المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الفرق بين قاعدة ما يجوز من السلم وبين قاعدة ما لا يجوز منه] - الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق - جـ ٣

[القرافي]

فهرس الكتاب

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَصِحُّ اجْتِمَاعُ الْعِوَضَيْنِ فِيهِ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَصِحُّ أَنْ يَجْتَمِعَ فِيهِ الْعِوَضَانِ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْأَرْزَاقِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْإِجَارَاتِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى أَرْزَاق الْقُضَاةُ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ أَرْزَاقُ الْمَسَاجِدِ وَالْجَوَامِعِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ الْإِقْطَاعَاتُ الَّتِي تُجْعَلُ لِلْأُمَرَاءِ وَالْأَجْنَادِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُوقِفَ وَقْفًا عَلَى جِهَةٍ مِنْ الْجِهَاتِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ الْمَصْرُوفُ مِنْ الزَّكَاةِ لِلْمُجَاهِدِينَ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ مَا يُصْرَفُ لِلْقَسَّامِ لِلْعَقَارِ بَيْنَ الْخُصُومِ مِنْ جِهَةِ الْحُكَّامِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ اسْتِحْقَاقِ السَّلَبِ فِي الْجِهَادِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْإِقْطَاعِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ أَخْذِ الْجِزْيَةِ عَلَى التَّمَادِي عَلَى الْكُفْرِ فَيَجُوزُ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ أَخْذِ الْأَعْوَاضِ عَلَى التَّمَادِي عَلَى الزِّنَا]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُوجِبُ نَقْضَ الْجِزْيَةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يُوجِبُ نَقْضَهَا]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ بِرِّ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ التَّوَدُّدِ لَهُمْ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ تَخْيِيرِ الْمُكَلَّفِينَ فِي الْكَفَّارَةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ تَخْيِيرِ الْأَئِمَّةِ فِي الْأُسَارَى وَالتَّعْزِيرِ وَحَدِّ الْمُحَارِبِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَنْ مَلَكَ أَنْ يَمْلِكَ هَلْ يُعَدُّ مَالِكًا أَمْ لَا وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَنْ انْعَقَدَ لَهُ سَبَبُ الْمُطَالَبَةِ بِالْمِلْكِ هَلْ يُعَدُّ مَالِكًا أَمْ لَا]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الرِّيَاءِ فِي الْعِبَادَاتِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ التَّشْرِيكِ فِي الْعِبَادَاتِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ عَقْدِ الْجِزْيَةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ غَيْرِهَا مِمَّا يُوجِبُ التَّأْمِينَ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَجِبُ تَوْحِيدُ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ مِنْ التَّعْظِيمِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَجِبُ تَوْحِيدُهُ بِهِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا مَدْلُولُهُ قَدِيمٌ مِنْ الْأَلْفَاظِ فَيَجُوزُ الْحَلِفُ بِهِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا مَدْلُولُهُ حَادِثٌ فَلَا يَجُوزُ الْحَلِفُ بِهِ وَلَا تَجِبُ بِهِ كَفَّارَةٌ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ الْمَوَاطِنِ الَّتِي اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الِاكْتِفَاءِ فِيهَا بِالنِّيَّةِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ بِالْحَلِفِ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى إذَا حَنِثَ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يُوجِبُ كَفَّارَةً إذَا حَلَفَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ إذَا حَلَفَ بِهِ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يُوجِبُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَدْخُلُهُ الْمَجَازُ فِي الْأَيْمَانِ وَالتَّخْصِيصُ وَقَاعِدَةِ مَا لَا يَدْخُلُهُ الْمَجَازُ وَالتَّخْصِيصُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الِاسْتِثْنَاءِ وَقَاعِدَةِ الْمَجَازِ فِي الْأَيْمَانِ وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِهِمَا]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا تَكْفِي فِيهِ النِّيَّةُ فِي الْأَيْمَانِ وَقَاعِدَةِ مَا لَا تَكْفِي فِيهِ النِّيَّةُ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى تَقْيِيدُ الْمُطْلَقَاتِ إذَا حَلَفَ لَيُكْرِمَنَّ رَجُلًا وَنَوَى بِهِ زَيْدًا]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ تَخْصِيصُ الْعُمُومَاتِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ الْمُحَاشَاةُ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ دُخُولُ النِّيَّةِ فِي تَعْمِيمِ الْمُطْلَقَاتِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ تَعْيِينُ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ بِالنِّيَّةِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ تُصْرَفُ النِّيَّةُ بِالصَّرْفِ إلَى الْمَجَازَاتِ وَتَرْكِ حَقِيقَةِ اللَّفْظِ بِالْكُلِّيَّةِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ الِاسْتِثْنَاءِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْيَمِينِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ الَّتِي لَا تُؤَثِّرُ فِيهَا النِّيَّةُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ النُّصُوصِ]

- ‌[الفرق بَيْنَ قَاعِدَةِ الِانْتِقَالِ مِنْ الْحُرْمَةِ إلَى الْإِبَاحَةِ يُشْتَرَطُ فِيهَا أَعَلَى الرُّتَبِ وَبَيْنَ قَاعِدَة الِانْتِقَالِ مِنْ الْإِبَاحَةِ إلَى الْحُرْمَةِ يَكْفِي فِيهَا أَيْسَرُ الْأَسْبَابِ]

- ‌[الفرق بَيْن قَاعِدَةِ مُخَالَفَةِ النَّهْيِ إذَا تَكَرَّرَتْ يَتَكَرَّرُ التَّأْثِيمُ وَبَيْن قَاعِدَة مُخَالِفَةِ الْيَمِينِ إذَا تَكَرَّرَتْ لَا تَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهَا الْكَفَّارَةُ وَالْجَمِيعُ مُخَالَفَةٌ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ النَّقْلِ الْعُرْفِيِّ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الِاسْتِعْمَالِ الْمُتَكَرِّرِ فِي الْعُرْفِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ تَعَذُّرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ عَقْلًا وَبَيْنَ قَاعِدَةِ تَعَذُّرِهِ عَادَةً أَوْ شَرْعًا]

- ‌[الفرق بَيْن قَاعِدَةِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ يَجِبُ الْمَشْيُ إلَيْهَا وَالصَّلَاةُ فِيهَا إذَا نَذْرَهَا وَقَاعِدَة غَيْرِهَا مِنْ الْمَسَاجِدِ لَا يَجِبُ الْمَشْيُ إلَيْهَا إذَا نَذَرَ الصَّلَاةَ فِيهِمَا]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْمَنْذُورَاتِ وَقَاعِدَةِ غَيْرِهَا مِنْ الْوَاجِبَاتِ الشَّرْعِيَّةِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَحْرُمُ لِصِفَتِهِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَحْرُمُ لِسَبَبِهِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ تَحْرِيمِ سِبَاعِ الْوَحْشِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ تَحْرِيمِ سِبَاعِ الطَّيْرِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ ذَكَاةِ الْحَيَّاتِ وَقَاعِدَةِ ذَكَاةِ غَيْرِهَا مِنْ الْحَيَوَانَاتِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ أَنْكِحَةِ الصَّبِيَّانِ تَنْعَقِدُ إذَا كَانُوا مُطِيقِينَ لِلْوَطْءِ وَلِلْوَلِيِّ الْإِجَازَةُ وَالْفَسْخُ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ طَلَاقِهِمْ فَإِنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ ذَوِي الْأَرْحَامِ لَا يَلُونَ عَقْدَ الْأَنْكِحَةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْعَصَبَةِ فَإِنَّهُمْ يَلُونَ الْعَقْدَ فِي النِّكَاحِ]

- ‌[الفرق بَيْنَ قَاعِدَةِ الْأَجْدَادِ فِي الْمَوَارِيثِ يُسَوُّونَ بِالْإِخْوَةِ وَبَيْنَ قَاعِدَتِهِمْ فِي النِّكَاحِ وَمِيرَاثِ الْوَلَاءِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ تُقَدِّمُ الْإِخْوَةُ عَلَيْهِمْ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْوَكَالَةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْوِلَايَةِ فِي النِّكَاحِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْإِمَاءِ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ عَدَدٍ مِنْهُنَّ كَثُرَ أَوْ قَلَّ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الزَّوْجَاتِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ تَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ فِي الرُّتْبَةِ الْأُولَى وَبَيْنَ قَاعِدَةِ لَوَاحِقِهَا]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَحْرُمُ بِالنَّسَبِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَحْرُمُ بِالنَّسَبِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْحَصَانَةِ لَا تَعُودُ بِالْعَدَالَةِ وَقَاعِدَةُ الْفُسُوقِ يَعُودُ بِالْجِنَايَةِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَلْحَقُ فِيهِ الْوَلَدُ بِالْوَطْءِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَلْحَقُ فِيهِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ قِيَافَتِهِ عليه السلام وَبَيْنَ قَاعِدَةِ قِيَافَةِ الْمُدْلِجِيِّينَ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُنَّ مِنْ النِّسَاءِ وَقَاعِدَةُ مَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُنَّ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْإِبَاحَةِ الْمُطْلَقَةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْإِبَاحَةِ الْمَنْسُوبَةِ إلَى سَبَبٍ مَخْصُوصٍ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُقَرُّ مِنْ أَنْكِحَةِ الْكُفَّارِ وَقَاعِدَةُ مَا لَا يُقَرُّ مِنْهَا]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ زَوَاجِ الْإِمَاءِ فِي مِلْكِ غَيْرِ الزَّوْجِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ زَوَاجِ الْإِنْسَانِ لِإِمَائِهِ الْمَمْلُوكَاتِ لَهُ وَالْمَرْأَةِ لِعَبْدِهَا]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْحَجْرِ عَلَى النِّسْوَانِ فِي الْإِبْضَاعِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْحَجْرِ عَلَيْهِمْ فِي الْأَمْوَالِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْأَثْمَانِ فِي الْبِيَاعَاتِ تَتَقَرَّرُ بِالْعُقُودِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الصَّدَقَاتِ فِي الْأَنْكِحَةِ لَا يَتَقَرَّرُ شَيْءٌ مِنْهُمَا بِالْعُقُودِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُهُ مَعَ الْبَيْعِ وَقَاعِدَةُ مَا لَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُهُ مَعَهُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْبَيْعِ وَقَاعِدَةُ النِّكَاحِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْمُعْسِرِ بِالدَّيْنِ يُنْظَرُ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْمُعْسِرِ بِنَفَقَاتِ الزَّوْجَاتِ لَا يُنْظَرُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ أَوْلَادِ الصُّلْبِ وَالْأَبَوَيْنِ فِي إيجَابِ النَّفَقَةِ لَهُمْ خَاصَّةً وَبَيْنَ قَاعِدَةِ غَيْرِهِمْ مِنْ الْقَرَابَاتِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ شَيْئًا لَا يُقَدَّمُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ إلَّا بِحُجَّةٍ ظَاهِرَةٍ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ يُقَدَّمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي الطَّلَاقِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِيهِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الطَّلَاقِ مِنْ النِّيَّةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يُشْتَرَطُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الذَّوَاتِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الصِّفَاتِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ اسْتِثْنَاءِ الْكُلِّ مِنْ الْكُلِّ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ اسْتِثْنَاءِ الْوَحَدَاتِ مِنْ الطَّلَاقِ]

- ‌[الفرق بَيْن قَاعِدَةِ التَّصَرُّفِ فِي الْمَعْدُومِ الَّذِي يُمْكِنُ أَنْ يَتَقَرَّرَ فِي الذِّمَّةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ التَّصَرُّفِ فِي الْمَعْدُومِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَقَرَّرَ فِي الذِّمَّةِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْإِيجَابَاتِ الَّتِي يَتَقَدَّمُهَا سَبَبٌ تَامٌّ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْإِيجَابَاتِ الَّتِي هِيَ أَجْزَاءُ الْأَسْبَابِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ خِيَارِ التَّمْلِيكِ فِي الزَّوْجَاتِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ تَخْيِيرِ الْإِمَاءِ فِي الْعِتْقِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ التَّمْلِيكِ وَقَاعِدَةِ التَّخْيِيرِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ ضَمِّ الشَّهَادَتَيْنِ فِي الْأَقْوَالِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ عَدَمِ ضَمِّهَا فِي الْأَفْعَالِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَلْزَمُ الْكَافِرَ إذَا أَسْلَمَ وَقَاعِدَةِ مَا لَا يَلْزَمُهُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُجْزِئُ فِيهِ فِعْلُ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ عَنْهُ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يُجْزِئُ فِيهِ فِعْلُ الْغَيْرِ عَنْهُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَصِلُ إلَى الْمَيِّتِ وَقَاعِدَةِ مَا لَا يَصِلُ إلَيْهِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُبْطِلُ التَّتَابُعَ فِي صَوْمِ الْكَفَّارَاتِ وَالنُّذُورِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَبْطُلُ التَّتَابُعُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الذِّمَّةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ أَهْلِيَّةِ الْمُعَامَلَةِ]

- ‌[الفرق بَيْنَ قَاعِدَةِ الْمُطَلَّقَاتِ يَقْضِي قَبْلَ عِلْمِهِنَّ بِالطَّلَاقِ وَأَمَدِ الْعِدَّةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْمُرْتَابَاتِ يَتَأَخَّرُ الْحَيْضُ وَلَا يُعْلَمُ لِتَأَخُّرِهِ سَبَبٌ]

- ‌[الفرق بَيْنَ فَائِدَةِ الدَّائِرِ بَيْنَ النَّادِرِ وَالْغَالِبِ يُلْحَقُ بِالْغَالِبِ مِنْ جِنْسِهِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ إلْحَاقِ الْأَوْلَادِ بِالْأَزْوَاجِ إلَى خَمْسِ سِنِينَ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْعَدَدِ وَقَاعِدَةِ الِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الِاسْتِبْرَاءِ بِالْأَقْرَاءِ يَكْفِي قُرْءٌ وَاحِدٌ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الِاسْتِبْرَاءِ بِالشُّهُورِ لَا يَكْفِي شَهْرٌ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْحَضَانَةِ يُقَدَّمُ فِيهَا النِّسَاءُ عَلَى الرِّجَالِ بِخِلَافِ جَمِيعِ الْوِلَايَاتِ يُقَدَّمُ فِيهَا الرِّجَالُ عَلَى النِّسَاءِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مُعَامَلَةِ أَهْلِ الْكُفْرِ وَقَاعِدَةِ مُعَامَلَةِ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْمِلْكِ وَقَاعِدَةِ التَّصَرُّفِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْأَسْبَابِ الْعَقْلِيَّةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْأَسْبَابِ الشَّرْعِيَّةِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَتَقَدَّمُ مُسَبَّبُهُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَسْبَابِ الشَّرْعِيَّةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ مُسَبَّبُهُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَقْبَلُ الْمِلْكَ مِنْ الْأَعْيَانِ وَالْمَنَافِعِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَقْبَلُهُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَقَاعِدَةِ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا وَقَاعِدَةِ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى الصِّفَةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى الصِّفَةِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ تَحْرِيمِ بَيْعِ الرِّبَوِيِّ بِجِنْسِهِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ عَدَمِ تَحْرِيمِ بَيْعِهِ بِجِنْسِهِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَتَعَيَّنُ مِنْ الْأَشْيَاءِ وَقَاعِدَةِ مَا لَا يَتَعَيَّنُ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَدْخُلُهُ رِبَا الْفَضْلِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَدْخُلُهُ رِبَا الْفَضْلِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَتَعَدُّدِهِ فِي بَابِ رِبَا الْفَضْلِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُعَدُّ تَمَاثُلًا شَرْعِيًّا فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَمَا لَا يُعَدُّ تَمَاثُلًا]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْمَجْهُولِ وَقَاعِدَةِ الْغَرَر]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُسَدُّ مِنْ الذَّرَائِعِ وَقَاعِدَةِ مَا لَا يُسَدُّ مِنْهُمَا]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْفَسْخِ وَقَاعِدَةِ الِانْفِسَاخِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَقَاعِدَةِ خِيَارِ الشَّرْطِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَنْتَقِلُ إلَى الْأَقَارِبِ مِنْ الْأَحْكَامِ غَيْرِ الْأَمْوَالِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَنْتَقِلُ مِنْ الْأَحْكَامِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَقَاعِدَةِ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَتْبَعُ الْعَقْدَ عُرْفًا وَقَاعِدَةِ مَا لَا يَتْبَعُهُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَجُوزُ مِنْ السَّلَمِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَجُوزُ مِنْهُ]

الفصل: ‌[الفرق بين قاعدة ما يجوز من السلم وبين قاعدة ما لا يجوز منه]

لِلْغَرَرِ فَمَتَى انْخَرَمَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ فَهُوَ السَّلَمُ الْمَمْنُوعُ وَبِضَبْطِهَا يَحْصُلُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا وَصَلَهَا لِلْعَشَرَةِ وَهِيَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ كَمَا تَرَى وَفُرُوعُ الْمُدَوَّنَةِ شَاهِدَةٌ لَهَا وَفِي الشُّرُوطِ سِتُّ مَسَائِلَ.

(الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى)

الْحَذَرُ مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَأَصْلُهُ «نَهْيُهُ عليه السلام عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ» وَهَا هُنَا قَاعِدَةٌ وَهِيَ أَنَّ مَطْلُوبَ صَاحِبِ الشَّرْعِ صَلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ وَحَسْمُ مَادَّةِ الْفَسَادِ وَالْفِتَنِ حَتَّى بَالَغَ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ عليه السلام «لَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تَحَابُّوا» ، وَإِذَا اشْتَمَلَتْ الْمُعَامَلَةُ عَلَى شَغْلِ الذِّمَّتَيْنِ تَوَجَّهَتْ الْمُطَالَبَةُ مِنْ الْجِهَتَيْنِ فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِكَثْرَةِ الْخُصُومَاتِ وَالْعَدَاوَاتِ فَمَنَعَ الشَّرْعُ مَا يَقْضِي لِذَلِكَ وَهُوَ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ

(فَائِدَةٌ) الْكَالِئُ مِنْ الْكِلَاءَةِ الَّتِي هِيَ الْحِرَاسَةُ فَهُوَ اسْمُ فَاعِلٍ إمَّا لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَوَاقِبُ صَاحِبِهِ وَيَحْفَظُهُ لِأَجْلِ مَالِهِ عِنْدَهُ، فَيَكُونُ فِي الْكَلَامِ حَذْفُ تَقْدِيرِهِ نَهْيٌ عَنْ بَيْعِ مَالِ الْكَالِئِ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَيْنِ لَا يُبَاعُ أَحَدُهُمَا

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

قَالَ (الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى إلَى قَوْلِهِ وَهُوَ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ)

قُلْت مَا قَالَهُ فِي ذَلِكَ صَحِيحٌ قَالَ

(فَائِدَةٌ إلَى قَوْلِهِ وَوُرُودُ النَّهْيِ قَبْلَ الْوُقُوعِ) قُلْت مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ مَجَازٌ؛ لِأَنَّهُ أُطْلِقَ بِاعْتِبَارِ الْمُسْتَقْبَلِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ حَقِيقَةً فِي حَالِ الْمَاضِي وَالْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ وَمَا قَالَهُ أَيْضًا مِنْ أَنَّ الْكِلَاءَةَ لَا تَحْصُلُ حَالَ الْعَقْدِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، بَلْ تَحْصُلُ حَالَةَ الْعَقْدِ وَتَسْتَمِرُّ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ هُوَ سَبَبُهَا وَالْمُسَبَّبُ يَحْصُلُ عِنْدَ حُصُولِ سَبَبِهِ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

وَأَبِي ثَوْرٍ أَنَّ مَالَهُ تَبَعٌ لَهُ فِي الْبَيْعِ وَالْعِتْقِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى كَوْنِ الْعَبْدِ مَالِكًا عِنْدَهُمْ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهَا اخْتِلَافًا كَثِيرًا أَعْنِي هَلْ يَمْلِكُ الْعَبْدُ أَوْ لَا يَمْلِكُ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَؤُلَاءِ إنَّمَا غَلَّبُوا الْقِيَاسَ عَلَى السَّمَاعِ لِأَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ هُوَ حَدِيثٌ خَالَفَ فِيهِ نَافِعٌ سَالِمًا؛ لِأَنَّ نَافِعًا. رَوَاهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ وَسَالِمٍ.

رَوَاهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اهـ. بِتَلْخِيصٍ قَالَ الْأَصْلُ فَجَمِيعُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَهَذِهِ الْأَبْوَابُ الَّتِي سَرَدْتهَا مَا عَدَا مَسْأَلَةَ الثِّمَارِ الْمُؤَبَّرَةِ وَغَيْرِ الْمُؤَبَّرَةِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعَوَائِدِ فَمُدْرِكُهَا الْعُرْفُ وَالْعَادَةُ فَإِذَا تَغَيَّرَتْ الْعَادَةُ أَوْ بَطَلَتْ بَطَلَتْ هَذِهِ الْفَتَاوَى وَحَرُمَتْ الْفَتْوَى بِهَا لِعَدَمِ مُدْرِكِهَا، بَلْ تَتْبَعُ الْفَتَاوَى هَذِهِ الْعَوَائِدَ كَيْفَمَا تُقُبِّلَتْ كَمَا تَتْبَعُ النُّقُودُ فِي كُلِّ عَصْرٍ وَحِينَ وَتَعْيِينُ الْمَنْفَعَةِ مِنْ الْأَعْيَانِ الْمُسْتَأْجَرَةِ إذَا سَكَتَ عَنْهَا فَتَنْصَرِفُ بِالْعَادَةِ لِلْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْهَا عَادَةً لِعَدَمِ اللُّغَةِ فِي الْبَابَيْنِ.

وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الثِّمَارِ الْمُؤَبَّرَةِ وَغَيْرِ الْمُؤَبَّرَةِ فَبِسَبَبِ أَنَّ مُدْرِكَهَا النَّصُّ وَالْقِيَاسُ لَا تَتْبَعُ الْعَوَائِدَ وَلَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهَا وَلَا يُقَالُ إنَّ الْعُرْفَ اقْتَضَاهُ كَكُلِّ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْعَقْدِ وَاقْتَضَتْهُ اللُّغَةُ هَذَا تَنْقِيحُ مَا فِي الْأَصْلِ مِنْ تَلْخِيصِ هَذَا الْفَرْقِ وَسَلَّمَهُ ابْنُ الشَّاطِّ مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ الْبِدَايَةِ.

2 -

* (تَتِمَّةٌ) قَالَ الْحَفِيدُ فِي الْبِدَايَةِ مِنْ مَشْهُورِ مَسَائِلِهِمْ فِي هَذَا الْبَابِ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ اللَّذَانِ يَقَعَانِ فِي الثَّمَنِ الَّذِي انْعَقَدَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ بَعْدَ الْبَيْعِ مِمَّا يَرْضَى بِهِ الْمُتَبَايِعَانِ أَعْنِي أَنْ يَزِيدَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بَعْدَ الْبَيْعِ عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي انْعَقَدَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ أَوْ يَحُطَّ مِنْهُ الْبَائِعُ هَلْ يَتْبَعُ حُكْمَ الثَّمَنِ أَمْ لَا وَفَائِدَةُ الْفَرْقِ أَنَّ مَنْ قَالَ هِيَ مِنْ الثَّمَنِ أَوْجَبَ رَدَّهَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَفِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَأَيْضًا مَنْ جَعَلَهَا فِي حُكْمِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ إنْ كَانَتْ فَاسِدَةً فَسَدَ الْبَيْعُ، وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْهَا مِنْ الثَّمَنِ أَعْنِي الزِّيَادَةَ لَمْ يُوجِبْ شَيْئًا مِنْ هَذَا فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَى أَنَّهَا مِنْ الثَّمَنِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ لَا تَثْبُتُ الزِّيَادَةُ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ وَلَا فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ، بَلْ الْحُكْمُ لِلثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا تَلْحَقُ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ بِالثَّمَنِ أَصْلًا وَهُوَ فِي حُكْمِ الْهِبَةِ وَاسْتَدَلَّ مَنْ أَلْحَقَ الزِّيَادَةَ بِالثَّمَنِ بِقَوْلِهِ عز وجل {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ} [النساء: 24] قَالُوا، وَإِذَا لَحِقَتْ الزِّيَادَةُ فِي الصَّدَاقِ لَحِقَتْ فِي الْبَيْعِ بِالثَّمَنِ وَاحْتَجَّ الْفَرِيقُ الثَّانِي بِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّهَا لَا تَلْحَقُ فِي الشُّفْعَةِ وَبِالْجُمْلَةِ مَنْ رَأَى أَنَّ الْعَقْدَ الْأَوَّلَ قَدْ تَقَرَّرَ قَالَ الزِّيَادَةُ هِبَةٌ، وَمَنْ رَأَى أَنَّهَا فَسْخٌ لِلْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَعَقْدٌ ثَانٍ عَدَّهَا مِنْ الثَّمَنِ اهـ. بِلَفْظِهِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَجُوزُ مِنْ السَّلَمِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَجُوزُ مِنْهُ]

(الْفَرْقُ الْمِائَتَانِ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَجُوزُ مِنْ السَّلَمِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَجُوزُ مِنْهُ)

وَهُوَ أَنَّ السَّلَمَ يَجُوزُ إذَا اجْتَمَعَ فِيهِ شُرُوطُ الْجَوَازِ وَيَمْتَنِعُ إذَا انْخَرَمَ فِيهِ شَرْطٌ مِنْهَا وَشُرُوطُ جَوَازِهِ أَوْصَلَهَا الْأَصْلُ إلَى أَرْبَعَةَ عَشَرَةَ، وَقَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ أَوْصَلَهَا لِلْعَشَرَةِ وَسَلَّمَهُ ابْنُ الشَّاطِّ.

قَالَ (الشَّرْطُ الْأَوَّلُ) تَسْلِيمُ جَمِيعِ رَأْسِ الْمَالِ حَذَرًا مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ قَالَ الْحَفِيدُ فِي الْبِدَايَةِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ نَقْدِ الثَّمَنِ فِي الْمُدَّةِ الْكَثِيرَةِ مُطْلَقًا لَا بِاشْتِرَاطٍ وَلَا بِدُونِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي اشْتِرَاطِ تَأْخِيرِ نَقْدِهِ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فَأَجَازَ مَالِكٌ كَمَا أَجَازَ تَأْخِيرَهُ بِلَا شَرْطٍ أَيْ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ إلَى أَنَّ مِنْ شَرْطِهِ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ كَالصَّرْفِ اهـ.

نَعَمْ قَالَ عبق عَلَى الْمُخْتَصَرِ مَعَ الْمَتْنِ وَجَازَ السَّلَمُ عَلَى أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مُلْتَبِسًا بِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ كَسُكْنَى دَارٍ وَقُبِضَتْ، وَلَوْ تَأَخَّرَ اسْتِيفَاؤُهَا عَنْ قَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ

ص: 290

بِالْآخَرِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ اسْمًا لِلْمَدِينَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ دَيْنٍ يَحْفَظُ صَاحِبَهُ عِنْدَ الْفَلَسِ عَنْ الضَّيَاعِ وَيُسْتَغْنَى عَنْ الْحَذْفِ أَيْضًا لِقَبُولِهِمَا الْبَيْعَ أَوْ يَكُونُ اسْمُ الْفَاعِلِ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ كَالْمَاءِ الدَّافِقِ بِمَعْنَى الْمَدْفُوقِ وَيُسْتَغْنَى عَنْ الْحَذْفِ أَيْضًا وَعَلَى التَّقَادِيرِ الثَّلَاثَةِ فَهُوَ مَجَازٌ؛ لِأَنَّهُ إطْلَاقُ اسْمِ الْفَاعِلِ بِاعْتِبَارِ الْمُسْتَقْبَلِ فَإِنَّ الْكِلَاءَةَ لَا تَحْصُلُ حَالَةَ الْعَقْدِ، وَوَرَدَ النَّهْيُ قَبْلَ الْوُقُوعِ فَإِذَا حَصَلَ الدَّيْنُ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ فَقَطْ جَازَ بِشُرُوطِهِ؛ لِأَنَّ لَنَا قَاعِدَةً وَهِيَ أَنَّ الْمَصَالِحَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ كَمَا تَقَرَّرَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ ضَرُورِيَّةً كَنَفَقَةِ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ وَحَاجِيَّةً كَنَفَقَةِ الْإِنْسَانِ عَلَى زَوْجَاتِهِ وَتَمَامِيَّةً كَنَفَقَةِ الْإِنْسَانِ عَلَى أَقَارِبِهِ؛ لِأَنَّهَا تَتِمَّةُ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، وَالرُّتْبَةُ الْأُولَى مُقَدَّمَةٌ عَلَى الثَّانِيَةِ عِنْدَ التَّعَارُضِ، وَالثَّانِيَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الثَّالِثَةِ وَالسَّلَمُ مِنْ الْمَصَالِحِ التَّمَامِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ الْمَعَاشِ، وَكَذَلِكَ مِنْ الْمُسَاقَاتِ وَبَيْعِ الْغَائِبِ.

. (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) فِي بَيَانِ عِلَّةِ تَحْرِيمِ جَرِّ السَّلَفِ النَّفْعَ لِلْمُسْلِفِ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عز وجل شَرَعَ السَّلَفَ قُرْبَةً لِلْمَعْرُوفِ وَلِذَلِكَ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

قَالَ (فَإِذَا حَصَلَ الدَّيْنُ فِي السَّلَمِ فِيهِ فَقَطْ جَازَ بِشُرُوطِهِ إلَى آخِرِ الْمَسْأَلَةِ) قَالَتْ مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ السَّلَمَ مِنْ الرُّتْبَةِ الثَّالِثَةِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ عِنْدِي كَيْفَ، وَقَدْ قَالَ أَنَّهُ مِنْ تَمَامِ الْمَعَاشِ وَالْمَعَاشُ كُلُّهُ لِلْإِنْسَانِ ابْتِدَاؤُهُ وَتَمَامُهُ مِنْ الضَّرُورِيَّاتِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَمِنْ الْحَاجِيَاتِ فِي حَقِّ عِيَالِهِ وَمِنْ التَّمَامِيَّاتِ فِي حَقِّ أَقَارِبِهِ فَإِطْلَاقُهُ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ مِنْ التَّمَامِيَّاتِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي بَيَانِ عِلَّةِ تَحْرِيمِ جَرِّ السَّلَفِ النَّفْعَ لِلْمُسْلَفِ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَرَعَ السَّلَفَ قُرْبَةً لِلْمَعْرُوفِ وَلِذَلِكَ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

كَقَبْضِ الْأَوَاخِرِ اهـ. قَالَ الرَّهُونِيُّ يَعْنِي، وَلَوْ تَأَخَّرَ عَنْ قَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ بَعْدَ حُلُولِ أَجَلِهِ إذْ هَذَا هُوَ الْمُتَوَهَّمُ وَبِهِ يُلْغَزُ قَالَ الْمَوَّاقُ، وَعِنْدَ الْقِرَاءَة عَلَى هَذَا الْمَوْضِعِ أَنْشَدَنِي بَعْضُ الْحَاضِرِينَ لِنَفْسِهِ:

وَمَا سَلَمٌ قَبْضُ الْمُسَلَّمِ قَبْلَ أَنْ

يُوَفِّي الَّذِي يُعْطِي الْمُسَلِّمُ جَائِزُ

أَجِبْ إنَّ عِلْمَ الْفِقْه رَوْضٌ وَدَوْحَةٌ

جَنَى ذَاكَ فِي الْأَوْرَاقِ ذُخْرٌ وَنَاجِزُ

قَالَ الرَّهُونِيُّ وَالْأَحْسَنُ فِي جَوَابِهِ

إذَا نَفْعُ دَارٍ شَهْرًا أُسْلِمَ فِي كَذَا

لِأَدْنَى فَمُعْطَى ذَاكَ بِالْقَبْضِ فَائِزُ

فَهَذَا جَوَابُ مَا سَأَلْت وَقِسْ تُصِبْ

وَأَخْلِصْ فَبِالْإِخْلَاصِ يُغْبَطُ حَائِزُ

وَالْأَصْلُ فِي مَنْعِ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ نَهْيُهُ عليه الصلاة والسلام عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ وَسِرُّهُ قَاعِدَةُ أَنَّ مَطْلُوبَ صَاحِبِ الشَّرْعِ صَلَاحُ ذَاتِ الْعَيْنِ الْبَيْنِ وَحَسْمُ مَادَّةِ الْفَسَادِ وَالْفِتَنِ حَتَّى بَالَغَ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تَحَابُّوا» ، وَإِذَا اشْتَمَلَتْ الْمُعَامَلَةُ عَلَى شُغْلِ الذِّمَّتَيْنِ تَوَجَّهَتْ الْمُطَالَبَةُ مِنْ الْجِهَتَيْنِ فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِكَثْرَةِ الْخُصُومَاتِ وَالْعَدَاوَاتِ فَمَنَعَ الشَّرْعُ مَا يُفْضِي لِذَلِكَ وَهُوَ بَيْعُ الدَّيْن بِالدَّيْنِ وَالْكَالِئِ بِالْكَالِئِ فِي الْحَدِيثِ.

أَمَّا اسْمُ فَاعِلٍ بَاقٍ عَلَى مَعْنَاهُ مِنْ الْكِلَاءَةِ الَّتِي هِيَ الْحِرَاسَةُ، فَيَكُونُ إمَّا رَاجِعًا لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ نَهَى عَنْ بَيْعِ مَالِ الْكَالِئِ بِمَالِ الْكَالِئِ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَيْنِ لَا يُبَاعُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ، بَلْ يُرَاقِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ لِأَجْلِ مَا لَهُ عِنْدَهُ وَإِمَّا رَاجِعًا لِلدَّيْنَيْنِ عَلَى أَنَّهُ اسْمٌ لَهُمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ دَيْنٍ يَحْفَظُ صَاحِبَهُ عِنْدَ الْفَلَسِ عَنْ الضَّيَاعِ فَيُسْتَغْنَى حِينَئِذٍ عَنْ الْحَذْفِ لِقَبُولِهِمَا الْبَيْعَ وَإِمَّا اسْمُ فَاعِلٍ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ كَالْمَاءِ الدَّافِقِ بِمَعْنَى الْمَدْفُوقِ وَحِينَئِذٍ يُسْتَثْنَى عَنْ الْحَذْفِ أَيْضًا وَعَلَى التَّقَادِيرِ الثَّلَاثَةِ فَفِي كَوْنِ الْوَصْفِ مَجَازًا؛ لِأَنَّهُ إطْلَاقُ اسْمِ الْفَاعِلِ الَّذِي هُوَ حَقِيقَةٌ فِي حَالِ التَّلَبُّسِ بِالْحَدَثِ بِاعْتِبَارِ الْمُسْتَقْبَلِ لِأَمْرَيْنِ

أَحَدهمَا أَنَّ الْكِلَاءَةَ لَا تَحْصُلُ حَالَةَ الْعَقْدِ

وَثَانِيهِمَا أَنَّ وُرُودَ النَّهْيِ قَبْلَ الْوُقُوعِ فَإِذَا حَصَلَ الدَّيْنُ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ فَقَطْ جَازَ بِشُرُوطِهِ الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ لَنَا قَاعِدَةً وَهِيَ أَنَّ الْمَصَالِحَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ كَمَا تَقَرَّرَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ ضَرُورِيَّةٌ كَنَفَقَةِ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ وَحَاجِيَّةٍ كَنَفَقَةِ الْإِنْسَانِ عَلَى زَوْجَاتِهِ وَتَمَامِيَّةٍ كَنَفَقَةِ الْإِنْسَانِ عَلَى أَقَارِبِهِ؛ لِأَنَّهَا تَتِمَّةُ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَالرُّتْبَةُ الْأُولَى مُقَدَّمَةٌ عَلَى الثَّانِيَةِ عِنْدَ التَّعَارُضِ وَالثَّانِيَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الثَّالِثَةِ وَالسَّلَمُ مِنْ الْمَصَالِحِ التَّمَامِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ الْمَعَاشِ، وَكَذَلِكَ الْمُسَاقَاةُ وَبَيْعُ الْغَائِبِ وَفِي كَوْنِهِ أَيْ وَصْفُ كَالِئٍ فِي الْحَدِيثِ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ حَقِيقَةٌ فِي حَالِ الْمَاضِي وَالْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ عَلَى أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْكِلَاءَةَ تَحْصُلُ حَالَ الْعَقْدِ وَتَسْتَمِرُّ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ هُوَ سَبَبُهَا وَالْمُسَبَّبُ يَحْصُلُ عِنْدَ حُصُولِ سَبَبِهِ وَأَنَّ السَّلَمَ وَإِنْ سَلِمَ أَنَّهُ مِنْ تَمَامِ الْمَعَاشِ إلَّا أَنَّ الْمَعَاشَ كُلَّهُ لِلْإِنْسَانِ ابْتِدَاؤُهُ وَتَمَامُهُ مِنْ الضَّرُورِيَّاتِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَمِنْ الْحَاجِيَّاتِ فِي حَقِّ عِيَالِهِ وَمِنْ التَّمَامِيَّاتِ فِي حَقِّ أَقَارِبِهِ فَلَا يَصِحُّ إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مِنْ التَّمَامِيَّاتِ قَوْلَانِ لِلْأَصْلِ وَابْنِ الشَّاطِّ فَافْهَمْ.

(الشَّرْطُ الثَّانِي) السَّلَامَةُ مِنْ السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُسْلَمَ شَاةٌ فِي شَاتَيْنِ مُتَقَارِبَيْ الْمَنْفَعَةِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عز وجل شَرَعَ السَّلَفَ قُرْبَةً لِلْمَعْرُوفِ وَالْإِحْسَانِ حَتَّى صَارَ أَصْلًا قَائِمًا بِنَفْسِهِ

ص: 291

اسْتَثْنَاهُ مِنْ الرِّبَا الْمُحَرَّمِ فَيَجُوزُ دَفْعُ دِينَارٍ لِيَأْخُذَ عِوَضَهُ دِينَارًا إلَى أَجَلٍ قَرْضًا تَرْجِيحًا لِمَصْلَحَةِ الْإِحْسَانِ عَلَى مَفْسَدَةِ الرِّبَا، وَهَذَا مِنْ الصُّوَرِ الَّتِي قَدَّمَ الشَّرْعُ فِيهَا الْمَنْدُوبَاتِ عَلَى الْمُحَرَّمَاتِ وَمِنْ الصُّوَرِ الَّتِي مَصْلَحَتُهَا تَقْتَضِي الْإِيجَابَ لَكِنْ تَرَكَ الشَّرْعُ تَرْتِيبَ الْإِيجَابِ عَلَيْهَا رِفْقًا بِالْعِبَادِ كَمَصْلَحَةِ السِّوَاكِ فَقَالَ عليه السلام «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ» ، وَقَدْ بُسِطَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي كِتَابِ الْيَوَاقِيتِ فِي أَحْكَامِ الْمَوَاقِيتِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْهُ نُبْذَةٌ فِي هَذَا الْكِتَابِ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

اسْتَثْنَاهُ مِنْ الرِّبَا الْمُحَرَّمِ فَيَجُوزُ دَفْعُ دِينَارٍ لِيَأْخُذَ عِوَضَهُ دِينَارًا إلَى أَجَلٍ قَرْضًا تَرْجِيحًا لِمَصْلَحَةِ الْإِحْسَانِ عَلَى مَفْسَدَةِ الرِّبَا) قُلْت مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ الْقَرْضَ مُسْتَثْنًى مِنْ الرِّبَا الْمُحَرَّمِ لَيْسَ بِمُسَلَّمٍ وَلَا بِصَحِيحٍ فَإِنَّ الرِّبَا لُغَةً الزِّيَادَةُ وَلَا زِيَادَةَ فِي الْمِثَالِ الَّذِي ذَكَرَهُ وَالرِّبَا شَرْعًا الْمَمْنُوعُ وَالْقَرْضُ لَيْسَ بِمَمْنُوعٍ وَإِنَّمَا وَقَعَ الْخَلَلُ مِنْ جِهَةِ اعْتِقَادِ أَنَّ دِينَارًا بِدِينَارٍ إلَى أَجَلٍ مَمْنُوعٌ مُطْلَقًا وَالْأَمْرُ لَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ ذَلِكَ مَمْنُوعٌ عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ الَّذِي شَأْنُهُ عَادَةً وَعُرْفًا الْمُكَايَسَةُ وَالْمُغَابَنَةُ، وَلَيْسَ بِمَمْنُوعٍ عَلَى وَجْهِ الْقَرْضِ الَّذِي شَأْنُهُ الْمُسَامَحَةُ وَالْمُكَارَمَةُ فَهُمَا أَصْلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَائِمٌ بِنَفْسِهِ، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَصْلًا لِلْآخَرِ، فَيَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْهُ قَالَ (وَهَذَا مِنْ الصُّوَرِ الَّتِي قَدَّمَ الشَّرْعُ فِيهَا الْمَنْدُوبَاتِ عَلَى الْمُحَرَّمَاتِ) قُلْت مَا قَالَهُ فِي ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى ذَلِكَ الِاعْتِقَادِ فَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ قَالَ (وَمِنْ الصُّوَرِ الَّتِي مَصْلَحَتُهَا تَقْتَضِي الْإِيجَابَ لَكِنْ تَرَكَ الشَّرْعُ تَرْتِيبَ الْإِيجَابِ عَلَيْهَا رِفْقًا بِالْعِبَادِ إلَى قَوْلِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْهُ نُبْذَةٌ فِي هَذَا الْكِتَابِ)

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

غَيْرِ الْبَيْعِ بِحَيْثُ انْدَفَعَ دِينَارٍ لِأَخْذِ عِوَضِهِ دِينَارًا لِأَجْلِ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْقَرْضِ كَانَ مِنْ شَأْنِهِ عَادَةً وَعُرْفًا الْمُسَامَحَةُ وَالْمُكَارَمَةُ فَلَا يَكُونُ مَمْنُوعًا وَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ كَانَ مِنْ شَأْنِهِ عَادَةً وَعُرْفًا الْمُكَايَسَةُ وَالْمُغَابَنَةُ، فَيَكُونُ مَمْنُوعًا فَإِذَا دَخَلَ السَّلَفُ غَرَضَ انْتِفَاعِ الْمُسْلَفِ بَطَلَتْ حَقِيقَتُهُ الَّتِي هِيَ قَصْدُ الْمَعْرُوفِ وَالْإِحْسَانِ قُرْبَةً لِلَّهِ تَعَالَى وَآلَ الْآمِرُ إلَى حَقِيقَةِ قَصْدِ الْمُكَايَسَةِ وَالْمُغَابَنَةِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا التَّحْرِيمُ وَضَابِطُ هَذَا الشَّرْطِ مَا قَالَهُ أَبُو الطَّاهِرِ مِنْ أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ إنْ خَالَفَ الثَّمَنَ جِنْسًا، وَمَنْفَعَةً جَازَ لِبُعْدِ التُّهْمَةِ أَوْ اتَّفَقَا امْتَنَعَ إلَّا أَنْ يُسْلَمَ الشَّيْءُ فِي مِثْلِهِ، فَيَكُونُ قَرْضًا بِلَفْظِ السَّلَمِ فَيَجُوزُ، وَإِذَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ لِلدَّافِعِ امْتَنَعَ اتِّفَاقًا وَإِنْ دَارَتْ بَيْنَ الِاحْتِمَالَيْنِ فَكَذَلِكَ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ مَقْصُودِ الشَّارِعِ فَإِنْ تَمَحَّضَتْ لِلْقَابِضِ فَالْجَوَازُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالْمَنْعُ لِصُورَةِ الْمُبَايَعَةِ وَلِلْمُسْلَفِ رَدُّ الْعَيْنِ وَهَاهُنَا اشْتَرَطَ الدَّافِعُ رَدَّ الْمِثْلِ فَهُوَ غَرَضٌ لَهُ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ دُونَ الْمَنْفَعَةِ فَقَوْلَانِ الْجَوَازُ لِلِاخْتِلَافِ وَالْمَنْعِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْأَعْيَانِ مَنَافِعُهَا وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْمَنْفَعَةُ دُونَ الْجِنْسِ جَازَ لِتَحَقُّقِ الْمُبَايَعَةِ.

(الشَّرْطُ الثَّالِثُ) السَّلَامَةُ مِنْ الضَّمَانِ بِجُعْلٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ جَذَعٌ فِي نِصْفِ جَذَعٍ مِنْ جِنْسِهِ وَسَرَّهُ قَاعِدَةُ أَنَّ الْأَشْيَاءَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ

(قِسْمٌ) اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى أَنَّهُ قَابِلٌ لِلْمُعَاوَضَةِ كَالْبُرِّ وَالْأَنْعَامِ

(وَقِسْمٌ) اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى عَدَمِ قَبُولِهِ لِلْمُعَاوَضَةِ كَالدَّمِ وَالْخِنْزِيرِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الْأَعْيَانِ وَالْقُبُلِ وَالتَّعَانُقِ وَالنَّظَرِ إلَى الْمَحَاسِنِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْمَنَافِعِ وَلِذَلِكَ لَمْ نُوجِبْ فِيهَا شَيْئًا عِنْدَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ شَرْعًا، وَلَوْ كَانَتْ تَقْبَلُ الْقِيمَةَ الشَّرْعِيَّةَ لَوَجَبَ فِيهَا شَيْءٌ عِنْدَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهَا كَسَائِرِ الْمَنَافِعِ الشَّرْعِيَّةِ

(وَقِسْمٌ) اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ هَلْ يَقْبَلُ الْمُعَاوَضَةَ أَمْ لَا كَالْأَزْبَالِ وَأَرْوَاثِ الْحَيَوَانِ مِنْ الْأَعْيَانِ وَكَالْأَذَانِ وَالْإِمَامَةِ مِنْ الْمَنَافِعِ فَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ أَجَازَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَهُ وَذَلِكَ أَنَّ الضَّمَانَ فِي الذِّمَمِ وَإِنْ كَانَ مَنْفَعَةً مَقْصُودَةً لِلْعُقَلَاءِ إلَّا أَنَّ الْمُعَاوَضَةَ فِيهَا لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ الْمُعَاوَضَةِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ يَتَوَقَّفُ عَلَى دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ وَلَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَيْهِ فَوَجَبَ نَفْيُهُ، وَأَمَّا؛ لِأَنَّهَا كَالْقُبْلَةِ وَأَنْوَاعُ الِاسْتِمْتَاعِ مِمَّا هُوَ مَقْصُودٌ لِلْعُقَلَاءِ وَلَا تَصِحُّ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهِ

(الشَّرْطُ الرَّابِعُ) السَّلَامَةُ مِنْ النَّسَاءِ فِي الرِّبَوِيِّ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ النَّقْدَانِ فِي تُرَابِ الْمَعَادِنِ قَالَ الْحَفِيدُ فِي الْبِدَايَةِ لَا خِلَافَ فِي امْتِنَاعِ السَّلَمِ فِيمَا لَا يَجُوزُ فِيهِ النَّسَاءُ وَذَلِكَ إمَّا اتِّفَاقُ الْمَنَافِعِ عَلَى مَا يَرَاهُ مَالِكٌ رحمه الله وَإِمَّا اتِّفَاقُ الْجِنْسِ عَلَى مَا يَرَاهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَإِمَّا اعْتِبَارُ الطَّعْمِ مَعَ الْجِنْسِ عَلَى مَا يَرَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي عِلَّةِ النَّسَاءِ اهـ.

وَإِمَّا عَلَى مَا يَرَاهُ ابْنُ حَنْبَلٍ رحمه الله فَفِي الْإِقْنَاعِ مَعَ شَرْحِهِ كُلُّ شَيْئَيْنِ مِنْ جِنْسٍ أَوْ جِنْسَيْنِ لَيْسَ أَحَدُهُمَا نَقْدًا عِلَّةَ رِبَا الْفَضْلِ وَهُوَ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ كَمَا تَقَدَّمَ فِيهِمَا وَاحِدَةٌ كَمَكِيلٍ بِمَكِيلٍ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ بِأَنْ بَاعَ مُدَّ بُرٍّ جِنْسَهُ أَيْ يَبْرَأُ وَبَاعَ مُدَّ بُرٍّ بِشَعِيرٍ وَنَحْوِهِ كَبَاقِلَّا وَعَدَسٍ وَأَرُزٍّ وَمَوْزُونٍ بِمَوْزُونٍ بِأَنْ بَاعَ رِطْلَ حَدِيدٍ بِجِنْسِهِ أَيْ بِحَدِيدٍ أَوْ بَاعَ رِطْلَ حَدِيدٍ بِنُحَاسٍ وَنَحْوِهِ كَرَصَاصٍ وَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ لَا يَجُوزُ النَّسَاءُ فِيهِمَا بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ اهـ مَحَلُّ الْحَاجَةِ مِنْهُ.

(الشَّرْطُ الْخَامِسُ) أَنْ يَكُونَ الْمُسْلَمُ فِيهِ يُمْكِنُ ضَبْطُهُ بِالصِّفَاتِ فَيَمْتَنِعُ سَلَمُ خَشَبَةٍ فِي تُرَابِ الْمَعَادِنِ نَعَمْ سَيَأْتِي عَنْ الْحَفِيدِ فِي الْبِدَايَةِ أَنَّ الضَّبْطَ بِاتِّحَادِ النَّوْعِ يَقُومُ مَقَامَ الضَّبْطِ بِالصِّفَاتِ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا يُغْنِي عَنْ الشَّرْطِ السَّابِعِ الْآتِي لَا سِيَّمَا إذَا أُرِيدَ الْإِمْكَانُ الْعَامُّ لِقَوْلِ صَاحِبِ سُلَّمِ الْعُلُومِ، وَلَوْ اسْتَقْرَيْت عَلِمْت أَنَّ الْمُمْكِنَةَ الْعَامَّةَ أَعَمُّ الْقَضَايَا وَالْمُمْكِنَةُ الْخَاصَّةُ أَعَمُّ الْمَرْكَبَاتِ وَالْمُطْلَقَةُ الْعَامَّةُ أَعَمُّ الْفِعْلِيَّات وَالضَّرُورِيَّةُ الْمُطْلَقَةُ أَخَصُّ

ص: 292

يَدُلُّك عَلَى أَنَّ مَصْلَحَةَ السَّلَفِ تَقْتَضِي الْوُجُوبَ مُعَارَضَتُهَا لِلْمُحَرَّمِ، وَمُعَارَضَةُ مَفْسَدَةِ التَّحْرِيمِ تَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ

مَصْلَحَةَ

إيجَابٍ، بَلْ أَعْظَمَ مِنْ أَصْلِ الْإِيجَابِ فَإِنَّ الْمُحَرَّمَ يُقَدَّمُ عَلَى الْوَاجِبِ عِنْدَ التَّعَارُضِ عَلَى الصَّحِيحِ فَتَقْدِيمُ هَذِهِ الْمَصْلَحَةِ يَقْتَضِي عِظَمَهَا عَلَى أَصْلِ الْوُجُوبِ فَإِذَا وَقَعَ الْقَرْضُ لِيَجُرَّ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

قُلْت مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ مَصْلَحَةَ السِّوَاكِ تَقْتَضِي الْإِيجَابَ مُشْعِرٌ بِأَنَّ الْمَصَالِحَ وَالْمَفَاسِدَ أَوْصَافٌ ذَاتِيَّةٌ لِلْمَوْصُوفِ بِهَا وَذَلِكَ رَأْيُ الْفَلَاسِفَةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ، وَلَيْسَ رَأْيُ الْأَشْعَرِيَّةِ وَأَهْلِ السُّنَّةِ فَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ فَهُوَ خَطَأٌ وَإِنْ كَانَ أَرَادَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَفْظُهُ غَيْرُ مُوَافِقٍ لِمُرَادِهِ.

قَالَ (وَيَدُلُّك عَلَى أَنَّ مَصْلَحَةَ السَّلَفِ تَقْتَضِي الْوُجُوبَ مُعَارَضَتُهَا لِلْمُحَرَّمِ وَمُعَارَضَةُ مَفْسَدَةِ التَّحْرِيمِ تَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ مَصْلَحَةَ إيجَابٍ، بَلْ أَعْظَمَ مِنْ أَصْلِ الْإِيجَابِ فَإِنَّ الْمُحَرَّمَ يُقَدَّمُ عَلَى الْوَاجِبِ عِنْدَ التَّعَارُضِ عَلَى الصَّحِيحِ فَتَقْدِيمُ هَذِهِ الْمَصْلَحَةِ عِظَمُهَا عَلَى أَصْلِ الْوُجُوبِ) قُلْت قَدْ تَبَيَّنَ أَنْ لَا مُعَاوَضَةَ لِأَنَّهَا أَصْلَانِ مُتَغَايِرَانِ وَعَلَى تَقْدِيرِ الْمُعَارَضَةِ فَقَوْلُهُ أَنَّ الْمُعَارَضَةَ هُنَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَصْلَحَةَ السَّلَفِ تَقْتَضِي الْوُجُوبَ دَعْوَى وَلَا حُجَّةَ عَلَيْهَا إلَّا مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ الْمَصَالِحَ أَوْصَافٌ ذَاتِيَّةٌ وَمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ تِلْكَ الْمَصْلَحَةَ أَعْظَمُ مِمَّا يَقْتَضِي الْإِيجَابَ مِنْ فُحْشِ الْخَطَأِ وَيَا لَيْتَ شِعْرِي مَا تَقْتَضِي الْمَصْلَحَةُ الَّتِي هِيَ فَوْقَ مَا يَقْتَضِي الْإِيجَابَ وَهَلْ فَوْقَ الْإِيجَابِ رُتْبَةٌ هِيَ أَعْلَى مِنْهُ هَذَا كُلُّهُ تَخْلِيطٌ وَفِي مَهْوَاةِ الِاعْتِزَالِ وَالتَّفَلْسُفِ تَوْرِيطٌ.

قَالَ (فَإِذَا وَقَعَ الْقَرْضُ لِيَجُرَّ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

الْبَسَائِطِ وَالْمَشْرُوطَةُ الْخَاصَّةُ أَخَصُّ الْمُرَكَّبَاتِ عَلَى وَجْهٍ اهـ.

وَلَا شَكَّ أَنَّ الشَّرْطَ السَّابِعَ يَتَضَمَّنُ الْإِطْلَاقَ الْعَامَّ وَالْأَعَمُّ لَا يَسْتَلْزِمُ الْأَخَصَّ فَافْهَمْ (الشَّرْطُ السَّادِسُ) أَنْ يَقْبَلَ أَيْ الْمُسْلَمُ فِيهِ النَّقْلَ حَتَّى يَكُونَ فِي الذِّمَّةِ فَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الدُّورِ قَالَ الْحَفِيدُ فِي الْبِدَايَةِ اتَّفَقُوا عَلَى امْتِنَاعِ السَّلَمِ فِيمَا لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ وَهِيَ الدُّورُ وَالْعَقَارُ وَعَلَى جَوَازِهِ فِي كُلِّ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدِمَ الْمَدِينَةِ وَهُمْ يُسَلِّمُونَ الثِّمَارَ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ فَقَالَ مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَأَمَّا سَائِرُ ذَلِكَ مِنْ الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ فَاخْتَلَفُوا فِيهَا فَمَنَعَ ذَلِكَ دَاوُد وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ مَصِيرًا إلَى ظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ جَائِزٌ فِي الْعُرُوضِ الَّتِي تَنْضَبِطُ بِالصِّفَةِ وَالْعَدَدِ وَاخْتَلَفُوا مِنْ ذَلِكَ فِيمَا يَنْضَبِطُ مِمَّا لَا يَنْضَبِطُ بِالصِّفَةِ فَمِنْ ذَلِكَ الْحَيَوَانُ وَالرَّقِيقُ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ إلَى أَنَّ السَّلَمَ فِيهِمَا جَائِزٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ مِنْ الصَّحَابَةِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْحَيَوَانِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَنْ عُمَرَ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ وَعُمْدَةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ السَّلَفِ فِي الْحَيَوَانِ» ، وَهَذَا الْحَدِيثُ ضَعِيفٌ عِنْدَ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ وَرُبَّمَا احْتَجُّوا بِنَهْيِهِ أَيْضًا عليه الصلاة والسلام عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً وَعُمْدَةُ مَنْ أَجَازَ السَّلَمَ فِي الْحَيَوَانِ مَا رُوِيَ عَنْ «ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ أَنْ يُجَهِّزَ جَيْشًا فَنَفِدَتْ الْإِبِلُ فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى قِلَاصِ الصَّدَقَةِ فَأَخَذَ الْبَعِيرَ بِالْبَعِيرَيْنِ إلَى إبِلِ الصَّدَقَةِ» .

وَحَدِيثُ أَبِي رَافِعٍ أَيْضًا «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَسْلَفَ بِكْرًا» قَالُوا، وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ فَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ شَيْئَانِ أَحَدُهُمَا تُعَارِضُ الْآثَارَ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَالثَّانِي تَرَدُّدُ الْحَيَوَانِ بَيْنَ أَنْ يُضْبَطَ بِالصِّفَةِ أَوْ لَا يُضْبَطُ فَمَنْ نَظَرَ إلَى تَبَايُنِ الْحَيَوَانِ فِي الْخَلْقِ وَالصِّفَاتِ وَبِخَاصَّةِ صِفَاتِ النَّفْسِ قَالَ لَا تَنْضَبِطُ، وَمَنْ نَظَرَ إلَى تَشَابُهِهَا قَالَ تَنْضَبِطُ وَمِنْ ذَلِكَ اخْتِلَافُهُمْ فِي الْبَيْضِ وَالدَّرِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلَمْ يُجِزْ أَبُو حَنِيفَةَ السَّلَمَ فِي الْبَيْضِ وَأَجَازَهُ مَالِكٌ بِالْعَدَدِ، وَكَذَلِكَ فِي اللَّحْمِ أَجَازَهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَمَنَعَهُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَكَذَلِكَ فِي الرُّءُوسِ وَالْأَكَارِعِ أَجَازَهُ مَالِكٌ وَمَنَعَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَكَذَلِكَ فِي الدَّرِّ وَالْغُصُوصِ أَجَازَهُ مَالِكٌ وَمَنَعَهُ الشَّافِعِيُّ اهـ.

(الشَّرْطُ السَّابِعُ) أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ الْمِقْدَارِ فَلَا يُسْلَمُ فِي الْجُزَافِ قَالَ الْحَفِيدُ فِي الْبِدَايَةِ أَجْمَعُوا عَلَى اشْتِرَاطِ أَنْ يَكُونَ أَيْ الْمُسْلَمُ فِيهِ مُقَدَّرًا لَا جُزَافًا، ثُمَّ قَالَ وَاخْتَلَفُوا فِي اشْتِرَاطِ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مُقَدَّرًا لَا جُزَافًا وَالتَّقْدِيرُ فِي السَّلَمِ يَكُونُ بِالْكَيْلِ فِيمَا يُمْكِنُ فِيهِ الْكَيْلُ وَبِالْوَزْنِ فِيمَا يُمْكِنُ فِيهِ الْوَزْنُ وَبِالذَّرْعِ فِيمَا يُمْكِنُ فِيهِ الذَّرْعُ وَبِالْعَدَدِ فِيمَا يُمْكِنُ فِيهِ الْعَدَدُ وَمَا لَا يُمْكِنُ فِيهِ أَحَدُ هَذِهِ التَّقْرِيرَاتِ انْضَبَطَ بِالصِّفَاتِ الْمَقْصُودَةِ مِنْ الْجِنْسِ مَعَ ذِكْرِ الْجِنْسِ إنْ كَانَ أَنْوَاعًا مُخْتَلِفَةً أَوْ مَعَ تَرْكِهِ إنْ كَانَ نَوْعًا وَاحِدًا فَاشْتُرِطَ ذَلِكَ أَيْ التَّقْدِيرُ فِي الثَّمَنِ أَبُو حَنِيفَةَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ فِيهِ الشَّافِعِيُّ وَلَا صَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ قَالُوا، وَلَيْسَ يُحْفَظُ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ نَصٌّ إلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَهُ بَيْعُ الْجُزَافِ إلَّا فِيمَا يَعْظُمُ الْغَرَرُ فِيهِ.

وَعِنْدَ ابْنِ حَنْبَلٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كَشَّافِ الْقِنَاعِ السَّلَمُ عِوَضٌ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ فَاشْتِرَاطُ الْعِلْمِ بِهِ كَالثَّمَنِ وَطَرِيقُهُ الرُّؤْيَةُ أَوْ الصِّفَةُ وَالْأَوَّلُ يَمْتَنِعُ فَتَعَيَّنَ الْوَصْفُ اهـ.

(الشَّرْطُ الثَّامِنُ) ضَبْطُ الْأَوْصَافِ الَّتِي تَخْتَلِفُ الْمَالِيَّةُ

ص: 293

نَفْعًا بَطَلَتْ مَصْلَحَةُ الْإِحْسَانِ بِالْمُكَايَسَةِ فَتَبْقَى مَفْسَدَةُ الرِّبَا سَلِيمَةً عَنْ الْمُعَارِضِ فِيمَا يَحْرُمُ فِيهِ الرِّبَا فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا التَّحْرِيمُ، وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُمَا خَالَفَا مَقْصُودَ الشَّارِعِ وَوَاقِعًا مَا لِلَّهِ لِغَيْرِ اللَّهِ وَهُوَ وَجْهُ تَحْرِيمِ مَا لَا رِبَا فِيهِ كَالْعُرُوضِ وَهُوَ دُونَ الْأَوَّلِ فِي التَّحْرِيمِ.

. (الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) فِي الشَّرْطِ الثَّانِي قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ فِي ضَبْطِ هَذَا الشَّرْطِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ إنْ خَالَفَ الثَّمَنَ جِنْسًا وَمَنْفَعَةً جَازَ لِبُعْدِ التُّهْمَةِ أَوْ اتَّفَقَا امْتَنَعَ إلَّا أَنْ يُسَلَّمَ الشَّيْءُ فِي مِثْلِهِ، فَيَكُونُ قَرْضًا بِلَفْظِ السَّلَمِ فَيَجُوزُ، وَإِذَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ لِلدَّافِعِ امْتَنَعَ اتِّفَاقًا وَإِنْ دَارَتْ بَيْنَ الِاحْتِمَالَيْنِ فَكَذَلِكَ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ مَقْصُودِ الشَّارِعِ فَإِنْ تَمَحَّضَتْ لِلْقَابِضِ فَالْجَوَازُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالْمَنْعُ لِصُورَةِ الْمُبَايَعَةِ وَلِلْمُسْلِفِ رَدُّ الْعَيْنِ وَهَا هُنَا اشْتَرَطَ الدَّافِعُ رَدَّ الْمِثْلِ فَهُوَ غَرَضٌ لَهُ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ دُونَ الْمَنْفَعَةِ فَقَوْلَانِ الْجَوَازُ لِلِاخْتِلَافِ وَالْمَنْعِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْأَعْيَانِ مَنَافِعُهَا وَإِنْ اخْتَلَفَتْ دُونَ الْجِنْسِ جَازَ لِتَحَقُّقِ الْمُبَايَعَةِ.

(الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ) فِي الشَّرْطِ الثَّالِثِ وَهُوَ الضَّمَانُ بِجُعْلٍ فِي بَيَانِ سِرِّهِ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

نَفْعًا بَطَلَتْ مَصْلَحَةُ الْإِحْسَانِ بِالْمُكَايَسَةِ فَتَبْقَى مَفْسَدَةُ الرِّبَا سَلِيمَةً عَنْ الْمُعَارِضِ فِيمَا يَحْرُمُ بِهِ الرِّبَا فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا التَّحْرِيمُ) قُلْت إذَا دَخَلَ غَرَضُ انْتِفَاعِ الْمُسْلِفِ بَطَلَتْ حَقِيقَةُ السَّلَفِ كَمَا قَالَ وَلَا مَدْخَلَ لِلْمُعَارَضَةِ هُنَا؛ لِأَنَّهُمَا أَصْلَانِ مُتَغَايِرَانِ عَلَى مَا سَبَقَ قَالَ (وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُمَا خَالَفَا مَقْصُودَ الشَّارِعِ وَأَوْقَعَا مَا لِلَّهِ لِغَيْرِ اللَّهِ وَهُوَ وَجْهُ تَحْرِيمٍ مَا لَا رِبًا فِيهِ كَالْعُرُوضِ وَهُوَ دُونَ الْأَوَّلِ فِي التَّحْرِيمِ) قُلْت فِي ذَلِكَ نَظَرٌ وَمَا قَالَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ حِكَايَةُ أَقْوَالٍ وَتَقْسِيمٍ لَا كَلَامَ مَعَهُ فِيهِ وَمَا قَالَهُ بَعْدَهَا إلَى آخِرِ الْفَرْقِ صَحِيحٌ، وَكَذَلِكَ مَا قَالَهُ فِي الْفَرْقِ بَعْدَهُ

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

بِاخْتِلَافِهَا نَفْيًا لِلْغَرَرِ أَيْ أَوْصَافُ الْمُسْلَمِ فِيهِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الْأَثْمَانُ عِنْدَ الْمُتَبَايِعَيْنِ اخْتِلَافًا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ عَادَةً كَالنَّوْعِ أَيْ الصِّنْفُ كَرُومِيٍّ وَحَبَشِيٍّ وَالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَالتَّوَسُّطِ فِي كُلِّ مُسْلَمٍ فِيهِ وَاللَّوْنُ فِي الْحَيَوَانِ وَالثَّوْبِ وَالْعَسَلِ وَمَرْعَاهُ وَفِي التَّمْر وَالْحُوتِ وَالنَّاحِيَةِ وَالْقَدْرِ وَفِي الْبُرِّ وَجِدَّتِهِ وَمَلَئِهِ إنْ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ بِهِمَا وَسَمْرَاءَ وَمَحْمُولَةٌ بِبَلَدِهِمَا بِهِ، وَلَوْ بِالْحَمْلِ بِخِلَافِ مُصَرِّفًا لِمَحْمُولَةِ وَالشَّامُ فَالسَّمْرَاءُ وَنَفْيُ الْغَلَتِ وَفِي الْحَيَوَانِ وَسِنِّهِ وَالذُّكُورَةِ وَالسِّنِّ وَضِدَّيْهِمَا وَفِي اللَّحْمِ وَخَصِيًّا وَرَاعِيًا وَمَعْلُوفًا لَا مِنْ كَجَنْبٍ وَفِي الرَّقِيقِ وَالْقَدِّ وَالْبَكَارَةِ وَاللَّوْنِ وَكَالدَّعَجِ وَتَكَلْثُمِ الْوَجْهِ وَفِي الثَّوْبِ وَالرِّقَّةِ وَالصَّفَاقَةِ وَضِدَّيْهِمَا وَفِي الزَّيْتِ الْمُعْصَرِ مِنْهُ وَبِمَا يُعْصَرُ اُنْظُرْ خَلِيلًا وَشُرَّاحَهُ وَبِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ كَمَا فِي الْإِقْنَاعِ وَشَرْحِهِ.

(الشَّرْطُ التَّاسِعُ) أَنْ يَكُونَ مُؤَجَّلًا فَيَمْتَنِعُ السَّلَمُ الْحَالُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بِلَا خِلَافٍ عَنْهُ فِي ذَلِكَ، وَكَذَا عِنْدَ ابْنِ حَنْبَلٍ وَعَلَى ظَاهِرِ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ، وَقَدْ قِيلَ إنَّهُ يَتَخَرَّجُ مِنْ بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ جَوَازُ السَّلَمِ الْحَالِّ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ مُحْتَجًّا رضي الله عنه أَوَّلًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] وَثَانِيًا بِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام «اشْتَرَى جَمَلًا مِنْ أَعْرَابِيٍّ بِوَسْقٍ مِنْ تَمْرِ الذَّخِرَةُ. فَلَمَّا دَخَلَ الْبَيْتَ لَمْ يَجِدْ التَّمْرَ فَقَالَ لِلْأَعْرَابِيِّ إنِّي لَمْ أَجِدْ التَّمْرَ فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ وَاغَدْرَاه فَاسْتَقْرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسْقًا وَأَعْطَاهُ»

فَجَعَلَ الْجَمَلَ قُبَالَةَ وَسْقٍ فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ السَّلَمُ الْحَالُّ وَثَالِثًا بِالْقِيَاسِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْبُيُوعِ وَرَابِعًا بِالْقِيَاسِ عَلَى الثَّمَنِ فِي الْبُيُوعِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْأَجَلُ وَخَامِسًا بِأَنَّ السَّلَمَ إذَا جَازَ مُؤَجَّلًا فَلْيَجُزْ مُنَجَّزًا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ أَنْفَى لِلْغَرَرِ وَجَوَابُ الْأَوَّلِ أَنَّ قَوْلَهُ عليه الصلاة والسلام «مَنْ أَسْلَمَ فَلْيُسْلِمْ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» أَخَصَّ مِنْ الْآيَةِ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهَا وَهُوَ أَمْرٌ وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَجَوَابُ الثَّانِي إنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ سَلَمٌ كَيْفَ، وَقَدْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى تَمْرٍ مُعَيَّنٍ مَوْصُوفٍ إذْ لَا يُقَالُ فِي الَّذِي فِي الذِّمَّةِ لَمْ أَجِدْ شَيْئًا لِتَيَسُّرِهِ بِالشِّرَاءِ لَكِنْ لَمَّا رَأَى رَغْبَةَ الْبَدْوِيِّ فِي التَّمْرِ اقْتَرَضَ لَهُ تَمْرًا آخَرَ عَلَى أَنَّهُ أَدْخَلَ الْبَاءَ عَلَى التَّمْرِ، فَيَكُونُ ثَمَنًا لَا مَثْمُونًا؛ لِأَنَّ الْبَاءَ مِنْ خَصَائِصِ الثَّمَنِ وَجَوَابُ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ وَالْخَامِسِ أَنَّ الثَّابِتَ فِيهَا التَّبَايُنُ لَا الشَّرِكَةُ وَلَا يَصِحُّ قِيَاسٌ بِدُونِهَا أَمَّا فِي الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ فَبِوَجْهَيْنِ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ مَوْضُوعُ الْبَيْعِ الْمُكَايَسَةُ وَالتَّعْجِيلُ يُنَاسِبُهَا وَمَوْضُوعُ السَّلَمِ الرِّفْقُ وَالتَّأْجِيلُ يُنَاسِبُهُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ التَّعْجِيلَ يُنَافِي مَوْضُوعَ السَّلَمِ وَبِهِ يَبْطُلُ مَدْلُولُ الِاسْمِ وَالتَّأْجِيلُ لَا يُنَافِي مَوْضُوعَ الْبَيْعِ وَلَا يَبْطُلُ بِهِ مَدْلُولُ الِاسْمِ فَلِذَلِكَ صَحَّتْ مُخَالَفَةُ قَاعِدَةِ الْبَيْعِ فِي الْمُكَايَسَةِ بِالتَّأْجِيلِ وَلَمْ تَصِحَّ مُخَالَفَةُ قَاعِدَةِ السَّلَمِ فِي الرِّفْقِ بِالتَّعْجِيلِ.

وَأَمَّا فِي الْخَامِسِ فَلِأَنَّ الْأَوْلَوِيَّةَ فَرْعُ الشَّرِكَةِ وَالرِّفْقُ الَّذِي يَحْصُلُ بِالتَّأْجِيلِ لَا يَحْصُلُ بِالْحُلُولِ فَكَيْفَ يَقُولُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى عَلَى أَنَّا وَإِنْ سَلَّمْنَا حُصُولَ الرِّفْقِ بِالْحُلُولِ أَيْضًا لَا نُسَلِّمُ عَدَمَ الْغَرَرِ مَعَ الْحُلُولِ، بَلْ الْحُلُولُ فِي السَّلَمِ غَرَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ فَهُوَ قَادِرٌ عَلَى بَيْعِهِ مُعَيَّنًا حَالًا فَعُدُولُهُ إلَى السَّلَمِ قَصْدٌ لِلْغَرَرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ فَالْأَجَلُ بِعَيْنِهِ عَلَى تَحْصِيلِهِ وَالْحُلُولُ يَمْنَعُ ذَلِكَ وَيُعَيَّنُ الْغَرَرُ، وَهَذَا هُوَ الْغَالِبُ؛ لِأَنَّ ثَمَنَ الْمُعَيَّنِ أَكْثَرُ فَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ لَعَيَّنَهُ لِتَحْصِيلِ فَضْلِ الثَّمَنِ فَيَنْدَرِجُ الثَّمَنُ الْحَالُّ فِي الْغَرَرِ فَيَمْتَنِعُ قَوْلُهُ أَنَّ جَوَازَهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَهَذَا الْكَلَامُ فِي هَذَا الْقِيَاسِ عَزِيزٌ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّةَ يَظُنُّونَ بِهَذَا الْقِيَاسِ أَنَّهُ قَطْعِيٌّ أَنَّهُ يَقْتَضِي الْجَوَازَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَيَحْكُونَ هَذِهِ الْعِبَارَةَ عَنْ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه -

ص: 294

وَذَلِكَ بَيَانُ قَاعِدَةٍ وَهِيَ أَنَّ الْأَشْيَاءَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى أَنَّهُ قَابِلٌ لِلْمُعَاوَضَةِ كَالْبُرِّ وَالْأَنْعَامِ وَقِسْمٌ اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى عَدَمِ قَبُولِهِ لِلْمُعَاوَضَةِ كَالدَّمِ وَالْخِنْزِيرِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الْأَعْيَانِ وَالْقُبْلَةِ وَالتَّعَانُقِ مِنْ الْمَنَافِعِ وَكَذَلِكَ النَّظَرُ إلَى الْمَحَاسِنِ، وَلِذَلِكَ لَا نُوجِبُ فِيهَا عِنْدَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهَا شَيْئًا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ شَرْعًا، وَلَوْ كَانَتْ تَقْبَلُ الْقِيمَةَ الشَّرْعِيَّةَ لَوَجَبَتْ عِنْدَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهَا كَسَائِرِ الْمَنَافِعِ الشَّرْعِيَّةِ وَمِنْهَا مَا اُخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ يَقْبَلُ الْمُعَاوَضَةَ أَمْ لَا كَالْأَزْبَالِ وَأَرْوَاثِ الْحَيَوَانِ مِنْ الْأَعْيَانِ وَالْأَذَانِ وَالْإِمَامَةِ مِنْ الْمَنَافِعِ فَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ أَجَازَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَهُ إذَا تَقَرَّرَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ فَالضَّمَانُ فِي الذِّمَمِ مِنْ قَبِيلِ مَا مَنَعَ الشَّرْعُ الْمُعَاوَضَةَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مَنْفَعَةً مَقْصُودَةً لِلْعُقَلَاءِ كَالْقُبْلَةِ، وَأَنْوَاعُ الِاسْتِمْتَاعِ مَقْصُودَةٌ لِلْعُقَلَاءِ وَلَا تَصِحُّ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهَا فَإِنَّ صِحَّةَ الْمُعَاوَضَةِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ يَتَوَقَّفُ عَلَى دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ، وَلَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَيْهِ فَوَجَبَ نَفْيُهُ أَوْ يُسْتَدَلُّ بِالدَّلِيلِ النَّافِي لِانْتِفَاءِ الدَّلِيلِ الْمُثْبِتِ وَهُوَ الْقِيَاسُ عَلَى تِلْكَ الصُّوَرِ.

. (الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ) فِي الشَّرْطِ التَّاسِعِ وَهُوَ مَنْعُ السَّلَمِ الْحَالِّ وَمَنَعَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَابْنُ حَنْبَلٍ وَجَوَّزَهُ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ - احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] ؛ وَلِأَنَّهُ عليه السلام «اشْتَرَى جَمَلًا مِنْ أَعْرَابِيٍّ بِوَسْقٍ مِنْ تَمْرِ الذَّخِيرَةِ، فَلَمَّا دَخَلَ الْبَيْتَ لَمْ يَجِدْ التَّمْرَ فَقَالَ لِلْأَعْرَابِيِّ إنِّي لَمْ أَجِدْ التَّمْرَ فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ وَاغَدْرَاهُ فَاسْتَقْرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسْقًا وَأَعْطَاهُ» فَجَعَلَ الْجَمَلَ قُبَالَةَ وَسْقٍ فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ السَّلَمُ الْحَالُّ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْبُيُوعِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الثَّمَنِ فِي الْبُيُوعِ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

وَقَدْ ظَهَرَ بِهَذَا الْبَحْثِ انْعِكَاسُهُ عَلَيْهِمْ وَظَهَرَ أَنَّهُ غَرَرٌ لَا أَنَّهُ أَنْفَى لِلْغَرَرِ، بَلْ أَوْجَدُ لِلْغَرَرِ، ثُمَّ نَقُولُ هُوَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ فِي السَّلَمِ فَلَا يَقَعُ إلَّا عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ كَالثَّمَنِ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ الْأَجَلُ كَانَ مِنْ بَابِ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْبَائِعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ نَعَمْ وَذَهَبَ اللَّخْمِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا إلَى التَّفْصِيلِ فِي ذَلِكَ فَقَالَ إنَّ السَّلَمَ فِي الْمَذْهَبِ يَكُونُ عَلَى ضَرْبَيْنِ سَلَمٌ حَالٌّ وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ مِمَّنْ شَأْنُهُ بَيْعُ تِلْكَ السِّلْعَةِ وَسَلَمٌ مُؤَجَّلٌ وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ مِمَّنْ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ بَيْعُ تِلْكَ السِّلْعَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَجَلِ فِي مَوْضِعَيْنِ

(أَحَدُهُمَا) هَلْ يُقَدَّرُ بِغَيْرِ الْأَيَّامِ وَالشُّهُورِ مِثْلُ الْجُذَاذِ وَالْقِطَافِ وَالْحَصَادِ وَالْمَوْسِمِ

(وَالثَّانِي) فِي مِقْدَارِ زَمَنِ الْأَيَّامِ وَتَحْصِيلِ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي مِقْدَارِهِ مِنْ الْأَيَّامِ أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ عَلَى ضَرْبَيْنِ ضَرْبٌ يَقْتَضِي بَلَدَ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَضَرْبٌ يَقْتَضِي بِغَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ السَّلَمُ فَإِنْ اقْتَضَاهُ فِي الْبَلَدِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي ذَلِكَ أَجَلٌ تَخْتَلِفُ فِيهِ الْأَسْوَاقُ وَذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ نَحْوَهَا وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا بَأْسَ بِهِ إلَى الْيَوْمِ الْوَاحِدِ.

وَأَمَّا مَا يُقْتَضَى بِبَلَدٍ آخَرَ فَإِنَّ الْأَجَلَ عِنْدَهُمْ فِيهِ هُوَ قَطْعُ الْمَسَافَةِ الَّتِي بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَمَنْ جَعَلَ الْأَجَلَ شَرْطًا غَيْرَ مُعَلَّلٍ اشْتَرَطَ مِنْهُ أَقَلَّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ، وَمَنْ جَعَلَهُ شَرْطًا مُعَلَّلًا بِاخْتِلَافِ الْأَسْوَاقِ اشْتَرَطَ مِنْ الْأَيَّامِ مَا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْأَسْوَاقُ غَالِبًا.

وَأَمَّا الْأَجَلُ إلَى الْجُذَاذِ وَالْحَصَادِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَأَجَازَهُ مَالِكٌ وَمَنَعَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ فَمَنْ رَأَى أَنَّ الِاخْتِلَافَ الَّذِي يَكُونُ فِي أَمْثَالِ هَذِهِ الْآجَالِ يَسِيرٌ جَازَ ذَلِكَ إذْ الْغَرَرُ الْيَسِيرُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ فِي الشَّرْعِ وَشَبَّهَهُ بِالِاخْتِلَافِ الَّذِي يَكُونُ فِي الشُّهُورِ مِنْ قِبَلِ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ، وَمَنْ رَأَى أَنَّهُ كَثِيرٌ وَإِنَّمَا كَثُرَ مِنْ الِاخْتِلَافِ الَّذِي يَكُونُ مِنْ قِبَلِ نُقْصَانِ الشُّهُورِ لَمْ يُجِزْهُ هَذَا مَا فِي الْأَصْلِ وَالْبِدَايَةِ وَقَيَّدَ ابْنُ حَنْبَلٍ الْأَجَلَ بِقَيْدَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا وَثَانِيهِمَا أَنْ يَكُونَ لَهُ وَقْعٌ فِي الثَّمَنِ عَادَةً كَالشَّهْرِ كَمَا فِي الْإِقْنَاعِ قَالَ وَفِي الْكَافِي أَوْ نِصْفُهُ أَوْ نَحْوُهُ هـ وَفِي شَرْحِهِ وَفِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَمَا قَارَبَ الشَّهْرَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ يُمَثِّلُ بِالشَّهْرِ وَالشَّهْرَيْنِ فَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ أَقَلُّهُ شَهْرٌ

(الشَّرْطُ الْعَاشِرُ) أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ مَعْلُومًا نَفْيًا لِلْغَرَرِ قَالَ الْخَرَشِيُّ وَاشْتُرِطَ فِي الْأَجَلِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا لِيُعْلَمَ مِنْهُ الْوَقْتُ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ قَضَاءُ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَالْأَجَلُ الْمَجْهُولُ غَيْرُهُ مُقَيَّدٌ، بَلْ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ اهـ. وَفِي الْإِقْنَاعِ مَعَ شَرْحِهِ وَأَنَّ شَرْطَهُ إلَى الْعِيدِ أَوْ إلَى رَبِيعٍ أَوْ إلَى جُمَادَى أَوْ إلَى النَّفْرِ مِنْ مِنًى وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَشْتَرِكُ فِيهِ شَيْئَانِ لَمْ يَصِحَّ السَّلَمُ حَتَّى يُعَيَّنَ أَحَدُهُمَا لِلْجَهَالَةِ اهـ.

وَقَدْ عَلِمْت الْخِلَافَ فِي تَقْدِيرِهِ بِغَيْرِ الْأَيَّامِ مِثْلُ الْجُذَاذِ وَالْحَصَادِ وَنَحْوِهِمَا فَأَجَازَهُ مَالِكٌ وَمَنَعَهُ أَبُو حَنِيفَةَ الشَّافِعِيُّ، وَكَذَا أَحْمَدُ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْإِقْنَاعِ الْمُتَقَدِّمِ (الشَّرْطُ الْحَادِي عَشَرَ) أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ زَمَنَ وُجُودِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَلَا يُسْلَمُ فِي فَاكِهَةِ الصَّيْفِ لِيَأْخُذَهَا فِي الشِّتَاءِ قَالَ الْخَرَشِيُّ الشَّرْطُ وُجُودُهُ أَيْ الْمُسْلَمُ فِيهِ عِنْدَ حُلُولِ أَجَلِهِ، وَلَوْ انْقَطَعَ فِي أَثْنَاءِ الْأَجَلِ، بَلْ، وَلَوْ انْقَطَعَ فِي الْأَجَلِ مَا عَدَا وَقْتَ الْقَبْضِ، بَلْ، وَلَوْ انْقَطَعَ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ نَادِرًا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ اهـ بِزِيَادَةٍ مِنْ الْعَدَوِيِّ عَلَيْهِ.

وَقَالَ الْحَفِيدُ فِي الْبِدَايَةِ لَمْ يَشْتَرِطْ مَالِكٌ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ أَنْ يَكُونَ جِنْسُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مَوْجُودًا حِينَ عَقَدَ السَّلَمَ، وَقَالُوا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي غَيْرِ وَقْتِ إبَّانِهِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ إلَّا فِي إبَّانِ الشَّيْءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَحُجَّةُ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْإِبَّانَ مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يُسْلِمُونَ فِي الثَّمَرِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ فَأَقَرَّ ذَلِكَ وَلَمْ يُنْهُوا عَنْهُ» وَعُمْدَةُ الْحَنَفِيَّةِ مَا رُوِيَ

ص: 295

لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْأَجَلُ؛ وَلِأَنَّ السَّلَمَ إذَا جَازَ مُؤَجَّلًا فَلْيَجُزْ مُنَجَّزًا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَنْفَى لِلْغَرَرِ وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِقَوْلِهِ عليه السلام: «مَنْ أَسْلَمَ فَلْيُسْلِمْ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» وَهُوَ أَخَصُّ مِنْ الْآيَةِ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهَا وَهُوَ أَمْرٌ وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ، وَعَنْ الثَّانِي إنْ صَحَّ، فَلَيْسَ يُسْلَمُ، بَلْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى تَمْرٍ مُعَيَّنٍ مَوْصُوفٍ فَلِذَلِكَ قَالَ لَمْ أَجِدْ شَيْئًا، وَاَلَّذِي فِي الذِّمَّةِ لَا يُقَالُ فِيهِ ذَلِكَ لِتَيَسُّرِهِ بِالشِّرَاءِ، لَكِنْ لَمَّا رَأَى رَغْبَةَ الْبَدْوِيِّ فِي التَّمْرِ اقْتَرَضَ لَهُ تَمْرًا آخَرَ؛ وَلِأَنَّهُ أَدْخَلَ الْبَاءَ عَلَى التَّمْرِ، فَيَكُونُ ثَمَنًا لَا مَثْمُونًا؛ لِأَنَّ الْبَاءَ مِنْ خَصَائِصِ الثَّمَنِ، وَعَنْ الثَّالِثِ أَنَّ الْبَيْعَ مَوْضُوعٌ لِلْمُكَايَسَةِ، وَالتَّعْجِيلُ يُنَاسِبُهَا وَالسَّلَمُ مَوْضُوعُهُ الرِّفْقُ وَالتَّأْجِيلُ يُنَاسِبُهُ وَالتَّعْجِيلُ يُنَافِيهِ وَيَبْطُلُ مَدْلُولُ الِاسْمِ بِالْحُلُولِ فِي السَّلَمِ وَلَا يَبْطُلُ مَدْلُولُ الْبَيْعِ بِالتَّأْجِيلِ فَلِذَلِكَ صَحَّتْ مُخَالَفَةُ قَاعِدَةِ الْبَيْعِ فِي الْمُكَايَسَةِ بِالتَّأْجِيلِ، وَلَمْ تَصِحَّ مُخَالَفَةُ السَّلَمِ بِالتَّعْجِيلِ وَهُوَ الْجَوَابُ عَنْ الرَّابِعِ، وَعَنْ الْخَامِسِ أَنَّ الْأَوْلَوِيَّةَ فَرْعُ الشَّرِكَةِ وَلَا شَرِكَةَ هَا هُنَا، بَلْ التَّبَايُنُ؛ لِأَنَّهُ أَجَازَهُ مُؤَجَّلًا لِلرِّفْقِ، وَالرِّفْقُ لَا يَحْصُلُ بِالْحُلُولِ فَكَيْفَ يُقَالُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، بَلْ يَنْتَفِي أَلْبَتَّةَ سَلَّمْنَا أَنَّ بَيْنَهُمَا مُشْتَرَكًا لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ عَدَمَ الْغَرَرِ مَعَ الْحُلُولِ، بَلْ الْحُلُولُ فِي السَّلَمِ غَرَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ عِنْدَهُ فَهُوَ قَادِرٌ عَلَى بَيْعِهِ مُعَيَّنًا حَالًّا فَعُدُولُهُ إلَى السَّلَمِ قَصْدٌ لِلْغَرَرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ فَالْأَجَلُ يُعِينُهُ عَلَى تَحْصِيلِهِ وَالْحُلُولُ يَمْنَعُ ذَلِكَ وَيُعَيِّنُ الْغَرَرَ، وَهَذَا هُوَ الْغَالِبُ؛ لِأَنَّ ثَمَنَ الْمُعَيَّنِ أَكْثَرُ فَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ لَعَيَّنَهُ لِتَحْصِيلِ فَضْلِ الثَّمَنِ فَيَنْدَرِجُ الثَّمَنُ الْحَالُّ فِي الْغَرَرِ فَيَمْتَنِعُ قَوْلُهُ أَنَّ جَوَازَهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَهَذَا

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «لَا تُسْلِمُوا فِي النَّخْلِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا» وَكَأَنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّ الْغَرَرَ يَكُونُ فِيهِ أَكْثَرَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا فِي حَالِ الْعَقْدِ وَكَأَنَّهُ يُشْبِهُ بَيْعَ مَا لَمْ يُخْلَقْ أَكْثَرَ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مُعَيَّنًا، وَهَذَا فِي الذِّمَّةِ وَبِهَذَا فَارَقَ السَّلَمُ بَيْعَ مَا لَمْ يُخْلَقْ اهـ. وَقَالَ الْأَصْلُ السَّلَمُ فِيمَا يَنْقَطِعُ فِي بَعْضِ الْأَجَلِ وَأَجَازَهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَابْنُ حَنْبَلٍ رضي الله عنهم وَمَنَعَهُ أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه وَاشْتَرَطَ اسْتِمْرَارَ وُجُودِ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ إلَى حِينِ الْقَبْضِ مُحْتَجًّا بِوُجُوهٍ

(الْأَوَّلُ) احْتِمَالُ مَوْتِ الْبَائِعِ فَيَحِلُّ السَّلَمُ بِمَوْتِهِ فَلَا يُوجِبُ الْمُسْلِمَ وَفِيهِ جَوَابُهُ أَنَّهُ لَوْ اُعْتُبِرَ لَكَانَ الْأَجَلُ فِي السَّلَمِ مَجْهُولًا لِاحْتِمَالِ الْمَوْتِ فَيَلْزَمُ بُطْلَانُ كُلِّ سَلَمٍ، وَكَذَلِكَ الْبَيْعُ بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ، بَلْ الْأَصْلُ عَدَمُ تَغْيِيرِ مَا كَانَ عِنْدَ الْعَقْدِ وَبَقَاءُ الْإِنْسَانِ إلَى حِينِ التَّسْلِيمِ فَإِنْ وَقَعَ الْمَوْتُ وَقَفَتْ التَّرِكَةُ إلَى الْإِبَّانِ فَإِنَّ الْمَوْتَ لَا يُفْسِدُ الْبَيْعَ

(الْوَجْهُ الثَّانِي) أَنَّهُ إذَا كَانَ مَعْدُومًا قَبْلَ الْأَجَلِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَعْدُومًا عِنْدَهُ عَمَلًا بِالِاسْتِصْحَابِ، فَيَكُونُ غَرَرًا فَيَمْتَنِعُ إجْمَاعًا وَجَوَابُهُ أَنَّ الِاسْتِصْحَابَ مُعَارَضٌ بِالْغَالِبِ فَإِنَّ الْغَالِبَ وُجُودُ الْأَعْيَانِ فِي إبَّانِهَا

(الْوَجْهُ الثَّالِثُ) أَنَّهُ مَعْدُومٌ عِنْدَ الْعَقْدِ فَيَمْتَنِعُ كَبَيْعِ الْغَائِبِ عَلَى الصِّفَةِ إذَا كَانَ مَعْدُومًا وَجَوَابُهُ أَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَى الْعَدَمِ فِي السَّلَمِ إذْ لَا يَحْصُلُ مَقْصُودُ الشَّارِعِ مِنْ الرِّفْقِ فِي السَّلَمِ إلَّا مَعَ الْعَدَمِ وَإِلَّا فَالْمَوْجُودُ يُبَاعُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ السَّلَمِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ارْتِكَابِ الْغَرَرِ لِلْحَاجَةِ ارْتِكَابُهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ كَمَا فِي بَيْعِ الْغَائِبِ إذْ لَا ضَرُورَةَ تَدْعُو إلَى ادِّعَاءِ وُجُودِهِ، بَلْ نَجْعَلُهُ سَلَمًا فَقِيَاسُ بَيْعِ السَّلَمِ عَلَى بَيْعِ الْغَائِبِ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ فَلَا يَصِحُّ

(الْوَجْهُ الرَّابِعُ) أَنَّ الْمَعْدُومَ أَبْلَغُ فِي الْجَهَالَةِ مِنْ الْمَجْهُولِ الْمَوْجُودِ؛ لِأَنَّ الْمَجْهُولَ الْمَوْجُودَ لَهُ ثُبُوتٌ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ بِخِلَافِ الْمَعْدُومِ فَإِنَّهُ نَفْيٌ مَحْضٌ وَبَيْعُ الْمَجْهُولِ الْمَوْجُودِ بَاطِلٌ قَطْعًا فَيَبْطُلُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى بَيْعُ الْمَعْدُومِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمَالِيَّةَ مُنْضَبِطَةٌ مَعَ الْعَدَمِ بِالصِّفَاتِ وَهِيَ مَقْصُودُ عُقُودِ التُّهْمَةِ بِخِلَافِ الْجَهَالَةِ عَلَى أَنَّ الْإِجَارَةَ تَمْنَعُهَا الْجَهَالَةُ دُونَ الْعَدَمِ فَيُنْتَقَضُ بِذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ

(الْوَجْهُ الْخَامِسُ) أَنَّ ابْتِدَاءَ الْعُقُودِ آكَدُ مِنْ انْتِهَائِهَا بِدَلِيلِ اشْتِرَاطِ الْوَلِيِّ وَغَيْرِهِ فِي ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ وَمُنَافَاةِ اشْتِرَاطِ أَجَلٍ مَعْلُومٍ فِيهِ وَهُوَ الْمُتْعَةُ فَيُنَافِي التَّحْدِيدُ أَوَّلَهُ دُونَ آخِرِهِ، وَكَذَلِكَ الْبَيْعُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَعْلُومًا مَعَ شُرُوطٍ كَثِيرَةٍ وَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ بَعْدَ فَكُلَّمَا يُنَافِي أَوَّلَهُ يُنَافِي آخِرَهُ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ لُغَوِيٍّ وَالْعَدَمُ يُنَافِي آخِرَ الْأَجَلِ فَيُنَافِي أَوَّلَ الْعَقْدِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَجَوَابُهُ إنَّا نُسَلِّمُ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْعُقُودِ آكَدُ مِنْ اسْتِمْرَارِ آثَارِهَا وَنَظِيرُهُ هَاهُنَا بَعْدَ الْقَبْضِ أَلَا تَرَى أَنَّ كُلَّ مَا يُشْتَرَطُ مِنْ أَسْبَابِ الْمَالِيَّةِ عِنْدَ الْعَقْدِ يُشْتَرَطُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّسْلِيمِ وَعَدَمُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْعَقْدِ مَعَ وُجُودِهِ عِنْدَ التَّسْلِيمِ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الْمَالِيَّةِ أَلْبَتَّةَ، بَلْ الْمَالِيَّةُ مَصُونَةٌ بِوُجُودِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّسْلِيمِ فَهَذَا الْعَمَلُ حِينَئِذٍ طَرْدِيٌّ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي الِابْتِدَاءِ وَلَا فِي الِانْتِهَاءِ مُطْلَقًا.

بَلْ يَتَأَكَّدُ مَذْهَبُنَا بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَوَجَدَهُمْ يُسْلِمُونَ فِي الثِّمَارِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ فَقَالَ عليه الصلاة والسلام مَنْ أَسْلَفَ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» ، وَهَذَا يَدُلُّ لَنَا مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهَا أَنَّ ثَمَرَ السِّنِينَ مَعْدُومٌ وَثَانِيهَا أَنَّهُ عليه السلام أَطْلَقَ وَلَمْ يُفَرِّقْ وَثَالِثُهَا أَنَّ الْوُجُودَ لَوْ كَانَ شَرْطًا لَبَيَّنَهُ عليه السلام؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ مُمْتَنِعٌ أَوْ نَقُولُ إنَّهُ لَمْ يَجْعَلْهُ وَقَّتَ الْمُتَعَاقِدَانِ مَحَلًّا لِلْمُسْلَمِ فِيهِ فَلَا يُعْتَبَرُ وُجُودُهُ كَمَا بَعْدَ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى

ص: 296

الْكَلَامُ فِي هَذَا الْقِيَاسِ عَزِيزٌ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّةَ يَظُنُّونَ بِهَذَا الْقِيَاسِ أَنَّهُ قَطْعِيٌّ وَأَنَّهُ يَقْتَضِي الْجَوَازَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَيَحْكُونَ هَذِهِ الْعِبَارَةَ عَنْ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه فَقَدْ ظَهَرَ بِهَذَا الْبَحْثِ انْعِكَاسُهُ عَلَيْهِمْ وَظَهَرَ أَنَّهُ غَرَرٌ لَا أَنَّهُ أَنْفَى لِلْغَرَرِ أَوْجَدُ لِلْغَرَرِ، ثُمَّ نَقُولُ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ فِي السَّلَمِ فَلَا يَقَعُ إلَّا عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ كَالثَّمَنِ

. (الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ) فِي الشَّرْطِ الثَّانِي عَشَرَ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيمَا يَنْقَطِعُ فِي بَعْضِ الْأَجَلِ، وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ حَنْبَلٍ رضي الله عنهما وَمَنَعَهُ أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه وَاشْتَرَطَ اسْتِمْرَارَ وُجُودِ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ إلَى حِينِ الْقَبْضِ مُحْتَجًّا بِوُجُودِهِ

(الْأَوَّلُ) احْتِمَالُ مَوْتِ الْبَائِعِ فَيُحْمَلُ السَّلَمُ بِمَوْتِهِ فَلَا يُوجَدُ الْمُسْلَمُ فِيهِ

(الثَّانِي) إذَا كَانَ مُعْدَمًا قَبْلَ الْأَجَلِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُعْدَمًا عِنْدَهُ عَمَلًا بِالِاسْتِصْحَابِ، فَيَكُونُ غَرَرًا فَيَمْتَنِعُ إجْمَاعًا

، (الثَّالِثُ) أَنَّهُ مَعْدُومٌ، وَعِنْدَ الْعَقْدِ فَيَمْتَنِعُ فِي الْمَعْدُومِ كَبَيْعِ الْغَائِبِ عَلَى الصِّفَةِ إذَا كَانَ مَعْدُومًا

(الرَّابِعُ) أَنَّ الْمَعْدُومَ أَبْلَغُ فِي الْجَهَالَةِ فَيَبْطُلُ قِيَاسًا عَلَيْهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَجْهُولَ الْمَوْجُودَ لَهُ ثُبُوتٌ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ بِخِلَافِ الْمَعْدُومِ هُوَ نَفْيٌ مَحْضٌ

(الْخَامِسُ) أَنَّ ابْتِدَاءَ الْعُقُودِ آكَدُ مِنْ انْتِهَائِهَا بِدَلِيلِ اشْتِرَاطِ الْوَلِيِّ وَغَيْرِهِ فِي ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ وَمُنَافَاةِ اشْتِرَاطِ أَجَلٍ مَعْلُومٍ فِيهِ وَهُوَ الْمُتْعَةُ فَيُنَافِي التَّحْدِيدَ أَوَّلَهُ دُونَ آخِرِهِ، وَكَذَلِكَ الْبَيْعُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَعْلُومًا مَعَ شُرُوطٍ كَثِيرَةٍ وَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ بَعْدُ، فَكُلَّمَا يُنَافِي أَوَّلَهُ يُنَافِي آخِرَهُ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ، وَالْعَدَمُ يُنَافِي آخِرَ الْأَجَلِ فَيُنَافِي أَوَّلَ الْعَقْدِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ اُعْتُبِرَ لَكَانَ الْأَجَلُ فِي السَّلَمِ مَجْهُولًا لِاحْتِمَالِ الْمَوْتِ فَيَلْزَمُ بُطْلَانُ كُلِّ سَلَمٍ، وَكَذَلِكَ الْبَيْعُ بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ، بَلْ الْأَصْلُ عَدَمُ تَغَيُّرِ مَا كَانَ عِنْدَ الْعَقْدِ بَقَاءُ الْإِنْسَانِ إلَى حِينِ التَّسْلِيمِ فَإِنْ وَقَعَ الْمَوْتُ وَقَفَتْ التَّرِكَةُ إلَى الْإِبَّانِ فَإِنَّ الْمَوْتَ لَا يُفْسِدُ الْبَيْعَ، وَعَنْ الثَّانِي أَنَّ الِاسْتِصْحَابَ مُعَارَضٌ بِالْغَالِبِ فَإِنَّ الْغَالِبَ وُجُودُ الْأَعْيَانِ فِي إبَّانِهَا، وَعَنْ الثَّالِثِ أَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَى الْعَدَمِ فِي السَّلَمِ بِخِلَافِ بَيْعِ الْغَائِبِ لَا ضَرُورَةَ تَدْعُو إلَى ادِّعَاءِ وُجُودِهِ، بَلْ نَجْعَلُهُ سَلَمًا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ ارْتِكَابِ الْغَرَرِ لِلْحَاجَةِ ارْتِكَابُهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فَلَا يَحْصُلُ مَقْصُودُ الشَّارِعِ مِنْ الرِّفْقِ فِي السَّلَمِ إلَّا مَعَ الْعَدَمِ وَإِلَّا فَالْمَوْجُودُ يُبَاعُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ السَّلَمِ، وَعَنْ الرَّابِعُ أَنَّ الْمَالِيَّةَ مُنْضَبِطَةٌ مَعَ الْعَدَمِ بِالصِّفَاتِ وَهِيَ مَقْصُودُ عُقُودِ التُّهْمَةِ بِخِلَافِ الْجَهَالَةِ، ثُمَّ يُنْتَقَضُ مَا ذَكَرْتُمْ بِالْإِجَارَةِ تَمْنَعُهَا الْجَهَالَةُ دُونَ الْعَدَمِ، وَعَنْ الْخَامِسِ إنَّا نُسَلِّمُ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْعُقُودِ آكَدُ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ لَكِنْ آكَدُ مِنْ اسْتِمْرَارِ آثَارِهَا وَنَظِيرُهُ هَا هُنَا بَعْضُ الْقَبْضِ وَإِلَّا فَكُلُّ مَا يُشْتَرَطُ مِنْ أَسْبَابِ الْمَالِيَّةِ عِنْدَ الْعَقْدِ يُشْتَرَطُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّسْلِيمِ، وَعَدَمُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْعَقْدِ مَعَ وُجُودِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّسْلِيمِ لَا

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

عَلَى التَّسْلِيمِ إنَّمَا تُطْلَبُ فِي وَقْتٍ اقْتِضَائِهِ أَمَّا مَا لَا يَقْتَضِيهِ فَيَسْتَوِي فِيهِ قَبْلَ الْأَجَلِ لِتَوَقُّعِ الْمَوْتِ وَبَعْدَهُ لِتَعَذُّرِ الْوُجُودِ فَيَتَأَخَّرُ الْقَبْضُ فَكَمَا أَنَّ أَحَدَهُمَا مُلْغًى إجْمَاعًا فَكَذَلِكَ الْآخَرُ وَقِيَاسًا عَلَى بُيُوعِ الْآجَالِ قَبْلَ مَحَلِّهَا اهـ. بِتَصَرُّفٍ وَسَلَّمَهُ ابْنُ الشَّاطِّ.

(الشَّرْطُ الثَّانِي عَشَرَ) أَنْ يَكُونَ مَأْمُونَ التَّسْلِيمِ عِنْدَ الْأَجَلِ نَفْيًا لِلْغَرَرِ فَلَا يُسْلَمُ فِي الْبُسْتَانِ الصَّغِيرِ (لَا يُقَالُ) يُغْنِي عَنْ هَذَا الشَّرْطِ مَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ الشَّخْصُ إذَا اشْتَرَى ثَمَرَ حَائِطٍ مُعَيَّنٍ فَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ السَّلَمِ اُشْتُرِطَ فِيهِ سِتَّةُ شُرُوطٍ

(أَحَدُهَا) الْإِزْهَاءُ لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ قَبْلَهُ وَالزَّهْوُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ

(وَثَانِيهَا) سَعَةُ الْحَائِطِ لِإِمْكَانِ اسْتِيفَاءِ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَى مِنْهُ وَانْتِفَاءِ الْغَرَرِ

(وَثَالِثُهَا) كَيْفِيَّةُ قَبْضِهِ مُتَوَالِيًا أَوْ مُتَفَرِّقًا، وَقَدْرُ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ لَا مَا شَاءَ

(وَرَابِعُهَا) أَنْ يُسْلَمَ لِمَالِكِهِ إذْ قَدْ لَا يُجِيزُ بَيْعَهُ الْمَالِكُ فَيَتَعَذَّرُ التَّسْلِيمُ

(وَخَامِسُهَا) شُرُوعُهُ فِي الْأَخْذِ حِينَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَ أَيَّامٍ يَسِيرَةٍ نَحْوِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لَا أَكْثَرَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَسْتَلْزِمَ أَجَلُ الشُّرُوعِ صَيْرُورَتَهُ تَمْرًا وَإِلَّا فَسَدَ

(وَسَادِسُهَا) أَنْ يُشْتَرَطَ أَخْذُهُ لِكُلِّ مَا اشْتَرَاهُ حَالَ كَوْنِهِ بُسْرًا أَوْ رَطْبًا وَيَأْخُذُهُ بِالْفِعْلِ كَذَلِكَ فَيَفْسُدُ إنْ شَرَطَ تَتَمُّرَ الرُّطَبِ وَأَبْقَاهُ بِالْفِعْلِ عَلَى أُصُولِهِ حَتَّى يَتَتَمَّرَ لِبُعْدِ مَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ التَّمْرِ فَيَدْخُلُهُ الْخَطَرُ.

وَأَمَّا إنْ كَانَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ مَا عَدَا كَيْفِيَّةَ قَبْضِهِ مِنْ الشُّرُوطِ السِّتَّةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ يُونُسَ وَأَبُو الْحَسَنِ كَمَا فِي الْخَرَشِيِّ وَالْبَنَّانِيِّ وَسَلَّمَهُ الرَّهُونِيُّ وكنون؛ لِأَنَّا نَقُولُ التَّفْرِقَةُ الْمَذْكُورَةُ لَمَّا لَمْ تَكُنْ نَظَرًا لِحَقِيقَةِ السَّلَمِ، بَلْ كَانَتْ نَظَرًا لِلَفْظِهِ وَإِلَّا فَهُوَ عَلَى كُلِّ بَيْعٍ فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ أَنَّ الْحَائِطَ مُعَيَّنٌ كَمَا فِي الْخَرَشِيِّ وَحَقِيقَةُ السَّلَمِ لَا تَكُونُ فِي مُعَيَّنٍ كَمَا سَيَأْتِي لَمْ يَكُنْ الشَّرْطُ الَّذِي بَعْدَ هَذَا مُغْنِيًا عَنْهُ نَعَمْ قَدْ يُقَالُ إنَّهُ عَلَى هَذَا لَيْسَ شَرْطًا خَاصًّا بِلَفْظِ السَّلَمِ وَلَا يُعَدُّ مِنْ شُرُوطِ الشَّيْءِ إلَّا مَا كَانَ خَاصًّا بِهِ وَشَرْطُ كَيْفِيَّةِ الْقَبْضِ وَإِنْ كَانَ خَاصًّا بِلَفْظِ السَّلَمِ إلَّا أَنَّهُ رُبَّمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَخْذُهُ حَالًا مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ كَمَا فِي الْعَدَوِيِّ عَلَى الْخَرَشِيِّ فَافْهَمْ

(الشَّرْطُ الثَّالِثَ عَشَرَ) أَنْ يَكُونَ أَيْ الْمُسْلَمُ فِيهِ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ فَلَا يُسْلَمُ فِي مُعَيَّنٍ؛ لِأَنَّهُ سَلَمٌ فِي مُعَيَّنٍ بِتَأَخُّرِ قَبْضِهِ فَهُوَ غَرَرٌ قَالَ الْعَدَوِيُّ عَلَى

ص: 297

مَدْخَلَ لَهُ فِي الْمَالِيَّةِ أَلْبَتَّةَ، بَلْ الْمَالِيَّةُ مَصُونَةٌ بِوُجُودِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّسْلِيمِ فَهَذَا الْعَمَلُ حِينَئِذٍ طَرْدِيٌّ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي الِابْتِدَاءِ وَلَا فِي الِانْتِهَاءِ مُطْلَقًا، بَلْ يَتَأَكَّدُ مَذْهَبُنَا بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَوَجَدَهُمْ يُسْلِمُونَ فِي الثِّمَارِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ فَقَالَ عليه السلام مَنْ أَسْلَفَ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» ، وَهَذَا يَدُلُّ مِنْ وُجُوهٍ، أَحَدُهَا أَنَّ ثَمَرَ السِّنِينَ مَعْدُومٌ، وَثَانِيهَا أَنَّهُ عليه السلام أَطْلَقَ وَلَمْ يُفَرِّقْ، وَثَالِثُهَا أَنَّ الْوُجُودَ لَوْ كَانَ شَرْطًا لَبَيَّنَهُ عليه السلام؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ مُمْتَنِعٌ أَوْ نَقُولُ إنَّهُ وَقْتٌ لَمْ يَجْعَلْهُ الْمُتَعَاقِدَانِ مَحَلًّا لِلسَّلَمِ فِيهِ فَلَا يُعْتَبَرُ وُجُودُهُ كَمَا بَعْدَ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسْلِيمِ إنَّمَا تُطْلَبُ فِي وَقْتِ اقْتِضَاءِ الْعَقْدِ لَهَا أَمَّا مَا لَا يَقْتَضِيهِ فَيَسْتَوِي فِيهِ قَبْلَ الْأَجَلِ لِتَوَقُّعِ الْمَوْتِ وَبَعْدَهُ لِتَعَذُّرِ الْوُجُودِ، فَيَتَأَخَّرُ الْقَبْضُ فَكَمَا أَنَّ أَحَدَهُمَا مُلْغًى إجْمَاعًا فَكَذَلِكَ الْآخَرُ وَقِيَاسًا عَلَى أَثْمَانِ بُيُوعِ الْآجَالِ قَبْلَ مَحَلِّهَا.

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

الْخَرَشِيِّ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُسْلِمَ حِين أَسْلَمَ فِي مُعَيَّنٍ صَارَ الضَّمَانُ مِنْهُ لِكَوْنِهِ مُعَيَّنًا وَلَمَّا شَرَطَ تَأْخِيرَهُ فَقَدْ نَقَلَ الضَّمَانَ إلَى الْبَائِعِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَرَأْسُ الْمَالِ حِينَئِذٍ بَعْضُهُ فِي مُقَابَلَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ ثَمَنًا وَبَعْضُهُ فِي مُقَابَلَةِ الضَّمَانِ جَعَالَةً قَالَ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُعَيَّنُ عِنْدَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَمَّا إذَا كَانَ عِنْدَ غَيْرِهِ فَفِيهِ بَيْعُ مُعَيَّنٍ لَيْسَ عِنْدَهُ اهـ.

قَالَ الْحَفِيدُ فِي الْبِدَايَةِ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ السَّلَمَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الذِّمَّةِ وَإِنَّهُ لَا يَكُونُ فِي مُعَيَّنٍ نَعَمْ أَجَازَ مَالِكٌ السَّلَمَ فِي قَرْيَةٍ مُعَيَّنَةٍ إذَا كَانَتْ مَأْمُونَةً وَكَأَنَّهُ رَآهَا مِثْلَ الذِّمَّةِ اهـ وَفِي عبق عَلَى الْمُخْتَصَرِ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ قِيلَ هَذَا الشَّرْطُ يُغْنِي عَنْهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَبْيِينِ صِفَاتِهِ وَلَا تَبْيِينَ فِي الْحَاضِرِ الْمُعَيَّنِ فَتَعَيَّنَ أَنَّ التَّبْيِينَ إنَّمَا هُوَ لِمَا فِي الذِّمَّةِ فَكَانَ يَنْبَغِي الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُ بِمَا قَبْلَهُ وَالْجَوَابُ أَنَّ التَّبْيِينَ قَدْ يَكُونُ فِي غَائِبٍ مُعَيَّنٍ مَوْجُودٍ عِنْدَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فَلِهَذِهِ اُحْتِيجَ لِهَذَا الشَّرْطِ اهـ

(الشَّرْطُ الرَّابِعَ عَشَرَ) تَعْيِينُ مَكَانِ الْقَبْضِ بِاللَّفْظِ أَوْ الْعَادَةِ نَفْيًا لِلْغَرَرِ قَالَ الْحَفِيدُ فِي الْبِدَايَةِ اخْتَلَفُوا فِي اشْتِرَاطِ مَكَانِ دَفْعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَاشْتَرَطَهُ أَبُو حَنِيفَةَ تَشْبِيهًا بِالزَّمَانِ وَلَمْ يُشْتَرَطْ الْأَكْثَرُ، وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَفْضَلُ اشْتِرَاطُهُ، وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَيْسَ يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ اهـ.

فَاقْتَصَرَ الْأَصْلُ عَلَى اشْتِرَاطِهِ مُعْتَمِدًا قَوْلَ الْقَاضِي أَبِي مُحَمَّدٍ وَسَلَّمَهُ ابْنُ الشَّاطِّ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَكَفَى وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِي اصْطَفَى وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَاتَمِ الرُّسُلِ الْكِرَامِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ السَّادَةِ الْقَادَةِ الْأَعْلَامِ هَذَا مَا يَسَّرَهُ اللَّهُ مِنْ إتْمَامِ الْجُزْءِ الثَّالِثِ مِنْ تَهْذِيبِ الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السُّنِّيَّةِ عَلَى مَا يُرَامُ وَأَسْأَلُ اللَّهَ بِوَجَاهَةِ وَجْهِ نَبِيِّهِ الْكَرِيمِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُبَلِّغَنِي إكْمَالَ الْجُزْءِ الرَّابِعِ لِيَكْمُلَ بِكَمَالِهِ الْمَقْصُودُ بِحُسْنِ الْخِتَامِ وَالْفَوْزِ بِرِضَا الْمَوْلَى الْكَرِيمِ الْمُتَفَضِّلِ بِجَزِيلِ الْإِنْعَامِ إنَّهُ عَلَى مَا يَشَاءُ قَدِيرٌ وَبِالْإِجَابَةِ لِمَا يُؤْمِلُهُ الْآمِلُ مِنْ فَضْلِهِ حَقِيقٌ وَجَدِيرٌ.

ص: 298