلَهُ فِيهِ تَابِعًا لِلْعَبْدِ تَغْلِيبًا لِلْقِيَاسِ عَلَى السَّمَاعِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «مَنْ أُعْتِقَ فَمَالُهُ لَهُ إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ سَيِّدُهُ» وَجَعَلَهُ الْأَوَّلُ فِيهِ لِلسَّيِّدِ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ كَمَا خَالَفَهُ فِيمَا إذَا اشْتَرَطَ مَالَهُ الْمُشْتَرِي فَقَالَ فِي الْمُوَطَّإِ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُبْتَاعَ إذَا اشْتَرَطَ مَالَ الْعَبْدِ فَهُوَ لَهُ نَقْدًا كَانَ أَوْ عَرْضًا أَوْ دَيْنًا فَيَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ يَشْتَرِيَ الْعَبْدَ وَمَالَهُ بِدَرَاهِمَ وَإِنْ كَانَ مَالُ الْعَبْدِ دَرَاهِمَ أَوْ فِيهِ دَرَاهِمُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ إذَا كَانَ مَالُ الْعَبْدِ نَقْدًا، وَقَالُوا الْعَبْدُ وَمَالُهُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ بَاعَ شَيْئَيْنِ فَلَا يَجُوزُ فِيهِمَا إلَّا مَا يَجُوزُ فِي سَائِرِ الْبُيُوعِ نَعَمْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي اشْتِرَاطِ الْمُشْتَرِي لِبَعْضِ مَالِ الْعَبْدِ فِي صَفْقَةِ الْبَيْعِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَجُوزُ وَوَجْهُهُ تَشْبِيهُهُ بِثَمَرِ النَّخْلِ بَعْدَ الْإِبَارِ، وَقَالَ أَشْهَبُ جَائِزٌ أَنْ يُشْتَرَطَ بَعْضُهُ وَوَجْهُهُ تَشْبِيهُهُ الْجُزْءِ بِالْكُلِّ وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ إنْ كَانَ مَا اُشْتُرِيَ بِهِ الْعَبْدُ عَيْنًا وَفِي مَالِ الْعَبْدِ عَيْنٌ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ دَرَاهِمُ بِعَرْضٍ وَدَرَاهِمَ وَإِنْ كَانَ مَا اُشْتُرِيَ بِهِ عُرُوضًا أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي مَالِ الْعَبْدِ دَرَاهِمُ جَازَ
(الْقَوْلُ الثَّالِثُ) لِدَاوُدَ