الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرق بين الإقرار بالنسب وبين التبني:
ليس الإقرار بالنسب هو التبني المعروف؛ لأن الإقرار لا ينشئ النسب وإنما هو طريق لإثباته وظهوره. أما التبني فهو تصرف منشئ لنسب. ولأن البنوة التي تثبت بالتبني تتحقق ولو كان للمتبنى أب معروف، أما البنوة التي تثبت بالإقرار فلا تتحقق إلا إذا لم يكن للولد أب معروف.
الطريق الثالث ـ البينة:
البينة حجة متعدية لا يقتصر أثرها على المدعى عليه، بل يثبت في حقه وحق غيره، أما الإقرار فهو كما عرفنا حجة قاصرة على المقر لاتتعداه إلى غيره. وثبوت النسب بالبينة أقوى من الإقرار؛ لأن البينة أقوى الأدلة اليوم؛ لأن النسب وإن ظهر بالإقرار لكنه غير مؤكد، فاحتمل البطلان بالبينة.
و
نوع البينة التي يثبت بها النسب
كما سبق: هي شهادة رجلين أو رجل وامرأتين عند أبي حنيفة ومحمد. وشهادة رجلين فقط عند المالكية، وجميع الورثة عند الشافعية والحنابلة وأبي يوسف.
والشهادة تكون بمعاينة المشهود به أو سماعه، فإذا رأى الشاهد أو سمعه بنفسه، جاز له أن يشهد، وإذا لم يره أو يسمعه بنفسه، لا يحل له أن يشهد، لقوله صلى الله عليه وسلم لشاهد:«ترى الشمس؟ قال: نعم، فقال: على مثلها فاشهد أو دع» (1).
الشهادة بالتسامع لإثبات النسب:
التسامع: استفاضة الخبر واشتهاره بين الناس، وقد اتفق فقهاء المذاهب
(1) رواه البيهقي والحاكم وصحح إسناده، وتعقبه الذهبي فقال: بل هو حديث واهٍ (سبل السلام: 130/ 4).
الأربعة على جواز إثبات النسب بشهادة السماع، كما هو الشأن في الزواج أو الزفاف والدخول بالزوجة، والرضاع والولادة والوفاة (1).
ودليلهم: أن هذه الأمور لا يطلع عليها إلا خواص الناس، فإذا لم تجز فيها الشهادة بالسماع، أدى إلى الحرج، وتعطيل الأحكام المترتبة عليها كالإرث وحرمة الزواج.
لكن اختلف الفقهاء في بيان المراد من التسامع، فقال أبو حنيفة: هو أن تتواتر به الأخبار ليحصل للسامع نوع من اليقين.
وقال الصاحبان: هو أن يخبر الشاهد رجلان عدلان أو عدل وامرأتان واختار قولهما بعض الفقهاء، بدليل أن القاضي يحكم بشهادة شاهدين، ولو لم ير المشهود به، أو يسمعه بنفسه. ويكفي الشاهد أن يقول: أشهد بكذا، ولا يقول: سمعت.
وتوسط المالكية فقالوا: أن يكون المنقول عنه غير معين ولا محصور، بأن ينتشر المسموع به بين الناس العدول وغيرهم. واشترطوا أن يقول الشهود: سمعنا كذا، ونحوه.
وقال الشافعية في الأرجح، والحنابلة في الأصح مثل قول أبي حنيفة: شرط التسامع سماع المشهود به من جمع كثير يؤمن تواطؤهم (أي توافقهم) على الكذب، بحيث يحصل به العلم (أي اليقين) أو الظن القوي بخبرهم. ولا يكفي الشاهد بالاستفاضة أن يقول: سمعت الناس يقولون كذا، وإن كانت شهادته مبنية عليها، بل يقول: أشهد أنه له، أو أنه ابنه مثلاً؛ لأنه قد يعلم خلاف ما سمع من الناس.
(1) المبسوط: 111/ 16، البدائع: 266/ 6، الدسوقي: 198/ 4 وما بعدها، مغني المحتاج: 448/ 4 ومابعدها، المغني: 161/ 9 ومابعدها.