الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَيَصِحُّ بَيْعُ التُّرَابِ وَالْمَاءِ وَلَبَنِ الْآدَمِيَّاتِ، وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ حَنْبَلٍ قِيَاسًا عَلَى لَبَنِ الْغَنَمِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ -: لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا أَكْلُهُ؛ لِأَنَّهُ جُزْءُ حَيَوَانٍ مُنْفَصِلٍ عَنْهُ فِي حَيَاتِهِ فَيَحْرُمُ أَكْلُهُ فَيَمْتَنِعُ بَيْعُهُ وَجَوَابُهُ الْقِيَاسُ الْمُتَقَدِّمُ وَفَرَّقَ هُوَ بِشَرَفِ الْآدَمِيِّ وَإِبَاحَةِ لَبَنِهِ هُوَ أَنَّهُ اُسْتُثْنِيَ مِنْهُ الرَّضَاعُ لِلضَّرُورَةِ وَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ بِخِلَافِ الْأَنْعَامِ بِدَلِيلِ تَحْرِيمِ لَحْمِهِ تَشْرِيفًا لَهُ وَيَنْدَفِعُ الْفَرْقُ بِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا أَرْضَعَتْ كَبِيرًا فَحَرُمَ عَلَيْهَا فَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمَا فَعَلَتْ ذَلِكَ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ فَكَانَ ذَلِكَ إجْمَاعًا عَلَى إلْغَاءِ هَذَا الْفَرْقِ
(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ)
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
ثُبُوتِ التَّحْرِيمِ دَاخِلًا فِيمَا اُسْتُثْنِيَ لِلضَّرُورَةِ وَمَا قَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ إلَى آخِرِ الْفَرْقِ حِكَايَةُ أَقْوَالٍ وَتَوْجِيهٌ وَتَرْجِيحٌ لَا كَلَامَ فِيهِ مَعَهُ وَجَمِيعُ مَا قَالَهُ فِي الْفُرُوقِ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ هَذَا صَحِيحٌ.
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
عَلَى الْبَائِعِ
(ثَانِيهَا) فِي غَيْرِ الصَّرْفِ، وَأَمَّا فِيهِ فَيُفْسَخُ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ إنْ لَمْ يُخْبِرْ الْمُصْطَرِفُ
(ثَالِثُهَا) فِي غَيْرِ الْوَقْفِ.
وَأَمَّا فِيهِ فَبَاطِلٌ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَا وَاقِفِهِ وَإِنْ كَانَ الْمِلْكُ لَهُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ فِي شَيْءٍ خَاصٍّ وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ فَإِنَّهُ وَلِوَارِثِهِ مَنْعُ مَنْ يُرِيد إصْلَاحَهُ وَإِنْ تَصَرَّفَ لِمِلْكِ غَيْرٍ أَيْ اشْتَرَى لِغَيْرِهِ وَلَمْ يُجِزْهُ لَزِمَ الشِّرَاءُ لِلْمُشْتَرِي وَلَا يَرْجِعُ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْبَائِعِ بِمَالِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي أَشْهَدَ أَنَّ الشِّرَاءَ لِفُلَانٍ بِمَالِهِ وَالْبَائِعُ يَعْلَمُ ذَلِكَ أَوْ صَدَقَ الْمُشْتَرِي فِيهِ أَوْ تَقُومُ بَيِّنَةٌ أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ مِلْكٌ لِلْمُشْتَرِي لَهُ فَإِنْ أَخَذَ الْمُشْتَرِي لَهُ مَالَهُ وَلَمْ يُجِزْ الشِّرَاءَ انْتَقَضَ الْبَيْعُ فِيمَا إذَا صُدِّقَ الْبَائِعُ أَنَّهُ اشْتَرَى لِغَيْرِهِ أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ الْبَائِعَ يَعْلَمُ ذَلِكَ وَلَمْ يُنْتَقَضْ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ أَنَّ الْمَالَ لِلْمُشْتَرِي لَهُ، بَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَيَلْزَمُهُ الْبَيْعُ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ اهـ.
وَسَلَّمَهُ الْبُنَانِيُّ وَالتَّاوُدِيُّ وَالرَّهُونِيُّ وكنون فَهُوَ الْمَذْهَبُ وَأَصْلُ قَوْلِهِ وَالْمُعْتَمَدُ حُرْمَةُ بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ إلَخْ قَوْلُ الْأَصْلِ ظَاهِرُ كَلَامِ الطِّرَازِ الْجَوَازُ لِحَدِيثِ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ الْآتِي وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ النَّدْبُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] لَكِنَّ قَوْلَ الْقَاضِي أَيْ عِيَاضٍ فِي التَّنْبِيهَاتِ أَنَّ مَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ لِأَمْرٍ خَارِجِيٍّ كَبَيْعِ الْأُمِّ دُونَ وَلَدِهَا وَبَيْعِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَبَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ اهـ. يَقْتَضِي تَحْرِيمَهُ، بَلْ قَدْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِالتَّحْرِيمِ مِنْ مَالِكٍ وَالْأَبْهَرِيِّ فِي قَوْلِ الْأَبْهَرِيِّ قَالَ مَالِكٌ يَحْرُمُ بَيْعُ السِّلَعِ أَيَّامَ الْخِيَارِ حَتَّى يَخْتَارَ لِنَهْيِهِ عليه السلام عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يَضْمَنْ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ يَحْرُمُ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَقَرَّرَ مِلْكُهُ عَلَيْهَا قَالَ وَمَعْنَى نَهْيِهِ عليه السلام عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يَضْمَنْ بَيْعَ الْإِنْسَانِ لِمِلْكِ غَيْرِهِ اهـ.
وَيُجَابُ عَنْ حَدِيثِ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ بِأَنَّ حَالَةَ الصُّحْبَةِ أَوْجَبَتْ الْإِذْنَ بِلِسَانِ الْحَالِ الَّذِي يَقُومُ مَقَامَ التَّوْكِيلِ بِلِسَانِ الْمَقَالِ الْمُوجِبِ لِلْإِبَاحَةِ وَنَفْيِ الْإِثْمِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ مُطْلَقًا اهـ. وَحُجَّةُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ
(الْأَوَّلُ) قَوْلُهُ عليه السلام «لَا بَيْعَ وَلَا طَلَاقَ وَلَا عَتَاقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ»
(الْأَمْرُ الثَّانِي) قَاعِدَةُ أَنَّ وُجُودَ السَّبَبِ بِكَمَالِهِ بِدُونِ آثَارِهِ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِهِ
(الْأَمْرُ الثَّالِثُ) الْقِيَاسُ عَلَى الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَوَجْهُ الْفَرْقِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بَيْنَ الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ أَنَّ الشِّرَاءَ يَقَعُ لِلْمُبَاشَرَةِ فَيَفْتَقِرُ نَقْلُ الْمِلْكِ إلَى عَقْدٍ آخَرَ، وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ عِنْدَهُ يَقَعُ الْعَقْدُ لَهُ، ثُمَّ يَنْتَقِلُ بِخِلَافِ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ مُخْرِجٌ لِلسِّلْعَةِ لَا جَالِبٌ لَهَا وَأَجَابَ الْمَالِكِيَّةُ عَنْ (الْحَدِيثِ) بِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ لَا شَيْءَ مِنْ الثَّلَاثَةِ لَازِمٌ فِيمَا إلَخْ قُلْنَا بِمُوجِبِهِ وَإِنْ أُرِيدَ لَا شَيْءَ مِنْهَا صَحِيحٌ فِيمَا إلَخْ حَمَلْنَاهُ عَلَى مَا قَبْلَ الْإِجَازَةِ؛ لِأَنَّ الْعَامَّ فِي الْأَشْخَاصِ مُطْلَقٌ فِي الْأَحْوَالِ سَلَّمْنَا عُمُومَهُ فِي الْأَحْوَالِ لَكِنَّهُ مُعَارَضٌ بِأَنَّهُ عليه السلام «دَفَعَ لِعُرْوَةِ الْبَارِقِيِّ دِينَارًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ أُضْحِيَّةً فَاشْتَرَى بِهِ أُضْحِيَّتَيْنِ، ثُمَّ بَاعَ إحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ وَجَاءَ بِدِينَارٍ وَأُضْحِيَّةٍ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ بَارَكَ اللَّهُ لَك فِي صَفْقَةِ يَمِينِك فَكَانَ إذَا اشْتَرَى التُّرَابَ رَبِحَ» فِيهِ خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُد؛ وَلِأَنَّهُ تَعَاوُنٌ عَلَى الْبِرِّ، فَيَكُونُ مَشْرُوعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] ، وَعَنْ الْقَاعِدَةِ بِأَنَّهَا تُنْتَقَضُ بِبَيْعِ الْخِيَارِ، وَعَنْ الْقِيَاسِ بِالْفَرْقِ بِأَنَّ الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ لَا يَقْبَلَانِ الْخِيَارَ فَكَذَلِكَ لَا يَقْبَلَانِ الْإِيقَافَ وَالْبَيْعُ يَقْبَلُ الْخِيَارَ فَيَقْبَلُ الْإِيقَافَ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا وَقَاعِدَةِ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا]
(الْفَرْقُ السَّادِسُ وَالثَّمَانُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا وَقَاعِدَةِ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا)
فِي حَاشِيَةِ الْبُنَانِيِّ عَلَى عبق قَالَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ الْجُزَافُ مُثَلَّثٌ الْجِيمُ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَهُوَ بَيْعُ الشَّيْءِ بِلَا كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ وَلَا عَدَدٍ اهـ. وَحَدَّ ابْنُ عَرَفَةَ بَيْعَ الْجُزَافِ بِأَنَّهُ بَيْعُ مَا يُمْكِنُ عِلْمُ قَدْرِهِ دُونَ أَنْ يُعْلَمَ وَالْأَصْلُ مَنْعُهُ وَخُفِّفَ فِيمَا شَقَّ عِلْمُهُ أَوْ قَلَّ جَهْلُهُ اهـ.
فَقَوْلُهُ شَقَّ عِلْمُهُ يُرِيدُ فِي الْمَعْدُودِ وَقَلَّ جَهْلُهُ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ إذْ لَا تُشْتَرَطُ الْمَشَقَّةُ فِيهِمَا كَمَا يَأْتِي اهـ. مِنْهَا بِلَفْظِهَا وَمَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا عِبَارَةٌ عَمَّا اجْتَمَعَ فِيهِ شُرُوطُ جَوَازِهِ وَصِحَّتِهِ مَعًا سَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ أَوْ كَانَ مِمَّا يُعَدُّ فَلَا يُعَدُّ مِنْ شُرُوطِ الْجَوَازِ كَوْنُهُ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ حَيْثُ عَدَّهُ مِنْ شُرُوطِ الْجَوَازِ.
وَقَالَ لَا يَجُوزُ فِي الْمَعْدُودِ غَيْرَ أَنَّ مَالِكًا أَجَازَ بَيْعَ صِغَارِ الْحِيتَانِ
بَيْعُ الْفُضُولِ فِي الشَّرْطِ الْخَامِسِ قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ مُقْتَضَى مَا حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ شَرْطٌ فِي الصِّحَّةِ، وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ حَنْبَلٍ رضي الله عنهما، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه هُوَ شَرْطٌ فِي الشِّرَاءِ دُونَ الْبَيْعِ، وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً لَيْسَتْ فِي مِلْكِهِ وَيُوجِبُ عَلَى نَفْسِهِ تَحْصِيلَ ثَمَنِهَا؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ.
وَقَالَ سَحْنُونٌ إنْ نَزَلَ ذَلِكَ فَلِرَبِّهَا إمْضَاءُ الْبَيْعِ كَمَنْ غَصَبَ سِلْعَةً وَالْمُشْتَرِي يَعْلَمُ بِالْغَصْبِ وَمَنَعَ أَشْهَبُ ذَلِكَ فِي الْغَاصِبِ لِدُخُولِهِمَا عَلَى الْفَسَادِ وَالْغَرَرِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ الْقِيَاسُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قُلْت فَظَاهِرُ هَذَا النَّقْلِ يَقْتَضِي أَنَّ إطْلَاقَ الْأَصْحَابِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي غَيْرَ عَالِمٍ بِعَدَمِ الْمِلْكِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ لَهُ الْإِمْضَاءَ أَمَّا إذَا عَلِمَ فَلَا عَلَى هَذَا الْخِلَافِ احْتَجَّ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِقَوْلِهِ عليه السلام «لَا بَيْعَ وَلَا طَلَاقَ وَلَا عَتَاقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ» ؛ وَلِأَنَّ وُجُودَ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
وَالْعَصَافِيرِ جُزَافًا إذَا ذُبِحَتْ؛ لِأَنَّ الْحَيَّةَ يَدْخُلُ بَعْضُهَا تَحْتَ بَعْضٍ وَالْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ يُقْصَدُ كَثْرَتُهُ وَقِلَّتُهُ وَالْمُحَصِّلُ لَهُمَا الْحَزْرُ وَمَا يُقْصَدُ آحَادُ جِنْسِهِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا كَالثِّيَابِ فَإِنَّ الْغَرَضَ يَتَعَلَّقُ بِثَوْبٍ دُونَ ثَوْبٍ وَلَا يَتَعَلَّقُ الْغَرَضُ بِقَمْحَةٍ دُونَ قَمْحَةٍ، بَلْ الْمَطْلُوبُ الْجِنْسُ وَالْمِقْدَارُ دُونَ الْآحَادِ بِخُصُوصِيَّاتِهَا اهـ.
وَإِنْ اقْتَصَرَ الْأَصْلُ عَلَى كَلَامِهِ نَعَمْ يَخْتَصُّ جَوَازُ بَيْعِ الْمَعْدُودِ، وَكَذَا صِحَّتُهُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ عبق وَسَلَّمَهُ الْبُنَانِيُّ وَغَيْرُهُ بِشَرْطَيْنِ ذَكَرَهُمَا خَلِيلٌ فِي مُخْتَصَرِهِ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يُعَدَّ بِلَا مَشَقَّةٍ وَلَمْ تَقْصِدْ إفْرَادَهُ إلَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُهُ اهـ.
قَالَ عبق مَنْطُوقُ قَوْلِهِ وَلَمْ يُعَدَّ بِلَا مَشَقَّةٍ أَنْ يُعَدَّ بِمَشَقَّةٍ اهـ. قَالَ الْبُنَانِيُّ جَرَى عَلَى قَوْلِهِمْ:
قَاعِدَةُ النَّفِيَّيْنِ إنْ تَكَرَّرَا
…
حَذَفَهُمَا مَنْطُوقُ قَوْلٍ قَدْ جَرَى
وَحَذْفُ وَاحِدٍ فَقَطْ مَفْهُومٌ
…
فَافْهَمْ فَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَعْلُومُ
لَكِنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ لَيْسَتْ عَلَى إطْلَاقِهَا، بَلْ هِيَ مَقْصُورَةٌ عَلَى سَلْبِ السَّلْبِ نَحْوِ لَيْسَ زَيْدٌ لَيْسَ هُوَ بِعَالِمٍ، وَلَيْسَتْ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ إلَّا مِنْ قَبِيلِ السَّالِبَةِ الْمَعْدُولَةِ وَهِيَ الَّتِي جُعِلَ فِيهَا السَّلْبُ جُزْأَهُ مِنْ مَدْخُولِهَا، وَقَدْ صَرَّحُوا أَنَّهَا لَا تَقْتَضِي وُجُودًا لِمَوْضُوعٍ فَمَنْطُوقُهَا أَعَمُّ مِمَّا ذَكَرَهُ لِصِدْقِهِ بِهِ وَيَكُونُ الْمَبِيعُ مِمَّا لَا يُعَدُّ أَصْلًا وَهُوَ صَحِيحٌ اهـ.
ثُمَّ قَالَ قَالَ الْقَبَّابُ فِي شَرْحِ بُيُوعِ ابْنِ جَمَاعَةَ مَا نَصُّهُ قَيَّدُوا الْجَوَازَ فِي الْمَعْدُودِ بِمَا تَلْحَقُ الْمَشَقَّةُ فِي عَدِّهِ لِكَثْرَتِهِ وَتَسَاوِي أَفْرَادِهِ كَالْجَوْزِ وَالْبَيْضِ أَوْ يَكُونُ الْمَقْصُودُ مَبْلَغَهُ لَا آحَادَهُ كَالْبِطِّيخِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْجُزَافُ فِيهِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ آحَادُهُ وَالنُّصُوصُ بِذَلِكَ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ اهـ.
وَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ قَوْلِ سَحْنُونٍ مَا نَصُّهُ قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ لَا يُبَاعُ الْجَوْزُ جُزَافًا إذَا بَاعَهُ، وَقَدْ عَرَفَ عَدَدَهُ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُبَاعَ الْقِثَّاءُ جُزَافًا؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ صَغِيرٌ وَكَبِيرٌ وَيَكُونُ الْعَدْلُ الَّذِي هُوَ أَقَلُّ عَدَدٍ أَكْبَرَ مِنْ الْعَدْلِ الَّذِي هُوَ أَكْثَرُ عَدَدًا اهـ. ابْنُ رُشْدٍ مَعْرِفَةُ عَدَدِ الْقِثَّاءِ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي الْمَنْعِ مِنْ بَيْعِهِ جُزَافًا إذْ لَا يُعْرَفُ قَدْرُ وَزْنِهِ بِمَعْرِفَةِ عَدَدِهِ لِاخْتِلَافِهِ فِي الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ بِخِلَافِ الْجَوْزِ الَّذِي يَقْرُبُ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ وَهَذَا أَهْوَنُ.
قَالَ: وَعَلَى ظَاهِرِ ابْنِ بَشِيرٍ يَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُهُ فَلَهُ جُمْلَةُ ثَمَنِهِ لَا قِلَّةُ ثَمَنِ تَفَاوُتِ الْأَفْرَادِ فِيمَا بَيْنَهَا وَنَصُّهُ الْمَعْدُودَاتُ إنْ قَلَّتْ جَازَ بَيْعُهَا جُزَافًا اهـ. وَهُوَ أَيْضًا ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ الْغَرَضُ بِعَدَدِهِ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ جُزَافًا إلَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُ هَذَا النَّوْعِ فَقَدْ وَقَعَ فِي الْمَذْهَبِ مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ بَيْعِهِ جُزَافًا اهـ.
قُلْت، بَلْ مَآلُ قَوْلِ اللَّخْمِيِّ غَيْرَ أَنَّ مَالِكًا أَجَازَ إلَخْ يَرْجِعُ لِمَا ذُكِرَ مِنْ جَوَابِ بَيْعِ الْمَعْدُودِ جُزَافًا بِزِيَادَةِ الشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فَتَأَمَّلْ بِإِنْصَافٍ وَبِالْجُمْلَةِ فَمَا يُبَاعُ جُزَافًا مِنْ الْمَعْدُودِ إمَّا أَنْ يُعَدَّ بِمَشَقَّةٍ أَمْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُقْصَدَ أَفْرَادُهُ أَمْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُهَا أَمْ لَا فَمَتَى عُدَّ بِلَا مَشَقَّةٍ لَمْ يَجُزْ جُزَافًا قُصِدَتْ أَفْرَادُهُ أَمْ لَا قَلَّ ثَمَنُهَا أَمْ لَا وَمَتَى عُدَّ بِمَشَقَّةٍ فَإِنْ لَمْ نَقْصِدْ أَفْرَادَهُ جَازَ بَيْعُهُ جُزَافًا قَلَّ ثَمَنُهَا أَمْ لَا وَإِنْ قُصِدَتْ جَازَ جُزَافًا إنْ قَلَّ ثَمَنُهَا وَمُنِعَ إنْ لَمْ يَقِلَّ فَالْمَنْعُ فِي خَمْسَةٍ وَالْجَوَازُ فِي ثَلَاثَةٍ كَمَا فِي عبق وَشُرُوطُ الْجَوَازِ وَالصِّحَّةِ مَعًا فِي الْمَبِيعِ جُزَافًا مُطْلَقًا مَعْدُودًا كَانَ أَوْ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا سَبْعَةٌ وَافَقَ خَلِيلٌ فِي مُخْتَصَرِهِ الْأَصْلُ فِي ثَلَاثَةٍ وَوَافَقَهُ عبق فِي الرَّابِعِ وَزَادَ الْأَصْلُ عَلَيْهِمَا الْخَامِسَ وَزَادَ خَلِيلٌ عَلَى الْأَصْلِ السَّادِسَ وَالسَّابِعَ
(الشَّرْطُ الْأَوَّلُ) الرُّؤْيَةُ لِمَبِيعِ الْجُزْءِ فِي حِينِ الْعَقْدِ كَمَا فِي رِوَايَةِ ابْنَ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَدِينَةِ.
وَاعْتَمَدَهُ الْحَطَّابُ وَحُمِلَ عَلَيْهِ قَوْلُ خَلِيلٍ إنْ رَأَى فَقَالَ مُرَادُهُمْ الْمَرْئِيُّ الْحَاضِرُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ضَيْح وَيَلْزَمُ مِنْ حُضُورِهِ رُؤْيَتُهُ أَوْ رُؤْيَةُ بَعْضِهِ؛ لِأَنَّ الْحَاضِرَ لَا يُكْتَفَى فِيهِ بِالصِّفَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَّا لِعُسْرِ الرُّؤْيَةِ كَقِلَالِ الْخَلِّ الْمَخْتُومَةِ إذَا كَانَ فِي فَتْحِهَا مَشَقَّةٌ وَفَسَادٌ فَيَجُوزُ بَيْعُهَا دُونَ فَتْحٍ اهـ.
وَسَلَّمَهُ الْبُنَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْأَصْلِ أَنْ يَكُونَ مُعِينًا لِلْحِسِّ حَتَّى يُسْتَدَلَّ بِظَاهِرِهِ عَلَى بَاطِنِهِ لَا مُطْلَقُ الرُّؤْيَةِ فَلَا تَكْفِي الرُّؤْيَةُ السَّابِقَةُ عَلَى الْعَقْدِ خِلَافًا لِمَا لِابْنِ رُشْدٍ عَنْ الْوَاضِحَةِ نَعَمْ اخْتَلَفَ كَلَامُ الْأَصْحَابِ فِي بَيْعِ الزَّرْعِ الْقَائِمِ وَالثِّمَارِ فِي رُءُوسِ الْأَشْجَارِ لَا عَلَى الْكَيْلِ بِنَاءً عَلَى قَبُولِ غَيْرِ وَاحِدٍ قَوْلَ مَالِكٍ، وَكَذَلِكَ حَوَائِطُ الثَّمَرِ الْغَائِبَةِ يُبَاعُ ثَمَرُهَا كَيْلًا أَوْ جُزَافًا وَهِيَ عَلَى خَمْسَةِ
السَّبَبِ بِكَمَالِهِ بِدُونِ آثَارِهِ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِهِ وَقِيَاسًا عَلَى الطَّلَاقِ وَالْفَرْقُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الشِّرَاءَ يَقَعُ لِلْمُبَاشِرِ فَيَفْتَقِرُ نَقْلُ الْمِلْكِ إلَى عَقْدٍ آخَرَ، وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ عِنْدَهُ يَقَعُ الْعَقْدُ لَهُ، ثُمَّ يَنْتَقِلُ بِخِلَافِ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ مُخْرِجٌ لِلسِّلْعَةِ لَا جَالِبٌ لَهَا وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ أَوْ نَحْمِلُهُ عَلَى مَا قَبْلَ الْإِجَازَةِ؛ لِأَنَّ الْعَامَّ فِي الْأَشْخَاصِ مُطْلَقٌ فِي الْأَحْوَالِ سَلَّمْنَا عُمُومَهُ فِي الْأَحْوَالِ لَكِنَّهُ مُعَارَضٌ بِأَنَّهُ عليه السلام «دَفَعَ لِعُرْوَةِ الْبَارِقِيِّ دِينَارًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ أُضْحِيَّةً فَاشْتَرَى بِهِ أُضْحِيَّتَيْنِ، ثُمَّ بَاعَ أَحَدَهُمَا بِدِينَارٍ وَجَاءَ بِدِينَارٍ وَأُضْحِيَّةٍ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ بَارَكَ اللَّهُ لَك فِي صَفْقَةِ يَمِينِك فَكَانَ إذَا اشْتَرَى التُّرَابَ رَبِحَ فِيهِ» خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُد؛ وَلِأَنَّهُ تَعَاوُنٌ عَلَى الْبِرِّ، فَيَكُونُ مَشْرُوعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] ، وَعَنْ الثَّانِي أَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِبَيْعِ الْخِيَارِ، وَعَنْ الثَّالِثِ الْفَرْقُ بِأَنَّ الطَّلَاقَ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
أَيَّامٍ لَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهَا بِشَرْطٍ اهـ.
الْمُقْتَضِي جَوَازُ بَيْعِهَا غَائِبَةً جُزَافًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَيَلْزَمُ مِثْلُهُ فِي الزَّرْعِ الْغَائِبِ هَلْ هُوَ مِنْ بَيْعِ الْجُزَافِ الْحَقِيقِيِّ الَّذِي شَرَطَ لَهُ أَئِمَّتُنَا الشُّرُوطَ الْمَعْرُوفَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْمُخْتَصَرِ وَشُرُوحِهِ أَوْ هُوَ أَصْلٌ مُسْتَقِلٌّ خَارِجٌ عَنْ الْجُزَافِ الْحَقِيقِيِّ وَإِنَّمَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ بِالْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّة وَالْمَجَازِ الْعُرْفِيِّ وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ وَهُوَ كَبَيْعِ الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ وَبِهَذَا الثَّانِي جَزَمَ الرَّهُونِيُّ لِوَجْهَيْنِ
(الْوَجْهُ الْأَوَّلُ) أَنَّهُ يَتَّضِحُ بِهِ مَا. رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ الْإِمَامِ فِي الْمَدِينَةِ وَسَلَّمَهُ وَيَظْهَرُ وَجْهُهُ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَصْلًا بِخِلَافِهِ عَلَى الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَرِدُ عَلَيْهِ أَوَّلًا اعْتِرَاضُ ابْنِ رُشْدٍ عَلَى الْإِمَامِ بِأَنَّ تَفْرِقَتَهُ بَيْنَ حَوَائِطِ الثَّمَرِ الْغَائِبَةِ يَجُوزُ بَيْعُ ثَمَرِهَا جُزَافًا.
وَكَذَا الزَّرْعُ الْغَائِبُ وَبَيْنَ غَيْرِهِمَا مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْمَعْدُودِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا إلَّا بِشَرْطِ الرُّؤْيَةِ حِينَ الْعَقْدِ تَفْرِقَةً لَا حَظَّ لَهَا مِنْ النَّظَرِ وَثَانِيًا اعْتِرَاضُ ابْنِ عَرَفَةَ عَلَى أَهْلِ الْمَذْهَبِ بِأَنَّ فِي اشْتِرَاطِهِمْ الرُّؤْيَةَ لِلْجُزَافِ حِينَ الْعَقْدِ مَعَ قَبُولِهِمْ قَوْلَ الْإِمَامِ يَجُوزُ بَيْعُ الزَّرْعِ الْقَائِمِ وَالثَّمَرِ فِي رُءُوسِ الشَّجَرِ وَذَلِكَ غَائِبٌ تَنَافِيًا قَالَ الرَّهُونِيُّ وَجَوَابُ الْحَطَّابِ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمَدِينَةِ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ عَدَمُ حُضُورِ الزَّرْعِ وَالثِّمَارِ حَالَةَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا جُزَافًا لِظُهُورِ التَّغَيُّرِ فِيهِمَا إنْ حَصَلَ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ وَإِنْ سَلَّمَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الرُّؤْيَةِ حِينَ الْعَقْدِ عِنْدَ مَنْ اشْتَرَطَهَا حُصُولُ الْمَعْرِفَةِ بِالْمَبِيعِ وَانْتِفَاءُ الْجَهَالَةِ عَنْهُ حِينَ حُصُولِ الْعَقْدِ وَانْبِرَامِهِ، وَهَذَا يَسْتَوِي فِيهِ الصُّبْرَةُ وَالزَّرْعُ الْقَائِمُ وَالثَّمَرَةُ فِي رُءُوسِ الْأَشْجَارِ وَكَوْنُ الزَّرْعِ وَالثَّمَرَةِ إذَا أُخِذَ مِنْهُمَا شَيْءٌ بَعْدَ الْعَقْدِ يُدْرَكُ بِخِلَافِ الصُّبْرَةِ شَيْءٌ آخَرُ لَا يَلْزَمُ مِنْ إدْرَاكِ النَّقْصِ فِي الزَّرْعِ وَالثَّمَرَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ إنْ وَقَعَ فِيهِمَا مَعْرِفَةُ قَدْرِهِمَا وَقْتَ الْعَقْدِ وَغَايَةُ مَا يُدْرَكُ إذْ ذَاكَ إنَّ هَذَا الْمَبِيعَ الْآنَ نَقَصَ عَنْ حَالِهِ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ السَّابِقَةِ عَلَى الْعَقْدِ وَهَلْ الْأَخْذُ مِنْهُمَا وَقَعَ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَهَلْ نَقَصَ مِنْهُمَا قَدْرُ وَسْقٍ مَثَلًا أَوْ مَا أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ لَا دَلِيلَ يَدُلُّ عَلَيْهِ، ثُمَّ لَوْ سَلَّمْنَا تَسْلِيمًا جَدَلِيًّا أَنَّهُ يُدْرِكُ بِذَلِكَ قَدْ كَانَا رَمَّا عَلَيْهِ حَالَ الْعَقْدِ مَعْرِفَةً حَادِثَةً مُتَأَخِّرَةً عَنْ الْعَقْدِ وَهِيَ لَا تُفِيدُ قَطْعًا وَلَا يَرْتَفِعُ بِهَا الْفَسَادُ لِلْجَهَالَةِ الْوَاقِعَةِ حِينَ الْعَقْدِ، وَهَذَا أَمْرٌ بَدِيهِيٌّ عِنْدَ مَنْ لَهُ فِي الْإِنْصَافِ أَدْنَى نَصِيبٍ اهـ قَالَ كنون وَفِي نَظَرِهِ نَظَرٌ تَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الرَّهُونِيُّ وَجَوَابُ مَنْ كَتَبَ عَلَى طُرَّةِ ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ اعْتِرَاضِهِ بِمَا نَصُّهُ لَا مُنَافَاةَ؛ لِأَنَّهَا تُبَاعُ عَلَى رُؤْيَةٍ تَقَدَّمَتْ إذْ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْجُزَافِ عَلَى صِفَتِهِ قَالَهُ عِيَاضٌ آخِرَ الْجُعْلِ مِنْ تَنْبِيهَاتِهِ اهـ. وَجَوَابُ شَيْخِنَا حَيْثُ قَالَ بَعْدَ مَا ذَكَرَ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ مَا نَصُّهُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ رَآهَا قَبْلَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا كَمَا لِابْنِ رُشْدٍ فِي التَّحْصِيلِ وَالْبَيَانِ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فَاعْتِرَاضُ ابْنِ عَرَفَةَ مَدْفُوعٌ اهـ.
وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ يَرُدُّ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مَا لِأَبِي الْحَسَنِ وَنَصُّهُ اُنْظُرْ إنْ كَانَ حَبًّا فَيَجُوزُ عَلَى الْكَيْلِ إذَا كَانَ عَلَى رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ أَوْ صِفَةٍ وَإِنْ كَانَ جُزَافًا لَا يَجُوزُ إلَّا عَلَى رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ اُنْظُرْ تَمَامَهُ اهـ.
كُلُّهَا تَرْجِعُ فِي الْمَعْنَى إلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ وَمَبْنِيَّةٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِابْنِ رُشْدٍ عَنْ الْوَاضِحَةِ مِنْ أَنَّ الرُّؤْيَةَ السَّابِقَةَ عَلَى الْعَقْدِ كَافِيَةٌ فِي بَيْعِ الْجُزَافِ وَبَحْثُ ابْنُ عَرَفَةَ مَبْنِيٌّ عَلَى مُخْتَارِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الرُّؤْيَةِ حِينَ الْعَقْدِ لِأَنَّ لِذَلِكَ تَأْثِيرًا وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ الْإِمَامِ فِي الْمَدِينَةِ وَعَلَى هَذَا اعْتَمَدَ الْحَطَّابُ وَسَلَّمَهُ الْبُنَانِيُّ وَشَيْخُنَا ج وَلَا خَفَاءَ أَنَّ الْبَحْثَ الْمَبْنِيَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالرُّؤْيَةِ الْوَاقِعَةِ حِينَ الْعَقْدِ لَا يَنْدَفِعُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الرُّؤْيَةُ مُطْلَقًا فَالْمُنَافَاةُ حَاصِلَةٌ قَطْعًا لَا تَنْدَفِعُ بِهَا فَكَيْفَ يُحْمَلُ بِمَنْ سَلَّمَ مَا لِلْحَطَّابِ تَبَعًا لِابْنِ عَرَفَةَ أَنْ يُقْبَلَ الْجَوَابُ الْمَذْكُورُ اهـ. وَسَلَّمَهُ كنون
(الْوَجْهُ الثَّانِي) أَنَّهُ يَشْهَدُ لِمَا قَالَهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهِمَا أَمَّا ابْنُ عَرَفَةَ فَإِنَّ حَدَّهُ لِلْجُزَافِ لَا يَصْدُقُ عَلَى مَا ذُكِرَ لِقَوْلِهِ فِي حَدِّهِ بَيْعُ مَا يُمْكِنُ عِلْمُ قَدْرِهِ إلَخْ إذْ لَا يُمْكِنُ عِلْمُ قَدْرِ مَا ذُكِرَ حِينَ الْبَيْعِ وَإِنْ أَمْكَنَ فِي ثَانِي حَالٍ وَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فِي نَقْلِ التَّوْضِيحِ فَأَمَّا الْمُدَوَّنَةُ فَفِيهَا إلَخْ، وَأَمَّا كَلَامُ غَيْرِهِمَا فَفِي ضَيْح إلَخْ وَسَاقَ النُّصُوصَ عَلَى التَّرْتِيبِ فَانْظُرْهُ
(الشَّرْطُ الثَّانِي) أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِيَ وَالْبَائِعُ جَاهِلَيْنِ بِقَدْرِهِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنهما؛ لِأَنَّهُ غِشٌّ إذْ عُدُولُهُمَا عَنْ
وَالْعَتَاقَ لَا يَقْبَلَانِ الْخِيَارَ فَكَذَلِكَ لَا يَقْبَلَانِ الْإِيقَافَ وَالْبَيْعُ يَقْبَلُ الْخِيَارَ فَيَقْبَلُ الْإِيقَافَ
(فَرْعٌ مُرَتَّبٌ) إذْ قُلْنَا إنَّ بَيْعَ الْفُضُولِ يَصِحُّ وَيَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ فَهَلْ يَجُوزُ الْإِقْدَامُ ابْتِدَاءً قَالَ الْقَاضِي فِي التَّنْبِيهَاتِ مَا يَقْتَضِي تَحْرِيمَهُ لِعَدِّهِ إيَّاهُ مَعَ مَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ لِأَمْرٍ خَارِجِيٍّ.
وَقَالَ ذَلِكَ كَبَيْعِ الْأُمِّ دُونَ وَلَدِهَا وَبَيْعِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَبَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ الْجَوَازُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] ، وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ قَالَ مَالِكٌ يَحْرُمُ بَيْعُ السِّلَعِ أَيَّامَ الْخِيَارِ حَتَّى يَخْتَارَ لِنَهْيِهِ عليه السلام عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يَضْمَنْ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ يَحْرُمُ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَقَرَّرَ مِلْكُهُ عَلَيْهَا قَالَ وَمَعْنَى نَهْيِهِ عليه السلام عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يَضْمَنْ بَيْعَ الْإِنْسَانِ لِمِلْكِ غَيْرِهِ، وَهَذَا تَصْرِيحٌ مِنْ مَالِكٍ وَالْأَبْهَرِيِّ بِالتَّحْرِيمِ وَيُجَابُ عَنْ حَدِيثِ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ بِأَنَّ حَالَةَ الصُّحْبَةِ أَوْجَبَتْ الْإِذْنَ بِلِسَانِ الْحَالِ الَّذِي يَقُومُ مَقَامَ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
الْكَيْلِ أَيْ مَعَ عِلْمِهَا بِهِ يُشْعِرُ بِطَلَبِ الْمُغَابَنَةِ، وَلِقَوْلِهِ عليه السلام مَنْ عَلِمَ كَيْلَ طَعَامٍ فَلَا يَبِعْهُ جُزَافًا حَتَّى يُبَيِّنَهُ قَالَ الرَّهُونِيُّ إنَّمَا اُحْتُرِزَ بِهَذَا الشَّرْطِ عَنْ عِلْمِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ بِقَرِينَتَيْنِ إحْدَاهُمَا مَعْنَوِيَّةٌ وَهِيَ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ كَغَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ فِي الصِّحَّةِ فَلَا يَصِحُّ الِاحْتِرَازُ بِهِ عَنْ عِلْمِهَا مَعًا بِهِ حِينَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي فَسَادَ الْبَيْعِ فِيهَا وَلَا وَجْهَ لَهُ حَتَّى عَلَى حَدِّ غَيْرِ ابْنِ عَرَفَةَ لِلْجُزَافِ وَثَانِيهِمَا لَفْظِيَّةٌ وَهِيَ قَوْلُ خَلِيلٍ فِي مُحْتَرَزِهِ فَإِنْ عُلِمَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ بِعِلْمِ الْآخَرِ بِقُدْرَةٍ خُيِّرَ وَإِنْ أَعْلَمَهُ أَوَّلًا فَسَدَ كَالْمُغْنِيَةِ اهـ.
(الشَّرْطُ الثَّالِثُ) أَنْ يُعْتَادَ الْحَزْرُ فِي ذَلِكَ وَأَنْ يَحْذَرَا بِالْفِعْلِ فَإِنْ لَمْ يُعْتَدْ أَوْ اعْتَادَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَجُزْ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ رضي الله عنه فِي اكْتِفَائِهِ بِالرُّؤْيَةِ فَإِنَّ الرُّؤْيَةَ لَا تَنْفِي الْغَرَرَ فِي الْمِقْدَارِ نَعَمْ قَالَ عبق إنْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُمَا فِي حَزْرِ قَدْرِ كَيْلِهِ وَوَكَّلَا مَنْ يَحْزِرُهُ بِالْفِعْلِ جَازَ كَذَا يَظْهَرُ اهـ. وَسَلَّمَهُ مَحْشُوَّهُ
(الشَّرْطُ الرَّابِعُ) عَدَمُ الْمُزَابَنَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَهِيَ بَيْعُ الْمَعْلُومِ بِالْمَجْهُولِ مِنْ جِنْسِهِ كَبَيْعِ صُبْرَةٍ جِيرٍ أَوْ جِبْسٍ بِمَكِيلَةٍ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ
(الشَّرْطُ الْخَامِسُ) نَفْيُ مَا يُتَوَقَّعُ مَعَهُ الرِّبَا فَلَا يُبَاعُ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ بِالْآخَرِ جُزَافًا وَلَا طَعَامٌ بِطَعَامٍ مِنْ جِنْسِهِ جُزَافًا
(الشَّرْطُ السَّادِسُ) أَنْ يَكُونَ كَثِيرًا لَا جِدًّا فَإِنْ كَثُرَ جِدًّا بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ حَزْرُهُ أَوْ قَلَّ جِدًّا بِحَيْثُ يَسْهُلُ عَدَدُهُ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ جُزَافًا، وَأَمَّا مَا قَلَّ جِدًّا بِحَيْثُ يَسْهُلُ كَيْلُهُ أَوْ وَزْنُهُ فَيَجُوزُ جُزَافًا؛ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ لَا تُعْتَبَرُ فِي جَوَازِ بَيْعِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ جُزَافًا كَمَا تَقَدَّمَ
(الشَّرْطُ السَّابِعُ) أَنْ تَسْتَوِيَ أَرْضُهُ فَإِذَا عَلِمَا أَوَّلًا عَدَمَ الِاسْتِوَاءِ فَسَدَ، وَإِذَا دَخَلَا عَلَى الِاسْتِوَاءِ فَظَهَرَ عَدَمُهُ فَالْخِيَارُ كَمَا فِي الْحَطَّابِ وَالْمَوَّاقِ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ وَسَلَّمَهُ الرَّهُونِيُّ وكنون وَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا عِبَارَةٌ عَمَّا فَقَدَ وَاحِدًا مِنْ الشُّرُوطِ السَّبْعَةِ مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَمِنْ الشُّرُوطِ التِّسْعَةِ مِنْ الْمَعْدُودِ فَتَحَقُّقُ هَذِهِ الشُّرُوطِ وَعَدَمُ تَحَقُّقِهَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَاعِدَتَيْنِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
(مَسْأَلَةٌ) فِي الشَّرْطِ الْأَوَّلِ قَالَ الْبُنَانِيّ أَحْوَالُ الزَّرْعِ خَمْسَةٌ قَائِمٌ وَغَيْرُ قَائِمٍ وَغَيْرُ الْقَائِمِ إمَّا قَتٌّ وَإِمَّا مَنْفُوشٌ وَإِمَّا فِي تِبْنٍ وَإِمَّا مُخَلَّصٌ وَالْمَبِيعُ إمَّا الْحَبُّ وَحْدَهُ وَإِمَّا السُّنْبُلُ بِمَا فِيهِ مِنْ الْحَبِّ فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ لِحَبٍّ وَحْدَهُ جَازَ جُزَافًا فِي الْمُخَلَّصِ فَقَطْ دُونَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ لِلْحِسِّ حَتَّى يُسْتَدَلَّ بِظَاهِرِهِ عَلَى بَاطِنِهِ فَيُمْكِنُ حَزْرُهُ وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ السُّنْبُلَ بِمَا فِيهِ مِنْ الْحَبِّ جَازَ بَيْعُهُ جُزَافًا فِي الْقَتِّ وَالْقَائِمِ دُونَ الْمَنْفُوشِ وَمَا فِي تِبْنِهِ الْبَاجِيَّ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُفْرِد الْحِنْطَةَ فِي سُنْبُلِهَا بِالشِّرَاءِ دُونَ السُّنْبُلِ، وَكَذَلِكَ الْجَوْزُ وَاللَّوْزُ وَالْبَاقِلَّا لَا يَجُوزُ أَنْ يُفْرَدَ بِالْبَيْعِ دُونَ قِشْرِهِ عَلَى الْجُزَافِ مَا دَامَ فِيهِ.
وَأَمَّا شِرَاءُ السُّنْبُلِ إذَا يَبِسَ وَلَمْ يَنْقَعْهُ الْمَاءَ فَجَائِزٌ، وَكَذَلِكَ الْجَوْزُ وَاللَّوْزُ وَالْبَاقِلَّا اهـ.
نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عِنْدَ قَوْلِهِ فِي التَّدَاخُلِ وَصَحَّ بَيْعُ ثَمَرٍ وَنَحْوِهِ بَعْدَ إصْلَاحِهِ أَهُوَ فِي حَاشِيَةِ الرَّهُونِيِّ وَالْمَنْفُوشُ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ هُوَ الْمَخْلُوطُ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى سُنْبُلُهُ لِنَاحِيَةٍ كَمَا هُوَ مُحَقَّقٌ فِي كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ قَالَ، وَمَنْ خَدَمَ الزَّرْعَ وَمَارَسَ خِدْمَتَهُ عُلِمَ أَنَّ مَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ حَقٌّ لَا مَرِيَّةَ فِيهِ وَذَلِكَ أَنَّ الزَّرْعَ إذَا خُلِطَ فِي الْأَنْدَرِ وَهُوَ الْقَاعَةُ فِي لُغَتِنَا لَا يُمْكِنُ حَزْرُهُ وَالْقَتُّ فِي لُغَتِنَا إنَّمَا يُطْلَقُ عَلَى الْقَلِيلِ فَإِذَا جُمِعَ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ فِي مَحَلِّهِ سُمِّيَ مَطًّا فَإِذَا جُعِلَ فِي الْقَاعَةِ سُمِّيَ نَادِرًا وَالْحَزْرُ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْقَتِّ كَمَا لَا يَخْفَى فَافْهَمْهُ اهـ مِنْهُ مُلَخَّصًا بِلَفْظِهِ وَهُوَ حَقٌّ لَا شَكَّ فِيهِ فَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الصَّوَابَ جَوَازُ بَيْعِ الْقَمْحِ فِي أَنْدَرِهِ قَبْلَ دَرْسِهِ لِأَنَّهُ يُحْزَرُ وَيُرَى سُنْبُلُهُ وَيُعْرَفُ قَدْرُهُ قَالَ وَهُوَ نَقْلُ الْجَلَّابُ عَنْ الْمَذْهَبِ اهـ.
إنَّمَا هُوَ فِيمَا يُرَى سُنْبُلُهُ وَهُوَ مَا كَانَ فُرْشَةً وَاحِدَةً أَوْ حُزَمًا أَوْ قَبْضًا بِدَلِيلِ تَعْلِيلِهِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ يُحْزَرُ إلَخْ وَهُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ أَيْضًا نَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ عِيَاضٍ وَنَصُّهُ وَالْحَبُّ إذَا اخْتَلَطَ فِي أَنْدَرِهِ وَكَدَسِّ بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ قَالَ عِيَاضٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَإِنْ كَانَ حُزَمًا أَوْ قَبْضًا يَأْخُذُهَا الْحَزْرُ فَقَوْلَانِ وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُبَاعُ الْقَمْحُ فِي أَنْدَرِهِ بَعْدَ مَا يُحْصَدُ فِي تِبْنِهِ وَهُوَ غَرَرٌ ابْنِ رُشْدٍ يُرِيدُ فِي تِبْنِهِ بَعْدَ دَرْسِهِ، وَأَمَّا قَبْلَ دَرْسِهِ فَجَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ يُحْزَرُ وَيُرَى سُنْبُلُهُ وَيُعْرَفُ قَدْرُهُ، وَقِيلَ لَا يَجُوزُ.
وَقَالَهُ التُّونُسِيُّ وَحَمْلُ غَيْرِ السَّمَاعِ عَلَيْهِ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَهُوَ نَقْلُ الْجَلَّابُ عَنْ