المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[المسألة الرابعة للإمام أن يوقف وقفا على جهة من الجهات] - الفروق للقرافي = أنوار البروق في أنواء الفروق - جـ ٣

[القرافي]

فهرس الكتاب

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَصِحُّ اجْتِمَاعُ الْعِوَضَيْنِ فِيهِ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَصِحُّ أَنْ يَجْتَمِعَ فِيهِ الْعِوَضَانِ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْأَرْزَاقِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْإِجَارَاتِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى أَرْزَاق الْقُضَاةُ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ أَرْزَاقُ الْمَسَاجِدِ وَالْجَوَامِعِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ الْإِقْطَاعَاتُ الَّتِي تُجْعَلُ لِلْأُمَرَاءِ وَالْأَجْنَادِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُوقِفَ وَقْفًا عَلَى جِهَةٍ مِنْ الْجِهَاتِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ الْمَصْرُوفُ مِنْ الزَّكَاةِ لِلْمُجَاهِدِينَ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ مَا يُصْرَفُ لِلْقَسَّامِ لِلْعَقَارِ بَيْنَ الْخُصُومِ مِنْ جِهَةِ الْحُكَّامِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ اسْتِحْقَاقِ السَّلَبِ فِي الْجِهَادِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْإِقْطَاعِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ أَخْذِ الْجِزْيَةِ عَلَى التَّمَادِي عَلَى الْكُفْرِ فَيَجُوزُ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ أَخْذِ الْأَعْوَاضِ عَلَى التَّمَادِي عَلَى الزِّنَا]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُوجِبُ نَقْضَ الْجِزْيَةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يُوجِبُ نَقْضَهَا]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ بِرِّ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ التَّوَدُّدِ لَهُمْ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ تَخْيِيرِ الْمُكَلَّفِينَ فِي الْكَفَّارَةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ تَخْيِيرِ الْأَئِمَّةِ فِي الْأُسَارَى وَالتَّعْزِيرِ وَحَدِّ الْمُحَارِبِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَنْ مَلَكَ أَنْ يَمْلِكَ هَلْ يُعَدُّ مَالِكًا أَمْ لَا وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَنْ انْعَقَدَ لَهُ سَبَبُ الْمُطَالَبَةِ بِالْمِلْكِ هَلْ يُعَدُّ مَالِكًا أَمْ لَا]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الرِّيَاءِ فِي الْعِبَادَاتِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ التَّشْرِيكِ فِي الْعِبَادَاتِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ عَقْدِ الْجِزْيَةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ غَيْرِهَا مِمَّا يُوجِبُ التَّأْمِينَ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَجِبُ تَوْحِيدُ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ مِنْ التَّعْظِيمِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَجِبُ تَوْحِيدُهُ بِهِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا مَدْلُولُهُ قَدِيمٌ مِنْ الْأَلْفَاظِ فَيَجُوزُ الْحَلِفُ بِهِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا مَدْلُولُهُ حَادِثٌ فَلَا يَجُوزُ الْحَلِفُ بِهِ وَلَا تَجِبُ بِهِ كَفَّارَةٌ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ الْمَوَاطِنِ الَّتِي اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الِاكْتِفَاءِ فِيهَا بِالنِّيَّةِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ بِالْحَلِفِ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى إذَا حَنِثَ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يُوجِبُ كَفَّارَةً إذَا حَلَفَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ إذَا حَلَفَ بِهِ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يُوجِبُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَدْخُلُهُ الْمَجَازُ فِي الْأَيْمَانِ وَالتَّخْصِيصُ وَقَاعِدَةِ مَا لَا يَدْخُلُهُ الْمَجَازُ وَالتَّخْصِيصُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الِاسْتِثْنَاءِ وَقَاعِدَةِ الْمَجَازِ فِي الْأَيْمَانِ وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِهِمَا]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا تَكْفِي فِيهِ النِّيَّةُ فِي الْأَيْمَانِ وَقَاعِدَةِ مَا لَا تَكْفِي فِيهِ النِّيَّةُ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى تَقْيِيدُ الْمُطْلَقَاتِ إذَا حَلَفَ لَيُكْرِمَنَّ رَجُلًا وَنَوَى بِهِ زَيْدًا]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ تَخْصِيصُ الْعُمُومَاتِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ الْمُحَاشَاةُ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ دُخُولُ النِّيَّةِ فِي تَعْمِيمِ الْمُطْلَقَاتِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ تَعْيِينُ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ بِالنِّيَّةِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ تُصْرَفُ النِّيَّةُ بِالصَّرْفِ إلَى الْمَجَازَاتِ وَتَرْكِ حَقِيقَةِ اللَّفْظِ بِالْكُلِّيَّةِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ الِاسْتِثْنَاءِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْيَمِينِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ الَّتِي لَا تُؤَثِّرُ فِيهَا النِّيَّةُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ النُّصُوصِ]

- ‌[الفرق بَيْنَ قَاعِدَةِ الِانْتِقَالِ مِنْ الْحُرْمَةِ إلَى الْإِبَاحَةِ يُشْتَرَطُ فِيهَا أَعَلَى الرُّتَبِ وَبَيْنَ قَاعِدَة الِانْتِقَالِ مِنْ الْإِبَاحَةِ إلَى الْحُرْمَةِ يَكْفِي فِيهَا أَيْسَرُ الْأَسْبَابِ]

- ‌[الفرق بَيْن قَاعِدَةِ مُخَالَفَةِ النَّهْيِ إذَا تَكَرَّرَتْ يَتَكَرَّرُ التَّأْثِيمُ وَبَيْن قَاعِدَة مُخَالِفَةِ الْيَمِينِ إذَا تَكَرَّرَتْ لَا تَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهَا الْكَفَّارَةُ وَالْجَمِيعُ مُخَالَفَةٌ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ النَّقْلِ الْعُرْفِيِّ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الِاسْتِعْمَالِ الْمُتَكَرِّرِ فِي الْعُرْفِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ تَعَذُّرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ عَقْلًا وَبَيْنَ قَاعِدَةِ تَعَذُّرِهِ عَادَةً أَوْ شَرْعًا]

- ‌[الفرق بَيْن قَاعِدَةِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ يَجِبُ الْمَشْيُ إلَيْهَا وَالصَّلَاةُ فِيهَا إذَا نَذْرَهَا وَقَاعِدَة غَيْرِهَا مِنْ الْمَسَاجِدِ لَا يَجِبُ الْمَشْيُ إلَيْهَا إذَا نَذَرَ الصَّلَاةَ فِيهِمَا]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْمَنْذُورَاتِ وَقَاعِدَةِ غَيْرِهَا مِنْ الْوَاجِبَاتِ الشَّرْعِيَّةِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَحْرُمُ لِصِفَتِهِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَحْرُمُ لِسَبَبِهِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ تَحْرِيمِ سِبَاعِ الْوَحْشِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ تَحْرِيمِ سِبَاعِ الطَّيْرِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ ذَكَاةِ الْحَيَّاتِ وَقَاعِدَةِ ذَكَاةِ غَيْرِهَا مِنْ الْحَيَوَانَاتِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ أَنْكِحَةِ الصَّبِيَّانِ تَنْعَقِدُ إذَا كَانُوا مُطِيقِينَ لِلْوَطْءِ وَلِلْوَلِيِّ الْإِجَازَةُ وَالْفَسْخُ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ طَلَاقِهِمْ فَإِنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ ذَوِي الْأَرْحَامِ لَا يَلُونَ عَقْدَ الْأَنْكِحَةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْعَصَبَةِ فَإِنَّهُمْ يَلُونَ الْعَقْدَ فِي النِّكَاحِ]

- ‌[الفرق بَيْنَ قَاعِدَةِ الْأَجْدَادِ فِي الْمَوَارِيثِ يُسَوُّونَ بِالْإِخْوَةِ وَبَيْنَ قَاعِدَتِهِمْ فِي النِّكَاحِ وَمِيرَاثِ الْوَلَاءِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ تُقَدِّمُ الْإِخْوَةُ عَلَيْهِمْ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْوَكَالَةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْوِلَايَةِ فِي النِّكَاحِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْإِمَاءِ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ عَدَدٍ مِنْهُنَّ كَثُرَ أَوْ قَلَّ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الزَّوْجَاتِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ تَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ فِي الرُّتْبَةِ الْأُولَى وَبَيْنَ قَاعِدَةِ لَوَاحِقِهَا]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَحْرُمُ بِالنَّسَبِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَحْرُمُ بِالنَّسَبِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْحَصَانَةِ لَا تَعُودُ بِالْعَدَالَةِ وَقَاعِدَةُ الْفُسُوقِ يَعُودُ بِالْجِنَايَةِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَلْحَقُ فِيهِ الْوَلَدُ بِالْوَطْءِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَلْحَقُ فِيهِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ قِيَافَتِهِ عليه السلام وَبَيْنَ قَاعِدَةِ قِيَافَةِ الْمُدْلِجِيِّينَ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُنَّ مِنْ النِّسَاءِ وَقَاعِدَةُ مَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُنَّ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْإِبَاحَةِ الْمُطْلَقَةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْإِبَاحَةِ الْمَنْسُوبَةِ إلَى سَبَبٍ مَخْصُوصٍ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُقَرُّ مِنْ أَنْكِحَةِ الْكُفَّارِ وَقَاعِدَةُ مَا لَا يُقَرُّ مِنْهَا]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ زَوَاجِ الْإِمَاءِ فِي مِلْكِ غَيْرِ الزَّوْجِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ زَوَاجِ الْإِنْسَانِ لِإِمَائِهِ الْمَمْلُوكَاتِ لَهُ وَالْمَرْأَةِ لِعَبْدِهَا]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْحَجْرِ عَلَى النِّسْوَانِ فِي الْإِبْضَاعِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْحَجْرِ عَلَيْهِمْ فِي الْأَمْوَالِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْأَثْمَانِ فِي الْبِيَاعَاتِ تَتَقَرَّرُ بِالْعُقُودِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الصَّدَقَاتِ فِي الْأَنْكِحَةِ لَا يَتَقَرَّرُ شَيْءٌ مِنْهُمَا بِالْعُقُودِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُهُ مَعَ الْبَيْعِ وَقَاعِدَةُ مَا لَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُهُ مَعَهُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْبَيْعِ وَقَاعِدَةُ النِّكَاحِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْمُعْسِرِ بِالدَّيْنِ يُنْظَرُ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْمُعْسِرِ بِنَفَقَاتِ الزَّوْجَاتِ لَا يُنْظَرُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ أَوْلَادِ الصُّلْبِ وَالْأَبَوَيْنِ فِي إيجَابِ النَّفَقَةِ لَهُمْ خَاصَّةً وَبَيْنَ قَاعِدَةِ غَيْرِهِمْ مِنْ الْقَرَابَاتِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ شَيْئًا لَا يُقَدَّمُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ إلَّا بِحُجَّةٍ ظَاهِرَةٍ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ يُقَدَّمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي الطَّلَاقِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِيهِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الطَّلَاقِ مِنْ النِّيَّةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يُشْتَرَطُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الذَّوَاتِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الصِّفَاتِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ اسْتِثْنَاءِ الْكُلِّ مِنْ الْكُلِّ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ اسْتِثْنَاءِ الْوَحَدَاتِ مِنْ الطَّلَاقِ]

- ‌[الفرق بَيْن قَاعِدَةِ التَّصَرُّفِ فِي الْمَعْدُومِ الَّذِي يُمْكِنُ أَنْ يَتَقَرَّرَ فِي الذِّمَّةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ التَّصَرُّفِ فِي الْمَعْدُومِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَقَرَّرَ فِي الذِّمَّةِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْإِيجَابَاتِ الَّتِي يَتَقَدَّمُهَا سَبَبٌ تَامٌّ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْإِيجَابَاتِ الَّتِي هِيَ أَجْزَاءُ الْأَسْبَابِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ خِيَارِ التَّمْلِيكِ فِي الزَّوْجَاتِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ تَخْيِيرِ الْإِمَاءِ فِي الْعِتْقِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ التَّمْلِيكِ وَقَاعِدَةِ التَّخْيِيرِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ ضَمِّ الشَّهَادَتَيْنِ فِي الْأَقْوَالِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ عَدَمِ ضَمِّهَا فِي الْأَفْعَالِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَلْزَمُ الْكَافِرَ إذَا أَسْلَمَ وَقَاعِدَةِ مَا لَا يَلْزَمُهُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُجْزِئُ فِيهِ فِعْلُ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ عَنْهُ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يُجْزِئُ فِيهِ فِعْلُ الْغَيْرِ عَنْهُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَصِلُ إلَى الْمَيِّتِ وَقَاعِدَةِ مَا لَا يَصِلُ إلَيْهِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُبْطِلُ التَّتَابُعَ فِي صَوْمِ الْكَفَّارَاتِ وَالنُّذُورِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَبْطُلُ التَّتَابُعُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الذِّمَّةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ أَهْلِيَّةِ الْمُعَامَلَةِ]

- ‌[الفرق بَيْنَ قَاعِدَةِ الْمُطَلَّقَاتِ يَقْضِي قَبْلَ عِلْمِهِنَّ بِالطَّلَاقِ وَأَمَدِ الْعِدَّةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْمُرْتَابَاتِ يَتَأَخَّرُ الْحَيْضُ وَلَا يُعْلَمُ لِتَأَخُّرِهِ سَبَبٌ]

- ‌[الفرق بَيْنَ فَائِدَةِ الدَّائِرِ بَيْنَ النَّادِرِ وَالْغَالِبِ يُلْحَقُ بِالْغَالِبِ مِنْ جِنْسِهِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ إلْحَاقِ الْأَوْلَادِ بِالْأَزْوَاجِ إلَى خَمْسِ سِنِينَ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْعَدَدِ وَقَاعِدَةِ الِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الِاسْتِبْرَاءِ بِالْأَقْرَاءِ يَكْفِي قُرْءٌ وَاحِدٌ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الِاسْتِبْرَاءِ بِالشُّهُورِ لَا يَكْفِي شَهْرٌ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْحَضَانَةِ يُقَدَّمُ فِيهَا النِّسَاءُ عَلَى الرِّجَالِ بِخِلَافِ جَمِيعِ الْوِلَايَاتِ يُقَدَّمُ فِيهَا الرِّجَالُ عَلَى النِّسَاءِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مُعَامَلَةِ أَهْلِ الْكُفْرِ وَقَاعِدَةِ مُعَامَلَةِ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْمِلْكِ وَقَاعِدَةِ التَّصَرُّفِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْأَسْبَابِ الْعَقْلِيَّةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ الْأَسْبَابِ الشَّرْعِيَّةِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَتَقَدَّمُ مُسَبَّبُهُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَسْبَابِ الشَّرْعِيَّةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ مُسَبَّبُهُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَقْبَلُ الْمِلْكَ مِنْ الْأَعْيَانِ وَالْمَنَافِعِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَقْبَلُهُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَقَاعِدَةِ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا وَقَاعِدَةِ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى الصِّفَةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى الصِّفَةِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ تَحْرِيمِ بَيْعِ الرِّبَوِيِّ بِجِنْسِهِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ عَدَمِ تَحْرِيمِ بَيْعِهِ بِجِنْسِهِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَتَعَيَّنُ مِنْ الْأَشْيَاءِ وَقَاعِدَةِ مَا لَا يَتَعَيَّنُ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَدْخُلُهُ رِبَا الْفَضْلِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَدْخُلُهُ رِبَا الْفَضْلِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَتَعَدُّدِهِ فِي بَابِ رِبَا الْفَضْلِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُعَدُّ تَمَاثُلًا شَرْعِيًّا فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَمَا لَا يُعَدُّ تَمَاثُلًا]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْمَجْهُولِ وَقَاعِدَةِ الْغَرَر]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُسَدُّ مِنْ الذَّرَائِعِ وَقَاعِدَةِ مَا لَا يُسَدُّ مِنْهُمَا]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ الْفَسْخِ وَقَاعِدَةِ الِانْفِسَاخِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَقَاعِدَةِ خِيَارِ الشَّرْطِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَنْتَقِلُ إلَى الْأَقَارِبِ مِنْ الْأَحْكَامِ غَيْرِ الْأَمْوَالِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَنْتَقِلُ مِنْ الْأَحْكَامِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَقَاعِدَةِ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَتْبَعُ الْعَقْدَ عُرْفًا وَقَاعِدَةِ مَا لَا يَتْبَعُهُ]

- ‌[الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَجُوزُ مِنْ السَّلَمِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يَجُوزُ مِنْهُ]

الفصل: ‌[المسألة الرابعة للإمام أن يوقف وقفا على جهة من الجهات]

أَنَّهُ بِالْإِمَامَةِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ إذْنِ الْإِمَامِ وَمَا وَقَعَ مِنْهَا بِتَصَرُّفِهِ صلى الله عليه وسلم بِطَرِيقِ الْقَضَاءِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ قَضَاءِ الْقَاضِي وَمَا وَقَعَ مِنْهَا بِطَرِيقِ الْفُتْيَا وَالتَّبْلِيغِ يُسْتَحَقُّ بِدُونِ قَضَاءِ قَاضٍ وَإِذْنِ إمَامٍ قَالَ مَالِكٌ رحمه الله فِي الْمُدَوَّنَةِ لَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ السَّلَبَ كَانَ لِلْقَاتِلِ إلَّا يَوْمَ حُنَيْنٍ وَهُوَ مَوْكُولٌ إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ فَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ مِنْ بَابِ التَّبْلِيغِ وَالْفُتْيَا فَقَدْ حَصَلَ السَّلَبُ مِنْ بَابٍ آخَرَ غَيْرِ تَصَرُّفَاتِ الْأَئِمَّةِ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه فَلَيْسَ لِلْإِمَامِ نَزْعُهُ مِمَّنْ وُجِدَ فِي حَوْزِهِ بِشَرْطِهِ لِأَنَّ الْقَتْلَ حِينَئِذٍ سَبَبُ الِاسْتِحْقَاقِ فَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْخُذَ مَا هُوَ مُسْتَحِقٌّ بِسَبَبِهِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ مِنْ بَابِ تَصَرُّفَاتِ الْأَئِمَّةِ كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ رحمه الله فَلِلْإِمَامِ نَزْعُهُ مِمَّنْ وُجِدَ مَعَهُ لِأَنَّ سَبَبَ اسْتِحْقَاقِهِ تَصَرُّفُ الْإِمَامِ وَلَمْ يُوجَدْ فَبَقِيَ مِنْ الْغَنِيمَةِ.

وَأَمَّا الْإِقْطَاعُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِغَيْرِ سَبَبٍ يُوجِبُ اسْتِحْقَاقَهُ وَتَمْلِيكَهُ وَإِنَّمَا هُوَ إعَانَةٌ عَلَى أَحْوَالٍ تَقَعُ فِي مُسْتَقْبَلِ الزَّمَانِ وَلَيْسَ تَمْلِيكًا حَقِيقِيًّا فَلِذَلِكَ كَانَ لِلْإِمَامِ نَزْعُهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ وَتَبْدِيلُهُ بِغَيْرِهِ بِخِلَافِ السَّلَبِ وَإِنَّمَا سَاوَى السَّلَبَ مَا حَازَهُ الْأَجْنَادُ وَالْأُمَرَاءُ مِنْ إقْطَاعَاتِهِمْ مِنْ خَرَاجٍ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ نَزْعُهُ مِنْهُمْ لِتَقَرُّرِ مِلْكِهِمْ عَلَيْهِ.

وَأَمَّا السَّلَبُ فَقَبْلَ حُصُولِ سَبَبِهِ لَا يَكُونُ لِلْقَاتِلِ بِهِ تَعَلُّقٌ أَلْبَتَّةَ وَبَعْدَ حُصُولِ سَبَبِهِ يَصِيرُ مَمْلُوكًا بِالْكُلِّيَّةِ فَالْحَالَةُ الْمُتَوَسِّطَةُ الْقَابِلَةُ لِلِانْتِزَاعِ لَا تَحْصُلُ لِلسَّلَبِ أَلْبَتَّةَ وَالْإِقْطَاعُ يَحْصُلُ لَهَا هَذِهِ الْحَالَةُ الْمُتَوَسِّطَةُ الْقَابِلَةُ لِلِانْتِزَاعِ وَإِبْدَالِهِ بِغَيْرِهِ وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَابْنِ حَنْبَلٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْفُتْيَا وَالتَّبْلِيغِ أَنَّهُ الْغَالِبُ عَلَى تَصَرُّفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رَسُولٌ وَهَذَا شَأْنُ الرِّسَالَةِ أَعْنِي التَّبْلِيغَ، وَحَمْلُ تَصَرُّفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْغَالِبِ طَرِيقٌ حَسَنٌ وَهُوَ مُسْتَنَدُ مَالِكٍ رحمه الله فِي حَمْلِ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ» وَقَالَ إذْنُ الْإِمَامِ لَيْسَ شَرْطًا فِي الْمِلْكِ بِالْإِحْيَاءِ وَأَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله مَشَى عَلَى قَاعِدَتِهِ فِيهِمَا وَجَعَلَهُمَا مِنْ بَابِ التَّصَرُّفِ بِالْإِمَامَةِ.

وَأَمَّا مَالِكٌ رحمه الله فَقَدْ نَقَضَ أَصْلَهُ وَالشَّافِعِيُّ رضي الله عنه مَشَى عَلَى أَصْلِهِ فِي الْحَمْلِ عَلَى الْغَالِبِ فِي الْفُتْيَا دُونَ الْإِمَامَةِ وَسَبَبُ نَقْضِ مَالِكٍ لِأَصْلِهِ أُمُورٌ أَحَدُهَا أَنَّ أَصْلَ الْغَنِيمَةِ مُسْتَحَقٌّ لِلْغَانِمِينَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْأَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسَ لِلْغَانِمِينَ كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: 11] مَعْنَاهُ وَالثُّلُثَانِ لِلْأَبِ وَلَمَّا كَانَ ذِكْرُ الضِّدِّ الْمُقَابِلِ يَدُلُّ عَلَى مُقَابِلِهِ اكْتَفَى بِذِكْرِهِ عَنْ ذِكْرِهِ فِي الْآيَتَيْنِ وَلَمَّا كَانَتْ الْأَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسُ مُسْتَحَقَّةً لِلْغَانِمِينَ فَلَوْ جَعَلْنَا قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» فُتْيَا لَكَانَ ذَلِكَ أَبْلَغَ فِي مُنَافَاةِ الظَّاهِرِ الْمُتَقَدِّمِ مِمَّا إذَا جَعَلْنَاهُ مِنْ بَابِ التَّصَرُّفِ بِالْإِمَامَةِ وَأَنَّهُ لَا يُسْتَحَقُّ حَتَّى

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يُقِرَّ وَرَثَتَهُ عَلَى تِلْكَ الْأُجْرَةِ وَيُمْضِيَ لَهُمْ تِلْكَ الْإِجَارَةِ إلَى حُلُولِ أَجَلِهَا وَلَهُ دَفْعُ جَمِيعِ تِلْكَ الْأُجْرَةِ لِلْمُقْطَعِ الثَّانِي إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ لِلْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ وَلَا تَسْتَقِرُّ الْأُجْرَةُ الْأُولَى لِلْأَوَّلِ إلَّا بِمُضِيِّ الْعَقْدِ وَانْقِضَاءِ أَجَلِ الْإِجَارَةِ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى ذَلِكَ الْإِقْطَاعِ وَيُمْكِنُ تَخْرِيجُ هَذِهِ الْإِجَارَةِ مِنْ الْمُقْطَعِ لَهُ عَلَى قَاعِدَةِ الْوَقْفِ إذَا آجَرَهُ الْبَطْنَ الْأَوَّلَ زَمَانَ اسْتِحْقَاقِهِ وَغَيْرَ زَمَانِ اسْتِحْقَاقِهِ فَفِي بُطْلَانِهِ فِي غَيْرِ زَمَانِ اسْتِحْقَاقِهِ وَعَدَمِ بُطْلَانِهِ خِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فَإِنَّ هَذَا الْمُقْطَعَ لَهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الزَّمَانَ الَّذِي هُوَ فِيهِ مُقْطِعٌ لِتِلْكَ الْأَرْضِ فَإِذَا مَاتَ أَوْ حُوِّلَ عَنْهَا لِغَيْرِهَا فَقَدْ آلَ الِاسْتِحْقَاقُ لِغَيْرِهِ كَالْبَطْنِ الثَّانِي إذَا طَرَأَ بَعْدَ الْأَوَّلِ وَلَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ لَهُ مِنْ الْإِمَامِ بِذَلِكَ الْإِقْطَاعِ لَاسْتَحَقَّهَا وَرَثَتُهُ وَلَتَعَذَّرَ عَلَى الْإِمَامِ انْتِزَاعُهَا مِنْهُمْ فِي مُدَّةِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ.

[الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُوقِفَ وَقْفًا عَلَى جِهَةٍ مِنْ الْجِهَاتِ]

(الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ)

قَالَ الْأَصْلُ وَقَعَ فِي كِتَابِ الْبَيَانِ وَالتَّحْصِيلِ لِأَبِي الْوَلِيدِ بْنِ رُشْدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا ظَاهِرُهُ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُوقِفَ وَقْفًا عَلَى جِهَةٍ مِنْ الْجِهَاتِ وَوَقَعَ لِلشَّافِعِيَّةِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مِثْلُ ذَلِكَ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ أَوْقَافَ الْمُلُوكِ إذَا وَقَعَتْ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ وَالْأَوْضَاعِ الشَّرْعِيَّةِ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ كَأَنْ يَقِفُوا وَقْفًا عَلَى جِهَاتِ الْبِرِّ وَالْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ مُعْتَقِدِينَ أَنَّ الْمَالَ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْوَقْفَ لِلْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهَا تَنْفُذُ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَنَاوَلَ مِنْهَا شَيْئًا إلَّا إذَا قَامَ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُطْلِقَ ذَلِكَ الْوَقْفَ بَعْدَ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَقُمْ بِتِلْكَ الْوَظِيفَةِ وَإِذَا لَمْ تَقَعْ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ وَالْأَوْضَاعِ الشَّرْعِيَّةِ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ كَأَنْ وَقَفُوا عَلَى أَوْلَادِهِمْ أَوْ جِهَاتِ أَقَارِبِهِمْ لِهَوَاهُمْ وَحِرْصِهِمْ عَلَى حَوْزِ الدُّنْيَا لَهُمْ وَلِذَرَارِيِّهِمْ وَاتِّبَاعًا لِغَيْرِ الْأَوْضَاعِ الشَّرْعِيَّةِ أَوْ وَقَفُوا عَلَى جِهَاتِ الْبِرِّ وَالْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ مُعْتَقِدِينَ أَنَّ الْمَالَ لَهُمْ وَأَنَّ الْوَقْفَ لَهُمْ بِنَاءً عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ جَهَلَةُ الْمُلُوكِ أَنَّ الْمَالَ الَّذِي فِي بَيْتِ الْمَالِ لَهُمْ فَكَانَ مِنْ قَبِيلِ مَنْ وَقَفَ مَالَ غَيْرِهِ عَلَى أَنَّهُ لَهُ لَمْ يَنْفُذْ هَذَا الْوَقْفُ بَلْ هُوَ بَاطِلٌ يَحْرُمُ عَلَى مَنْ وُقِفَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَنَاوَلَ مِنْهُ شَيْئًا بِهَذَا الْوَقْفِ فَإِذَا تَنَاوَلَهُ كَانَ لِلْإِمَامِ أَخْذُهُ مِنْهُ وَصَرْفُهُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ عَلَى حَسَبِ مَا تَقْتَضِيه

ص: 8

يَقُولَ الْإِمَامُ تِلْكَ الْمَقَالَةَ فَإِنَّ التَّوَقُّفَ عَلَى شَرْطٍ أَبْعَدُ عَنْ التَّخْصِيصِ مِنْ الْإِخْرَاجِ بِغَيْرِ شَرْطٍ فَكَانَ تَقْلِيلُ التَّخْصِيصِ وَإِبْعَادُهُ أَوْلَى وَثَانِيهَا أَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إفْسَادِ النِّيَّاتِ وَأَنْ يُقَاتِلَ الْإِنْسَانُ مَنْ عَلَيْهِ سَلَبٌ طَمَعًا فِي سَلَبِهِ لَا نُصْرَةً لِدِينِ اللَّهِ تَعَالَى وَرُبَّمَا أَوْقَعَ ذَلِكَ خَلَلًا عَظِيمًا فِي الْجَيْشِ فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِلْهَزِيمَةِ وَاسْتِئْصَالِ الْمُسْلِمِينَ بِأَنْ يَكُونَ الشُّجْعَانُ قَلِيلِينَ فِي التَّزَيُّنِ وَاللِّبَاسِ وَالْعَجَزَةُ وَالْجُبَنَاءُ هُمْ الْمُتَحَصَّنُونَ بِأَنْوَاعِ الْأَسْلِحَةِ فَيَشْتَغِلُ النَّاسُ بِهِمْ عَنْ الشُّجْعَانِ رَغْبَةً فِي لِبَاسِهِمْ فَيَسْتَوْلِي شُجْعَانُ الْأَعْدَاءِ عَلَى أَبْطَالِ الْمُسْلِمِينَ وَجَيْشِهِمْ فَيَهْلِكُونَ ثُمَّ إنَّهُ يُؤَدِّي إلَى ضَيَاعِ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَهُوَ أَعْظَمُ الْمَفَاسِدِ بَلْ الْعِقَابُ الْأَلِيمُ بِسَبَبِ الْمَقَاصِدِ الرَّدِيَّةِ.

وَهَذَا بَعِيدٌ عَنْ قَوَاعِدِ الدِّينِ فَلَا يُسْتَكْثَرُ مِنْهُ فَإِذَا جُعِلَ ذَلِكَ مَوْقُوفًا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ انْدَفَعَتْ هَذِهِ الْمَفَاسِدُ بِسَبَبِ أَنَّهُ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ فَإِذَا كَانَ الْقَوْمُ الَّذِينَ فِي الْجَيْشِ بَعِيدِينَ عَنْ ذَلِكَ الْقَوْلِ وَإِلَّا لَمْ يَقُلْ فَتُدْفَعُ الْمَفَاسِدُ وَإِنَّمَا يَأْتِي إذَا جَعَلْنَاهُ فُتْيَا عَامَّةً فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه وَثَالِثُهَا أَنَّ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ مُتَوَاتِرٌ مَقْطُوعٌ بِهِ وَالْحَدِيثُ خَبَرٌ وَاحِدٌ وَلَيْسَ أَخَصَّ مِنْ الْآيَةِ حَتَّى يُخَصِّصَهَا لِتَنَاوُلِ لَفْظِ الْآيَةِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى مَا غَنِمْتُمْ الْغَنِيمَةَ فِي الْجِهَادِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ مُقْتَضَى اللَّفْظِ لُغَةً الْغَنِيمَةُ صَادِقَةٌ لُغَةً عَنْ الْغَارَاتِ الْمُحَرَّمَةِ وَنَحْوِهَا وَقَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» يَتَنَاوَلُ لُغَةً الْغَنِيمَةَ وَغَيْرَهَا حَتَّى لَوْ قَتَلَهُ غِيلَةً فِي بَيْتِهِ تَنَاوَلَهُ اللَّفْظُ غَيْرَ أَنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى تَخْصِيصِهِ بِالْجِهَادِ الْمَأْمُورِ بِهِ فَحِينَئِذٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَعَمُّ مِنْ الْآخَرِ وَأَخَصُّ مِنْ وَجْهٍ وَالتَّخْصِيصُ وَالْعُمُومُ إنَّمَا يَكُونُ بِحَسَبِ مَا يَقْتَضِيه اللَّفْظُ لُغَةً وَالْعَامُّ وَالْخَاصُّ مِنْ وَجْهٍ لَا يَخُصُّ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ لِحُصُولِ التَّعَارُضِ فَيُصَارُ لِلتَّرْجِيحِ وَلَفْظُ الْقُرْآنِ مُتَوَاتِرٌ فَيَكُونُ أَرْجَحَ فَيُقَدَّمُ عَلَى الْخَبَرِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَقَدْ أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ إذَا قَالَ ذَلِكَ يُسْتَحَقُّ فَيَبْقَى فِيمَا عَدَاهُ عَلَى مُقْتَضَى الْأَصْلِ وَرَابِعُهَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ وَعُمَرَ رضي الله عنهما تَرَكَا ذَلِكَ فِي خِلَافَتِهِمَا وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فُتْيَا لَمَا تَرَكَاهَا بَلْ عَلِمَا أَنَّ ذَلِكَ تَصَرُّفٌ بِطَرِيقِ الْإِمَامَةِ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ.

وَلَمْ يَرَيَا أَنَّ الْمَصْلَحَةَ حِينَئِذٍ تَقْتَضِي ذَلِكَ فَلَمْ يَقُولَا بِهِ فَهَذِهِ وُجُوهٌ ظَاهِرَةٌ فِيمَا قَالَهُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَنَّهَا مُوجِبَةٌ لَأَنْ يُخَالِفَ أَصْلَهُ لَهَا

(الْفَرْقُ السَّابِعَ عَشَرَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ أَخْذِ الْجِزْيَةِ عَلَى التَّمَادِي عَلَى الْكُفْرِ فَيَجُوزُ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ أَخْذِ الْأَعْوَاضِ عَلَى التَّمَادِي عَلَى الزِّنَا وَغَيْرِهِ مِنْ الْمَفَاسِدِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إجْمَاعًا)

وَقَدْ أَوْرَدَهُ بَعْضُ الطَّاعِنِينَ فِي الدِّينِ سُؤَالًا فِي الْجِزْيَةِ فَقَالَ شَأْنُ الشَّرَائِعِ دَفْعُ أَعْظَمِ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

مَصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ وَلِلْإِمَامِ وَقْفُ هَذِهِ الْجِهَةِ عَلَى جِهَةٍ أُخْرَى عَلَى الْأَوْضَاعِ الشَّرْعِيَّةِ.

وَأَمَّا إذَا اشْتَرَوْا بَعْضَ أَرَاضِيِ الْمُسْلِمِينَ وَقُرَاهُمْ مِنْ مَالِهِمْ الَّذِي يَكْتَسِبُونَهُ فِي زَمَنِ مَمْلَكَتِهِمْ وَوَقَفُوا ذَلِكَ عَلَى أَوْلَادِهِمْ أَوْ أَحَدٍ مِنْ أَقَارِبِهِمْ فَإِنَّهُ يَتَخَرَّجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي بُطْلَانِ تَبَرُّعَاتِ الْمَدْيُونِ الْمُتَأَخِّرَةِ عَنْ تَقَرُّرِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَمَنْ وَافَقَهُ وَعَدَمُ بُطْلَانِهَا كَمَا هُوَ مَذْهَبُ غَيْرِهِمْ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُلُوكَ بِسَبَبِ اسْتِغْرَاقِ ذِمَمِهِمْ بِالدُّيُونِ الَّتِي تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِمْ بِسَبَبِ مَا يَجْنُونَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِمْ فِي أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ بِالْهَوَى فِي أَبْنِيَةِ الدُّورِ الْعَالِيَةِ الْمُزَخْرَفَةِ وَالْمَرَاكِبِ النَّفِيسَةِ وَالْأَطْعِمَةِ الطَّيِّبَةِ وَإِعْطَاءِ الْأَصْدِقَاءِ وَالْمُزَاحِ بِالْبَاطِلِ مِنْ أَمْوَالٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا شَرْعًا فَتَكُونُ دُيُونًا عَلَيْهِمْ وَتَكْثُرُ بِتَطَاوُلِ الْأَيَّامِ يَتَعَذَّرُ فِي حَقِّهِمْ أَمْرَانِ

(أَحَدُهُمَا) الْأَوْقَافُ وَالتَّبَرُّعَاتُ وَالْبُيُوعَاتُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَنْ وَافَقَهُ فَإِنَّ تَبَرُّعَاتِ الْمَدْيُونِ الْمُتَأَخِّرَةِ عَنْ تَقَرُّرِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ بَاطِلَةٌ

(وَثَانِيهِمَا) الْإِرْثُ لِأَنَّهُ لَا مِيرَاثَ مَعَ الدَّيْنِ إجْمَاعًا فَلَا يُورَثُ عَنْهُ شَيْءٌ وَمَا تَرَكُوهُ مِنْ الْمَمَالِيكِ لَا يَنْفُذُ عِتْقُ الْوَارِثِ فِيهِمْ بَلْ هُمْ أَمْوَالُ بَيْتِ الْمَالِ مُسْتَحَقُّونَ بِسَبَبِ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ الدَّيْنِ فَلَا يَنْفُذُ فِيهِمْ إلَّا عِتْقُ مُتَوَلِّي بَيْتِ الْمَالِ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ اهـ بِتَصَرُّفٍ لِلْإِصْلَاحِ.

وَفِي حَاشِيَةِ الْعَلَّامَةِ ابْنِ عَابِدِينَ الْحَنَفِيِّ عَلَى الدُّرِّ أَنَّ أَوْقَافَ الْمُلُوكِ وَالْأُمَرَاءِ إنْ عُلِمَ مِلْكُهُمْ لَهَا بِالشِّرَاءِ صَحَّ وَقْفُهُمْ لَهَا وَرُوعِيَ فِيهِ شَرْطُ الْوَقْفِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ شِرَاؤُهُمْ لَهَا وَلَا عَدَمُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ بِصِحَّةِ وَقْفِهَا لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وَقْفِهِمْ لَهَا مِلْكُهُمْ لَهَا بَلْ يَحْكُمُ بِأَنَّ ذَلِكَ السُّلْطَانَ الَّذِي وَقَفَهَا أَخْرَجَهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَعَيَّنَهَا لِمُسْتَحِقِّيهَا مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالطَّلَبَةِ وَنَحْوِهِمْ عَوْنًا لَهُمْ عَلَى وُصُولِهِمْ إلَى بَعْضِ حَقِّهِمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَهُوَ إرْصَادٌ لَا وَقْفٌ حَقِيقَةً فَلِهَذَا أَفْتَى عَلَّامَةُ الْوُجُودِ الْمَوْلَى أَبُو السُّعُودِ مُفْتِي السَّلْطَنَةِ السُّلَيْمَانِيَّةِ بِأَنَّ أَوْقَافَ الْمُلُوكِ وَالْأُمَرَاءِ لَا يُرَاعَى شَرْطُهَا لِأَنَّهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ تَرْجِعُ إلَيْهِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ الْإِحْدَاثُ إذَا كَانَ الْمُقَرَّرُ فِي الْوَظِيفَةِ أَوْ الْمُرَتَّبِ مِنْ

ص: 9

الْمَفْسَدَتَيْنِ بِإِيقَاعِ أَدْنَاهُمَا وَتَفْوِيتُ الْمَصْلَحَةِ الدُّنْيَا بِدَفْعِ الْمَفْسَدَةِ الْعُلْيَا وَمَفْسَدَةُ الْكُفْرِ تَرْبَى عَلَى مَصْلَحَةِ الْمَأْخُوذِ مِنْ الْجِزْيَةِ مِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ بَلْ عَلَى جُمْلَةِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا فَضْلًا عَنْ هَذَا النَّزْرِ الْيَسِيرِ فَلِمَ وَرَدَتْ الشَّرِيعَةُ الْمُحَمَّدِيَّةُ بِذَلِكَ وَلِمَ لَا حَتَّمَ الْقَتْلَ دَرْءًا لِمَفْسَدَةِ الْكُفْرِ؟ وَجَوَابُ هَذَا السُّؤَالِ هُوَ سِرُّ الْفَرْقِ بَيْنَ الْقَاعِدَتَيْنِ وَذَلِكَ أَنَّ قَاعِدَةَ الْجِزْيَةِ مِنْ بَابِ الْتِزَامِ الْمَفْسَدَةِ الدُّنْيَا لِدَفْعِ الْمَفْسَدَةِ الْعُلْيَا وَتَوَقُّعِ

الْمَصْلَحَةِ

الْعُلْيَا وَذَلِكَ هُوَ شَأْنُ الْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ بَيَانُهُ أَنَّ الْكَافِرَ إذَا قُتِلَ انْسَدَّ عَلَيْهِ بَابُ الْإِيمَانِ وَبَابُ مَقَامِ سَعَادَةِ الْجِنَانِ وَتَحَتَّمَ عَلَيْهِ الْكُفْرُ وَالْخُلُودُ فِي النِّيرَانِ وَغَضَبُ الدَّيَّانِ فَشَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى الْجِزْيَةَ رَجَاءَ أَنْ يُسْلِمَ فِي مُسْتَقْبَلِ الْأَزْمَانِ لَا سِيَّمَا مَعَ اطِّلَاعِهِ عَلَى مَحَاسِنِ الْإِسْلَامِ وَالْإِلْجَاءِ إلَيْهِ بِالذُّلِّ وَالصَّغَارِ فِي أَخْذِ الْجِزْيَةِ.

فَإِذَا أَسْلَمَ لَزِمَ مِنْ إسْلَامِهِ إسْلَامُ ذُرِّيَّتِهِ فَاتَّصَلَتْ سِلْسِلَةُ الْإِسْلَامِ مِنْ قِبَلِهِ بَدَلًا عَنْ ذَلِكَ الْكُفْرِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى كُفْرِهِ وَلَمْ يُسْلِمْ فَنَحْنُ نَتَوَقَّعُ إسْلَامَ ذُرِّيَّتِهِ الْمُخَلَّفِينَ مِنْ بَعْدِهِ وَكَذَلِكَ يَحْصُلُ التَّوَقُّعُ مِنْ ذُرِّيَّةِ ذُرِّيَّتِهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَاعَةً مِنْ إيمَانٍ تَعْدِلُ دَهْرًا مِنْ كُفْرٍ وَكَذَلِكَ خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ عَلَى وَفْقِ الْحِكْمَةِ وَأَكْثَرُ ذُرِّيَّتِهِ كُفَّارٌ وَعَدَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَلْقَهُ مِنْ جُمْلَةِ الْبَرَكَاتِ الْمُوجِبَةِ لِتَعْظِيمِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ فِي تَعْظِيمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ لَمَّا سَاقَ تَعْظِيمَهُ وَالثَّنَاءَ عَلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «أَفْضَلُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فِيهِ خُلِقَ آدَم وَفِيهِ تَابَ عَلَيْهِ وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ» فَجَعَلَ خَلْقَ آدَمَ عليه السلام مِنْ جُمْلَةِ فَضَائِلِهِ لِأَنَّ خَلْقَهُ سَبَبُ وُجُودِ الْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام وَالصَّالِحِينَ وَأَهْلِ الطَّاعَةِ وَالْمُؤْمِنِينَ.

وَإِنْ كَانَ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مُسْلِمٍ الْمِئُونَ مِنْ الْكُفَّارِ فَلَا عِبْرَةَ بِهِمْ لِأَجْلِ ذَلِكَ الْمُسْلِمِ الْوَاحِدِ وَلِذَلِكَ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ لِآدَمَ عليه السلام ابْعَثْ بَعْثَ النَّارِ فَيَخْرُجُ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعُمِائَةٍ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ فَيَبْقَى مِنْ كُلِّ أَلْفٍ وَاحِدٌ وَالْبَقِيَّةُ كُفَّارٌ» فَجَازَ أَهْلُ النَّارِ وَالْمَعَاصِي وَالْفُجُورِ وَمَعَ ذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ الْوَاحِدُ تَرْبَى مَصْلَحَةُ إسْلَامِهِ عَلَى مَفْسَدَةِ أُولَئِكَ وَأَنَّهُمْ كَالْعَدَمِ الصِّرْفِ بِالنِّسْبَةِ إلَى نُورِ الْإِيمَانِ وَعِبَادَةِ الرَّحْمَنِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا إيمَانٌ يُتَوَقَّعُ مِنْ الْأَصْلِ أَوْ مِنْ آحَادِ الذَّرَارِيِّ لَا يُعَادِلُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ الْكُفْرِ الْوَاقِعِ مِنْ غَيْرِهِ فَعَقْدُ الْجِزْيَةِ مِنْ آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمِنْ الشَّرَائِعِ الْوَاقِعَةِ عَلَى وَفْقِ الْحِكْمَةِ.

وَلَمْ تُؤْخَذْ الْجِزْيَةُ مِنْ الْكُفَّارِ لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةِ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْهُ بَلْ لِتَوَقُّعِ هَذِهِ الْمَصْلَحَةِ أَوْ الْمَصَالِحِ الْعَظِيمَةِ بِالْتِزَامِ تِلْكَ الْمَفْسَدَةِ الْحَقِيرَةِ بِخِلَافِ أَخْذِ الْمَالِ عَلَى مُدَاوَمَةِ الزِّنَا أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمَفَاسِدِ فَإِنَّ ذَلِكَ تَرْجِيحٌ لِلْمَصْلَحَةِ الْحَقِيرَةِ الَّتِي هِيَ الدَّرَاهِمُ عَلَى الْمَفْسَدَةِ الْعَظِيمَةِ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

مَصَارِيفِ بَيْتِ الْمَالِ.

اهـ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَوْلَى أَبَا السُّعُودِ أَدْرَى بِحَالِ أَوْقَافِ الْمُلُوكِ وَمِثْلُهُ فِي الْمَبْسُوطِ وَلِذَا لَمَّا أَرَادَ السُّلْطَانُ نِظَامُ الْمَمْلَكَةِ بُرْقُوقٌ فِي عَامِ نَيِّفٍ وَثَمَانِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ أَنْ يَنْقُضَ هَذِهِ الْأَوْقَافَ لِكَوْنِهَا أُخِذَتْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَعَقَدَ لِذَلِكَ مَجْلِسًا حَافِلًا حَضَرَهُ الشَّيْخُ سِرَاجُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ وَالْبُرْهَانُ بْنُ جَمَاعَةَ وَشَيْخُ الْحَنَفِيَّةِ الشَّيْخُ أَكْمَلُ الدِّينِ شَارِحُ الْهِدَايَةِ فَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَا وُقِفَ عَلَى الْعُلَمَاءِ وَالطَّلَبَةِ لَا سَبِيلَ إلَى نَقْضِهِ لِأَنَّ لَهُمْ فِي الْخُمُسِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ وَمَا وُقِفَ عَلَى فَاطِمَةَ وَخَدِيجَةَ وَعَائِشَةَ يُنْقَضُ وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ الْحَاضِرُونَ كَمَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيّ فِي النَّقْلِ الْمَسْتُورِ فِي جَوَازِ قَبْضِ مَعْلُومِ الْوَظَائِفِ بِلَا حُضُورٍ وَرَأَيْت نَحْوَهُ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى فَفِي هَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ أَوْقَافَ السَّلَاطِينِ مِنْ بَيْتِ الْمَال إرْصَادَاتٌ لَا أَوْقَافٌ حَقِيقَةً وَأَنَّ مَا كَانَ مِنْهَا عَلَى مَصَارِفِ بَيْتِ الْمَالِ لَا يُنْقَضُ بِخِلَافِ مَا وَقَفَهُ السُّلْطَانُ عَلَى أَوْلَادِهِ أَوْ عُتَقَائِهِ مَثَلًا وَأَنَّهُ حَيْثُ كَانَتْ إرْصَادًا لَا يَلْزَمُ مُرَاعَاةُ شُرُوطِهَا لِعَدَمِ كَوْنِهَا وَقْفًا صَحِيحًا فَإِنَّ شَرْطَ صِحَّتِهِ مِلْكُ الْوَاقِفِ وَالسُّلْطَانُ بِدُونِ الشِّرَاءِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لَا يَمْلِكُهُ وَمَا فِي التُّحْفَةِ الْمَرْضِيَّةِ عَنْ الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ مِنْ أَنَّ وَقْفَ السُّلْطَانِ لِأَرْضِ بَيْتِ الْمَالِ صَحِيحٌ لَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ لَازِمٌ لَا يُغَيَّرُ إذَا كَانَ عَلَى مَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ كَمَا نَقَلَ الطَّرَسُوسِيُّ عَنْ قَاضِي خَانْ مِنْ أَنَّ السُّلْطَانَ لَوْ وَقَفَ أَرْضًا مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ لِلْمُسْلِمِينَ جَازَ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ لِأَنَّهُ إذَا أَبَّدَهُ عَلَى مَصْرِفِهِ الشَّرْعِيِّ فَقَدْ مَنَعَ مَنْ يَصْرِفُهُ مِنْ أُمَرَاءِ الْجَوْرِ فِي غَيْرِ مَصْرِفِهِ.

اهـ فَقَدْ أَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ هَذَا الْوَقْفِ تَأْبِيدُ صَرْفِهِ عَلَى هَذِهِ الْجِهَةِ الْمُعَيَّنَةِ الَّتِي عَيَّنَهَا السُّلْطَانُ مِمَّا هُوَ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ وَهُوَ مَعْنَى الْإِرْصَادِ السَّابِقِ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

اهـ بِتَصَرُّفٍ قُلْت وَهُوَ يُخَالِفُ مَا لِلْأَصْلِ مِنْ جِهَتَيْنِ جِهَةٌ أَنَّ كَلَامَ الْأَصْلِ يُفِيدُ أَنَّ مُقْتَضَى ظَاهِرِ مَا وَقَعَ فِي كِتَابِ ابْنِ رُشْدٍ وَمَا لِلشَّافِعِيَّةِ مِنْ جَوَازِ وَقْفٍ مِنْ الْإِمَامِ عَلَى جِهَةٍ مِنْ الْجِهَاتِ صِحَّةُ وَقْفِهِ وَمُرَاعَاةُ شَرْطِهِ وَكَلَامُ ابْنِ عَابِدِينَ يُفِيدُ أَنَّ صَرِيحَ مَا لِلشَّافِعِيَّةِ وَالْأَحْنَافِ عَدَمُ صِحَّةِ الْوَقْفِ وَأَنَّهُ لَا

ص: 10

الَّتِي هِيَ مَعْصِيَةُ اللَّهِ تَعَالَى نَعَمْ لَوْ عَجَزْنَا عَنْ إزَالَةِ مُنْكِرٍ مِنْ هَذِهِ الْمُنْكَرَاتِ إلَّا بِدَفْعِ دَرَاهِمَ دَفَعْنَاهَا لِمَنْ يَأْكُلُهَا حَرَامًا حَتَّى يَتْرُكَ ذَلِكَ الْمُنْكَرَ الْعَظِيمَ كَمَا يُدْفَعُ الْمَالُ فِي فِدَاءِ الْأُسَارَى، وَالْكُفَّارُ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ أَكْلُ ذَلِكَ الْمَالِ لِيُتَوَصَّلَ بِذَلِكَ الْمُحَرَّمِ لِتَخْلِيصِ الْأَسِيرِ مِنْ أَيْدِي الْعَدُوِّ وَلِذَلِكَ يُعْطَى الْمُحَارِبُ الْمَالَ الْيَسِيرَ كَالثَّوْبِ وَنَحْوِهِ لِيُسَلِّمَ صَاحِبَهُ مِنْ الْمُقَاتِلَةِ مَعَهُ فَيَمُوتَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا أَوْ يَكُونَ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْمَالِ عَلَى وَجْهِ التَّحْرِيمِ وَالْمَعْصِيَةِ أَكْثَرَ.

وَأَمَّا دَفْعُ الْمَالِ لِغَرَضِ الْمُدَاوَمَةِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ لَيْسَ إلَّا فَهَذَا لَمْ يَقَعْ فِي الشَّرِيعَةِ بَلْ الشَّرِيعَةُ تُحَرِّمُهُ وَلَا تُبِيحُهُ فَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَفْسَدَةٌ صِرْفَةٌ فَلَمْ تُشْرَعْ وَقَاعِدَةُ الْجِزْيَةِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْتِزَامِ الْمَفْسَدَةِ الْقَلِيلَةِ لِدَفْعِ الْمَفْسَدَةِ الْعَظِيمَةِ وَتَوَقُّعُ الْمَصْلَحَةِ الْعَظِيمَةِ فَشُرِعَتْ فَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَاعِدَتَيْنِ

(الْفَرْقُ الثَّامِنَ عَشَرَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُوجِبُ نَقْضَ الْجِزْيَةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ مَا لَا يُوجِبُ نَقْضَهَا)

اعْلَمْ أَنَّ عَقْدَ الْجِزْيَةِ مُوجِبٌ لِعِصْمَةِ الدِّمَاءِ وَصِيَانَةِ الْأَمْوَالِ وَالْأَعْرَاضِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وَحَقِيقَةُ عَقْدِ الْجِزْيَةِ هُوَ الْتِزَامُنَا لَهُمْ ذَلِكَ بِشُرُوطٍ نَشْتَرِطُهَا عَلَيْهِمْ مَضَتْ سُنَّةُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ بِهَا وَهِيَ أَيْضًا مُسْتَفَادَةٌ مِنْ قَوْله تَعَالَى {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] قَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي مَرَاتِبِ الْإِجْمَاعِ الشُّرُوطُ الْمُشْتَرَطَةُ عَلَيْهِمْ أَنْ يُعْطُوا أَرْبَعَةَ مَثَاقِيلَ ذَهَبًا فِي انْقِضَاءِ كُلِّ عَامٍ قَمَرِيٍّ صَرْفُ كُلِّ دِينَارٍ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَأَنْ لَا يُحْدِثُوا كَنِيسَةً وَلَا بِيعَةً وَلَا دِيرًا وَلَا صَوْمَعَةً وَلَا يُجَدِّدُوا مَا خَرِبَ مِنْهَا وَلَا يَمْنَعُوا الْمُسْلِمِينَ مِنْ النُّزُولِ فِي كَنَائِسِهِمْ وَبِيَعِهِمْ لَيْلًا وَنَهَارًا وَيُوَسِّعُوا أَبْوَابَهَا لِلنَّازِلِينَ وَيُضَيِّفُوا مَنْ مَرَّ بِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَةً وَأَنْ لَا يَأْوُوا جَاسُوسًا وَلَا يَكْتُمُوا غِشًّا لِلْمُسْلِمِينَ وَلَا يُعَلِّمُوا أَوْلَادَهُمْ الْقُرْآنَ وَلَا يَمْنَعُوا أَحَدًا مِنْهُمْ الدُّخُولَ فِي الْإِسْلَامِ وَيُوَقِّرُوا الْمُسْلِمِينَ وَيَقُومُوا لَهُمْ مِنْ الْمَجَالِسِ وَلَا يَتَشَبَّهُوا بِهِمْ فِي شَيْءٍ مِنْ لِبَاسِهِمْ وَلَا فَرْقِ شَعْرِهِمْ وَلَا يَتَكَلَّمُونَ بِكَلَامِهِمْ وَلَا يَتَكَنَّوْا بِكُنَاهُمْ وَلَا يَرْكَبُوا عَلَى السُّرُوجِ وَلَا يَتَقَلَّدُوا شَيْئًا مِنْ السِّلَاحِ وَلَا يَحْمِلُوهُ مَعَ أَنْفُسِهِمْ وَلَا يَتَّخِذُوهُ وَلَا يَنْقُشُوا خَوَاتِيمَهُمْ بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَا يَبِيعُوا الْخَمْرَ مِنْ مُسْلِمٍ وَيَجُزُّوا مَقَادِمَ رُءُوسِهِمْ وَيَشُدُّوا الزَّنَانِيرَ وَلَا يُظْهِرُوا الصَّلِيبَ وَلَا يُجَاوِرُوا الْمُسْلِمِينَ بِمَوْتَاهُمْ وَلَا يَطْرَحُوا فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ نَجَاسَةً وَيُخْفُوا النَّوَاقِيسَ وَأَصْوَاتَهُمْ وَلَا يُظْهِرُوا شَيْئًا مِنْ شَعَائِرِهِمْ وَلَا يَتَّخِذُوا مِنْ الرَّقِيقِ مَا جَرَتْ عَلَيْهِ سِهَامُ الْمُسْلِمِينَ وَيُرْشِدُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا يُطْلِعُوا عَلَيْهِمْ عَدُوًّا وَلَا يَضْرِبُوا

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

يُرَاعَى شَرْطُهُ وَكَلَامُ الْأَصْلِ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَذْهَبِنَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ السُّلْطَانَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا مَا وَقَفَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إلَّا أَنَّهُ وَكِيلٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ كَوَكِيلِ الْوَاقِفِ يَصِحُّ وَقْفُهُ كَمَا فِي الْبُنَانِيِّ عَلَى عبق فَلِذَا قَالَ الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْمِسْنَاوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْقَوْلِ الْكَاشِفِ وَحَاصِلُ مَا لِأَئِمَّتِنَا فِي أَوْقَافِ مُسْتَغْرِقِي الذِّمَّةِ مِنْ الْمُلُوكِ وَغَيْرِهِمْ كَالْقَرَافِيِّ فِي الْفُرُوقِ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ عَلَى بَعْضِ وُجُوهِ الْبِرِّ وَالْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ كَالْمَسَاجِدِ وَالْمَسَاكِينِ وَاعْتَقَدُوا أَنَّ الْمَالَ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْوَقْفَ لَهُمْ وَأَيْدِيهِمْ فِي ذَلِكَ أَيْدِي نِيَابَةٍ فَقَطْ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَتُعْتَبَرُ شُرُوطُهُمْ فِي ذَلِكَ إذَا كَانَتْ عَلَى وَفْقِ ضَيَاعِ الشَّرْعِيَّةِ وَتَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ أَوْقَافِ غَيْرِهِمْ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَنَاوَلَ شَيْئًا مِنْهَا إلَّا مَنْ قَامَ بِشَرْطِ الْوَقْفِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ إنْ كَانَ هُوَ الْوَاقِفُ أَنْ يُطْلِقَ ذَلِكَ الْوَقْفَ بَعْدَ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَقُمْ بِذَلِكَ الشَّرْطِ وَلَا أَنْ يُحَوِّلَهُ عَلَى تِلْكَ الْجِهَةِ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى لِلُزُومِ ذَلِكَ لَهُ وَلِغَيْرِهِ كَسَائِرِ الْأَوْقَافِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا فِي سَمَاعِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْمَذْكُورِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَسَلَّمَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ وَأَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ يَصِحُّ الْحُبْسُ مِنْ الْإِمَامِ لِسَمَاعِ ابْنِ خَالِدٍ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ صِحَّةَ تَحْبِيسِهِ الْخَيْلَ فِي الْجِهَادِ وَأَنْكَرَ بَعْضُ الْمُفْتِينَ بِبَلَدِنَا حِينَ إشْهَادِ إمَامِهَا بِتَحْبِيسِ بَعْضِ رِبَاعِهَا عَلَى بِنَاءِ سُوَرِهَا فَأَوْقَفْته عَلَى السَّمَاعِ أَيْ سَمَاعِ ابْنِ خَالِدٍ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمَذْكُورِ فَشَهِدَ فِيهِ مَعَنَا.

اهـ أَيْ فَشَهِدَ ذَلِكَ الْبَعْضُ فِي إشْهَادِ ذَلِكَ وَالْإِمَامُ بِالتَّحْبِيسِ لِلرُّبَاعِ الْمَذْكُورَةِ مَعَنَا قَالَ كنون وَانْظُرْ كِتَابَ الْحَبْسِ مِنْ تَكْمِيلِ غ وَلَا فَرْقَ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرَ أَيْ فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ أَعْنِي كَوْنَ أَوْقَافِهِمْ عَلَى مَا يَرْجِعُ إلَى مَصَالِحِهِمْ الْخَاصَّةِ أَوْ عَلَى وُجُوهِ الْبِرِّ وَالْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ مُعْتَقِدِينَ أَنَّ أَمْوَالَ بَيْتِ الْمَالِ وَمَا بِأَيْدِيهِمْ مِنْهَا لَهُمْ وَأَنَّ الْوَقْفَ لَهُمْ أَوْ عَلَى وُجُوهِ الْبِرِّ وَالْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ مُعْتَقِدِينَ أَنَّ الْمَالَ وَالْوَقْفَ لِلْمُسْلِمِينَ لَا لَهُمْ بَلْ أَيْدِيهُمْ فِي ذَلِكَ أَيْدِي نِيَابَةٍ فَقَطْ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَا وَقَفُوهُ مُشْتَرًى مِنْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مِنْ مَالِهِمْ الَّذِي اكْتَسَبُوهُ فِي زَمَنِ الْإِمَارَةِ إذْ هُوَ لِبَيْتِ الْمَالِ حُكْمًا لِعِمَارَةِ

ص: 11

مُسْلِمًا وَلَا يَسُبُّوهُ وَلَا يَسْتَخْدِمُوهُ وَلَا يُسْمِعُوا مُسْلِمًا شَيْئًا مِنْ كُفْرِهِمْ وَلَا يَسُبُّوا أَحَدًا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ وَلَا يُظْهِرُوا خَمْرًا وَلَا نِكَاحَ ذَاتِ مَحْرَمٍ وَأَنْ يُسْكِنُوا الْمُسْلِمِينَ بَيْنَهُمْ فَمَتَى أَخَلُّوا بِوَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ اُخْتُلِفَ فِي نَقْضِ عَهْدِهِمْ وَقَتْلِهِمْ وَسَبْيِهِمْ وَأَخْذِ أَمْوَالِهِمْ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْجَادَّةَ مِنْ مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ كَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَابْنِ حَنْبَلٍ رضي الله عنهم لَا يَرَوْا النَّقْضَ بِالْإِخْلَالِ بِأَحَدِ هَذِهِ الشُّرُوطِ كَيْفَ كَانَ بَلْ بَعْضُهَا يُوجِبُ النَّقْضَ وَبَعْضُهَا لَا يُوجِبُ وَقَدْ سَبَقَ إلَى خَاطِرِ الْفَقِيهِ أَنَّ الْمَشْرُوطَ شَأْنُهُ الِانْتِفَاءُ عِنْدَ انْتِفَاءِ أَحَدِ الشُّرُوطِ وَلَوْ كَانَ أَلْفَ شَرْطٍ إذَا عُدِمَ وَاحِدٌ مِنْهَا لَا يُفِيدُ حُضُورُ مَا عَدَاهُ كَمَا يَجِدُهُ فِي شَرَائِطِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَغَيْرِهِمَا إنْ عُدِمَ شَرْطٌ وَاحِدٌ عُدِمَ جَمِيعُ الشُّرُوطِ فَلِذَلِكَ يَخْطِرُ لِضَعْفِهِ الْفُقَهَاءُ أَنَّ شُرُوطَ الْجِزْيَةِ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ كَذَلِكَ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ هُوَ الصَّوَابُ وَأَنَّ قَاعِدَةَ مَا يُوجِبُ النَّقْضَ مُخَالِفَةٌ لِقَاعِدَةِ مَا لَا يُوجِبُهُ فَإِنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ عَاصِمٌ لِلدِّمَاءِ كَالْإِسْلَامِ.

وَقَدْ أَلْزَمَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُسْلِمَ جَمِيعَ التَّكَالِيفِ فِي عَقْدِ إسْلَامِهِ كَمَا أَلْزَمَ الذِّمِّيَّ جُمْلَةَ هَذِهِ الشُّرُوطِ فِي عَقْدِ أَمَانَةٍ فَكَمَا انْقَسَمَ رَفْضُ التَّكَالِيفِ فِي الْإِسْلَامِ إلَى مَا يُنَافِي الْإِسْلَامَ وَيُبِيحُ الدِّمَاءَ وَالْأَمْوَالَ كَرَمْيِ الْمُصْحَفِ فِي الْقَاذُورَاتِ وَانْتِهَاكِ حُرْمَةِ النُّبُوَّاتِ وَإِلَى مَا لَيْسَ مُنَافِيًا لِلْإِسْلَامِ وَهُوَ ضَرْبَانِ كَبَائِرُ تُوجِبُ التَّغْلِيظَ بِالْعُقُوبَةِ وَرَدِّ الشَّهَادَاتِ وَسَلْبِ أَهْلِيَّةِ الْوِلَايَةِ وَصَغَائِرُ تُوجِبُ التَّأْدِيبَ دُونَ التَّغْلِيظِ.

فَكَذَلِكَ عَقْدُ الْجِزْيَةِ تَنْقَسِمُ شُرُوطُهُ إلَى مَا يُنَافِيه كَالْقَتْلِ وَالْخُرُوجِ عَنْ أَحْكَامِ السُّلْطَانِ فَإِنَّ ذَلِكَ مُنَافٍ لِلْأَمَانِ وَالتَّأْمِينِ وَهُمَا مَقْصُودُ الْعَقْدِ وَإِلَى مَا لَيْسَ بِمُنَافٍ لِلْأَمَانِ وَالتَّأْمِينِ وَهُوَ عَظِيمُ الْمَفْسَدَةِ فَهُوَ كَالْكَبِيرَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْإِسْلَامِ كَالْحِرَابَةِ وَالسَّرِقَةِ وَإِلَى مَا هُوَ كَالصَّغِيرَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْإِسْلَامِ كَسَبِّ الْمُسْلِمِ وَإِظْهَارِ التَّرَفُّعِ عَلَيْهِ فَكَمَا أَنَّ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ لَا يُنَافِيَانِ الْإِسْلَامَ وَلَا يُبْطِلَانِ عِصْمَةَ الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ فَكَذَلِكَ لَا يُبْطِلَانِ عَقْدَ الْجِزْيَةِ لِعَدَمِ مُنَافَاتِهِمَا لَهُ مِنْ جِهَةِ الْأَمْنِ وَالْأَمَانِ الْمَقْصُودَيْنِ مِنْ عَقْدِ الْجِزْيَةِ وَالْقَاعِدَةُ الشَّرْعِيَّةُ الْمَشْهُورَةُ فِي أَبْوَابِ الْعُقُودِ الشَّرْعِيَّةِ أَنَّهَا لَا تُبْطِلُ عَقْدًا مِنْ الْعُقُودِ إلَّا بِمَا يُنَافِي مَقْصُودَ ذَلِكَ الْعَقْدِ دُونَ مَا لَا يُنَافِي مَقْصُودَهُ وَإِنْ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْ مُقَارَنَتِهِ مَعَهُ فَكَذَلِكَ هُنَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَبْطُلَ عَقْدُ الْجِزْيَةِ إلَّا بِمَا تَقَدَّمَ وَنَحْوِهِ وَانْقَسَمَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ الَّتِي هِيَ طَرِيقَةُ الْجُمْهُورِ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ مِنْهَا مَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ مُوجِبٌ لِمُنَافَاةِ عَقْدِ الذِّمَّةِ كَالْخُرُوجِ عَلَى السُّلْطَانِ وَنَبْذِ الْعَهْدِ وَالْقَتْلِ وَالْقِتَالِ بِمُفْرَدِهِمْ أَوْ مَعَ الْأَعْدَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَمِنْهَا مَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُنَافِيه كَتَرْكِ الزِّنَادِ وَرُكُوبِ الْخَيْلِ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

ذِمَّتِهِمْ بِمَا جَنَوْهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ تَصَرُّفِهِمْ فِي أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَيَسْتَغْرِقُ مَا بِأَيْدِهِمْ مِمَّا اكْتَسَبُوهُ بَعْدَ الْوِلَايَةِ بَلْ وَقَبْلَهَا فَيَبْطُلُ وَقْفُ الْمُشْتَرِي بِالْقِبْلِيِّ أَيْضًا فِي الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ إذَا تَأَخَّرَ إلَى اسْتِغْرَاقِ الذِّمَّةِ وَمِمَّا تُفَارِقُ بِهِ أَيْضًا أَوْقَافُ الْمُلُوكِ وَنَحْوِهِمْ غَيْرَهَا مِنْ الْأَوْقَافِ إنْ وَفَّرَهَا أَيْ مَا فَضَلَ مِنْهَا عَمَّا سَمَّوْهُ مِنْ الْمَصْرِفِ فَضْلًا بَيِّنًا لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ صَرْفِهِ فِي مَصْلَحَةِ غَيْرِ مَا عَيَّنُوهُ وَلَا يَدْخُلُهُ الْخِلَافُ الْمَعْرُوفُ فِي أَوْقَافِ الْأَحْبَاسِ كَمَا فِي جَوَابَيْ الْعَلَّامَةِ أَبِي عُثْمَانَ الْعُقْبَانِيِّ وَالْمُحَصِّلِ الْمُفْتِي أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْقُورِيِّ الْمَذْكُورَيْنِ فِي الْمِعْيَارِ.

اهـ وَقَالَ عبق وَفِي تت عِنْدَ قَوْلِهِ إنْ كَانَ عَلَى مَحْجُورِهِ عِنْدَ الذَّخِيرَةِ إنْ وَقَفُوا عَلَى مَدْرَسَةٍ أَكْثَرَ مِمَّا تَحْتَاجُ إلَيْهِ بَطَلَ فِيمَا زَادَ فَقَطْ لِأَنَّهُمْ مَعْزُولُونَ عَنْ التَّصَرُّفِ إلَّا عَلَى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ وَالزَّائِدُ لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ فَهُوَ مِنْ غَيْرِ مُتَوَلٍّ وَلَا يَنْفُذُ.

اهـ وَلِابْنِ وَهْبَانَ فِي مَنْظُومَتِهِ وَلَوْ وَقَفَ السُّلْطَانُ مِنْ بَيْتِ مَالِنَا بِالْمَصْلَحَةِ عَمَّتْ يَجُوزُ وَيُؤْجَرُ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ عبق عَلَى مُخْتَصَرِ خَلِيلٍ مَعَ الْبُنَانِيِّ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ صَحَّ وَقْفُ مَمْلُوكٍ وَإِنْ بِأُجْرَةٍ. الْفَرْقُ بَيْنَ أَرْصَادِ الْإِمَامِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ فِي كُتُبِنَا بِالْخُلُوِّ وَبَيْنَ وَقْفِهِ نِيَابَةً عَنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى جِهَةٍ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْفَعَةَ الْخُلُوِّ مَمْلُوكَةٌ لَمْ يَتَعَلَّقْ الْحُبْسُ بِهَا وَإِنَّمَا تَعَلَّقَ الْحُبْسُ بِأَصْلِهَا فَمَالِكُهَا كَمَالِكِ الْمَنْفَعَةِ لِمُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ بِأُجْرَةٍ فَكَمَا يَجُوزُ تَحْبِيسُ مَالِك الْمَنْفَعَةِ بِأُجْرَةٍ لِلْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ فِي الْإِجَارَاتِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُكْرِيَ أَرْضَهُ عَلَى أَنْ تُتَّخَذَ مَسْجِدًا عَشْرَ سِنِينَ فَإِذَا انْقَضَتْ كَانَ النَّقْضُ لِلَّذِي بَنَاهُ.

اهـ لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّأْبِيدُ عِنْدَنَا كَذَلِكَ يَجُوزُ بِالْأَحْرَى لِمَالِكِ مَنْفَعَةِ الْخُلُوِّ تَحْبِيسُهَا لِكَوْنِهِ يَمْلِكُهَا عَلَى التَّأْبِيدِ عَلَى مَا جَرَى بِهِ الْعَمَلُ بِمِصْرَ فَلِذَا أَفْتَى بِصِحَّتِهِ جَمْعٌ مِنْهُمْ شَيْخُ عج وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ السَّنْهُورِيُّ وَأَفْتَى النَّاصِرُ بِجَوَازِ بَيْعِ الْخُلُوِّ فِي الدَّيْنِ وَارِثُهُ وَرُجُوعُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ حَيْثُ لَا وَارِثَ وَمَا أَبْدَاهُ عج مِنْ الْفُرُوقِ بَيْنَ مَنْفَعَةِ الْخُلُوِّ وَمَنْفَعَةِ الْإِجَارَةِ بِمَسَائِلَ فَجَمِيعُهَا لَا يَصِحُّ

ص: 12

وَتَرْكِ ضِيَافَةِ الْمُسْلِمِينَ وَنَقْشِ خَوَاتِمِهِمْ بِالْعَرَبِيَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا تَخِفُّ مَفْسَدَتُهُ وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ اُخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ يُلْحَقُ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ فَيُنْتَقَضُ عَقْدُ الْجِزْيَةِ أَوْ بِالْقِسْمِ الثَّانِي فَلَا يُنْتَقَضُ وَهَا أَنَا أَسْرُدُ لَك مَسَائِلَ تُوَضِّحُ لَك هَذِهِ الْأَقْسَامَ قَالَ الْأَصْحَابُ إذَا أَظْهَرُوا مُعْتَقَدَهُمْ فِي الْمَسِيحِ عليه السلام أَوْ غَيْرِهِ أَدَّبْنَاهُمْ وَلَا يُنْقَضُ بِهِ الْعَهْدُ وَإِنَّمَا يُنْقَضُ بِالْقِتَالِ وَمَنْعِ الْجِزْيَةِ وَالتَّمَرُّدِ عَلَى الْأَحْكَامِ وَإِكْرَاهِ الْمُسْلِمَةِ عَلَى الزِّنَا فَإِنْ أَسْلَمَ لَمْ يُقْتَلْ لِأَنَّ قَتْلَهُ لِنَقْضِ الْعَهْدِ وَكَذَلِكَ التَّطَلُّعُ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَّا قَطْعُ الطَّرِيقِ وَالْقَتْلُ الْمُوجِبُ لِلْقِصَاصِ فَحُكْمُهُمْ فِيهِ حُكْمُ الْمُسْلِمِينَ وَتَعَرُّضُهُمْ لَهُ صلى الله عليه وسلم وَلِغَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - مُوجِبٌ لِلْقَتْلِ إلَّا أَنْ يُسْلِمُوا وَرُوِيَ يَوْجَعُ أَدَبًا وَيُشَدَّدُ بِهِ.

فَإِنْ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ قُبِلَ مِنْهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ زَنَى بِالْمُسْلِمَةِ طَوْعًا لَمْ يُنْتَقَضْ عَهْدُهُ عِنْدَ مَالِكٍ رضي الله عنه وَانْتُقِضَ عِنْدَ رَبِيعَةَ وَابْنِ وَهْبٍ.

وَإِنْ غَرَّهَا بِأَنَّهُ مُسْلِمٌ فَتَزَوَّجَهَا فَهُوَ نَقْضٌ عِنْدَ ابْنِ نَافِعٍ وَإِنْ عَلِمَتْ بِهِ لَمْ يَكُنْ نَقْضًا وَإِنْ طَاوَعَتْهُ الْأَمَةُ لَمْ يَكُنْ نَقْضًا وَإِنْ اغْتَصَبَهَا قَالَ مُحَمَّدٌ لَيْسَ بِنَقْضٍ وَقِيلَ نَقْضٌ.

قَالَ فَإِنْ عُوهِدَ عَلَى أَنَّهُ مَتَى أَتَى بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ نَقْضٌ انْتَقَضَ عَهْدُهُ بِذَلِكَ قُلْت وَهَذِهِ الْفُرُوعُ بَعْضُهَا أَقْرَبُ مِنْ بَعْضٍ لِلْقَاعِدَةِ فِي النَّقْضِ فَإِكْرَاهُ الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ عَلَى الزِّنَا وَجَعْلُهُ نَاقِضًا دُونَ الْحِرَابَةِ مُشْكِلٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِالْحِرَابَةِ فَلَا يُنْتَقَضُ أَوْ تُلْحَقُ الْحِرَابَةُ بِهِ فَيُنْتَقَضُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِعُمُومِ مَفْسَدَةِ الْحِرَابَةِ فِي النُّفُوسِ وَالْأَبْضَاعِ وَالْأَمْوَالِ وَعَدَمِ اخْتِصَاصِ ذَلِكَ بِوَاحِدٍ مِنْ النَّاسِ قَالَ فِي الْكِتَابِ فَإِنْ خَرَجُوا نَقْضًا لِلْعَهْدِ وَالْإِمَامُ عَادِلٌ فَهُمْ فَيْءٌ كَمَا فَعَلَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ لَمَّا عَصَتْ عَلَيْهِ بَعْدَ الْفَتْحِ قَالَ التُّونُسِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا لَمْ يَجْعَلْ مَالِكٌ رحمه الله الْقَتْلَ فِي الْحِرَابَةِ نَقْضًا وَهُوَ يَقُولُ غَصْبُ الْمُسْلِمَةِ عَلَى الْوَطْءِ نَقْضٌ قَالَ وَهُوَ مُشْكِلٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَهْدُ اقْتَضَاهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ خُرُوجُهُمْ وَامْتِنَاعُهُمْ مِنْ الْجِزْيَةِ لِظُلْمٍ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ غَيْرِهِ رُدُّوا إلَى ذِمَّتِهِمْ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ حِرَابَةُ الذِّمِّيِّ نَقْضٌ لِلْعَهْدِ وَلَا يُؤْخَذُ وَلَدُهُ لِبَقَاءِ الْعَهْدِ فِي حَقِّهِ بِخِلَافِ مَالِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ الْحِرَابَةِ وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ إنْ كَانَ خُرُوجُهُمْ مِنْ ظُلْمٍ فَهُوَ نَقْضٌ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُعَاهَدُوا عَلَى أَنْ يَظْلِمُوا مَنْ ظَلَمَهُمْ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ أُخْبِرَ أَنَّ ذِمِّيًّا نَخَسَ بَغْلًا عَلَيْهِ مُسْلِمَةٌ فَوَقَعَتْ فَانْكَشَفَتْ عَوْرَتُهَا فَأَمَرَ بِصَلْبِهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَقَالَ إنَّمَا عَاهَدْنَاهُمْ عَلَى إعْطَاءِ الْجِزْيَةِ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه نَقْضُ الْعَهْدِ بِغَصْبِ الْمُسْلِمَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا حَارَبَ أَهْلُ الذِّمَّةِ وَظُفِرَ بِهِمْ وَالْإِمَامُ عَدْلٌ قُتِلُوا وَتُسْبَى نِسَاؤُهُمْ وَلَا تَعَرُّضَ لِمَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ مَغْلُوبٌ مَعَهُمْ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

وَمَا وَقَفَهُ الْإِمَامُ عَلَى جِهَةٍ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ لَيْسَتْ مَمْلُوكَةً لِتِلْكَ الْجِهَةِ بَلْ تَعَلَّقَ الْحُبْسُ بِهَا كَأَصْلِهَا فَتُجْرَى عَلَيْهِ أَحْكَامُ أَوْقَافِ غَيْرِ الْإِمَامِ لَا تُرَاعَى شُرُوطُهُ الَّتِي عَلَى وَفْقِ الْأَوْضَاعِ الشَّرْعِيَّةِ كَمَا عَلِمْت وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ فَلَيْسَ بِظَاهِرٍ لِأَنَّ مَا وَقَعَ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ أَنْ يُوقِفَ وَقْفًا عَلَى جِهَةٍ مِنْ الْجِهَاتِ لَا يَقْتَضِي صِحَّتَهُ فَقَطْ بَلْ كَمَا يَحْتَمِلُهَا كَذَلِكَ يَحْتَمِلُ عَدَمَهَا وَقَدْ نَقَلَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ الزُّرْعَةُ الْمَكِّيُّ فِي رِسَالَتِهِ بِسَاطِ الْكَرْمِ فِي الْقَوْلِ عَلَى أَوْقَافِ الْحَرَمِ عَنْ الْعَلَّامَةِ السُّيُوطِيّ أَنَّهُ قَالَ فِي الْيَنْبُوعِ ذَكَرَ أَصْحَابُنَا الْفُقَهَاءُ يَعْنِي الشَّافِعِيَّةَ أَنَّ الْوَظَائِفَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْأَوْقَافِ أَوْقَافِ الْأُمَرَاءِ وَالسَّلَاطِينِ كُلِّهَا إنْ كَانَ لَهَا أَصْلٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ تَرْجِعُ إلَيْهِ فَيَجُوزُ لِمَنْ كَانَ بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ عَالِمٍ بِالْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ وَطَالِبِ عِلْمٍ كَذَلِكَ وَصُوفِيٍّ عَلَى طَرِيقَةِ الصُّوفِيَّةِ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنْ يَأْكُلَ مِمَّا وَقَفُوهُ غَيْرَ مُتَقَيِّدٍ بِمَا شَرَطُوهُ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ ثُمَّ قَالَ بَعْدُ وَإِذَا وَقَفَ السُّلْطَانُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَرْضًا لِمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ فَذَكَرَ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ جَوَازَهُ وَلَا يُرَاعِي مَا شَرَطَهُ دَائِمًا اهـ أَيْ بَلْ يُرَاعِي فِي الْجُمْلَةِ وَذَكَرَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ أَنَّ شُرُوطَ السَّلَاطِينِ فِي أَوْقَافِهِمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لَا يُعْمَلُ بِشَيْءٍ مِنْهَا كَمَا قَالَهُ أَجِلَّاءُ الْمُتَأَخِّرِينَ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ مُرَاعَاةُ شُرُوطِهِمْ فِيهَا لِبَقَائِهَا عَلَى مِلْكِ بَيْتِ الْمَالِ.

اهـ فَأَنْتَ تَرَى أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ مَعَ قَوْلِهِمْ بِجَوَازِ أَوْقَافِهِمْ الْجَارِيَةِ عَلَى الْأَوْضَاعِ الشَّرْعِيَّةِ قَالُوا بِعَدَمِ صِحَّتِهَا وَعَدَمِ مُرَاعَاةِ شُرُوطِهَا فَمَذْهَبُهُمْ كَمَذْهَبِ الْأَحْنَافِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْأَئِمَّةَ لَا يَمْلِكُونَ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْئًا وَشَرْطُ صِحَّةِ الْوَقْفِ مِلْكُ الْوَاقِفِ فَمَا وَقَفُوهُ لَيْسَ بِوَقْفٍ حَقِيقَةً بَلْ صُورَةً مِنْ قَبِيلِ الْأَرْصَادِ عَيَّنَهُ وَاقِفُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَالْأُمَرَاءِ وَأَبَّدَهُ عَلَى مَصْرِفِهِ وَمُسْتَحِقِّهِ الشَّرْعِيِّ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالطَّلَبَةِ وَنَحْوِهِمْ عَوْنًا عَلَى وُصُولِهِمْ إلَى بَعْضِ حَقِّهِمْ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَمَنْعًا لِمَنْ يَصْرِفُهُ مِنْ أُمَرَاءِ الْجَوْرِ فِي غَيْرِ مَصْرِفِهِ قَالَ فِي بِسَاطِ الْكَرْمِ جَوَّزَ الْعُلَمَاءُ وَالْحُكَّامُ لِضَرُورَاتِ النَّاسِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْمُسْتَمِرَّةُ فِي الْأَوْقَافِ السُّلْطَانِيَّةِ مِنْ الْفَرَاغِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ

ص: 13

كَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالضَّعِيفِ وَلَوْ ذَهَبُوا لِبَلَدِ الْحَرْبِ وَتَرَكُوا أَوْلَادَهُمْ نَقْضًا لِلْعَهْدِ لَمْ يُسْبَوْا بِخِلَافِ إذَا ذَهَبُوا بِهِمْ وَإِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِظُلْمٍ أَصَابَهُمْ إلَّا أَنْ يُعِينُوا عَلَيْنَا الْمُشْرِكِينَ فَهُمْ كَالْمُحَارِبِينَ وَقَالَ أَيْضًا إذَا حَارَبُوا وَالْإِمَامُ عَدْلٌ اسْتَحَلَّ سَبْيَهُمْ وَذَرَارِيَّهُمْ إلَّا مَنْ يَظُنُّ بِهِ أَنَّهُ مَغْلُوبٌ كَالضُّعَفَاءِ.

وَلَمْ يَسْتَثْنِ أَصْبَغُ رحمه الله أَحَدًا وَأَلْحَقَ الضُّعَفَاءَ بِالْأَقْوِيَاءِ فِي النَّقْضِ كَمَا أَنْدَرَجُوا مَعَهُمْ فِي الْعَقْدِ وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «سَبَى ذَرَارِيَّ قُرَيْظَةَ وَنِسَاءَهُمْ بَعْدَ نَقْضِ الْعَهْدِ» قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا اسْتَوْلَى الْعَدُوُّ عَلَى مَدِينَةِ الْمُسْلِمِينَ فِيهَا ذِمَّةٌ فَغَزَوْا مَعَهُمْ ثُمَّ اعْتَذَرُوا لَنَا بِالْقَهْرِ الَّذِي لَا يُعْلَمُ إلَّا بِقَوْلِهِمْ فَمَنْ قَتَلَ مِنْهُمْ مُسْلِمًا قُتِلَ وَإِلَّا أُطِيلَ سَجْنُهُ قَالَ الْمَازِرِيُّ رحمه الله وَيُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ إذَا صَارُوا عَيْنًا لِلْحَرْبِيِّينَ عَلَيْنَا فَهَذِهِ الْمَسَائِلُ تُوَضِّحُ لَك الْأَقْسَامَ الثَّلَاثَةَ فِي نَقْضِ الْعَهْدِ وَمَا اُخْتُلِفَ فِي كَوْنِهِ نَاقِضًا وَمَا لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ وَمَا هُوَ قَرِيبٌ مِنْ النَّقْضِ وَمَا هُوَ بَعِيدٌ وَتَحَرَّرَ لَك بِذَلِكَ الْفَرْقُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يُوجِبُ النَّقْضَ وَقَاعِدَةِ مَا لَا يُوجِبُ النَّقْضَ فَتَعْتَبِرُ مَا يَقَعُ لَك مِنْ غَيْرِ الْمَنْصُوصِ بِالْمَنْصُوصِ

. (الْفَرْقُ التَّاسِعَ عَشَرَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ بِرِّ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَبَيْنَ قَاعِدَةِ التَّوَدُّدِ لَهُمْ)

اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَنَعَ مِنْ التَّوَدُّدِ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ} [الممتحنة: 1] الْآيَةَ فَمَنَعَ الْمُوَالَاةَ وَالتَّوَدُّدَ وَقَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ} [الممتحنة: 8] الْآيَةَ وَقَالَ فِي حَقِّ الْفَرِيقِ الْآخَرِ {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ} [الممتحنة: 9] الْآيَةَ.

وَقَالَ صلى الله عليه وسلم «اسْتَوْصُوا بِأَهْلِ الذِّمَّةِ خَيْرًا» وَقَالَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ «اسْتَوْصُوا بِالْقِبْطِ خَيْرًا» فَلَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ النُّصُوصِ وَإِنَّ الْإِحْسَانَ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ مَطْلُوبٌ وَأَنَّ التَّوَدُّدَ وَالْمُوَالَاةَ مَنْهِيٌّ عَنْهُمَا وَالْبَابَانِ مُلْتَبِسَانِ فَيَحْتَاجَانِ إلَى الْفَرْقِ وَسِرُّ الْفَرْقِ أَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ يُوجِبُ حُقُوقًا عَلَيْنَا لَهُمْ لِأَنَّهُمْ فِي جِوَارِنَا وَفِي خَفَارَتِنَا وَذِمَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَذِمَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَدِينِ الْإِسْلَامِ فَمِنْ اعْتَدَى عَلَيْهِمْ وَلَوْ بِكَلِمَةِ سُوءٍ أَوْ غِيبَةٍ فِي عِرْضِ أَحَدِهِمْ أَوْ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَذِيَّةِ أَوْ أَعَانَ عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ ضَيَّعَ ذِمَّةَ اللَّهِ تَعَالَى وَذِمَّةَ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَذِمَّةَ دِينِ الْإِسْلَامِ.

وَكَذَلِكَ حَكَى ابْنُ حَزْمٍ فِي مَرَاتِبِ الْإِجْمَاعِ لَهُ أَنَّ مَنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ وَجَاءَ أَهْلُ الْحَرْبِ إلَى بِلَادِنَا يَقْصِدُونَهُ وَجَبَ عَلَيْنَا أَنْ نَخْرُجَ لِقِتَالِهِمْ بِالْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ وَنَمُوتَ دُونَ ذَلِكَ صَوْنًا لِمَنْ هُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَذِمَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ تَسْلِيمَهُ دُونَ ذَلِكَ إهْمَالٌ لِعَقْدِ الذِّمَّةِ وَحَكَى فِي ذَلِكَ إجْمَاعَ الْأَمَةِ فَقَدْ يُؤَدِّي إلَى إتْلَافِ النُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ

ــ

[حاشية ابن الشاط = إدْرَار الشُّرُوقِ عَلَى أَنْوَاءِ الْفُرُوقِ]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تَهْذِيب الْفُرُوقِ وَالْقَوَاعِدِ السنية فِي الْأَسْرَارِ الْفِقْهِيَّةِ]

الْعَيْنِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَيْفَ وَلَهُ أَصْلٌ فِي الْجُمْلَةِ عَنْ عُلَمَائِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَالْعَادَةُ مُحْكَمَةٌ أَيْ هِيَ الْمُرَجِّعُ عِنْدَ النِّزَاعِ لِأَنَّهُ دَلِيلٌ يُبْتَنَى عَلَيْهِ الْحُكْمُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ وَأَصْلُهَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «مَا رَآهُ الْمُؤْمِنُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ وَمَا رَآهُ الْمُؤْمِنُونَ قَبِيحًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ قَبِيحٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ وَهُوَ مَوْقُوفٌ حَسَنٌ أَفَادَهُ الْعَلَّامَةُ السَّيِّدُ الْحَمَوِيُّ وَقَدْ أَجَابَ مُفْتِي مَكَّةَ الْعَلَّامَةُ السَّيِّدُ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ الْمَرْحُومِ السَّيِّدِ مُحَمَّدٍ مِيرْغَنِيّ لَمَّا سَأَلَهُ قَاضِيهَا يَوْمئِذٍ بِمَا صُورَتُهُ مَا قَوْلُكُمْ فِي خَلَوَاتِ الْمَدَارِسِ الَّتِي بَنَاهَا وَاقِفُهَا لِطَلَبَةِ الْعِلْمِ ثُمَّ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا وَسَكَنَهَا غَيْرُ الْمَشْرُوطَةِ لَهُمْ وَيُفَرِّغُونَ سُكْنَاهَا بِعِوَضٍ دَرَاهِمَ بَيْنَهُمْ فَهَلْ هَذَا الْفَرَاغُ صَحِيحٌ وَيَسْتَحِقُّ سُكْنَاهَا غَيْرُ طَلَبَةِ الْعِلْمِ أَمْ تُنْزَعُ مِنْ أَيْدِيهِمْ وَتُعْطَى لِمَنْ شَرَطَ لَهُمْ أَمْ كَيْفَ الْحُكْمُ بِمَا نَصُّهُ نَعَمْ هُوَ صَحِيحٌ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ مِنْ جَوَازِ فَرَاغِ مَا ذُكِرَ مِمَّا الْفَرَاغُ جَازَ فِيهِ وَقَدْ جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْمُسْتَمِرَّةُ حَيْثُ كَانَ الِاسْتِيلَاءُ بِالطَّرِيقِ الْمُعْتَبَرِ مِمَّنْ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فَلَا يُنْزَعُ مِنْ يَدِ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ بَلْ وَلَا يَتَكَلَّفُ بِإِثْبَاتِ مَا بِيَدِهِ كَمَا نَصُّوا عَلَيْهِ فَلْيُرَاجَعْ مَظَانُّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

فَقَدْ أَفَادَ سَلَّمَهُ اللَّهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهِ الْعُرْفُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ وَأَخَذَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ يَسُوقُ فِي رِسَالَتِهِ بِسَاطِ الْكَرْمِ نُصُوصَ عُلَمَاءِ مَذْهَبِهِ وَمَذْهَبَ الشَّافِعِيَّةِ فِي ذَلِكَ فَانْظُرْهَا إنْ شِئْت وَفِي شَرْحِ الْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ مَنْصُورِ بْنِ إدْرِيسَ الْحَنْبَلِيِّ كَشَّافِ الْقِنَاعِ عَلَى مَتْنِ الْإِقَنَاعِ فِي مَذْهَبِ ابْنِ حَنْبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَا نَصُّهُ فَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَأَوْقَافِ السَّلَاطِينِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَلَيْسَ بِوَقْفٍ حَقِيقِيٍّ بَلْ كُلُّ مَنْ جَازَ لَهُ الْأَكْلُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ جَازَ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ صَاحِبُ الْمُنْتَهَى مُوَافَقَةً لِلشَّيْخِ الرَّمْلِيِّ وَغَيْرِهِ فِي وَقْفِ جَامِعِ طُولُونَ وَنَحْوِهِ.

اهـ فَتَحَصَّلَ أَنَّ أَوْقَافَ السَّلَاطِينِ عِنْدَنَا أَوْقَافٌ حَقِيقَةً لَا أَرْصَادٌ فَمَنْفَعَتُهَا لَيْسَتْ مَمْلُوكَةً لِمَنْ وُقِفَتْ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهَا وَيُرَاعَى فِيهَا شَرْطُ الْوَاقِفِ بِخِلَافِ الْأَرْصَادِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِالْخُلُوِّ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ أَرْصَادٌ لَا أَوْقَافٌ حَقِيقَةً فَمَنْفَعَتُهَا مَمْلُوكَةٌ لِمَنْ وُقِفَتْ عَلَيْهِ يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهَا وَلَا يُرَاعَى فِيهَا شَرْطُ

ص: 14