الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذَا انْضَافَ إلَيْهَا غَرَرٌ ضَرُورَةً، وَكَذَلِكَ أَجَازَ خِيَارَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَقَطْ مَنْعُ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْجِنْسِ فَقَطْ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَابْنُ حَنْبَلٍ رضي الله عنهم لِبُعْدِ الْعَقْدِ عَنْ اللُّزُومِ بِسَبَبِ تَوَقُّعِ مُخَالَفَةِ الْغَرَضِ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ لَهُ الْخِيَارَ فَإِنْ أَضَافَ لِلْجِنْسِ صِفَاتِ السَّلَمِ جَوَّزَهُ مَالِكٌ وَابْنُ حَنْبَلٍ وَوَافَقَاهُ عَلَى الْجَوَازِ وَأَلْزَمَا الْبَيْعَ إذْ رَآهُ مُوَافِقًا وَمَنَعَ الشَّافِعِيُّ الصِّحَّةَ لِلْغَرَرِ وَأَثْبَتَ لَهُ الْخِيَارَ أَبُو حَنِيفَةَ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ وَإِنْ وَافَقَ الصِّفَةَ وَمَنَعَ بَيْعَ الْحَيَوَانِ عَلَى الصِّفَةِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ بِالصِّفَةِ وَهِيَ سَبَبُ نَفَاسَتِهِ وَخَسَاسَتِهِ فَالصِّفَةُ عِنْدَهُ فِي غَيْرِ الْحَيَوَانِ تُوجِبُ الصِّحَّةَ دُونَ اللُّزُومِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا تُوجِبُهُمَا، وَعِنْدَنَا تُوجِبُهُمَا حُجَّةُ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه أَنَّ الْجَهْلَ إنَّمَا وَقَعَ فِي الصِّفَاتِ دُونَ الذَّوَاتِ، وَنَهْيُهُ عليه السلام عَنْ بَيْعِ الْمَجْهُولِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا جُهِلَتْ ذَاتُهُ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ تَحْرِيمِ بَيْعِ الرِّبَوِيِّ بِجِنْسِهِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ عَدَمِ تَحْرِيمِ بَيْعِهِ بِجِنْسِهِ]
(الْفَرْقُ الثَّامِنُ وَالثَّمَانُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ تَحْرِيمِ بَيْعِ الرِّبَوِيِّ بِجِنْسِهِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ عَدَمِ تَحْرِيمِ بَيْعِهِ بِجِنْسِهِ)
وَاتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الرِّبَوِيِّ بِجِنْسِهِ إذَا كَانَ الرِّبَوِيَّانِ مُسْتَوِيَيْنِ فِي الْمِقْدَارِ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا وَلَا مَعَ أَحَدِهِمَا عَيْنٌ أُخْرَى وَلَا جِنْسٌ آخَرُ وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى الْمَنْعِ إذَا كَانَ الرِّبَوِيَّانِ مُسْتَوِيَيْنِ فِي الْمِقْدَارِ وَمَعَ أَحَدِهِمَا عَيْنٌ أُخْرَى؛ لِأَنَّهَا تُقَابِلُ مِنْ أَحَدِهِمَا جُزْءًا فَيَبْقَى أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ بِالضَّرُورَةِ فَيَذْهَبُ مَا يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ مِنْ حُسْنِ الظَّنِّ بِالْمُسْلِمِينَ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا اتَّحَدَ جِنْسُ الرِّبَوِيِّ مِنْ الطَّرَفَيْنِ وَكَانَ مَعَهُمَا أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا جِنْسٌ آخَرُ يَمْتَنِعُ حِينَئِذٍ الْبَيْعُ أَوْ يَجُوزُ فَذَهَبَ إلَى الْأَوَّلِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَابْنُ حَنْبَلٍ رضي الله عنهم مُحْتَجِّينَ بِثَلَاثَةِ وُجُوهٍ
(الْوَجْهُ الْأَوَّلُ) أَنَّ الْمُضَافَ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَابِلَهُ مِنْ الْآخَرِ مَا لَا يَبْقَى بَعْدَ الْمُقَابَلَةِ إلَّا أَقَلُّ مِنْ مُسَاوِي الْمُضَافِ إلَيْهِ وَالْمُمَاثَلَةِ إلَيْهِ وَالْمُمَاثَلَةُ شَرْطٌ وَالْجَهْلُ بِالشَّرْطِ يُوجِبُ الْجَهْلَ بِالْمَشْرُوطِ فَلَا يَقْضِي بِالصِّحَّةِ
(الْوَجْهُ الثَّانِي) أَنَّهُ ذَرِيعَةٌ إلَى التَّفَاضُلِ فَيَجِبُ سَدُّهَا لَا سِيَّمَا، وَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم «لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ وَلَا الْفِضَّةَ بِالْفِضَّةِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ» فَجَعَلَ الْجَمِيعَ عَلَى الْمَنْعِ إلَّا فِي حَالَةِ الْمُمَاثَلَةِ وَهَذِهِ الْحَالَةُ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ فِي صُورَةِ النِّزَاعِ فَوَجَبَ بَقَاؤُهَا عَلَى الْمَنْعِ
(الْوَجْهُ الثَّالِثُ) فِي مُسْلِمٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ أُتِيَ بِقِلَادَةٍ وَهُوَ بِخَيْبَرَ فِيهَا ذَهَبٌ وَخَرَزٌ فَمَنَعَ بَيْعَهَا حَتَّى تُفْصَلَ» وَذَهَبَ إلَى الثَّانِي أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه بِنَاءً عَلَى أَمْرَيْنِ
(الْأَوَّلُ) أَنَّ ظَاهِرَ حَالِ الْمُسْلِمِينَ يَقْتَضِي الظَّنَّ بِحُصُولِ الْمُمَاثَلَةِ وَالظَّنُّ كَافٍ فِي ذَلِكَ كَالطَّهَارَاتِ وَغَيْرِهَا وَأَجَابَ الْحَنَفِيَّةُ
(الْأَمْرُ الثَّانِي) أَنَّ قَضِيَّةَ الْقِلَادَةِ وَاقِعَةُ عَيْنٍ لَمْ يَتَعَيَّنْ الْمَنْعُ فِيهَا لِمَا ذُكِرَ أَيْ مِنْ أَنَّ الْمُضَافَ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَابِلَهُ مِنْ الْآخَرِ مَا لَا يَبْقَى بَعْدَ الْمُقَابَلَةِ إلَّا أَقَلُّ مِنْ مُسَاوِي الْمُضَافِ إلَيْهِ إلَخْ، بَلْ؛ لِأَنَّ الْحُلِيَّ الَّذِي كَانَ فِيهَا كَانَ مَجْهُولَ الزِّنَةِ وَنَحْنُ لَا نُجِيزُهُ مَعَ الْجَهْلِ بِالزِّنَةِ فَإِذَا فُصِلَتْ الْقِلَادَةُ وَوُزِنَتْ عُلِمَ وَزْنُهَا فَجَازَ بَيْعُهَا فَلِمَ، قُلْتُمْ أَنَّ الْمَنْعَ مَا كَانَ لِذَلِكَ
(وَالْجَوَابُ) عَنْ الْأَوَّلِ إنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الظَّنَّ يَكْفِي فِي الْمُمَاثَلَةِ فِي بَابِ الرِّبَا، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْعِلْمِ بِشَهَادَةِ الْمِيزَانِ وَالْمِكْيَالِ وَبَابُ الرِّبَا أَضْيَقُ مِنْ بَابِ الطَّهَارَةِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ
(وَعَنْ الْأَمْرِ الثَّانِي) بِأَنَّا لَمْ نَقُلْ إنَّ الْمَنْعَ فِي قَضِيَّةِ الْقِلَادَةِ كَانَ؛ لِأَنَّ الْحُلِيَّ الَّذِي كَانَ فِيهَا كَانَ مَجْهُولَ الزِّنَةِ، بَلْ قُلْنَا إنَّ الْمَنْعَ فِيهَا كَانَ لِمَا ذَكَرْنَاهُ اعْتِمَادًا عَلَى حَدِيثِ «لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ» إلَخْ؛ لِأَنَّ حَالَةَ الْمُمَاثَلَةِ الَّذِي مُفَادُ الْحَدِيثِ اشْتِرَاطُهَا فِي جَوَازِ الْبَيْعِ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ فِي صُورَةِ النِّزَاعِ فَوَجَبَ بَقَاؤُهَا عَلَى الْمَنْعِ كَمَا تَقَدَّمَ عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنْ يَجُوزَ بَيْعُ دِينَارٍ فِي قِرْطَاسٍ بِدِينَارَيْنِ لِاحْتِمَالِ مُقَابَلَةِ الدِّينَارِ الزَّائِدِ بِالْقِرْطَاسِ وَهُوَ قَدْ جَوَّزَهُ وَهُوَ شَنِيعٌ فَتَأَمَّلْ وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ تُسَمَّى بِمُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
(مَسْأَلَةٌ) قَالَ حَفِيدُ بْنُ رُشْدٍ فِي بِدَايَتِهِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي السَّيْفِ وَالْمُصْحَفِ الْمُحَلَّى يُبَاعُ بِالْفِضَّةِ وَفِيهِ حِلْيَةٌ فِضَّةٌ أَوْ بِالذَّهَبِ وَفِيهِ حِلْيَةٌ ذَهَبٌ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِجَهْلِ الْمُمَاثَلَةِ الْمُشْتَرَطَةِ فِي بَيْعِ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ فِي ذَلِكَ وَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، وَقَالَ مَالِكٌ إنْ كَانَ قِيمَةُ مَا فِيهِ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ الثُّلُثَ فَأَقَلَّ جَازَ بَيْعُهُ أَعْنِي بِالْفِضَّةِ إنْ كَانَتْ حِلْيَتُهُ فِضَّةً أَوْ بِالذَّهَبِ إنْ كَانَتْ حِلْيَتُهُ ذَهَبًا وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ وَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْفِضَّةُ قَلِيلَةً لَمْ تَكُنْ مَقْصُودَةً فِي الْبَيْعِ وَصَارَتْ كُلُّهَا هِبَةً.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ السَّيْفِ الْمُحَلَّى بِالْفِضَّةِ إذَا كَانَتْ الْفِضَّةُ أَكْثَرَ مِنْ الْفِضَّةِ الَّتِي فِي السَّيْفِ، وَكَذَلِكَ الْأَمْرُ فِي بَيْعِ السَّيْفِ الْمُحَلَّى بِالذَّهَبِ؛ لِأَنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّ الْفِضَّةَ فِيهِ أَوْ الذَّهَبَ يُقَابِلُ مِثْلَهُ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ الْمُشْتَرَاةِ بِهِ وَيَبْقَى الْفَضْلُ قِيمَةُ السَّيْفِ وَحُجَّةُ الشَّافِعِيِّ عُمُومُ الْأَحَادِيثِ وَالنَّصُّ الْوَارِدُ فِي ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ فَضَالَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ «أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِخَيْبَرَ بِقِلَادَةٍ فِيهَا ذَهَبٌ وَخَرَزٌ وَهِيَ مِنْ الْمَغَانِمِ تُبَاعُ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالذَّهَبِ الَّذِي فِي الْقِلَادَةِ يُنْزَعُ وَحْدَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ