الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والثاني ـ إنه هو المحتاج. والمعسر في عبارة غير الحنفية: هو الفقير الذي لا مال له، والرأيان متقاربان.
واختلف الحنفية (1) فيمن يملك منزلاً أو له خادم، هل يستحق النفقة على قريبه الموسر على روايتين:
الأولى ـ إنه لا يستحق النفقة على قريبه الموسر؛ لأن النفقة لا تجب لغير المحتاج، ومثل هؤلاء غير محتاجين؛ لأنه يمكنه بيع بعض المنزل أو كله، ويكتري منزلاً، فيسكن بالكراء، أو يبيع الخادم إذا كان رقيقاً كما كان في الماضي.
والثانية ـ إنه يستحق؛ لأن بيع المنزل لا يقع إلا نادراً، ولا يمكن لكل أحد السكنى بالكراء أو بالمنزل المشترك. قال الكاساني: وهذا هو الصواب.
العجز عن الكسب والقدرة عليه:
اتفق الفقهاء (2) على وجوب النفقة لقريب فقير عاجز عن الكسب، والعجز عن الكسب: ألا يستطيع الإنسان اكتساب معيشته بالوسائل المشروعة المعتادة اللائقة به، وله صفات هي:
أن يكون أنثى مطلقاً أو مريضاً زَمِناً (3)، أو صغيراً، أو مجنوناً أو معتوهاً، أو مصاباً بآفة تحول دون العمل كالعمى والشلل، أو عاطلاً عن العمل فلا يجد عملاً بسب انتشار البطالة.
(1) البدائع: 34/ 4.
(2)
الدر المختار: 923/ 2 - 925، 938 وما بعدها، فتح القدير: 347/ 3 ومابعدها، اللباب: 104/ 3، الشرح الصغير: 751/ 2، القوانين الفقهية: ص 222 وما بعدها، مغني المحتاج: 443/ 3، 448، المغني: 584/ 7، 586، كشا ف القناع: 559/ 5، بجيرمي الخطيب: 67/ 4.
(3)
الزمن: هو المريض بمرض يدوم زماناً طويلاً.
فإن كان قادراً على الكسب، فلا نفقة له بالاتفاق؛ لأن القدرة على الكسب غنى، لكن باستثناء الأبوين، فتجب لهما النفقة في رأي الحنفية والشافعية مع القدرة على الكسب؛ لأن الفرع مأمور بمعاشرة أصله بالمعروف، وليس منها تكليفه الكسب مع كبر السن، كما يجب له الإعفاف (تزويج الأب) ويمتنع القصاص منه. والراجح لدى المالكية والحنابلة أن النفقة لا تجب على الولد لوالديه إذا قدرا على الكسب وتركاه.
ويجب في رأي الجمهور على الزوج لزوجته، وعلى الإنسان لقريبه التكسب ليؤدي النفقة الواجبة عليه؛ لأن القدرة على الكسب كالقدرة على المال، إذا وجد عملاً مباحاً يليق به، ولخبر:«كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت» (1)، وينبني عليه أنه يحرم عليه الزكاة إذا كان قادراً على الكسب، ولأنه يلزمه إحياء نفسه بالكسب، فكذا يلزمه إحياء بعضه وهو القريب.
وقال المالكية: لا يجب على الولد المعسر تكسب لينفق على والديه، ولو قدر على التكسب. ويجبر الوالدان على الكسب إذا قدرا عليه، على الأرجح.
واستثنى الحنفية والشافعية أيضاً: طلبة العلم الذين لايتفرغون للكسب، فتجب نفقتهم ولو مع القدرة على الكسب؛ لأن طلب العلم فريضة كفائية، والتفرغ له شرط، فلو ألزم طلبة العلم بالاكتساب لتعطلت مصالح الأمة. واستثنى الحنفية الأخرق: وهو الذي لا يحسن الكسب، وهو في الحقيقة ملحق بالعاجز عن العمل.
واستثنى الحنفية كذلك أبناء الكرام الذين يلحقهم العار بالتكسب، أو لا
(1) رواه أحمد وأبو داود والحاكم والبيهقي عن عبد الله بن عمرو، وهو صحيح.