الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَتَعَدُّدِهِ فِي بَابِ رِبَا الْفَضْلِ]
(الْفَرْقُ الْحَادِي وَالتِّسْعُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَتَعَدُّدِهِ فِي بَابِ رِبَا الْفَضْلِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ مَعَ تَعَدُّدِهِ) اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الدُّنْيَا مَزْرَعَةً لِلْآخِرَةِ وَمَطِيَّةً لِلسَّعَادَةِ الْأَبَدِيَّةِ فَهَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا وَمَا عَدَاهُ فَمَعْزُولٌ عَنْ مَقْصِدِ الشَّارِعِ فِي الشَّرَائِعِ فَلِذَلِكَ يُعْتَبَرُ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ مِنْ الرِّبَوِيَّاتِ مَا هُوَ عِمَادُ الْأَقْوَاتِ وَحَافِظُ قَانُونِ الْحَيَاةِ وَمُقِيمُ بِنْيَةِ الْأَشْبَاحِ الَّتِي هِيَ مَرَاكِبُ الْأَرْوَاحِ إلَى دَارِ الْقَرَارِ وَيُلْغَى تَفَاوُتُ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ؛ لِأَنَّهُ دَاعِيَةُ السَّرَفِ وَلَا يُقْصَدُ إلَّا لِلتَّرَفِ فَلَوْ رَتَّبَ الشَّرْعُ عَلَيْهِ أَحْكَامَهُ لَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلَ اعْتِبَارِهِ وَمِنْهَا عَلَى رِفْعَةِ قَدْرِهِ وَمَنَارِهِ وَهُوَ خِلَافُ الْوَضْعِ الشَّرْعِيِّ وَالْقَانُونِ الْحُكْمِيِّ فَلِذَلِكَ تَسَاوَتْ الْأَلْوَانُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ فِي الْجِنْسِيَّةِ؛ لِأَنَّ مُهِمَّهَا الْإِدَامُ وَتَسَاوَتْ الْأَخْبَازُ؛ لِأَنَّ مُهِمَّهَا الِاغْتِذَاءُ وَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ بَنَى الْعُلَمَاءُ رضي الله عنهم اتِّحَادَ الْأَجْنَاسِ وَاخْتِلَافَهُمَا وَإِنْ كَثُرَتْ فُرُوعُ هَذَا الْبَابِ وَانْتَشَرَتْ فَهِيَ رَاجِعَةٌ إلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَمِنْهَا قَاعِدَةٌ أُخْرَى فِي الْفَرْقِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ الصِّفَةُ إذَا كَثُرَتْ أَوْ بَعُدَ الزَّمَانُ صَيَّرَتْ الْجِنْسَ الْوَاحِدَ جِنْسَيْنِ وَإِنْ قَلَّتْ وَقَرُبَ الزَّمَانُ لَمْ تُصَيِّرْهُ عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ وَإِنْ كَانَتْ بِنَارٍ وَتُنْقِصُ الْمِقْدَارَ بِغَيْرِ إضَافَةِ شَيْءٍ لَمْ تُصَيِّرْ جِنْسَيْنِ كَشَيِّ اللَّحْمِ وَتَجْفِيفِهِ وَطَبْخِهِ مِنْ غَيْرِ مَرَقَةٍ وَمِنْهُ تَجْفِيفُ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ أَوْ بِإِضَافَةِ شَيْءٍ إلَيْهِ صَيَّرَتْهُ جِنْسَيْنِ كَتَخْفِيفِ اللَّحْمِ بِالْأَبْزَارِ وَالطَّبْخِ بِالْمَرَقَةِ وَإِنْ كَانَتْ النَّارُ لَا تُنْقِصُ الْمِقْدَارَ صَيَّرَتْهُ جِنْسَيْنِ كَقَلْيِ الْقَمْحِ وَالْخُبْزِ وَإِنْ كَانَتْ الصِّنَاعَةُ بِغَيْرِ نَارٍ وَطَالَ الزَّمَانُ فَقَوْلَانِ الْمَشْهُورُ تَأْثِيرُهَا كَخَلِّ التَّمْرِ وَخَلِّ الزَّبِيبِ وَإِنْ لَمْ يَطُلْ الزَّمَانُ فَالْمَشْهُورُ عَدَمُ التَّأْثِيرِ، وَالشَّاذُّ التَّأْثِيرُ كَالنَّبِيذِ مِنْ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالنَّظَرُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إلَى الْأَغْرَاضِ فِي التَّفَاوُتِ فِي الْمَقَاصِدِ وَالتَّقَارُبِ فِيهَا.
(الْفَرْقُ الثَّانِي وَالتِّسْعُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُعَدُّ تَمَاثُلًا شَرْعِيًّا فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَمَا لَا يُعَدُّ تَمَاثُلًا) الضَّابِطُ فِي الْمُمَاثَلَةِ فِي الْحُبُوبِ الْجَافَّةِ مَا اعْتَبَرَهُ صَاحِبُ الشَّرْعِ مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْبُرُّ بِصِيغَةِ الْكَيْلِ فِي الْبَيْعِ وَفِي الزَّكَاةِ بِالْأَوْسُقِ وَصَرَّحَ فِي النَّقْدَيْنِ بِالْوَزْنِ لِقَوْلِهِ: عليه السلام «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنْ الْفِضَّةِ صَدَقَةٌ» وَمَا لَيْسَ فِيهِ مِعْيَارٌ شَرْعِيٌّ اُعْتُبِرَتْ فِيهِ الْعَادَةُ الْعَامَّةُ هَلْ يُكَالُ أَوْ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
أُخِذَتْ مِنْ السَّوِيقِ اهـ. الْمُحْتَاجُ مِنْهُ فَانْظُرْهُ.
وَأَمَّا مَالِكٌ فَالْأَشْهَرُ فِي الْخُبْزِ عِنْدَهُ أَنَّهُ يَجُوزُ مُتَمَاثِلًا، وَقَدْ قِيلَ فِيهِ إنَّهُ يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ وَالتَّسَاوِي وَسَبَبُ الْخِلَافِ خِلَافُهُمْ هَلْ الصَّنْعَةُ تَنْقُلُهُ مِنْ جِنْسِ الرِّبَوِيَّاتِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ أَوْ لَا تَنْقُلُهُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَخِلَافُ مَنْ قَالَ بِهَذَا هَلْ تُمْكِنُ الْمُمَاثَلَةُ حِينَئِذٍ فِيهِ أَوْ لَا تُمْكِنُ فَكَانَ مَالِكٌ يُجِيزُ اعْتِبَارَ الْمُمَاثَلَةِ فِي الْخُبْزِ وَاللَّحْمِ بِالتَّقْدِيرِ وَالْحِرْزِ فَضْلًا عَنْ الْوَزْنِ أَيْ بِخِلَافِ الشَّافِعِيِّ.
وَأَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُ الرِّبَوِيَّيْنِ لَمْ تَدْخُلْهُ صَنْعَةٌ وَالْآخَرُ قَدْ دَخَلَتْهُ الصَّنْعَةُ فَإِنَّ مَالِكًا يَرَى فِي كَثِيرٍ مِنْهَا أَنَّ الصَّنْعَةَ تَنْقُلُهُ مِنْ الْجِنْسِ أَعْنِي مِنْ أَنْ يَكُونَا جِنْسًا وَاحِدًا فَيُجِيزُ فِيهَا التَّفَاضُلَ وَفِي بَعْضِهَا لَا يَرَى ذَلِكَ وَتَفْصِيلُ مَذْهَبِهِ فِي ذَلِكَ عَسِيرُ الِانْفِصَالِ فَاللَّحْمُ الْمَشْوِيُّ وَالْمَطْبُوخُ عِنْدَهُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَالْحِنْطَةُ الْمَقْلُوَّةُ عِنْدَهُ وَغَيْرُ الْمَقْلُوَّةِ جِنْسَانِ، وَقَدْ رَامَ أَصْحَابُهُ التَّفْصِيلَ فِي ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ عَنْ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ قَانُونٌ مِنْ قَوْلٍ حَتَّى يَنْحَصِرَ فِيهِ قَوْلُهُ فِيهَا، وَقَدْ رَامَ حَصْرَهَا الْبَاجِيَّ فِي الْمُنْتَقَى، وَكَذَلِكَ أَيْضًا يَعْسُرُ حَصْرُ الْمَنَافِعِ الَّتِي تُوجِبُ عِنْدَهُ الِاتِّفَاقَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَجْنَاسِ الَّتِي يَقَعُ بِهَا التَّعَامُلُ وَتَمْيِيزُهَا مِنْ الَّتِي لَا تُوجِبُ ذَلِكَ أَعْنِي فِي الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ وَالنَّبَاتِ وَسَبَبِ الْعُسْرِ أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا سُئِلَ عَنْ أَشْيَاءَ مُتَشَابِهَةٍ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ قَانُونٌ يَعْمَلُ عَلَيْهِ فِي تَمْيِيزِهَا إلَّا مَا يُعْطِيهِ بَادِي النَّظَرِ فِي الْحَالِ جَاوَبَ فِيهَا بِجَوَابَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ فَإِذَا جَاءَ مَنْ بَعْدَهُ أَحَدٌ فَرَامَ أَنْ يُجْرِيَ تِلْكَ الْأَجْوِبَةَ عَلَى قَانُونٍ وَاحِدٍ وَأَصْلٍ وَاحِدٍ عَسُرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَأَنْتَ تَتَبَيَّنُ ذَلِكَ مِنْ كُتُبِهِمْ اهـ. الْمُحْتَاجُ مِنْ الْبِدَايَةِ بِزِيَادَةٍ.
وَاَلَّذِي رَامَهُ الْبَاجِيَّ فِي الْمُنْتَقَى مَنْ حَصَرَهَا هُوَ مَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ الْأَصْلُ فِي تَبْيِينِ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ الَّتِي يَتَبَيَّنُ بِهَا مَعْنَى الْجِنْسِ أَنَّ مَعْنَى الْجِنْسِ عِنْدَنَا فِي الْبَابِ أَيْ بَابِ الْبَيْعِ مَا انْفَرَدَ بِالْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْهُ فَإِذَا اخْتَلَفَ الشَّيْئَانِ فِي الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْهُمَا كَانَا جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَإِنْ سُمِّيَا بِاسْمٍ وَاحِدٍ، وَإِذَا اتَّفَقَا فِي الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ وَافْتَرَقَا فِي الِاسْمِ فَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ أَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ أَنْ لَا اعْتِبَارَ بِاخْتِلَافِ الْأَسْمَاءِ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُمَا أَيْ الْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ جِنْسَانِ الِاعْتِبَارُ أَيْضًا بِالْأَسْمَاءِ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ إنَّنَا إنَّمَا مَنَعْنَا التَّفَاضُلَ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ لِلزِّيَادَةِ فِي السَّلَفِ وَأَجَزْنَاهُ فِي الْجِنْسَيْنِ لِتَعَرِّيهِ مِنْ ذَلِكَ فَوَجَبَ أَنْ تُرَاعَى الْمَنْفَعَةُ الْمَقْصُودَةُ مِنْ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ مَنْ طَلَبَ الزِّيَادَةَ فِي السَّلَفِ فَإِنَّمَا يَطْلُبُهَا مَعَ اسْتِرْجَاعِ مَا سَلَفَ وَبَقَاءِ تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ فَإِذَا
يُوزَنُ فَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْعَوَائِدُ فَعَادَةُ الْبَلَدِ فَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْوَجْهَيْنِ خُيِّرَ فِيهِمَا وَوَافَقَنَا أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه مَا كَانَ يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ بِالْحِجَازِ اُعْتُبِرَ بِتِلْكَ الْحَالَةِ لِقَوْلِهِ عليه السلام «الْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْوَزْنُ وَزْنُ أَهْلِ مَكَّةَ» فَذَكَرَ أَحَدَ الْبَلَدَيْنِ تَنْبِيهًا عَلَى الْآخَرِ لِيَرُدَّ الْبِلَادَ إلَيْهِمَا وَمَا تَعَذَّرَ كَيْلُهُ اُعْتُبِرَ فِيهِ الْوَزْنُ وَإِنْ أَمْكَنَ الْوَجْهَانِ أُلْحِقَ بِمُشَابِهِهِ فِي الْحِجَازِ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ فَإِنْ شَابَهُ أَمْرَيْنِ نُظِرَ إلَى الْأَغْلَبِ فَإِنْ اسْتَوَيَا قِيلَ يُغَلَّبُ الْوَزْنُ؛ لِأَنَّهُ أَحْصَرُ، وَقِيلَ يَجُوزُ الْوَجْهَانِ نَظَرًا لِلتَّسَاوِي، وَقِيلَ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ لِتَعَذُّرِ التَّرْجِيحِ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه لَنَا أَنَّ لَفْظَ الشَّرْعِ يُحْمَلُ عَلَى عُرْفِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ حَكَمَتْ فِيهِ الْعَوَائِدُ كَالْأَيْمَانِ وَالْوَصَايَا وَغَيْرِهَا فَهَذَا تَلْخِيصُ الْفَرْقِ وَبِاعْتِبَارِهِ يَظْهَرُ بُطْلَانُ قَوْلِ مَنْ جَوَّزَ بَيْعَ الْقَمْحِ بِالدَّقِيقِ وَزْنًا فَإِنَّ عَادَةَ الْقَمْحِ الْكَيْلُ فَاعْتِبَارُ التَّمَاثُلِ فِيهِ بِالْوَزْنِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، بَلْ ذَلِكَ سَبَبُ الرِّبَا فَإِنَّ الْقَمْحَ الرَّزِينَ يَقِلُّ كَيْلُهُ وَيَكْثُرُ وَزْنُهُ وَالْخَفِيفُ بِالْعَكْسِ، وَقِسْ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ بَقِيَّةَ فُرُوعِهَا وَلَا تَخْرُجْ عَنْهَا.
(الْفَرْقُ الثَّالِثُ وَالتِّسْعُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْمَجْهُولِ وَقَاعِدَةِ الْغَرَرِ) اعْلَمْ أَنَّ الْعُلَمَاءَ قَدْ يَتَوَسَّعُونَ فِي هَاتَيْنِ الْعِبَارَتَيْنِ فَيَسْتَعْمِلُونَ إحْدَاهُمَا مَوْضِعَ الْأُخْرَى وَأَصْلُ الْغَرَرِ هُوَ الَّذِي لَا يُدْرَى هَلْ يَحْصُلُ أَمْ لَا كَالطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ وَالسَّمَكِ فِي الْمَاءِ.
وَأَمَّا مَا عُلِمَ حُصُولُهُ وَجُهِلَتْ صِفَتُهُ فَهُوَ الْمَجْهُولُ كَبَيْعِهِ مَا فِي كُمِّهِ فَهُوَ يَحْصُلُ قَطْعًا لَكِنْ لَا يُدْرَى أَيُّ شَيْءٍ هُوَ فَالْغَرَرُ وَالْمَجْهُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَعَمُّ مِنْ الْآخَرِ مِنْ وَجْهٍ وَأَخَصُّ مِنْ وَجْهٍ فَيُوجَدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ الْآخَرِ وَبِدُونِهِ أَمَّا وُجُودُ الْغَرَرِ بِدُونِ الْجَهَالَةِ فَكَشِرَاءِ الْعَبْدِ الْآبِقِ الْمَعْلُومِ قَبْلَ الْإِبَاقِ لَا جَهَالَةَ فِيهِ وَهُوَ غَرَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ يَحْصُلُ أَمْ لَا، وَالْجَهَالَةُ بِدُونِ الْغَرَرِ كَشِرَاءِ حَجَرٍ يَرَاهُ لَا يَدْرِي أَزُجَاجٌ هُوَ أَمْ يَاقُوتٌ مُشَاهَدَتُهُ تَقْتَضِي الْقَطْعَ بِحُصُولِهِ فَلَا غَرَرَ، وَعَدَمُ مَعْرِفَتِهِ تَقْتَضِي الْجَهَالَةَ بِهِ.
وَأَمَّا اجْتِمَاعُ الْغَرَرِ وَالْجَهَالَةِ فَكَالْعَبْدِ الْآبِقِ الْمَجْهُولِ الصِّفَةِ قَبْلَ الْإِبَاقِ، ثُمَّ الْغَرَرُ وَالْجَهَالَةُ يَقَعَانِ فِي سَبْعَةِ أَشْيَاءَ فِي الْوُجُودِ كَالْآبِقِ قَبْلَ الْإِبَاقِ، وَالْحُصُولُ إنْ عُلِمَ الْوُجُودُ كَالطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ وَفِي الْجِنْسِ كَسِلْعَةٍ لَمْ يُسَمِّهَا وَفِي النَّوْعِ كَعَبْدٍ لَمْ يُسَمِّهِ وَفِي الْمِقْدَارِ كَالْبَيْعِ إلَى مَبْلَغِ رَمْيِ الْحَصَاةِ وَفِي التَّعْيِينِ كَثَوْبٍ مِنْ ثَوْبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَفِي الْبَقَاءِ كَالثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا فَهَذِهِ سَبْعَةُ مَوَارِدَ لِلْغُرُورِ وَالْجَهَالَةِ، ثُمَّ الْغَرَرُ وَالْجَهَالَةُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ كَثِيرٌ مُمْتَنِعٌ إجْمَاعًا كَالطَّيْرِ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
اسْتَرْجَعَ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ أُخْرَى بِغَيْرِ مَنْفَعَةِ الْعَيْنِ الَّتِي سَلَفَ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ الزِّيَادَةُ فِي السَّلَفِ وَلِذَلِكَ جَوَّزْنَا التَّفَاضُلَ بَيْنَ التَّمْرِ الْعَرَبِيِّ وَالتَّمْرِ الْهِنْدِيِّ أَيْ الْمَعْرُوفِ الْآنَ بِالْجَمْرِ وَبَيْنَ الْجَوْزِ الْهِنْدِيِّ وَاَلَّذِي لَيْسَ بِهِنْدِيٍّ وَفَرَّعَ عَلَى هَذَا ثَلَاثَةَ مَطَالِبَ
(الْمَطْلَبُ الْأَوَّلُ) إنَّ اخْتِلَافَ الْمَنَافِعِ فِي الْجِنْسِ يَكُونُ عَلَى ضَرْبَيْنِ
(أَحَدُهُمَا) أَنْ تَخْتَلِفَ لِلصِّغَرِ وَالْكِبَرِ
(وَالثَّانِي) أَنْ تَخْتَلِفَ لِلتَّنَاهِي فِي الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ وَعَدَمِ التَّنَاهِي فَأَمَّا الصِّغَرُ وَالْكِبَرُ فَإِنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ جِنْسِ الْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا تَصِحُّ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ كَبَنِي آدَمَ أَوْ يَكُونُ مِمَّا لَا تَصِحُّ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَوَّلِ فَفِي الْوَاضِحَةِ أَنَّ الرَّقِيقَ صِنْفٌ وَاحِدٌ ذُكُورُهُ وَإِنَاثُهُ صِغَارُهُ وَكِبَارُهُ عَجَمِيَّةٌ وَعَرَبِيَّةٌ قَالَ الْبَاجِيَّ وَالْقِيَاسُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ صَغِيرُهُ جِنْسًا مُخَالِفًا لِكَبِيرِهِ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ الَّتِي يَتَمَيَّزُ بِهَا الْجِنْسُ مِنْ التِّجَارَةِ وَالصَّنَائِعِ لَا تَصِحُّ مِنْ الصَّغِيرِ
(وَإِنْ كَانَ مِنْ الثَّانِي) أَيْ مِمَّا لَا تَصِحُّ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْأَكْلُ أَوْ مِمَّا لَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْأَكْلُ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْأَكْلُ كَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ كَانَ صِغَارُهَا جِنْسًا مُخَالِفًا لِكِبَارِهَا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ كِبَارِهَا غَيْرُ الْمَقْصُودِ مِنْ صِغَارِهَا وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُقْصَدُ مِنْهُ الْأَكْلُ كَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالطَّيْرِ كَانَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ
(الْقِسْمُ الْأَوَّلُ) أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَعَ ذَلِكَ أَيْ قَصْدِ الْأَكْلِ عَمَلٌ مَقْصُودٌ كَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِي أَنَّ صِغَارَهُ مُخَالِفٌ لِكِبَارِهِ
(وَالْقِسْمُ الثَّانِي) أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ مَعَ ذَلِكَ عَمَلٌ مَقْصُودٌ وَلَا مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِي أَنَّ صِغَارَهُ مِنْ جِنْسِ كِبَارِهِ كَالْحَجَلِ وَالْيَمَامِ
(وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ) أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ مَعَ ذَلِكَ عَمَلٌ مَقْصُودٌ، وَلَكِنْ يَكُونُ مَعَهُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ مِنْ لُبْسٍ وَنَحْوِهِ كَالْغَنَمِ وَفِي هَذَا رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ رِوَايَتَيْنِ
(إحْدَاهُمَا) لَا يَخْتَلِفُ جِنْسُهَا فِي الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذَا الْحَيَوَانِ الْأَكْلُ وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ صِغَارُهُ وَكِبَارُهُ
(وَالثَّانِيَةُ) يَخْتَلِفُ جِنْسُهَا بِالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ كِبَارِ الْغَنَمِ الدَّرُّ وَالنَّسْلُ وَهُوَ مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ كَالْعَمَلِ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ، وَكَذَلِكَ الدَّجَاجُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ كُلُّهَا صِنْفٌ ذُكُورُهَا وَإِنَاثُهَا، وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُسْلَمُ فِي بَعْضٍ إلَّا الدَّجَاجُ ذَاتُ الْبَيْضِ فَإِنَّهَا صِنْفٌ تُسْلَمُ الدَّجَاجَةُ الْبَيُوضُ أَوْ الَّتِي فِيهَا بَيْضٌ فِي الدِّيكَيْنِ
(الْمَطْلَبُ الثَّانِي) السِّنّ الَّذِي هُوَ حَدٌّ بَيْنَ الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ أَنْ يَبْلُغَ حَدَّ الِانْتِفَاعِ بِهَا الْمَنْفَعَةَ الْمَقْصُودَةَ مِنْهَا وَفِيمَا تَصِحُّ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ كَالرَّقِيقِ إنْ فَرَّقْنَا بَيْنَ صِغَارِهِمْ وَكِبَارِهِمْ أَنْ يَبْلُغَ سِنَّ مَا يُطِيقُ التَّكَسُّبَ بِعَمَلِهِ أَوْ تِجَارَتِهِ وَذَلِكَ عِنْدَ الْبَاجِيَّ الْخَمْسَةَ عَشَرَ سَنَةً وَنَحْوَهَا أَوْ الِاحْتِلَامُ وَفِي الْإِبِلِ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ لَا خَيْرَ فِي ابْنَتَيْ
فِي الْهَوَاءِ وَقَلِيلٌ جَائِزٌ إجْمَاعًا كَأَسَاسِ الدَّارِ وَقُطْنِ الْجُبَّةِ وَمُتَوَسِّطٌ اُخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ يُلْحَقُ بِالْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي فَلِارْتِفَاعِهِ عَنْ الْقَلِيلِ أُلْحِقَ بِالْكَثِيرِ وَلِانْحِطَاطِهِ عَنْ الْكَثِيرِ أُلْحِقَ بِالْقَلِيلِ، وَهَذَا هُوَ سَبَبُ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي فُرُوعِ الْغَرَرِ وَالْجَهَالَةِ (فَائِدَةٌ)
أَصْلُ الْغَرَرِ لُغَةً قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رحمه الله هُوَ مَا لَهُ ظَاهِرٌ مَحْبُوبٌ وَبَاطِنٌ مَكْرُوهٌ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ الدُّنْيَا مَتَاعَ الْغُرُورِ قَالَ، وَقَدْ يَكُونُ مِنْ الْغِرَارَةِ وَهِيَ الْخَدِيعَةُ وَمِنْهُ الرَّجُلُ الْغِرُّ بِكَسْرِ الْغَيْنِ لِلْخِدَاعِ وَيُقَالُ لِلْمَخْدُوعِ أَيْضًا وَمِنْهُ قَوْلُهُ عليه السلام «الْمُؤْمِنُ غِرٌّ كَرِيمٌ» .
(الْفَرْقُ الرَّابِعُ وَالتِّسْعُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُسَدُّ مِنْ الذَّرَائِعِ وَقَاعِدَةِ مَا لَا يُسَدُّ مِنْهُمَا) اعْلَمْ أَنَّ الذَّرِيعَةَ هِيَ الْوَسِيلَةُ لِلشَّيْءِ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مِنْهَا مَا أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى سَدِّهِ وَمِنْهَا مَا أَجْمَعُوا عَلَى عَدَمِ سَدِّهِ وَمِنْهَا مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَالْمُجْمَعُ عَلَى عَدَمِ سَدِّهِ كَالْمَنْعِ مِنْ زِرَاعَةِ الْعِنَبِ خَشْيَةَ الْخَمْرِ وَالتَّجَاوُرِ فِي الْبُيُوتِ خَشْيَةَ الزِّنَا فَلَمْ يُمْنَعْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ وَسِيلَةً لِلْمُحَرَّمِ، وَمَا أُجْمِعَ عَلَى سَدِّهِ كَالْمَنْعِ مِنْ سَبِّ الْأَصْنَامِ عِنْدَ مَنْ يُعْلَمُ أَنَّهُ يَسُبُّ اللَّهَ تَعَالَى حِينَئِذٍ، وَكَحَفْرِ الْآبَارِ فِي طُرُقِ الْمُسْلِمِينَ إذَا عَلِمَ وُقُوعَهُمْ فِيهَا أَوْ ظَنَّ وَإِلْقَاءِ السُّمِّ فِي أَطْعِمَتِهِمْ إذَا عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُمْ يَأْكُلُونَهَا فَيَهْلَكُونَ وَالْمُخْتَلَفِ فِيهِ كَالنَّظَرِ إلَى الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ لِلزِّنَا، وَكَذَلِكَ الْحَدِيثُ مَعَهَا وَمِنْهَا بُيُوعُ الْآجَالِ عِنْدَ مَالِكٍ رحمه الله وَيُحْكَى عَنْ الْمَذْهَبِ الْمَالِكِيِّ اخْتِصَاصُهُ بِسَدِّ الذَّرَائِعِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ مِنْهَا مَا أُجْمِعَ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَحِينَئِذٍ يَظْهَرُ عَدَمُ فَائِدَةِ اسْتِدْلَالِ الْأَصْحَابِ عَلَى الشَّافِعِيَّةِ فِي سَدِّ الذَّرَائِعِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 108] وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ} [البقرة: 65] فَذَمَّهُمْ لِكَوْنِهِمْ تَذَرَّعُوا لِلصَّيْدِ يَوْمَ السَّبْتِ الْمُحَرَّمِ عَلَيْهِمْ بِحَبْسِ الصَّيْدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَبِقَوْلِهِ عليه السلام «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا» وَبِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ مُفْتَرِقَيْنِ وَتَحْرِيمُهُمَا مُجْتَمِعَيْنِ لِذَرِيعَةِ الرِّبَا، وَلِقَوْلِهِ عليه السلام «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ شَهَادَةَ خَصْمٍ وَلَا ظَنِينٍ» خَشْيَةَ الشَّهَادَةِ بِالْبَاطِلِ وَمَنَعَ شَهَادَةَ الْآبَاءِ لِلْأَبْنَاءِ وَالْعَكْسَ، فَهَذِهِ وُجُوهٌ كَثِيرَةٌ يَسْتَدِلُّونَ بِهَا وَهِيَ لَا تُفِيدُ فَإِنَّهَا تَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ الشَّرْعِ سَدَّ الذَّرَائِعِ فِي الْجُمْلَةِ، وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي الذَّرَائِعِ خَاصَّةً وَهِيَ بُيُوعُ الْآجَالِ وَنَحْوِهَا فَيَنْبَغِي أَنْ تُذْكَرَ أَدِلَّةٌ خَاصَّةٌ لِمَحَلِّ النِّزَاعِ وَإِلَّا فَهَذِهِ لَا تُفِيدُ وَإِنْ قَصَدُوا الْقِيَاسَ عَلَى هَذِهِ الذَّرَائِعِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حُجَّتُهُمْ الْقِيَاسَ خَاصَّةً وَيَتَعَيَّنُ حِينَئِذٍ عَلَيْهِمْ إبْدَاءُ الْجَامِعِ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
مَخَاضٍ فِي حِقَّةٍ وَلَا حِقَّةٍ فِي جَذَعَتَيْنِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَنَعَ ابْنَتَيْ مَخَاضٍ فِي حِقَّةٍ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ سِنِّ الصِّغَرِ وَمَنَعَ حِقَّةً فِي جَذَعَتَيْنِ عَلَى رِوَايَةِ مَنْ مَنَعَ صَغِيرًا فِي كَبِيرٍ فَإِنَّ الْجَذَعَ أَوَّلُ أَسْنَانِ الْكَبِيرِ فِي الْإِبِلِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَنَعَ بِنْتَيْ مَخَاضٍ فِي حِقَّةٍ عَلَى رِوَايَةِ مَنْ مَنَعَ صَغِيرَيْنِ فِي كَبِيرٍ وَمَنَعَ حِقَّةً فِي جَذَعَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ سِنِّ الْكِبَرِ فَتَكُونُ الْحِقَّةُ فِي حَيِّزِ الْكَبِيرِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ سِنٌّ يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ وَهُوَ الْحَمْلُ وَفِي ذُكُورِ الْبَقَرِ أَنْ يَبْلُغَ حَدَّ الْحَرْثِ وَفِي إنَاثِهَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِثْلُ ذَلِكَ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنْ يَبْلُغَ سِنَّ الْوَضْعِ وَاللَّبَنِ وَذَلِكَ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمَقْصُودَةَ مِنْ الْبَقَرِ الْقُوَّةُ عَلَى الْحَرْثِ؛ لِأَنَّهُ الْعَمَلُ الَّذِي تُتَّخَذُ لَهُ وَلَا خِلَافَ فِي ذُكُورِهَا.
وَأَمَّا إنَاثُهَا فَحَكَى ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا كَثْرَةُ اللَّبَنِ وَالظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الذُّكُورِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ إنَاثِ الْبَقَرِ وَإِنَاثِ الْغَنَمِ أَنَّ إنَاثَ الْبَقَرِ لَهَا مَنْفَعَةٌ لَا تُخَصُّ بِذُكُورِهَا، بَلْ تُوجَدُ أَيْضًا فِي إنَاثِهَا وَإِنَاثُ الْغَنَمِ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَإِذَا قُلْنَا بِرِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ جَازَ تَسْلِيمُ الْبَقَرَةِ الْكَثِيرَةِ اللَّبَنِ.
وَإِنْ كَانَتْ قَوِيَّةً عَلَى الْحَرْثِ فِي الثَّوْرِ، وَأَمَّا الْغَنَمُ فَمَعْزٌ وَضَأْنٌ فَالْمَعْزُ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تَخْتَلِفُ بِكَثْرَةِ اللَّبَنِ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنْهَا إنْ فَرَّقْنَا بَيْنَ صِغَارِهَا وَكِبَارِهَا حَدُّ الْكَبِيرِ أَنْ يَضَعَ مِثْلَهَا وَيَكُونُ فِيهَا اللَّبَنُ وَيَجِبُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ ذُكُورُهَا مِنْ جِنْسِ صِغَارِهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا غَيْرُ اللَّحْمِ إلَّا النَّزْوُ وَلَا اعْتِبَارَ بِهِ فِي اخْتِلَافِ الْجِنْسِ كَالْخَيْلِ وَالْحُمُرِ وَالضَّأْنِ فِيهَا رِوَايَةُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ كَثْرَةَ اللَّبَنِ لَا يَكَادُ يَتَبَايَنُ إلَّا فِي الْمَاعِزِ.
وَأَمَّا الضَّأْنُ فَمُتَقَارِبَةٌ فِي اللَّبَنِ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ اللَّبَنَ مُعْتَبَرٌ فِي الْغَنَمِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا حَيَوَانٌ ذُو لَبَنٍ وَلَا يُقْصَدُ بِهِ الْعَمَلُ فَوَجَبَ أَنْ يَخْتَلِفَ جِنْسُهُ بِكَثْرَةِ اللَّبَنِ وَقِلَّتُهُ كَالْمَاعِزِ فَافْهَمْ، وَأَمَّا الطَّيْرُ فَضَرْبَانِ مَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْبَيْضُ وَمَا لَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْبَيْضُ ذُكُورُهُ وَإِنَاثُهُ وَصِغَارُهُ وَكِبَارُهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَمَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْبَيْضُ كَالدَّجَاجِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ فَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ مِمَّا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْجِنْسُ لِوَجْهَيْنِ
(الْأَوَّلُ) أَنَّ الْبَيْضَ فِي الدَّجَاجِ لَيْسَ مِمَّا يُقْصَدُ بِالِاقْتِنَاءِ لَهُ فِي الْأَغْلَبِ وَإِنَّمَا يُقْصَدُ بِاللَّحْمِ وَذَلِكَ مُتَسَاوٍ فِي جَمِيعِهَا
(وَالثَّانِي) أَنَّ هَذِهِ وِلَادَةٌ وَالْوِلَادَةُ لَا يُعْتَبَرُ بِهَا فِي الْجِنْسِ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ كَسَائِرِ الْحَيَوَانِ، وَقَالَ أَصْبَغُ يَخْتَلِفُ بِهِ الْجِنْسُ وَوَجْهُ أَنَّ الْبَيْضَ مَعْنًى مَقْصُودٌ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ مِنْ الْحَيَوَانِ كَاللَّبَنِ فِي الْغَنَمِ
(الْمَطْلَبُ الثَّالِثُ) أَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمَقْصُودَةَ مِنْ الْعَبْدِ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى التَّكَسُّبِ بِمَعْنَى يُسْتَفَادُ فِي التَّعْلِيمِ لَا يَكُونُ شَائِعًا فِي الْجِنْسِ كَالتِّجَارَةِ وَالصِّنَاعَةِ فَالتِّجَارَةُ وَالصِّنَاعَةُ كَالْجِزَارَةِ وَالْبِنَاءِ وَالْخِيَاطَةِ مَعَ الْفَصَاحَةِ وَالْحِسَابِ جِنْسٌ مَقْصُودٌ
حَتَّى يَتَعَرَّضَ الْخَصْمُ لِدَفْعِهِ بِالْفَارِقِ وَيَكُونُ دَلِيلُهُمْ شَيْئًا وَاحِدًا وَهُوَ الْقِيَاسُ وَهُمْ لَا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ مُدْرِكَهُمْ هَذِهِ النُّصُوصُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ، بَلْ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَذْكُرُوا نُصُوصًا أُخَرَ خَاصَّةً بِذَرَائِعِ بُيُوعِ الْآجَالِ خَاصَّةً وَيَقْتَصِرُونَ عَلَيْهَا، نَحْوُ مَا فِي الْمُوَطَّإِ أَنَّ أُمَّ وَلَدِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَتْ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ إنِّي بِعْت مِنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ عَبْدًا بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ إلَى الْعَطَاءِ وَاشْتَرَيْته بِسِتِّمِائَةٍ نَقْدًا فَقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها بِئْسَ مَا شَرَيْت وَبِئْسَ مَا اشْتَرَيْت أَخْبِرِي زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ أَنَّهُ أَبْطَلَ جِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَّا أَنْ يَتُوبَ قَالَتْ أَرَأَيْتنِي إنْ أَخَذْته بِرَأْسِ مَالِي فَقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 275] فَهَذِهِ هِيَ صُورَةُ النِّزَاعِ، وَهَذَا التَّغْلِيظُ الْعَظِيمُ لَا تَقُولُهُ رضي الله عنها إلَّا عَنْ تَوْقِيفٍ فَتَكُونُ هَذِهِ الذَّرَائِعُ وَاجِبَةَ السَّدِّ وَهُوَ الْمَقْصُودُ
(سُؤَالٌ) زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ مِنْ خِيَارِ الصَّحَابَةِ وَالصَّحَابَةُ رضي الله عنهم كُلُّهُمْ عُدُولٌ سَادَةٌ أَتْقِيَاءُ فَكَيْفَ يَلِيقُ بِهِ فِعْلُ مَا يُقَالُ فِيهِ ذَلِكَ
(جَوَابُهُ) قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ أَبُو الْوَلِيدِ بْنُ رُشْدٍ هَذِهِ الْمُبَايَعَةُ كَانَتْ بَيْنَ أُمِّ وَلَدِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَمَوْلَاهَا قَبْلَ الْعِتْقِ فَيَتَخَرَّجُ قَوْلُ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَلَى تَحْرِيمِ الرِّبَا بَيْنَ السَّيِّدِ وَعَبْدِهِ مَعَ الْقَوْلِ بِتَحْرِيمِ هَذِهِ الذَّرَائِعِ وَلَعَلَّ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ لَا يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَ الرِّبَا بَيْنَ السَّيِّدِ وَعَبْدِهِ قَالَ وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَعْتَقِدَ فِي زَيْدٍ أَنَّهُ وَطِئَ أُمَّ وَلَدِهِ عَلَى شِرَاءِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ مُتَفَاضِلًا إلَى أَجَلٍ
(سُؤَالٌ) إذَا قُلْنَا بِالتَّحْرِيمِ عَلَى رَأْيِ عَائِشَةَ رضي الله عنها فَمَا مَعْنَى إحْبَاطِ الْجِهَادِ وَإِحْبَاطُ الْأَعْمَالِ لَا يَكُونُ إلَّا بِالشِّرْكِ
(جَوَابُهُ) أَنَّ الْإِحْبَاطَ إحْبَاطَانِ إحْبَاطُ إسْقَاطٍ وَهُوَ إحْبَاطُ الْكُفْرِ لِلْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فَلَا يُفِيدُ شَيْءٌ مِنْهَا مَعَهُ وَإِحْبَاطُ مُوَازَنَةٍ وَهُوَ وَزْنُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ بِالسَّيِّئِ فَإِنْ رَجَحَ السَّيِّئُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ وَالصَّالِحُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ كِلَاهُمَا مُعْتَبَرٌ غَيْرَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ وَمَعَ الْكُفْرِ لَا عِبْرَةَ أَلْبَتَّةَ فَالْإِحْبَاطُ فِي الْأَثَرِ إحْبَاطُ مُوَازَنَةٍ بَقِيَ كَيْفَ يُحْبِطُ هَذَا الْفِعْلُ جُمْلَةَ ثَوَابِ الْجِهَادِ قُلْت لَهُ مَعْنَيَانِ
(أَحَدُهُمَا) أَنَّ الْمُرَادَ الْمُبَالَغَةُ فِي الْإِنْكَارِ لَا التَّحْقِيقُ
(وَثَانِيهَا) أَنَّ مَجْمُوعَ الثَّوَابِ الْمُتَحَصِّلِ مِنْ الْجِهَادِ لَيْسَ بَاقِيًا بَعْدَ هَذِهِ السَّبَبِيَّةِ، بَلْ بَعْضُهُ، فَيَكُونُ الْإِحْبَاطُ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَجْمُوعٌ وَظَاهِرُ الْإِحْبَاطِ وَالتَّوْبَةِ أَنَّهُ مَعْصِيَةٌ أَمَّا يَتْرُكُ التَّعَلُّمَ لِحَالِ هَذَا الْعَقْدِ قَبْلَ الْقُدُومِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ اجْتَهَدَ فِيهِ وَرَأَتْ أَنَّ اجْتِهَادَهُ مِمَّا يَجِبُ نَقْضُهُ وَعَدَمُ إقْرَارِهِ فَلَا يَكُونُ حُجَّةً لَهُ أَوْ هُوَ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
كَذَلِكَ وَالْكِتَابَةُ وَالْقِرَاءَةُ إذَا تَقَدَّمَهَا نَفَاذٌ يُمْكِنُهُ التَّكَسُّبُ بِهَا وَهَكَذَا مَا جَرَى هَذَا الْمَجْرَى.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْأَعْمَالُ الْمُعْتَادَةُ الَّتِي يَعْمَلُهَا أَكْثَرُ النَّاسِ كَالْحَرْثِ وَالْحَصَادِ فِي الرِّجَالِ وَالْغَزْلِ فِي النِّسَاءِ، فَلَيْسَ مَنْ يَعْمَلُهَا بِجِنْسٍ يُبَايِنُ بِهِ مَنْ لَا يَعْمَلُ ذَلِكَ الْعَمَلَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ هَذَا الْعَمَلُ مُعْتَادًا يُمْكِنُ أَكْثَرُ هَذَا الْجِنْسِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْمَشْيِ وَسَائِرِ أَنْوَاعِ التَّصَرُّفِ الْمُعْتَادِ.
وَأَمَّا الصِّنَاعَةُ فِي الْإِمَاءِ فَكَالطَّبْخِ وَالْخَبْزِ وَالرَّقْمِ وَالنَّسْجِ وَكُلُّ نَوْعٍ مِنْ ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِلْآخَرِ إلَّا الطَّبْخُ وَالْخَبْزُ فَإِنَّهُ صِنَاعَةٌ وَاحِدَةٌ وَجِنْسٌ وَاحِدٌ، وَأَمَّا الْكِتَابَةُ فَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَتْ بِجِنْسٍ فِي الْإِمَاءِ وَرَوَى عِيسَى عَنْهُ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ فَائِقَةً فِيهَا إنَّهُ جِنْسٌ تَبَيَّنَ بِهِ مِنْ غَيْرِهَا وَفِي كَوْنِهِمَا قَوْلًا وَاحِدًا بِحَمْلِهِمَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ النَّفَاذَ فِي ذَلِكَ وَالتَّقَدُّمُ حَتَّى يُمْكِنُ التَّكَسُّبُ بِهِ جِنْسٌ مَقْصُودٌ وَإِنَّ الْكِتَابَةَ الْيَسِيرَةَ الَّتِي لَا يُمْكِنُ الِاكْتِسَابُ بِهَا لَيْسَتْ بِجِنْسٍ مَقْصُودٍ أَوْ قَوْلَيْنِ بِحَمْلِ الْأَوْلَى عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِجِنْسٍ فِي الْإِمَاءِ مَعَ النَّفَاذِ بِخِلَافِ الْعَبِيدِ وَالثَّانِيَةُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ حُكْمَ الْإِمَاءِ فِي الْكِتَابَةِ حُكْمُ الْعَبِيدِ وَجْهَانِ وَرَوَى عِيسَى أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ أَنَّ الْجِمَالَ لَيْسَ بِجِنْسٍ وَوَجْهٌ أَنَّهُ مَعْنَى لَا يَتَكَسَّبُ بِهِ الْإِمَاءُ وَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَصْبَغَ أَنَّهُ جِنْسٌ مَقْصُودٌ وَكَانَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْقَرَوِيِّينَ يَحْكِي أَنَّ ابْنَ وَهْبٍ.
رَوَاهُ وَوَجْهُهُ مِنْ أَنَّ الْأَثْمَانَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهِ وَتَتَفَاوَتُ بِتَفَاوُتِهِ، وَلَيْسَ الْغَزْلُ وَلَا عَمَلُ الطِّيبِ بِجِنْسٍ؛ لِأَنَّ الْغَزْلَ مُعْتَادٌ فِي النِّسَاءِ شَامِلٌ وَعَمَلُ الطِّيبِ لَيْسَ مِمَّا يَكَادُ أَنْ تَنْفَرِدَ بِالتَّكَسُّبِ بِهِ، بَلْ ذَلِكَ شَائِعٌ فِي جَمِيعِ النِّسَاءِ، وَهَذَا مَعْنَى مَا احْتَجَّ بِهِ ابْنُ الْمَوَّازِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْخَيْلِ السَّبْقُ وَالْجَوْدَةُ؛ لِأَنَّهَا بِهَا تُبَايِنُ سَائِرَ الْحَيَوَانِ الْمُتَّحِدِ فَإِذَا كَانَ سَابِقًا فَائِقًا، فَلَيْسَ مِنْ جِنْسِ مَا لَيْسَ بِسَابِقٍ مِنْ الْخَيْلِ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْإِبِلِ الْقُوَّةُ عَلَى الْحَمْلِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُبَايِنُ غَيْرَهَا فِي الْقُوَّةِ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، وَلَيْسَ السَّبْقُ بِمَقْصُودٍ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تُرَادُ لِلسَّبْقِ، وَكَذَلِكَ لَا يُسْهَمُ لَهَا وَإِنْ جَازَ أَنْ يَكُونَ مِنْهَا مَا يُسَاقُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمَنْفَعَةٍ أَفْضَلَ هَذَا الْجِنْسِ وَأَغْلَبِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ مِنْ الْخَيْلِ مَا تَكُونُ فِيهِ الْقُوَّةُ عَلَى الْحَمْلِ وَلَا يُتَّخَذُ لِذَلِكَ وَلَا يَتَمَيَّزُ بِهِ فِي الْجِنْسِ عَمَّا لَيْسَ بِقَوِيٍّ عَلَى الْحَمْلِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ مِنْ أَفْضَلِ هَذَا الْجِنْسِ وَلَا أَكْثَرَ.
وَأَمَّا الْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنَّ الْبِغَالَ كُلَّهَا مَعَ الْحُمُرِ الْمِصْرِيَّةِ جِنْسٌ مُخَالِفٌ لِلْأَعْرَابِيَّةِ وَلَا يَخْتَلِفُ بِالسَّيْرِ وَالْقِيَمِ وَإِنَّمَا تَخْتَلِفُ بِالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الرُّكُوبُ لِلْجِمَالِ وَهِيَ مُتَقَارِبَةٌ فِيهِ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ السَّيْرِ؛ لِأَنَّ السَّيْرَ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا فَيَجِبُ أَنْ تَخْتَلِفَ بِاخْتِلَافِهِ قَالَ فَأَبَى ابْنُ الْقَاسِمِ
فَخَشِيَتْ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ النَّاسُ فَيَنْفَتِحَ بَابُ الرِّبَا بِسَبَبِهِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ فِي صَحِيفَتِهِ فَيَعْظُمُ الْإِحْبَاطُ فِي حَقِّهِ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ فِي الْإِحْبَاطِ قَوْلُهُ عليه السلام «مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ» أَيْ بِالْمُوَازَنَةِ وَوَافَقَنَا أَبُو حَنِيفَةَ وَابْنُ حَنْبَلٍ فِي سَدِّ ذَرَائِعِ بُيُوعِ الْآجَالِ الَّتِي هِيَ صُورَةُ النِّزَاعِ وَإِنْ خَالَفَنَا فِي تَفْصِيلِ بَعْضِهَا.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَمْتَنِعُ بَيْعُ السِّلْعَةِ مِنْ أَبِ الْبَائِعِ بِمَا تَمْتَنِعُ بِهِ مِنْ الْبَائِعِ وَخَالَفَنَا الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] وَبِمَا جَاءَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أُتِيَ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ فَقَالَ أَتَمْرُ خَيْبَرُ كُلُّهُ هَكَذَا فَقَالُوا إنَّا نَبْتَاعُ الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ مِنْ تَمْرِ الْجَمْعِ فَقَالَ عليه السلام لَا تَفْعَلُوا هَذَا، وَلَكِنْ بِيعُوا تَمْرَ الْجَمْعِ بِالدَّرَاهِمِ وَاشْتَرُوا بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا» فَهُوَ بَيْعُ صَاعٍ بِصَاعَيْنِ وَإِنَّمَا تَوَسَّطَ بَيْنَهُمَا عَقْدُ الدَّرَاهِمِ فَأُبِيحَ وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ خَاصٌّ وَمَا ذَكَرْتُمُوهُ عَامٌّ وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ، وَعَنْ الثَّانِي إنَّا إنَّمَا امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ الثَّانِي مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مَذْكُورًا فِي الْخَبَرِ مَعَ أَنَّ بَيْعَ النَّقْدِ إذَا تَقَابَضَا فِيهِ ضَعُفَتْ التُّهْمَةُ وَإِنَّمَا الْمَنْعُ حَيْثُ تَقْوَى وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِأَنَّ الْعَقْدَ الْمُقْتَضِيَ لِلْفَسَادِ لَا يَكُونُ فَاسِدًا إذَا صَحَّتْ أَرْكَانُهُ كَبَيْعِ السَّيْفِ مِنْ قَاطِعِ الطَّرِيقِ وَالْعِنَبِ مِنْ الْخَمَّارِ مَعَ أَنَّ الْفَسَادَ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ أَعْظَمُ مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا لِمَا فِيهِ مِنْ ذَهَابِ النُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ، وَجَوَابُهُ أَنَّ الْفَسَادَ لَيْسَ مَقْصُودًا لِلْقَصْدِ بِالذَّاتِ بِخِلَافِ عُقُودِ صُوَرِ النِّزَاعِ فَإِنَّ تِلْكَ الْأَعْرَاضَ الْفَاسِدَةَ هِيَ الْبَاعِثَةُ عَلَى الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ الْمُحَصِّلُ لَهَا وَالْبَيْعُ لَيْسَ مُحَصِّلًا لِقَطْعِ الطَّرِيقِ وَعَمَلِ الْخَمْرِ.
(تَنْبِيهٌ)
قَالَ اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ فِي وَجْهِ الْمَنْعِ فِي بُيُوعِ الْآجَالِ أَبُو الْفَرَجِ؛ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ مُعَامَلَاتِ أَهْلِ الرِّبَا.
وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ: بَلْ سَدًّا لِذَرَائِعِ الرِّبَا فَعَلَى الْأَوَّلِ مَنْ عُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ تَعَمُّدُ الْفَسَادِ حُمِلَ عَقْدُهُ عَلَيْهِ وَإِلَّا أُمْضِيَ فَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْعَادَةُ مُنِعَ الْجَمِيعُ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالْفَضْلِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ عَائِشَةَ رضي الله عنها فَإِنَّ زَيْدًا مِنْ أَبْعَدِ النَّاسِ عَنْ قَصْدِ الرِّبَا قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَضَابِطُ هَذَا الْبَابِ أَنَّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إنْ كَانَا يَقْصِدَانِ إظْهَارَ مَا يَجُوزُ لِيَتَوَصَّلَا بِهِ إلَى مَا لَا يَجُوزُ فَيُفْسَخُ الْعَقْدُ إذَا كَثُرَ الْقَصْدُ إلَيْهِ اتِّفَاقًا مِنْ الْمَذْهَبِ كَبَيْعٍ وَسَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا فَإِنْ بَعُدَتْ التُّهْمَةُ بَعْضَ الْبُعْدِ وَأَمْكَنَ الْقَصْدُ إلَيْهِ كَدَفْعِ الْأَكْثَرِ مِمَّا فِيهِ ضَمَانٌ وَأَخْذِ الْأَقَلِّ مِنْهُ إلَى أَجَلٍ فَقَوْلَانِ مَشْهُورَانِ فَأَمَّا مَعَ ظُهُورِ مَا يُبْرِئُ مِنْ التُّهْمَةِ لَكِنْ فِيهِ صُورَةُ الْمُتَّهَمِ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ تَصَوَّرَ الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ غَيْرَ يَدٍ بِيَدٍ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
أَنَّ الْأَسْمَاءَ بِهَا، فَلَمَّا اتَّفَقَتْ فِي الْمَعْنَى الْمَقْصُودِ مِنْهَا كَانَتْ جِنْسًا وَاحِدًا وَإِنْ لَمْ يَشْمَلْهَا اسْمٌ وَاحِدٌ.
وَهَذَا أَشْبَهُ بِمَذْهَبِ مَالِكٍ رحمه الله وَوَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ اخْتِلَافَ الْأَسْمَاءِ الْخَاصَّةِ يُوجِبُ اخْتِلَافَ الْجِنْسِ وَإِنَّمَا يُرَاعَى اخْتِلَافُ الْمَنَافِعِ وَاتِّفَاقُهَا فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ ذُكُورِ الْبَقَرِ الْقُوَّةُ عَلَى الْحَرْثِ وَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ فِي إنَاثِهَا أَوْ الْمَقْصُودُ مِنْهَا كَثْرَةُ اللَّبَنِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ حَبِيبٍ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْمَعْزِ كَثْرَةُ اللَّبَنِ وَفِي كَوْنِ الضَّأْنِ كَذَلِكَ أَوَّلًا رِوَايَتَا سَحْنُونٌ وَيَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الطَّيْرِ اللَّحْمُ فَقَطْ وَفِي كَوْنِ الْبَيْضِ كَالدَّجَاجِ مَعْنًى مَقْصُودًا مِنْ هَذَا الْجِنْسِ مِنْ الْحَيَوَانِ أَوَّلًا قَوْلُ أَصْبَغَ وَرِوَايَةُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ اهـ. مُلَخَّصًا مَعَ إصْلَاحٍ.
وَلَا يَخْفَاك أَنَّ مَا بَنَى الْأَصْلُ عَلَيْهِ الْفَرْقَ بَيْنَ قَاعِدَةِ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَتَعَدُّدِهِ فِي بَابِ رِبَا الْفَضْلِ مِنْ الْقَاعِدَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ مَعَ مَا ذَكَرَهُ الْبَاجِيَّ فِي الْمُنْتَقَى هُوَ الْقَانُونُ الَّذِي يَنْحَصِرُ فِيهِ أَقْوَالُ مَالِكٍ فِي الرِّبَوِيَّاتِ وَتَنْحَصِرُ فِيهِ الْمَنَافِعُ الَّتِي تُوجِبُ عِنْدَهُ الِاتِّفَاقَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَجْنَاسِ الَّتِي يَقَعُ بِهَا التَّعَامُلُ كَالْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ وَالنَّبَاتِ وَيَحْصُلُ بِهِ تَفْصِيلُ الْأَقْوَالِ وَتَمَيُّزُ تِلْكَ الْمَنَافِعِ مِنْ الَّتِي لَا تُوجِبُ ذَلِكَ الِاتِّفَاقَ بِدُونِ أَدْنَى عُسْرٍ وَيَتَّحِدُ الْجَوَابُ فِي تَمْيِيزِهَا فَتَأَمَّلْ بِإِنْصَافٍ هَذَا وَالْجِنْسُ الَّذِي يَمْتَنِعُ فِي أَنْوَاعِهِ التَّفَاضُلُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ كَمَا الْإِقْنَاعِ وَشَرْحِهِ كَشَّافِ الْقِنَاعِ لِلشَّيْخِ مَنْصُورِ بْنِ إدْرِيسَ الْحَنْبَلِيِّ هُوَ مَا لَهُ اسْمٌ خَاصٌّ يَشْمَلُ أَنْوَاعًا أَيْ الْجِنْسُ هُوَ الشَّامِلُ لِأَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةٍ بِأَنْوَاعِهَا وَالنَّوْعُ هُوَ الشَّامِلُ لِأَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةٍ بِأَشْخَاصِهَا فَكُلُّ نَوْعَيْنِ اجْتَمَعَا فِي اسْمٍ خَاصٍّ فَهُوَ جِنْسٌ كَذَهَبٍ وَأَنْوَاعُهُ الْمَغْرِبِيُّ وَالدَّكْرُورِيُّ وَفِضَّةٍ وَأَنْوَاعُهَا الرِّيَالُ وَالْبَنَادِقَةُ وَنَحْوُهَا وَبُرٍّ وَأَنْوَاعُهُ الْبُحَيْرِيُّ وَالصَّعِيدِيُّ أَيْ وَالْبَطْرَاوِيُّ وَشَعِيرٍ كَذَلِكَ وَتَمْرٍ وَأَنْوَاعُهُ الْبَرْنِيُّ وَالْمَعْقِلِيُّ وَالصَّيْحَانِيُّ وَغَيْرُهَا وَمِلْحٍ وَأَنْوَاعُهُ الْمَنْزَلَاوِيُّ وَالدِّمْيَاطِيُّ وَكُلُّ شَيْئَيْنِ فَأَكْثَرَ أَصْلُهُمَا وَاحِدٌ فَهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مَقَاصِدُهُمَا كَدُهْنِ وَرْدٍ وَدُهْنِ بَنَفْسَجٍ وَدُهْنِ زَنْبَقٍ وَدُهْنِ يَاسَمِينٍ وَدُهْنِ بَانٍ إذَا كَانَتْ كُلُّهَا مِنْ دُهْنٍ وَاحِدٍ كَالشَّيْرَجِ فَهِيَ جِنْسٌ وَاحِدٌ لِاتِّحَادِ أَصْلِهَا وَإِنَّمَا طُيِّبَتْ بِهَذِهِ الرَّيَاحِينِ فَنُسِبَتْ إلَيْهَا فَلَمْ تَصِرْ أَجْنَاسًا، وَقَدْ يَكُونُ الْجِنْسُ الْوَاحِدُ مُشْتَمِلًا عَلَى جِنْسَيْنِ كَالتَّمْرِ يَشْتَمِلُ عَلَى النَّوَى وَمَا عَلَيْهِ وَهُمَا جِنْسَانِ بَعْدَ النَّزْعِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا اسْمٌ خَاصٌّ يَشْمَلُ أَنْوَاعًا وَكَاللَّبَنِ يَشْتَمِلُ عَلَى الْمَخِيضِ