الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للملك عن الزوجة والعبد، فيتم بمجرد التلفظ، ولا يشترط فيه التسليم، ويصح وقف المشاع القابل للقسمة من غير إفراز، وهذا هو المفتى به عند الحنفية؛ لأنه أحوط وأسهل.
والوقف عند المالكية (1): إن صح لزم، ولا يتوقف على حكم الحاكم، حتى لو لم يحز (يقبض) وحتى لو قال الواقف: ولي الخيار، فإن أراد الواقف الرجوع فيه، لا يمكَّن، وإذا لم يُحَز أجبر على إخراجه من تحت يده للموقوف عليه. وهو في حال الحياة من قبيل الإعارة اللازمة، وبعد الوفاة من قبيل الوصية بالمنفعة، وعليه ليس للواقف في حال الصحة الرجوع عن الوقف قبل حصول المانع، ويجبر على القبض (التحويز) إلاإذا شرط لنفسه الرجوع، فله ذلك، أما الواقف في حال المرض، فله الرجوع فيه؛ لأنه كالوصية.
رابعاً ـ ركن الوقف:
قال الحنفية (2): ركن الوقف هي الصيغة، وهي الألفاظ الدالة على معنى الوقف، مثل أرضي هذه موقوفة مؤبدة على المساكين ونحوه من الألفاظ، مثل: موقوفة لله تعالى، أو على وجه الخير، أو البر، أو موقوفة فقط، عملاً بقول أبي يوسف، وبه يفتى للعرف. وقد يثبت الوقف بالضرورة مثل: أن يوصي بغلة هذه الدار للمساكين أبداً، أو لفلان وبعده للمساكين أبداً، فتصير الدار وقفاً بالضرورة، إذ كلامه يشبه القول: إذا مت فقد وقفت داري على كذا.
ركن الوقف عندهم: هو الإيجاب الصادر من الواقف الدال على إنشاء الوقف. وهذا على أن معنى الركن: هو جزء الشيء الذي لا يتحقق إلا به. ويكون
(1) الشرح الكبير: 75/ 4، الشرح الصغير: 107/ 4.
(2)
الدر المختار: 393/ 3، فتح القدير: 39/ 5 - 40.
الوقف بناء عليه كالوصية تصرفاً يتم بإرادة واحدة هي إرادة الواقف نفسه، وهي التي يعبر عنها بإيجاب الواقف.
وقال الجمهور (1): للوقف أركان أربعة: هي الواقف، والموقوف، والموقوف عليه، والصيغة: باعتبار أن الركن: ما لا يتم الشيء إلا به، سواء أكان جزءاً منه أم لا.
أما القبول من الموقوف عليه: فليس ركناً في الوقف عند الحنفية على المفتى به، والحنابلة كما ذكر القاضي أبو يعلى، ولا شرطاً لصحة الوقف ولا للاستحقاق فيه، سواء أكان الموقوف عليه معيناً أم غير معين، فلو سكت الموقوف عليه، فإنه يستحق من ريع الوقف، فيصير الشيء وقفاً بمجرد القول؛ لأنه إزالة ملك يمنع البيع والهبة والميراث، فلم يطلب فيه القبول، كالعتق، لكن إذا كان الموقوف عليه معيناً، كالوقف على خالد أو محمد، ورد الوقف، فلا يستحق شيئاً من ريع الوقف وإنما ينتقل إلى من يليه ممن عينه الواقف بعده متى وجد، فإن لم يوجد عاد الموقوف للواقف أو لورثته إن وجدوا وإلا فلخزانة الدولة، ولكن لا يبطل الوقف برده، ويكون رده وقبولهما وعدمهما واحداً كالعتق؛ لأن ركن الوقف وهو إيجاب الواقف قد تحقق. أخذ القانون المصري (م 9) رقم (48) لسنة (1946) بهذا الرأي، حيث لم يجعل القبول شرطاً للاستحقاق، والمادة (17) بينت انتهاء الوقف. ولكن قال الحنفية: لو وقف لشخص بعينه، ثم للفقراء، اشترط قبوله في حقه، فإن قبله فالغلة له، وإن رده فللفقراء. ومن قبل فليس له الرد بعده، ومن رده أول الأمر ليس له القبول بعده.
(1) رد المحتار: 395/ 3، القوانين الفقهية: ص 369 ومابعدها، الشرح الصغير: 101/ 4 وما بعدها، مغني المحتاج: 376/ 2، 383، غاية المنتهى: 299/ 2، المغني: 547/ 5، كشاف القناع: 279/ 4، الفروق: 111/ 2.