الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِالذَّوَاتِ أَقْوَى؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ تَبَعٌ لِلذَّاتِ، وَلِقَوْلِهِ عليه السلام «مَنْ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إذَا رَآهُ» ؛ وَلِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الصِّفَةُ كَالنِّكَاحِ وَبَاطِنِ الصُّبْرَةِ وَالْفَوَاكِهِ فِي قِشْرِهَا وَقِيَاسًا عَلَى الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ أَوْصَافِهِ، وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّ تَفَاوُتَ الْمَالِيَّةِ إنَّمَا هُوَ بِتَفَاوُتِ الصِّفَاتِ دُونَ الذَّوَاتِ وَمَقْصُودُ الشَّرْعِ حِفْظُ الْمَالِ عَنْ الضَّيَاعِ، وَعَنْ الثَّانِي قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ هُوَ مَوْضُوعٌ، وَعَنْ الثَّالِثِ إنَّا نَقْلِبُهُ عَلَيْهِمْ فَنَقُولُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَلَا يَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ كَالنِّكَاحِ وَكُلُّ مَنْ قَالَ بِانْتِفَاءِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ قَالَ بِاشْتِرَاطِ الصِّفَةِ فَتُشْتَرَطُ، ثُمَّ الْفَرْقُ سُتْرَةُ الْمُخَدَّرَاتِ عَنْ الْكَشْفِ لِكُلِّ خَاطِبٍ لِئَلَّا يَتَسَلَّطَ عَلَيْهِنَّ السُّفَهَاءُ وَبَاطِنُ الصُّبْرَةِ مُسَاوٍ لِظَاهِرِهَا، وَلَيْسَتْ صِفَاتُ الْمَبِيعِ مُسَاوِيَةً لِجِنْسِهِ وَالْعِلْمُ بِأَحَدِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ عِلْمٌ بِالْآخَرِ
(وَعَنْ الرَّابِعِ) أَنَّ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ» خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ اهـ. مَحَلُّ الْحَاجَةِ مِنْهُ بِلَفْظِهِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَتَعَيَّنُ مِنْ الْأَشْيَاءِ وَقَاعِدَةِ مَا لَا يَتَعَيَّنُ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ]
(الْفَرْقُ التَّاسِعُ وَالثَّمَانُونَ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَتَعَيَّنُ مِنْ الْأَشْيَاءِ وَقَاعِدَةِ مَا لَا يَتَعَيَّنُ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ)
(قَالَ) الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الْمَبِيعُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ سَلَمٌ فِي الذِّمَّةِ وَغَائِبٌ عَلَى الصِّفَةِ وَحَاضِرٌ مُعَيَّنٌ اهـ. أَيْ مُتَعَلِّقُ الْعُقُودِ بَيْعَهَا أَوْ نَحْوَهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ الْمُعَيَّنُ وَغَيْرُهُ وَاَلَّذِي فِيهِ شَبَهٌ مِنْهُمَا (فَالسَّلَمُ فِي الذِّمَّةِ) هُوَ الْمُتَعَلِّقُ الْغَيْرُ الْمُعَيَّنِ إذْ هُوَ أَشْخَاصٌ غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ مِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ الْكُلِّيِّ وَلِذَلِكَ صَحَّ الْوَفَاءُ بِأَيِّ فَرْدٍ كَانَ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ إذَا وَافَقَ الصِّفَاتِ الْمَشْرُوطَةَ فِي الْعَقْدِ وَالْأَرْجَحُ بِفَرْدِ غَيْرِهِ وَتَبَيَّنَّا أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ بَاقٍ فِي الذِّمَّةِ إلَى الْآنَ حَتَّى يُقْبَضَ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ فَرْدٌ مُطَابِقٌ لِلصِّفَاتِ فِي الْعَقْدِ هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
(وَالْغَائِبُ عَلَى الصِّفَةِ) هُوَ الْمُتَعَلِّقُ الَّذِي فِيهِ شَبَهٌ بِالْمُعَيَّنِ وَغَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ غَيْرُ مَرْئِيٍّ أَشْبَهَ مَا فِي الذِّمَّةِ وَلِذَلِكَ قِيلَ ضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ وَمِنْ جِهَةِ أَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَقَعْ عَلَى جِنْسٍ، بَلْ عَلَى مُشَخَّصٍ مُعَيَّنٍ أَشْبَهَ الْمُعَيَّنَ وَلِذَلِكَ قِيلَ ضَمَانُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي قَالَهُ الْأَصْلُ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْغَائِبَ الْمَبِيعَ مُعَيَّنٌ، وَأَمَّا كَوْنُ ضَمَانِهِ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ مِنْ الْمُبْتَاعِ فَلِأُمُورٍ غَيْرِ كَوْنِهِ مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَمَا قَالَ ابْنُ الشَّاطِّ
(وَالْحَاضِرُ الْمُعَيَّنُ) هُوَ الْمُتَعَلِّقُ الْمُعَيَّنُ أَيْ مُشَخَّصُ الْجِنْسِ وَخَاصَّتُهُ أَنَّهُ إذَا فَاتَ ذَلِكَ الْمُشَخَّصُ قَبْلَ الْقَبْضِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ اتِّفَاقًا لَكِنْ وَقَعَ الْخِلَافُ فِي صُورَتَيْنِ اُسْتُثْنِيَتَا مِنْ قَاعِدَةِ الْمُشَخَّصَاتِ
(الصُّورَةُ الْأُولَى) أَنْ يَكُونَ لَك دَيْنٌ عَلَى أَحَدٍ فَتَأْخُذُ فِيهِ سُكْنَى دَارٍ أَوْ خِدْمَةِ عَبْدٍ أَوْ ثَمَرَةٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَجُوزُ إنْ كَانَ الْمَفْسُوخُ فِيهِ مُعَيَّنًا يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ أَوْ مَنَافِعُ مُعَيَّنٌ وَأَجْرَاهُ مَجْرَى فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ لِأَجْلِ صُورَةِ التَّأْخِيرِ فِي الْقَبْضِ أَيْ إمَّا فِي الْكُلِّ وَإِمَّا فِي الْأَجْزَاءِ وَإِنْ عَيَّنَ مَحَلَّ الْمُعَاوَضَةِ أَيْ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ.
وَقَالَ أَشْهَبُ يَجُوزُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَفْسُوخُ فِيهِ مُعَيَّنًا أَوْ مَنَافِعُ مُعَيَّنٍ؛ لِأَنَّ الْمُعَيَّنَ لَا يَكُونُ فِي الذِّمَّةِ وَمَا لَا يَكُونُ فِي الذِّمَّةِ لَا يَكُونُ، فَلَيْسَ هَاهُنَا فَسْخُ الدَّيْنِ وَهُوَ أَوْجَهُ كَمَا فِي الْأَصْلِ وَوَافَقَهُ ابْنُ الشَّاطِّ قَالَ عبق؛ وَلِأَنَّ الْمَنَافِعَ إذَا أُسْنِدَتْ لِمُعَيَّنٍ أَشْبَهَتْ الْمُعَيَّنَاتِ الْمَقْبُوضَةَ وَصَحَّحَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ كَالدَّيْنِ يَمْنَعُ فَسْخَ الدَّيْنِ فِيهَا لَامْتَنَعَ اكْتِرَاؤُهَا بِدَيْنٍ وَالْمَذْهَبُ جَوَازُهُ، وَكَذَا شِرَاؤُهَا بِهِ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْمَوَّاقِ اهـ.
قَالَ الدُّسُوقِيُّ، وَقَدْ كَانَ عج يَعْمَلُ بِهِ فَكَانَتْ لَهُ حَانُوتٌ سَاكِنٌ فِيهَا مُجَلِّدٌ يُجَلِّدَ الْكُتُب فَكَانَ إذَا تَرَتَّبَ لَهُ جَرَّةٌ فِي ذِمَّتِهِ يَسْتَأْجِرُهُ بِهَا عَلَى تَسْفِيرِ كُتُبٍ وَكَانَ يَقُولُ هَذَا قَوْلُ أَشْهَبَ وَصَحَّحَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ رُشْدٍ اهـ. عَلَى أَنَّ الْبُنَانِيَّ قَالَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ إنَّمَا يَمْنَعُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَسْخَ الدَّيْنِ فِي مَنَافِعِ الْمُعَيَّنِ فِي الِاخْتِيَارِ، وَأَمَّا فِي الضَّرُورَةِ فَهُوَ عِنْدَهُ جَائِزٌ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ فِي صَحْرَاءَ وَلَا يَجِدُ كِرَاءً وَيَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ الْهَلَاكَ فَيَجُوزُ لَهُ أَخْذُ مَنَافِعِ دَابَّةٍ عَنْ دَيْنِهِ قَالَهُ فِي رَسْمِ السَّلَمِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ الْبُيُوعِ اهـ.
مِنْهُ بِلَفْظِهِ قَالَ عبق وَظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْمَنْعِ بَيْنَ كَوْنِ الدَّيْنِ حَالًا أَوْ مُؤَجَّلًا وَإِذْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَنَافِعِ تُسْتَوْفَى مِنْ الْمُعَيَّنِ قَبْلَ حُلُولِهِ أَوْ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ بِقُرْبِ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ، بَلْ فِي الْمَوَّاقِ إنَّ ابْنَ سِرَاجٍ قَالَ لَمْ يَجْعَلْ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ أَجَلًا فَيَجُوزُ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي خِدْمَةِ الْمُعَيَّنِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَلَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ، وَقَدْ رَشَّحَهُ أَيْ رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ وَمِنْهُ يُسْتَفَادُ جَوَازُ مَنْ لَهُ عِنْدَ شَخْصٍ دَيْنٌ فَيَقُولُ لَهُ اُحْرُثْ مَعِي الْيَوْمَ أَوْ تَنْسِجُ مَعِي الْيَوْمَ وَأُعْطِيك مِمَّا عَلَيْك مِنْ الدَّيْنِ فِي نَظِيرِ هَذَا دِرْهَمًا، وَكَذَا إذَا اسْتَعْمَلَهُ فِي زَمَنٍ كَثِيرٍ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ أَنْ يَقْتَطِعَ لَهُ أُجْرَةً مِمَّا عَلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يُقَاصَّهُ مِمَّا تَرَتَّبَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ رُشْدٍ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَلَمْ يَكُنْ يَخْفَى عَلَى ابْنِ رُشْدٍ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ.
وَمَا خَالَفَهُ إلَّا لِظُهُورِهِ أَيْ قَوْلُ
الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ دَفْعٌ لِلضَّرَرِ فَلَا يُلْحَقُ بِهِ مَا لَا ضَرَرَ فِيهِ حُجَّةُ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه الْقِيَاسُ عَلَى السَّلَمِ فِي الْمُعَيَّنِ وَإِنْ وُصِفَ وَنَهْيُهُ عليه السلام عَنْ بَيْعِ الْمَجْهُولِ
(وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ) الْفَرْقُ بِأَنَّ مِنْ شَرْطِ السَّلَمِ أَنْ يَكُونَ فِي الذِّمَّةِ وَالْمُعَيَّنُ لَا يَكُونُ فِي الذِّمَّةِ بِدَلِيلِ لَوْ رَآهُ وَأَسْلَمَ فِيهِ لَمْ يَصِحَّ
(وَعَنْ الثَّانِي) أَنَّ الصِّفَةَ تَنْفِي الْجَهَالَةَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ} [البقرة: 89] فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ رَسُولَهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم كَانَ مَعْرُوفًا عِنْدَهُمْ لِأَجْلِ الْإِحَاطَةِ بِصِفَتِهِ فِي كُتُبِهِمْ وَقِيَاسًا عَلَى السَّلَمِ فَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ فَمَتَى فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ فَهُوَ مِمَّا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى الصِّفَةِ (تَنْبِيهٌ)
حَيْثُ اشْتَرَطْنَا الصِّفَاتِ فِي الْغَائِبِ أَوْ السَّلَمِ فَيُنَزَّلُ كُلُّ وَصْفٍ عَلَى أَدْنَى رُتْبَةٍ وَصِدْقِ مُسَمَّاهُ لُغَةً لِعَدَمِ انْضِبَاطِ مَرَاتِبِ الْأَوْصَافِ فِي الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ فَيُؤَدِّي
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
أَشْهَبَ عِنْدَهُ اهـ بِاخْتِصَارٍ وَبَعْضِ إيضَاحٍ قُلْت وَبِهَذَا يَخْرُجُ عَنْ حُرْمَةِ تَقْلِيدِ الضَّعِيفِ لِمَا رَجَّحَهُ الْأَشْيَاخُ وَصَحَّحَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ وَأَفْتَى ابْنُ رُشْدٍ وَلَعَلَّ وَجْهَ ظُهُورِهِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَإِنَّمَا فِيهِ الْمُقَاصَّةُ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ يُقَاصُّهُ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ لَا يُخَالِفُ فِي هَذِهِ حَيْثُ لَا شَرْطَ وَلَا عُرْفَ وَلَا نَوَى الِاقْتِطَاعَ وَلَكِنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ فَتْوَى ابْنِ رُشْدٍ جَوَازُهُ مَعَ نِيَّةِ الِاقْتِطَاعِ أَيْضًا حَيْثُ لَمْ يَشْتَرِطْهُ اهـ كَلَامُ عبق بِتَصَرُّفٍ مَا.
وَتَعَقَّبَ الْبُنَانِيُّ قَوْلَهُ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ إلَخْ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْمَوَّاقِ، بَلْ هُوَ تَحْرِيفٌ لِكَلَامِهِ وَنَصُّهُ وَكَانَ ابْنُ سِرَاجٍ يَقُولُ إذْ خَدَمَ مَعَك مَنْ لَك عَلَيْهِ دَيْنٌ بِغَيْرِ شَرْطٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَك أَنْ تُقَاصَّهُ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ قَالَ وَبِهَذَا أَفْتَى ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ لِظُهُورِهِ عِنْدَهُ إذْ مَا كَانَ ابْنُ رُشْدٍ يَخْفَى عَلَيْهِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ اهـ. فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مُوَافَقَتِهِ لِابْنِ الْقَاسِمِ لَا مُخَالَفَتِهِ لَهُ تَأَمَّلْهُ اهـ.
وَسَلَّمَهُ الرَّهُونِيُّ وكنون وَلَمْ يُسَلِّمَا تَعَقَّبَهُ عَلَى قَوْلِهِ وَظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ بِأَنَّ الَّذِي فِي الْمَوَّاقِ مِنْ نَقْلِ ابْنِ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ اسْتِعْمَالَ الْمَدِينِ فِي الْيَسِيرِ وَالدَّيْنِ لَمْ يَحِلَّ جَائِزٌ وَإِنْ حَلَّ فَلَا يَجُوزُ فِي يَسِيرٍ وَلَا كَثِيرٍ اهـ. بَلْ قَالَا لَيْسَ فِي نَقْلِ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَلَا فِي كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ مَا ذَكَرَهُ الْبُنَانِيُّ عَنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ.
قَالَ عبق وَاتَّفَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ عَلَى مَنْعِ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي مَنَافِعَ مَضْمُونَةٍ كَرُكُوبِ دَابَّةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ وَسُكْنَى دَارٍ كَذَلِكَ قَالَهُ الشَّارِحُ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الدَّارَ وَالْحَانُوتَ لَا بُدَّ مِنْ تَعَيُّنِهَا فِي الْكِرَاءِ، وَلَوْ اكْتَرَيَا بِالنَّقْدِ اهـ. مِنْ عج تَبَعًا لِبَعْضِ الشَّارِحِينَ أَيْ فَكَيْفَ يَتَأَتَّى أَنْ تَكُونَ مَضْمُونَةً، وَقَدْ يُقَالُ لَا مَانِعَ كَمَا يُفِيدُهُ مَا مَرَّ فِي الْحَجِّ مِنْ قَوْلِهِ فَالْمَضْمُونَةُ كَغَيْرِهِ وَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ ضُمِنَتْ فَجِنْسٌ اهـ. لَكِنْ قَالَ الْبُنَانِيُّ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ وَمَا سَيَأْتِي كِلَاهُمَا فِي غَيْرِ الرُّبَاعِ وَسَيَقُولُ وَعَيْنُ مُتَعَلِّمٍ وَرَضِيعٍ وَدَارٍ وَحَانُوتٍ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ، وَقَدْ يُقَالُ لَا مَانِعَ إلَخْ اهـ. وَسَلَّمَهُ الرَّهُونِيُّ وكنون
(الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ) النُّقُودُ إذَا شُخِّصَتْ وَتَعَيَّنَتْ لِلْحِسِّ بِدُونِ أَنْ تَخْتَصَّ بِصِفَةِ الْحُلِيِّ أَوْ رَوَاجِ السِّكَّةِ أَوْ نَحْوِهِمَا فَفِي تَعَيُّنِهَا وَعَدَمِ تَعَيُّنِهَا أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا إنْ شَاءَ بَائِعُهَا؛ لِأَنَّهُ أَمْلَكُ بِهَا لِقَابِضِهَا الْأَوَّلِ نَسَبَهُ الْأَصْلُ لِلشَّافِعِيِّ وَابْنِ حَنْبَلٍ وَالثَّانِي نَسَبَهُ لِمَشْهُورِ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ - وَالثَّالِثُ لَمْ يَنْسُبْهُ لِأَحَدٍ قَالَ، وَأَمَّا إذَا اخْتَصَّ النَّقْدُ بِصِفَةِ نَحْوِ الْحُلِيِّ أَوْ رَوَاجِ السِّكَّةِ فَإِنَّهَا تَتَعَيَّنُ اتِّفَاقًا وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ بِثَلَاثَةِ أُمُورٍ
(الْأَمْرُ الْأَوَّلُ) إنَّ غَرَضَهُ مُتَعَلِّقٌ بِهَا عِنْدَ الْفَلْسِ وَالنَّقْدِ الْمُعَيَّنِ آكَدُ مِنْ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ لِتَشَخُّصِهِ فَإِذَا تَعَيَّنَ النَّقْدَانِ فِي الذِّمَّةِ وَجَبَ أَنْ يَتَعَيَّنَا إذَا شُخِّصَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُفْلِسَ نَادِرٌ وَالنَّادِرُ مُلْحَقٌ بِالْغَالِبِ فِي الشَّرْعِ.
(الْأَمْرُ الثَّانِي) أَنَّ الدَّيْنَ يَتَعَيَّنُ فَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُ إلَى ذِمَّةٍ أُخْرَى فَوَجَبَ أَنْ يَتَعَيَّنَ النَّقْدَانِ بِالْقِيَاسِ عَلَى الدَّيْنِ
(وَجَوَابُهُ) أَنَّ الدَّيْنَ إنَّمَا تَعَيَّنَ وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَنْقُلَهُ إلَى ذِمَّةٍ أُخْرَى؛ لِأَنَّ الذِّمَمَ تَخْتَلِفُ بِاللَّدَدِ وَقُرْبِ الْإِعْسَارِ فَلِذَلِكَ تَعَيَّنَ الدَّيْنُ، وَلَوْ حَصَلَ فِي النَّقْدِ اخْتِلَافٌ لَتَعَيَّنَتْ أَيْضًا اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا الْكَلَامُ عِنْدَ عَدَمِ الِاخْتِلَافِ أَيْ فَالْقِيَاسُ عَلَى الدَّيْنِ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ فَلَا يَصِحُّ
(الْأَمْرُ الثَّالِثُ) أَنَّ ذَوَاتَ الْأَمْثَالِ كَأَرْطَالِ الزَّيْتِ مِنْ خَابِيَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَقْفِزَةِ الْقَمْحِ مِنْ صُبْرَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِخُصُوصِيَّاتِهَا غَرَضٌ، بَلْ كُلُّ قَفِيزٍ مِنْهَا يَسُدُّ مَسَدَّ الْآخَرِ عِنْدَ الْعُقَلَاءِ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَوْ بَاعَهُ قَفِيزًا مِنْ أَقْفِزَةٍ كِيلَتْ مِنْ صُبْرَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ رِطْلًا مِنْ أَرْطَالِ زَيْتٍ وُزِنَتْ مِنْ جَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَهُ مَوْرِدَ الْعَقْدِ وَعَيَّنَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ إبْدَالُهُ بِغَيْرِهِ، بَلْ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ مَعَ عَدَمِ الْغَرَضِ فَكَذَلِكَ النَّقْدَانِ
(وَجَوَابُهُ) أَنَّ السِّلَعَ وَإِنْ كَانَتْ ذَوَاتَ أَمْثَالٍ فَإِنَّهَا مَقَاصِدُ وَالنَّقْدَانِ وَسِيلَتَانِ لِتَحْصِيلِ الْمُثَمَّنَاتِ وَالْمَقَاصِدُ أَشْرَفُ مِنْ الْوَسَائِلِ إجْمَاعًا فَلِشَرَفِهَا اُعْتُبِرَ تَشْخِيصُهَا فَأَثَّرَتْ بِشَرَفِهَا فِي تَعْيِينِ تَشْخِيصِهَا بِخِلَافِ الْوَسَائِلِ فَإِنَّهَا لِضَعْفِهَا لَمْ يُعْتَبَرْ تَشْخِيصُهَا فَلَمْ تُؤَثِّرْ بِضَعْفِهَا فِي تَعْيِينِ تَشْخِيصِهَا إذَا قَامَ غَيْرُهَا مَقَامَهَا وَلَمْ يَخْتَصَّ بِمَعْنًى فِيهَا فَظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ مِنْ السِّلَعِ وَبَيْنَ النَّقْدَيْنِ
ذَلِكَ لِلْخِصَامِ وَالْقِتَالِ وَالْجَهَالَةِ بِالْمَبِيعِ.
(الْفَرْقُ الثَّامِنُ وَالثَّمَانُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ تَحْرِيمِ بَيْعِ الرِّبَوِيِّ بِجِنْسِهِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ عَدَمِ تَحْرِيمِ بَيْعِهِ بِجِنْسِهِ) مَتَى اتَّحَدَ جِنْسُ الرِّبَوِيِّ مِنْ الطَّرَفَيْنِ وَكَانَ مَعَهُمَا أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا جِنْسٌ آخَرُ امْتَنَعَ الْبَيْعُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَابْنِ حَنْبَلٍ رضي الله عنهم وَجَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه وَتُسَمَّى هَذِهِ الْقَاعِدَةُ بِمُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ وَشَنَّعَ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه فَإِنَّهُ عَلَى أَصْلِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ بَيْعُ دِينَارٍ بِدِينَارَيْنِ فِي قِرْطَاسٍ لِاحْتِمَالِ مُقَابَلَةِ الدِّينَارِ الزَّائِدِ بِالْقِرْطَاسِ وَهُوَ قَدْ جَوَّزَهُ وَهُوَ شَنِيعٌ لَنَا أَنَّ الْمُضَافَ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَابِلَهُ مِنْ الْآخَرِ مَا لَا يَبْقَى بَعْدَ الْمُقَابَلَةِ إلَّا أَقَلُّ مِنْ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
وَلَا قِيَاسَ مَعَ الْفَارِقِ وَيَتَّضِحُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِثَلَاثِ مَسَائِلَ (الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى)
مُقْتَضَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنهما أَنَّ خُصُوصَ النَّقْدَيْنِ لَا يُمْلَكُ أَلْبَتَّةَ وَلَا يَتَنَاوَلُهُ عَقْدٌ وَإِنَّمَا الْمُعَامَلَاتُ بَيْنَ النَّاسِ بِالْجِنْسِ وَالْمِقْدَارِ فَقَطْ بِخِلَافِ خُصُوصِيَّاتِ الْمِثْلِيَّاتِ، وَقَدْ انْبَنَى عَلَى ذَلِكَ فُرُوعٌ.
(مِنْهَا) أَنَّهُ إذَا غَصَبَ غَاصِبٌ دِينَارًا لَا يَتَمَكَّنُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مِنْ طَلَبِ خُصُوصِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الزِّنَةَ وَالْجِنْسَ دُونَ الْخُصُوصِ فَلِلْغَاصِبِ أَنْ يُعْطِيَهُ دِينَارًا غَيْرَهُ وَإِنْ كَرِهَ رَبَّهُ إذَا كَانَ الدِّينَارُ الَّذِي يُعْطِيهِ الْغَاصِبُ حَلَالًا مُسَاوِيًا لِلسِّكَّةِ وَلِلْمَقَاصِدِ فِي الدِّينَارِ الْمَغْصُوبِ (وَمِنْهَا) أَنَّهُ إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ فِي بَيْعِ الْمُعَاطَاةِ بِعْنِي بِهَذَا الدِّرْهَمِ هَذِهِ السِّلْعَةَ فَبَاعَهُ إيَّاهَا بِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ دَفْعِهِ وَيُعْطِيَهُ غَيْرَهُ (وَمِنْهَا) أَنَّ الْعُقُودَ فِي النَّقْدَيْنِ لَا تَتَنَاوَلُ إلَّا الذِّمَّةَ خَاصَّةً عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ، وَمَنْ وَافَقَهُمَا فَلَا فَرْقَ عِنْدَهُمَا بَيْنَ قَوْلِ الْقَائِلِ بِعْنِي بِدِرْهَمٍ وَبَيْنَ قَوْلِهِ بِعْنِي بِهَذَا الدِّرْهَمِ وَيُعَيِّنُهُ إذْ الْعَقْدُ فِي الصُّورَتَيْنِ إنَّمَا يَرِدُ عَلَى الذِّمَّةِ دُونَ مَا عُيِّنَ نَعَمْ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَإِنْ كَانَتْ نُصُوصُهُمْ تَقْتَضِي ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُمْ إذَا قِيلَ لَهُمْ إنَّ خُصُوصَ النَّقْدَيْنِ لَا تَمْلِكُهُ وَإِنَّ خُصُوصَ كُلِّ دِينَارٍ لَا يَمْلِكُ قَدْ يَسْتَشْنِعُونَ ذَلِكَ وَيُنْكِرُونَهُ وَهُوَ لَازِمُ مَذْهَبِهِمْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ لَازِمَ الْمَذْهَبِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ)
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْوَلِيدِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ النَّقْدَانِ يَتَعَيَّنَانِ بِالْيَقِينِ فِي الصَّرْفِ عِنْدَ مَالِكٍ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِهِ وَإِنْ لَمْ تُعَيَّنْ تَعَيَّنَتْ بِالْقَبْضِ وَبِالْمُفَارَقَةِ وَلِذَلِكَ جَازَ الرِّضَى بِالزَّائِفِ بِالصَّرْفِ اهـ.
وَقَالَ سَنَدٌ فِي الطِّرَازِ إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ النَّقْدَانِ فَالْعَقْدُ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ التَّسْلِيمَ وَالْقَبْضَ، وَإِذَا صَرَفَ رَدِيئًا، وَقَدْ افْتَرَقَا قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَتَنَاوَلُهُ الْعَقْدُ فَيَفْسُدُ فَإِنْ قُلْنَا بِأَنَّ الْقَبْضَ يُبْرِئُ الذِّمَّةَ وَتَعَيَّنَ صَحَّ الْعَقْدُ وَالطَّارِئُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ اسْتِحْقَاقٍ أَوْ عَيْبٍ فَهُوَ حُكْمٌ مُتَجَدِّدٌ لِنَفْيِ الظُّلَامَةِ كَعَقْدِ النِّكَاحِ مُبْرِمٌ لِلْمِيرَاثِ وَحِلِّ الْوَطْءِ.
وَإِذَا ظَهَرَ بَعْدَ الْمَوْتِ عَيْبٌ بِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ يُوجِبُ الرَّدَّ فَإِذَا رَضِيَ بِالْعَيْبِ بَقِيَ الْعَقْدُ عَلَى حَالِهِ وَإِنْ كَرِهَ الْآخَرُ وَإِنْ أَرَادَ الْبَدَلَ مَنَعَهُ مَالِكٌ إلَّا أَنْ يُدَلِّسَ بَائِعُهُ وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ فِي كُتُبِ الْفُرُوعِ.
وَقَالَ الْعَبْدَلِيُّ لَا تَتَعَيَّنُ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ الصَّرْفِ وَالْكِرَاءِ اهـ وَاسْتِثْنَاءُ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ يَحُوجُ إلَى ذِكْرِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ سَائِرِ الْمَسَائِلِ وَهُوَ أَنْ يَصْعُبَ فِي الصَّرْفِ إذْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا قَالَ فِيهِ مَالِكٌ بِالتَّعْيِينِ لِضِيقِ بَابِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الشَّرْعَ أَمَرَ فِيهِ بِسُرْعَةِ الْقَبْضِ نَاجِزًا وَالتَّعْيِينُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَحْصُلُ الْجَزْمُ بِالْقَبْضِ وَالتَّنَاجُزِ فَيَحْصُلُ مَقْصُودُ الْقَبْضِ نَاجِزًا يُنَاسِبُ الضِّيقَ بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا إنَّ الصَّرْفَ إنَّمَا وَرَدَ عَلَى الذِّمَّةِ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا، فَيَكُونُ هَذَا الْقَبْضُ مُبَرِّئً لِمَا فِي الذِّمَّةِ وَأَنْ لَا يَكُونَ مُوَافِقًا فَلَا يَكُونُ مُبَرِّئً لَكِنَّ الْفَرْقَ يَصْعُبُ فِي الْكِرَاءِ إذْ غَايَةُ مَا يُقَالُ فِيهِ إنَّ الْكِرَاءَ يَرِدُ عَلَى الْمَنَافِعِ الْمَعْدُومَةِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ النَّقْدَانِ مُعَيَّنَيْنِ فِيهِ، بَلْ كَانَا فِي الذِّمَّةِ وَالْكِرَاءِ أَيْضًا فِي الذِّمَّةِ لَكَانَ يُشْبِهُ بَيْعَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَهُوَ حَرَامٌ بِخِلَافِ جَمِيعِ الْأَعْيَانِ فَإِنَّهَا تَتَعَيَّنُ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا الْفَرْقَ مُشْكِلٌ فَإِنَّ الْكِرَاءَ يَجُوزُ عَلَى الذِّمَّةِ تَصْرِيحًا وَيُعَيِّنُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلْيُطْلَبْ لَهُ فَرْقٌ يَلِيقُ بِهِ (الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ)
إذَا جَرَى غَيْرُ النَّقْدَيْنِ مِنْ الْعُرُوضِ مَجْرَاهُمَا فِي الْمُعَامَلَةِ كَالْفُلُوسِ أَوْ غَيْرِهِمَا كَالنَّوْطِ قَالَ سَنَدٌ مَنْ أَجْرَى الْفُلُوسَ مَجْرَى النَّقْدَيْنِ فِي تَحْرِيمِ الرِّبَا جَعَلَهَا كَالنَّقْدَيْنِ وَمَنَعَ الْبَدَلَ فِي الصَّرْفِ إذَا وَجَدَ بَعْضَهَا رَدِيئًا وَقَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا اشْتَرَيْت فُلُوسًا بِدَرَاهِمَ فَوَجَدْت بَعْدَ التَّفَرُّقِ بَعْضَ الْفُلُوسِ رَدِيئًا اسْتَحَقَّ الْبَدَلَ لِلْخِلَافِ فِيهَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِهِ أَنَّ الْفُلُوسَ يُكْرَهُ الرِّبَا فِيهَا مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ وَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ التَّحْرِيمُ وَالْإِبَاحَةُ وَالْكَرَاهَةُ اهـ. كَلَامُ الْأَصْلِ بِتَصَرُّفٍ وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ عَرْضٍ جَرَى مَجْرَى النَّقْدَيْنِ فِي الْمُعَامَلَةِ كَالْفُلُوسِ النُّحَاسِ وَوَرَقِ النَّوْطِ يَتَحَقَّقُ فِيهِ وَجْهَانِ وَجْهُ كَوْنِهِ كَالْعَرْضِ فَقَطْ فِي كَوْنِهِ غَيْرَ رِبَوِيٍّ قَالَ الدُّسُوقِيُّ عَلَى
الدَّرْدِيرِ عَلَى مُخْتَصَرِ خَلِيلٍ.
وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ يُقَالُ فِي بَيْعِ الْفُلُوسِ السَّحَاتِيتِ الْمُتَعَامَلِ بِهَا بِالْفُلُوسِ الدِّيوَانِيَّةِ إنْ تَمَاثَلَا عَدَدًا فَأَجِزْ وَإِنْ جُهِلَ عَدَدُ كُلٍّ فَإِنْ زَادَ أَحَدُهُمَا زِيَادَةً تَنْفِي الْمُزَابَنَةَ فَأَجِزْ وَإِلَّا فَلَا اهـ الْمُحْتَاجُ مِنْهُ بِتَصَرُّفٍ وَهُوَ أَيْضًا مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ.
وَالْقَوْلُ الْمُقَابِلُ لِلصَّحِيحِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إلَّا أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ، وَمَنْ يَقُولُ بِهَذَا الْقَوْلِ مِنْ الْحَنَابِلَةِ
مُسَاوِي الْمُضَافِ إلَيْهِ وَالْمُمَاثَلَةُ شَرْطٌ وَالْجَهْلُ بِالشَّرْطِ يُوجِبُ الْجَهْلَ بِالْمَشْرُوطِ فَلَا يَقْضِي بِالصِّحَّةِ؛ وَلِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ لِلتَّفَاضُلِ وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى الْمَنْعِ إذَا كَانَ الرِّبَوِيَّانِ مُسْتَوِيَيْنِ فِي الْمِقْدَارِ وَمَعَ أَحَدِهِمَا عَيْنٌ أُخْرَى؛ لِأَنَّهَا تُقَابِلُ مِنْ أَحَدِهِمَا جُزْءًا فَيَبْقَى أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ بِالضَّرُورَةِ فَيَذْهَبُ مَا يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ مِنْ حُسْنِ الظَّنِّ بِالْمُسْلِمِينَ وَفِي مُسْلِمٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ أُتِيَ بِقِلَادَةٍ وَهُوَ بِخَيْبَرَ فِيهَا ذَهَبٌ وَخَرَزٌ فَمَنَعَ بَيْعَهَا حَتَّى تُفْصَلَ» وَهُوَ يُبْطِلُ مَذْهَبَ الْحَنَفِيَّةِ مُضَافًا إلَى الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ وَأَجَابُوا بِأَنَّ قَضِيَّةَ الْقِلَادَةِ وَاقِعَةُ عَيْنٍ لَمْ يَتَعَيَّنْ الْمَنْعُ فِيهَا لِمَا ذَكَرْنَاهُ، بَلْ لِأَنَّ الْحُلِيَّ الَّذِي كَانَ فِيهَا كَانَ مَجْهُولَ الزِّنَةِ وَنَحْنُ لَا نُجِيزُهُ مَعَ الْجَهْلِ بِالزِّنَةِ فَإِذَا فُصِلَتْ الْقِلَادَةُ وَوُزِنَتْ عُلِمَ وَزْنُهَا فَجَازَ بَيْعُهَا فَلِمَ، قُلْتُمْ إنَّ الْمَنْعَ مَا كَانَ لِذَلِكَ وَالْعُمْدَةُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
يَقُولُونَ بِوُجُوبِ زَكَاةِ قِيمَتِهِ عَلَى التَّاجِرِ مُطْلَقًا، وَلَوْ مُحْتَكِرًا.
وَأَمَّا عِنْدَنَا فَقَالَ الشَّيْخُ عُلَيْش فِي فَتَاوِيهِ إنَّ وَرَقَ النَّوْطِ وَالْفُلُوسَ النُّحَاسَ الْمَخْتُومَةَ بِخَتْمِ السُّلْطَانِ الْمُتَعَامَلَ بِهَا لَا زَكَاةَ فِي عَيْنِهَا لِخُرُوجِهَا عَمَّا وَجَبَتْ فِي عَيْنِهِ مِنْ النِّعَمِ وَالْأَصْنَافِ الْمَخْصُوصَةِ مِنْ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَمِنْهُمَا قِيمَةُ عَرْضِ الْمُدِيرِ وَثَمَنُ عَرْضِ الْمُحْتَكِرِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَمَنْ حَالَ الْحَوْلُ عَلَى فُلُوسٍ عِنْدَهُ قِيمَتُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مُدِيرًا فَيُقَوِّمَهَا كَالْعُرُوضِ اهـ وَفِي الطِّرَازِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي عَيْنِهَا وَاتِّفَاقِهِمَا عَلَى تَعَلُّقِهَا بِقِيمَتِهَا، وَعَنْ الشَّافِعِيِّ قَوْلَيْنِ فِي إخْرَاجِ عَيْنِهَا أَيْ فِي جَوَازِ إخْرَاجِ عَيْنِ الْفُلُوسِ الْجُدُدِ فِي زَكَاةِ النَّقْدِ وَقِيمَةِ عُرُوضِ التِّجَارَةِ الَّتِي مِنْهَا الْفُلُوسُ.
وَهُوَ مَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ أَوْ عَدَمُ جَوَازِ خَرَاجِ عَيْنِهَا وَهُوَ أَصْلُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ قَالَ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا لَا تَجِبُ فِي عَيْنِهَا إذْ لَا خِلَافَ أَنَّهَا لَا يُعْتَبَرُ وَزْنُهَا وَلَا عَدَدُهَا وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا فَلَوْ وَجَبَتْ فِي عَيْنِهَا لَاعْتُبِرَ النِّصَابُ مِنْ عَيْنِهَا وَمَبْلَغِهَا لَا مِنْ قِيمَتِهَا كَمَا فِي عَيْنِ الْوَرَقِ وَالذَّهَبِ وَالْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ، فَلَمَّا انْقَطَعَ تَعَلُّقُهَا بِعَيْنِهَا جَرَتْ عَلَى حُكْمِ جِنْسِهَا مِنْ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ وَشَبَهِهِ اهـ. (وَالْقَوْلُ) بِالتَّحْرِيمِ مَبْنِيٌّ عَلَى اعْتِبَارِ جِهَةِ كَوْنِهِ كَالنَّقْدِ قُوَّةً فِي كَوْنِهِ رِبَوِيًّا قَالَ الدُّسُوقِيُّ وَعَلَى أَنَّ الْفُلُوسَ رِبَوِيَّةٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْفُلُوسِ السَّحَاتِيتِ الْمُتَعَامَلِ بِهَا بِالْفُلُوسِ الدِّيوَانِيَّةِ إلَّا إذَا تَمَاثَلَا وَزْنًا أَوْ عَدَدًا اهـ.
وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَفِي السَّلَمِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَالصِّغَرِ وَالنُّحَاسِ عَرْضُ مَا لَمْ يُضْرَبْ فُلُوسًا فَإِذَا ضُرِبَ فُلُوسًا جَرَى مَجْرَى الذَّهَبِ وَالْوَرَقِ مَجْرَاهُمَا فِيمَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ وَفِي الصَّرْفِ مِنْهَا، وَمَنْ لَك عَلَيْهِ دِرْهَمٌ، ثُمَّ قَالَ، وَكَذَلِكَ الْفُلُوسُ اهـ. نَقَلَهُ الرَّهُونِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى عبق وَنُقِلَ قَبْلَهُ قَوْلُ عِيَاضٍ فِي التَّنْبِيهَاتِ اُخْتُلِفَ لَفْظُهُ أَيْ مَالِكٍ فِي الْفُلُوسِ فِي مَسَائِلِهِ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ رَأْيِهِ فِي أَصْلِيًّا هِيَ كَالْعَرْضِ أَوْ كَالْعَيْنِ فَلَهُ هُنَا التَّشْدِيدُ وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِيهَا النَّظْرَةُ وَلَا تَجُوزُ وَشَبَّهَهَا بِالْعَيْنِ وَظَاهِرُهُ الْمَنْعُ جُمْلَةً كَالْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ اهـ.
وَقَالَ قَبْلُ وَجَزَمَ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ بَيْعَ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِالْفُلُوسِ صَرْفٌ حَيْثُ قَالَ الصَّرْفُ بِبَيْعِ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ أَوْ أَحَدِهِمَا بِفُلُوسٍ لِقَوْلِهَا أَيْ الْمُدَوَّنَةِ مَتَى صَرَفَ دَرَاهِمَ بِفُلُوسٍ وَالْأَصْلُ الْحَقِيقَةُ اهـ يُقَيِّدُ حُرْمَةَ التَّأْخِيرِ فِي ذَلِكَ جَزْمًا مَعَ أَنَّهُ قَدْ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا نَصُّهُ وَفِي كَوْنِ الْفُلُوسِ رِبَوِيَّةً كَالْعَيْنِ ثَالِثُ الرِّوَايَاتِ يُكْرَهُ فِيهَا اهـ.
وَقَالَ أَيْضًا مَا نَصُّهُ رَوَى مُحَمَّدٌ فِي الْفُلُوسِ وَالتَّمَائِمِ مِنْ الرَّصَاصِ تُبَاعُ بِعَيْنٍ لِأَجَلٍ لَمْ يَبْلُغْهُ تَحْرِيمُهُ عَنْ أَحَدٍ، وَلَيْسَ بِحَرَامٍ وَتَرْكُهُ أَحَبُّ إلَيَّ اتَّهَبَ بِفَسْخٍ إنْ نَزَلَ إلَّا أَنْ تَفُوتَ الْفُلُوسُ بِحَوَالَةِ سُوقٍ أَوْ تَبْطُلَ اهـ كَلَامُ الرَّهُونِيِّ وَمَفْهُومُ قَوْلِ الطِّرَازِ الْمُتَقَدِّمِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا أَيْ الزَّكَاةَ لَا تَجِبُ فِي عَيْنِهَا إلَخْ أَنَّهَا تَجِبُ فِي عَيْنِهَا عَلَى مُقَابِلِ الْمَذْهَبِ الْمَبْنِيِّ عَلَى اعْتِبَارِ جِهَةٍ أَنَّ نَحْوَ الْفُلُوسِ كَالْعَيْنِ فَقَطْ كَمَا لَا يَخْفَى (وَالْقَوْلُ) بِالْكَرَاهَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى اعْتِبَارِ أَنَّ لَهُ مَرْتَبَةً وُسْطَى بَيْنَ الْجِهَتَيْنِ الْمُتَحَقِّقَتَيْنِ فِيهِ فَتُرَاعَى فِيهِ جِهَةُ كَوْنِهِ كَالْعَيْنِ فِي نَحْوِ الصَّرْفِ وَالرِّبَا وَيُرَاعَ فِيهِ جِهَةُ كَوْنِهِ كَالْعَرْضِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ عِنْدَنَا فَفِي حَاشِيَةِ الرَّهُونِيِّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مَا نَصُّهُ رَوَى مُحَمَّدٌ فِي الْفُلُوسِ وَالتَّمَائِمِ مِنْ الرَّصَاصِ تُبَاعُ بِعَيْنٍ لِأَجَلٍ لَمْ يَبْلُغْهُ تَحْرِيمُهُ عَنْ أَحَدٍ، وَلَيْسَ بِحَرَامٍ وَتَرْكُهُ أَحَبُّ إلَيَّ كَمَا تَقَدَّمَ وَفِي الْإِرْشَادِ الْمَنْصُوصُ كَرَاهَةُ التَّفَاضُلِ وَالنَّسَاءِ فِي الْفُلُوسِ اهـ. وَنَحْوُهُ فِي التَّلْقِينِ وَالتَّفْرِيعِ وَالْمُدَوَّنَةِ فِي مَوْضِعَيْنِ وَسَاقَ نُصُوصَ الْجَمِيعِ فَانْظُرْهُ، وَقَالَ قَالَ عِيَاضٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ لَيْسَتْ الْفُلُوسُ كَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ.
وَلَيْسَتْ كَالدَّرَاهِمِ الْعَيْنُ وَأَجَازَ بَدَلَهَا إذَا أَصَابَهَا رَدِيئَةً، وَقَالَ فِي ثَانِي السَّلَمِ إنْ بَاعَ بِهَا وَكِيلٌ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهَا كَالْعَرْضِ إلَّا فِي سِلْعَةٍ يَسِيرَةِ الثَّمَنِ وَفِي الزَّكَاةِ لَا تُزَكَّى إلَّا فِي الْإِدَارَةِ كَالْعَرْضِ وَفِي السَّلَمِ الثَّالِثِ مُنِعَ بَيْعُهَا جُزَافًا كَالْعَيْنِ وَفِي الْأَوَّلِ يُسْلَمُ فِيهَا الطَّعَامُ وَالْعَرْضُ لَا غَيْرُ وَفِي الْقَرْضِ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحِيمِ جَوَازُ بَيْعِهَا بِالْعَيْنِ نَظْرَةٌ وَفِي الْعَارِيَّةِ إنْ أَعَارَهَا فَهُوَ قَرْضٌ كَالْعَيْنِ وَفِي الِاسْتِحْقَاقِ إنْ اُسْتُحِقَّتْ وَكَانَتْ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ أَتَى بِمِثْلِهَا كَالْعَيْنِ وَفِي الرُّهُونِ إنْ رَهَنَتْ طَبَعَ عَلَيْهَا كَالْعَيْنِ اهـ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الرَّهُونِيِّ.
وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ هَذِهِ