الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَيْهِ وَهُوَ إطْلَاقُهَا لِمَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهَا وَهُوَ الْجَوَابُ عَنْ النَّفَقَةِ فِي الزَّمَانِ الْمَاضِي
(وَالْجَوَابُ) عَنْ الثَّالِثِ إنْ وَقَعَ الضَّرَرُ عَنْ أُمِّ الْوَلَدِ لَهُ طَرِيقٌ آخَرُ وَهُوَ تَزْوِيجُهَا وَهَذَا الطَّرِيقُ مُتَعَذِّرٌ هَهُنَا فَيَتَعَيَّنُ الطَّلَاقُ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْمَقْصِدَ إذَا كَانَ لَهُ وَسِيلَتَانِ فَأَكْثَرَ لَا يَتَعَيَّنُ أَحَدُهُمَا عَيْنًا بَلْ يُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا كَالْجَامِعِ إذَا كَانَ لَهُ طَرِيقَانِ مُسْتَوِيَانِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَا يَجِبُ سُلُوكُ أَحَدِهِمَا عَيْنًا بَلْ يُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا وَكَذَلِكَ السَّفَرُ إلَى الْحَجِّ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ الْمُتَيَسِّرَيْنِ لَا يَتَعَيَّنُ أَحَدُهُمَا وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الشَّرْعِيَّةِ وَكَذَلِكَ أُمُّ الْوَلَدِ تَعَدَّتْ أَسْبَابُ زَوَالِ الضَّرَرِ عَنْهَا فَلَمْ يَتَعَيَّنْ خُرُوجُهَا عَنْ مِلْكِهِ وَفِي الزَّوْجَاتِ اتَّحَدَتْ الْوَسِيلَةُ وَسَبَبُ الْخُرُوجِ عَنْ الضَّرَرِ فَأُمِرَ بِهِ عَيْنًا وَيُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ مَا خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ مَا تَرَكَ غِنًى وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ تَقُولُ الْمَرْأَةُ إمَّا أَنْ تُطْعِمَنِي وَإِمَّا أَنْ تُطَلِّقَنِي وَيَقُولُ الْعَبْدُ أَطْعِمْنِي وَاسْتَعْمِلْنِي وَيَقُولُ الْوَلَدُ إلَى مَنْ تَدَعُنِي» وَقَوْلُهُ {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] وَالْإِمْسَاكُ عَلَى الْجُوعِ وَالْعُرْيِ لَيْسَ مِنْ الْمَعْرُوفِ فَيَتَعَيَّنُ التَّسْرِيحُ بِالْإِحْسَانِ.
(الْفَرْقُ التَّاسِعُ وَالْخَمْسُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ أَوْلَادِ الصُّلْبِ وَالْأَبَوَيْنِ فِي إيجَابِ النَّفَقَةِ لَهُمْ خَاصَّةً وَبَيْنَ قَاعِدَةِ غَيْرِهِمْ مِنْ الْقَرَابَاتِ)
اعْلَمْ أَنَّ مَالِكًا أَوْجَبَ النَّفَقَةَ لِأَوْلَادِ الصُّلْبِ وَالْأَبَوَيْنِ خَاصَّةً وَأَوْجَبَهَا الشَّافِعِيُّ لِكُلِّ مَنْ هُوَ بَعْضٌ مِنْ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَإِنْ عَلَوْا وَالْأَوْلَادِ وَإِنْ سَفَلُوا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [البقرة: 83] وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15] وَلَيْسَ مِنْ الْإِحْسَانِ تَرْكُهُمَا بِالْجُوعِ وَالْعُرْيِ وَلِقَوْلِهِ عليه السلام فِي الْبُخَارِيِّ يَقُولُ لَك وَلَدُك إلَى مَنْ تَكِلُنِي الْحَدِيثَ وَأَبُ الْأَبِ أَبٌ وَأُمُّ الْأُمِّ أُمٌّ وَابْنُ الِابْنِ ابْنٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه تَجِبُ النَّفَقَةُ لِكُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ} [الإسراء: 26] وَأَجْمَعْنَا عَلَى تَخْصِيصِ مَنْ لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ وَبَقِيَ مَنْ عَدَاهُ عَلَى الْعُمُومِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأنفال: 75]
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
قَالَ (الْفَرْقُ التَّاسِعُ وَالْخَمْسُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ أَوْلَادِ الصُّلْبِ وَالْأَبَوَيْنِ فِي إيجَابِ النَّفَقَةِ لَهُمْ خَاصَّةً وَبَيْنَ قَاعِدَةِ غَيْرِهِمْ مِنْ الْقَرَابَاتِ إلَى قَوْلِهِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأنفال: 75]
قُلْت مَا قَالَهُ حِكَايَةُ أَقْوَالٍ وَمُسْتَنَدِهَا وَلَا كَلَامَ فِي ذَلِكَ
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
أَيْ مَا وَطِئُوهُ لِأَنَّ النِّكَاحَ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ فَيَحْرُمُ عَلَى الشَّخْصِ مَزْنِيَّةُ أَبِيهِ كَمَا فِي الْمَحَلِّيِّ عَلَى جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَحْوُهُ عَنْ الْأَصْلِ فِي الْفَرْقِ الرَّابِعِ وَالْأَرْبَعِينَ وَالْمِائَةِ فَلَا تَغْفُلْ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ} [البقرة: 230] قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ تَحِلُّ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا لِلْأَوَّلِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ مِنْ الثَّانِي وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا الثَّانِي لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ} [البقرة: 230] وَالنِّكَاحُ الْعَقْدُ وَهَذَا لَا يَصِحُّ بَلْ هُوَ هُنَا الْوَطْءُ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم شَرَطَ ذَوْقَ الْعُسَيْلَةِ وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الْوَطْءِ نَعَمْ يَرِدُ عَلَى مَذْهَبِنَا أَنَّ مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ أَنَّ الْحُكْمَ هَلْ يَتَعَلَّقُ بِأَوَائِلِ الْأَسْمَاءِ لَزِمَنَا مَذْهَبُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّ الْحُكْمَ يَتَعَلَّقُ بِأَوَاخِرِ الْأَسْمَاءِ لَزِمَنَا أَنْ نَشْتَرِطَ الْإِنْزَالَ مَعَ مَغِيبِ الْحَشَفَةِ فِي الْإِحْلَالِ لِأَنَّهُ آخِرُ ذَوْقِ الْعُسَيْلَةِ وَلِذَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْزِلَ عَنْ الْحُرَّةِ إلَّا بِإِذْنِهَا وَلَمْ يُشْتَرَطْ عِنْدَنَا فِي التَّحْلِيلِ الْإِنْزَالُ فَصَارَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ بَلْ مَا مَرَّ بِي فِي الْفِقْهِ أَعْسَرُ مِنْهَا. اهـ مُلَخَّصًا وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَحْرُمُ بِالنَّسَبِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَحْرُمُ بِالنَّسَبِ]
(الْفَرْقُ السَّادِسُ وَالْأَرْبَعُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَحْرُمُ بِالنَّسَبِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَحْرُمُ بِالنَّسَبِ)
الْمُحَرَّمُ بِالنَّسَبِ عَلَى الْإِنْسَانِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ
(النَّوْعُ الْأَوَّلُ) أُصُولُهُ وَهُمَا الْآبَاءُ وَالْأُمَّهَاتُ وَإِنْ عَلَوْا
(وَالنَّوْعُ الثَّانِي) فُصُولُهُ وَهُمْ الْأَبْنَاءُ وَأَبْنَاءُ الْأَبْنَاءِ وَإِنْ سَفَلُوا
(وَالنَّوْعُ الثَّالِثُ) فُصُولُ أَوَّلِ أُصُولِهِ وَهُمْ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ وَأَوْلَادُهُمْ وَإِنْ سَفَلُوا وَأَمَّا فُصُولُ ثَانِي الْأُصُولِ وَثَالِثِهَا وَإِنْ عَلَا ذَلِكَ وَهُمْ أَوْلَادُ الْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ وَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ فَمُبَاحَاتٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم {وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ} [الأحزاب: 50]
(النَّوْعُ الرَّابِعُ) أَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ وَيَنْدَرِجُ فِيهِ أَوْلَادُ الْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ وَهُمْ الْأَعْمَامُ وَالْعَمَّاتُ وَالْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ وَأَمَّا ثَانِي فَصْلٍ مِنْ أَوَّلِ الْأُصُولِ وَهُمْ أَوْلَادُ الْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ وَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ فَمُبَاحَاتٌ كَمَا عَلِمْت وَدَلِيلُ هَذَا الضَّابِطِ قَوْله تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ} [النساء: 23] وَأَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِلَفْظِ كُلِّ نَوْعٍ مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ وَاللَّفْظُ صَالِحٌ لَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا بَنِي آدَمَ - يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} [البقرة: 26 - 40]{مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} [الحج: 78] كَمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ قَالَ فِيمَا يَحْرُمُ بِالرَّضَاعِ {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23] قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْأَحْكَامِ وَلَمْ يَذْكُرْ مِنْ الْمُحَرَّمِ بِالرَّضَاعِ فِي الْقُرْآنِ سِوَاهُمَا وَالْأُمُّ أَصْلٌ
وَالْجَوَابُ عَمَّا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ أَوَّلًا أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ لَفْظَ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَالِابْنِ يَتَنَاوَلُ غَيْرَ الْأَدْنَيْنَ مِنْ هَذِهِ الْفِرَقِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ لِلْأُمِّ الثُّلُثَ وَلَمْ تَسْحَقْهُ الْجَدَّةُ وَحَجَبَ الْإِخْوَةَ بِالْأَبِ وَلَمْ يَحْجُبْهُمْ بِالْجَدِّ وَأَنَّ بِنْتَ الِابْنِ لَهَا السُّدُسُ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ بِخِلَافِ بِنْتِ الصُّلْبِ مَعَ أُخْتِهَا فَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ تَتَنَاوَلُ هَذِهِ الطَّبَقَاتِ عَلَى اخْتِلَافِهَا بِطَرِيقِ التَّوَاطُؤِ حَقِيقَةً لَزِمَ تَعْمِيمُ الْحُكْمِ فِيهَا كُلِّهَا عَلَى السَّوَاءِ وَإِلَّا لَزِمَ تَرْكُ الْعَمَلِ بِالدَّلِيلِ وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ اللَّفْظَ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ هَذِهِ الطَّوَائِفَ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمَجَازِ حَتَّى يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَيْهِ بَلْ يَجِبُ التَّمَسُّكُ بِالْحَقِيقَةِ وَالِاقْتِصَارِ عَلَيْهَا حَتَّى يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى غَيْرِهَا ثُمَّ اللَّازِمُ هُنَا الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَهُوَ مَجَازٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ هَلْ يَجُوزُ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ أَمْ لَا وَنَحْنُ الْمَجَازُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ لَا نَعْدِلُ بِاللَّفْظِ إلَيْهِ إلَّا بِدَلِيلٍ وَالْحَمْلُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ خَطَأٌ قَطْعًا فَهَهُنَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِكَوْنِهِ ضَعِيفًا مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ مَجَازٌ وَأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِي جَوَازِهِ لُغَةً وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ.
وَهُوَ فَرْقٌ جَلِيٌّ جِدًّا وَالْجَوَابُ عَمَّا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا أَمَرَ بِمَا هُوَ حَقٌّ لِذَوِي الْقُرْبَى وَالنِّزَاعُ فِي النَّفَقَةِ هَلْ هِيَ حَقٌّ لَهُمْ أَمْ لَا فَلَا نُسَلِّمُ تَنَاوُلَ اللَّفْظِ لَهَا حِينَئِذٍ فَلَا دَلِيلَ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
قَالَ (وَالْجَوَابُ عَمَّا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ أَوَّلًا أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ لَفْظَ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَالِابْنِ يَتَنَاوَلُ غَيْرَ الْأَدْنَيْنَ إلَى قَوْلِهِ بَلْ يَجِبُ التَّمَسُّكُ بِالْحَقِيقَةِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا حَتَّى يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى غَيْرِهَا) قُلْت لَا دَلِيلَ لَهُ فِيمَا اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى مُرَادِهِ مِنْ أَنَّ لَفْظَ الْأَبِ وَمَا مَعَهُ لَا يَتَنَاوَلُ غَيْرَ الْأَدْنَيْنَ إلَّا مَجَازًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ فِي تِلْكَ الْأَلْفَاظِ بِعَكْسِ دَعْوَاهُ وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ يَتَنَاوَلُ الْأَدْنَيْنَ وَغَيْرَهُمْ لَكِنْ وَقَعَ التَّجَوُّزُ بِقَصْرِهَا عَلَى الْأَدْنَيْنَ فَيَحْتَاجُ إذْ ذَاكَ إلَى قَرِينَةٍ تَخُصُّهَا بِالْأَدْنَيْنَ أَوْ إلَى دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْمَجَازَ انْتَهَى إلَى أَنْ صَارَ عُرْفًا.
قَالَ (ثُمَّ اللَّازِمُ هُنَا الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَهُوَ مَجَازٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ هَلْ يَجُوزُ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ أَمْ لَا إلَى قَوْلِهِ وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ وَهُوَ فَرْقٌ جَلِيٌّ جِدًّا) قُلْت مَا قَالَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى دَعْوَى أَنَّ تَنَاوُلَ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ لِغَيْرِ الْأَدْنَيْنَ مَجَازٌ وَقَدْ تَبَيَّنَ احْتِمَالُ عَكْسِ ذَلِكَ وَمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ مُسَلَّمٌ لَكِنْ لَوْ سُلِّمَ لَهُ أَنْ تَنَاوُلَ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ لِغَيْرِ الْأَدْنَيْنَ مَجَازٌ وَذَلِكَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ وَمَا قَالَهُ مِنْ الْجَوَابِ عَمَّا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ مُسَلَّمٌ صَحِيحٌ
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
وَالْأُخْتُ فَرْعٌ فَنَبَّهَ بِذَلِكَ عَلَى جَمِيعِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ وَثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ «قَالَ يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ الْوِلَادَةِ» . اهـ
قَالَ فِي بِدَايَةِ الْمُجْتَهِدِ يَعْنِي أَنَّ الْمُرْضِعَةَ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْأُمِّ فَتَحْرُمُ عَلَى الْمُرْضَعِ هِيَ وَكُلُّ مَنْ يَحْرُمُ عَلَى الِابْنِ مِنْ قِبَلِ أُمِّ النَّسَبِ. اهـ
وَقَالَ تَعَالَى قَبْلَ ذَلِكَ فِيمَا يُحَرِّمُ الْمُصَاهَرَةَ {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 22] يُرِيدُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ} [النساء: 23] وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ {الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ} [النساء: 23] مِنْ زَوْجَاتِ أَبْنَاءِ التَّبَنِّي قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي أَحْكَامِهِ وَابْنُ التَّبَنِّي كَانَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ إذْ تَبَنَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ ثُمَّ نَسَخَ اللَّهُ تبارك وتعالى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} [الأحزاب: 5] وَهَذِهِ هِيَ الْفَائِدَةُ فِي قَوْله تَعَالَى {مِنْ أَصْلابِكُمْ} [النساء: 23] لِيَسْقُطَ وَلَدُ التَّبَنِّي وَيَذْهَبَ اعْتِرَاضُ الْجَاهِلِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي نِكَاحِ زَيْنَبَ زَوْجِ زَيْدٍ وَقَدْ كَانَ يُدَّعَى لَهُ فَنَهَجَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ ذَلِكَ بِبَيَانِهِ اهـ وَلَمْ يَحْتَرِزْ بِهِ مِنْ زَوْجَاتِ ابْنِ الرَّضَاعِ لِجَرَيَانِهِ مَجْرَى ابْنِ النَّسَبِ فِي جُمْلَةٍ مِنْ الْأَحْكَامِ مُعْظَمُهَا التَّحْرِيمُ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» ثُمَّ قَالَ تَعَالَى {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 23] وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] إلَى قَوْله تَعَالَى {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 23] حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ النَّسَبِ سَبْعًا وَمِنْ الصِّهْرِ سَبْعًا وَهَذَا صَحِيحٌ وَهُوَ أَصْلُ الْمُحَرَّمَاتِ وَوَرَدَتْ مِنْ جِهَةٍ مُبَيِّنَةٍ لِجَمِيعِهَا بِأَخْصَرِ لَفْظٍ وَأَدَلِّ مَعْنًى فَهِمَتْهُ الصَّحَابَةُ الْعَرَبُ وَخَبَّرَ بِهِ الْعُلَمَاءُ وَنَحْنُ نُفَصِّلُ ذَلِكَ الْبَيَانَ فَنَقُولُ (أَمَّا الْأَصْنَافُ) النِّسْبِيَّةُ السَّبْعَةُ (فَالْأُمُّ) عِبَارَةٌ عَنْ كُلِّ امْرَأَةٍ لَهَا عَلَيْك وِلَادَةٌ وَيَرْتَفِعُ نَسَبُك إلَيْهَا بِالْبُنُوَّةِ كَانَتْ عَلَى عَمُودِ الْأَبِ أَوْ عَلَى عَمُودِ الْأُمِّ وَكَذَلِكَ مَنْ فَوْقَك (وَالْبِنْتُ) عِبَارَةٌ عَنْ كُلِّ امْرَأَةٍ لَك عَلَيْهَا وِلَادَةٌ تَنْتَسِبُ إلَيْك بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ إذَا كَانَ مَرْجِعُهَا إلَيْك (وَالْأُخْتُ) عِبَارَةٌ عَنْ كُلِّ امْرَأَةٍ شَارَكَتْك فِي أَصْلَيْك أَبِيك وَأُمِّك وَلَا تَحْرُمُ أُخْتُ الْأُخْتِ إذَا لَمْ تَكُنْ لَك أُخْتًا فَقَدْ يَتَزَوَّجُ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَدٌ ثُمَّ يُقَدَّرُ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ قَالَ سَحْنُونٌ هُوَ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ وَلَدَهُ مِنْ غَيْرِهَا بِنْتَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَتَصْوِيرُهَا أَنْ يَكُونَ لِرَجُلٍ اسْمُهُ زَيْدٌ زَوْجَتَانِ عَمْرَةُ وَخَالِدَةُ وَلَهُ مِنْ عَمْرَةَ وَلَدٌ اسْمُهُ عُمَرُ وَمِنْ خَالِدَةَ بِنْتٌ اسْمُهَا سَعَادَةُ وَلِخَالِدَةَ زَوْجٌ اسْمُهُ بَكْرٌ وَلَهُ مِنْهَا بِنْتٌ اسْمُهَا
فِي الْآيَةِ وَالْجَوَابُ عَنْ الثَّانِي أَنَّهُ عَامٌّ فِي ذَوِي الْأَرْحَامِ مُطْلَقٌ فِيمَا هُمْ فِيهِ أَوْلَى فَإِنَّ لَفْظَ أَوْلَى نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ وَذَلِكَ لَا عُمُومَ فِيهِ فَنَحْمِلُهُ عَلَى وِلَايَةِ النِّكَاحِ وَالْمُعَاوَضَةِ وَالْمُنَاصَرَةِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا فَإِنَّهُمْ أَوْلَى بِنَصْرِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا وَالْإِحْسَانِ إلَى بَعْضِهِمْ بَعْضًا بِالنُّصْرَةِ إجْمَاعًا وَإِذَا أَجَمَعَ عَلَى إعْمَالِ الْمُطْلَقِ فِي صُورَةٍ وَأَنَّهَا مُرَادَةٌ مِنْ النَّصِّ سَقَطَ الِاسْتِدْلَال بِهِ إجْمَاعًا إذْ لَوْ عُدِّيَ حُكْمُهُ إلَى صُورَةٍ أُخْرَى لَكَانَ عَامًّا لَا مُطْلَقًا وَالتَّقْدِيرُ أَنَّهُ مُطْلَقٌ وَهَذَا خَلْفٌ وَكَمَا يَمْتَنِعُ جَعْلُ الْعَامِّ مُطْلَقًا بِغَيْرِ دَلِيلٍ يَمْتَنِعُ جَعْلُ الْمُطْلَقِ عَامًّا بِغَيْرِ دَلِيلٍ فَظَهَرَ مِنْ هَذِهِ الِاسْتِدْلَالَاتِ وَهَذِهِ الْأَجْوِبَةِ صِحَّةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَتَفْضِيلُهُ عَلَى غَيْرِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَظَهَرَ الْفَرْقُ أَيْضًا مِنْ خِلَالِ ذَلِكَ ظُهُورًا بَيِّنًا.
(الْفَرْقُ السِّتُّونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ شَيْئًا لَا يُقَدَّمُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ إلَّا بِحُجَّةٍ ظَاهِرَةٍ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ يُقَدَّمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ)
قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا اخْتَلَفَا وَهُمَا زَوْجَانِ أَوْ عِنْدَ الطَّلَاقِ أَوْ الْوَرَثَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالزَّوْجَانِ حُرَّانِ أَوْ عَبْدَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا مُسْلِمَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا قُضِيَ لِلْمَرْأَةِ بِمَا هُوَ شَأْنُ النِّسَاءِ وَلِلرَّجُلِ بِمَا هُوَ شَأْنُ الرِّجَالِ وَمَا يَصْلُحُ لَهُمَا قُضِيَ بِهِ لِلرَّجُلِ لِأَنَّ الْبَيْتَ بَيْتُهُ فِي مَجْرَى الْعَادَةِ فَهُوَ تَحْتَ يَدِهِ فَيُقَدَّمُ لِأَجْلِ الْيَدِ وَوَافَقَ مَالِكًا أَبُو حَنِيفَةَ وَالْفُقَهَاءُ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ - وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُقَدَّمُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ إلَّا بِحُجَّةٍ ظَاهِرَةٍ كَسَائِرِ الْمُدَّعِينَ وَقِيَاسًا عَلَى الصَّبَّاغِ وَالْعَطَّارِ إذَا تَدَاعَيَا آلَةَ الْعِطْرِ أَوْ الصَّبْغِ فَإِنَّهُ لَا يُقَدَّمُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ إلَّا بِحُجَّةٍ ظَاهِرَةٍ وَإِنْ شَهِدَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّ آلَةَ الْعِطْرِ لِلْعَطَّارِ وَآلَةَ الصَّبْغِ
ــ
[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]
قَالَ (فَظَهَرَ مِنْ هَذِهِ الِاسْتِدْلَالَاتِ وَهَذِهِ الْأَجْوِبَةِ صِحَّةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَتَفْضِيلُهُ عَلَى غَيْرِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَظَهَرَ الْفَرْقُ أَيْضًا مِنْ خِلَالِ ذَلِكَ ظُهُورًا بَيِّنًا) قُلْت لَمْ يَظْهَرْ مَا قَالَهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْأَلْفَاظُ تَتَنَاوَلُ غَيْرَ الْأَدْنَيْنَ بِالْوَضْعِ الْأَصْلِيِّ وَوَقَعَ التَّجَوُّزُ بِقَصْرِهَا عَلَى الْأَدْنَيْنَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ (الْفَرْقُ السِّتُّونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ شَيْئًا لَا يُقَدَّمُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ إلَّا بِحُجَّةٍ ظَاهِرَةٍ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ يُقَدَّمُ كُلُّ وَاحِدٍ مَعَهُمَا فِيمَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ إلَى قَوْلِهِ هَذَا تَقْرِيرُ الْمَنْقُولَاتِ) قُلْت لَا كَلَامَ فِي ذَلِكَ
ــ
[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]
حَسْنَاءُ فَزَوَّجَ زَيْدٌ وَلَدَهُ عُمَرَ حَسْنَاءَ وَهِيَ أُخْتُ أُخْتِ عَمْرٍو فَمِنْ هُنَا قَالَ اللَّخْمِيُّ كُلُّ أُمٍّ حَرُمَتْ بِالنَّسَبِ حَرُمَتْ أُخْتُهَا وَكُلُّ أُخْتٍ حَرُمَتْ لَا تَحْرُمُ أُخْتُهَا إذَا لَمْ تَكُنْ خَالَةً وَكُلُّ عَمَّةٍ حَرُمَتْ قَدْ لَا تَحْرُمُ أُخْتُهَا لِأَنَّهَا قَدْ لَا تَكُونُ أُخْتَ أَبِيهِ وَلَا أُخْتَ جَدِّهِ. اهـ
(وَالْعَمَّةُ) عِبَارَةٌ عَنْ كُلِّ امْرَأَةٍ شَارَكَتْ أَبَاك فِي مَا عَلَا مِنْ أَصْلِهِ
(وَالْخَالَةُ) هِيَ كُلُّ امْرَأَةٍ شَارَكَتْ أُمَّك فِيمَا عَلَيْت مِنْ أَصْلَيْهَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا عَلَى تَقْدِيرِ تَعَلُّقِ الْأُمُومَةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَمِنْ تَفْصِيلِهِ تَحْرِيمُ عَمَّةِ الْأَبِ وَخَالَتِهِ لِأَنَّ عَمَّةَ الْأَبِ أُخْتُ الْجَدِّ وَالْجَدُّ أَبٌ وَأُخْتُهُ عَمَّةٌ وَخَالَةُ الْأَبِ أُخْتُ جَدَّتِهِ لِأُمِّهِ وَالْجَدَّةُ أُمٌّ وَأُخْتُهَا خَالَةٌ وَكَذَلِكَ عَمَّةُ الْأُمِّ أُخْتُ جَدِّهَا لِأَبِيهَا وَجَدُّهَا أَبٌ وَأُخْتُهُ عَمَّةٌ وَخَالَةُ الْأُمِّ أُخْتُ جَدَّتِهَا وَالْجَدَّةُ أُمٌّ وَأُخْتُهَا خَالَةٌ وَتَتَرَكَّبُ عَلَيْهِ عَمَّةُ الْعَمَّةِ لِأَنَّهَا عَمَّةُ الْأَبِ كَذَلِكَ وَخَالَةُ الْعَمَّةِ خَالَةُ الْأُمِّ كَذَلِكَ وَخَالَةُ الْخَالَةِ خَالَةُ الْأُمِّ كَذَلِكَ وَعَمَّةُ الْخَالَةِ عَمَّةُ الْأُمِّ كَذَلِكَ وَقَدْ تَضَمَّنَ هَذَا كُلُّهُ قَوْله تَعَالَى {وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ} [النساء: 23] بِالْحَجْرِ فِي التَّحْرِيمِ وَلَمْ يَتَضَمَّنْهُ آيَةُ الْفَرَائِضِ بِالِاشْتِرَاكِ فِي الْمَوَارِثِ لِسَعَةِ الْحَجْرِ فِي التَّحْرِيمِ وَضِيقِ الِاشْتِرَاكِ فِي الْأَمْوَالِ فَعِرْقُ التَّحْرِيمِ يَسْرِي حَيْثُ اطَّرَدَ وَسَبَبُ الْمِيرَاثِ يَقِفُ أَيْنَ وَرَدَ وَلَا تَحْرُمُ أُخْتُ الْعَمَّةِ وَلَا أُخْتُ الْخَالَةِ وَصُورَةُ ذَلِكَ كَمَا قَرَّرَنَا لَك فِي الْأُخْتِ وَبِنْتِ الْأَخِ وَبِنْتُ الْأُخْتِ عِبَارَةٌ عَنْ كُلِّ امْرَأَةٍ لِأَخِيك أَوْ لِأُخْتِك عَلَيْهَا وِلَادَةٌ وَتَرْجِعُ إلَيْهَا بِنِسْبَةٍ وَأَمَّا الْأَصْنَافُ الصِّهْرِيَّةُ السَّبْعَةُ
(فَالْأَوَّلُ وَالثَّانِي) أُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَهُمَا مُحَرَّمَانِ بِالْقُرْآنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ الْكَلَامِ عَلَيْهِمَا هُنَا وَإِنْ أَرَدْت بَسْطَهُ فَعَلَيْك بِبِدَايَةِ الْمُجْتَهِدِ وَأَحْكَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ
(وَالثَّالِثُ) أُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي الْفَرْقِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا
(وَالرَّابِعُ) رَبَائِبُكُمْ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ جَمْعُ رَبِيبَةٍ كَفَعِيلَةٍ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ مِنْ رَبَّهَا يَرُبُّهَا إذَا تَوَلَّى أَمْرَهَا وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ كَانَتْ فِي حِجْرِ الرَّجُلِ أَوْ فِي حِجْرِ حَاضِنَتِهَا غَيْرِ أُمِّهَا فَالَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ تَأْكِيدٌ لِلْوَصْفِ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْحُكْمِ وَمَا رَوَاهُ مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ عَنْ عَلِيٍّ مِنْ أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ حَتَّى تَكُونَ فِي حِجْرِهِ فَبَاطِلٌ وَكَمَالُ الْكَلَامِ عَلَيْهِمَا قَدْ تَقَدَّمَ فِي الْفَرْقِ قَبْلُ
(وَالْخَامِسُ) حَلَائِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ جَمْعُ حَلِيلَةٍ كَفَعِيلَةٍ بِمَعْنَى مُحَلَّةٍ
(وَالسَّادِسُ) أَزْوَاجُ آبَائِكُمْ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 22] فَكَمَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى الْآبَاءِ نِكَاحَ أَزْوَاجِ أَبْنَائِكُمْ كَذَلِكَ حَرَّمَ عَلَى الْأَبْنَاءِ نِكَاحَ أَزْوَاجِ آبَائِهِمْ فَكُلُّ فَرْجٍ حَلَّ لِلِابْنِ حَرُمَ عَلَى