الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لوفور شفقتها. ويصح كون الأعمى وصياً، لأنه من أهل الشهادة، فجازت الوصية إليه كالبصير، ولأنه متمكن من التوكيل لغيره فيما لا يتمكن من مباشرته بنفسه.
تعدد الأوصياء:
يجوز تعدد الأوصياء، فيمكن أن يوصى لاثنين بلفظ واحد، مثل جعلتكما وصيين، أو بلفظين في زمن أوزمنين، لما روي أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلت النظر في وقفها إلى علي كرم الله وجهه، فإن حدث به حدث رفعه إلى ابنيها، فيليانها.
وليس لأحدهما الانفراد بالتصرف، سواء أكان التعيين بعقد واحد أم بعقدين في رأي الحنفية والمالكية (1) إلا بتصريح الموصي بجواز الانفراد، وإلا عند الحنفيةإذا أجاز أحدهما تصرف صاحبه، وعليهما التعاون في التصرفات، فلا يستقل أحدهما ببيع أو اشتراء أو نكاح أو غيرها إلا بتوكيل. فإن مات أحدهما أو اختلفا في أمر كبيع أوشراء أو تزويج نظر الحاكم عند المالكية فيما فيه الأصلح من استقلال الحي في الوصاية أو جعل غيره معه، أو رد فعل أحدهما حال الاختلاف أو إمضائه. وليس لأحد الوصيين إيصاء لغيره في حياته بلا إذن من صاحبه، فإن أذن له جاز. وليس لهما قَسْم المال الذي أوصاهما عليه. وقال الحنفية: إن أوصى الموصي في حال الموت أوالجنون أو ما يوجب العزل إلى آخر أو إلى الحي من الوصيين عمل بإيصائه، وإن لم يوص ضم القاضي إليه غيره.
وكذلك قرر الشافعي والحنابلة (2): ليس لأحد الوصيين الانفراد بالتصرف إلا بتصريح الموصي بالانفراد؛ لأن الموصي لم يرض إلا بتصرفهما، وانفراد
(1) الدر المختار ورد المحتار: 496/ 5 - 499، الشرح الصغير: 608/ 4.
(2)
المهذب: 463/ 1، كشاف القناع: 438/ 4 وما بعدها، مغني المحتاج: 77/ 3 ومابعدها.
أحدهما يخالف ذلك. فإن أجاز الموصي لأحدهما الانفراد بالتصرف جاز، لرضا الموصي به، فإن ضعف أحدهما أو فسق أو مات، في حال رضا الموصي بالانفراد، جاز للآخر أن يتصرف، ولا يقام مقام الآخر غيره؛ لأن الموصي رضي بنظر كل واحد منهما وحده.
أما في حال الإيصاء لهما فإن ضعف أحدهما ضم إليه من يعينه، وإن فسق أحدهما أو مات، أقام الحاكم من يقوم مقامه؛ لأن الموصي لم يرض بنظر أحدهما منفرداً، ولا يجوز للحاكم أن يفوض جميع التصرف إلى الثاني؛ لأن الموصي لم يرض باجتهاده وحده، فهم في ذلك كالحنفية.
وهذا في الوصايا غير المعينة، أما رد الأعيان المستحقة كالمغصوبات والودائع والأعيان الموصى بها وقضاء دين يوجد جنسه في التركة، فلأحد الوصيين الاستقلال به.
واستثنى الحنفية من مبدأ بطلان انفراد أحد الوصيين عشر حالات للضرورة؛ هي شراء كفن الموصي، وتجهيزه، والخصومة في حقوقه؛ لأنهما لا يجتمعان عليه عادة، ولو اجتمعا لم يتكلم إلا أحدهما غالباً.
وشراء حاجة الطفل مما لا بد منه كالطعام والكسوة؛ لأن في تأخيره لحوق ضرر به.
وقبول الهبة للطفل؛ لأن في تأخيره خشية الفوات.
وإعتاق عبد معين، لعدم الاحتياج فيه إلى الرأي، بخلاف إعتاق ما ليس بمعين، فإنه محتاج إليه.
ورد وديعة وتنفيذ وصية معينتين، إذ لا حاجة إلى التشاور.