الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيمة المبيع لها حكم القيمة التي توجد من متلف الوقف أو منقطع الآخر، وهو أن تصرف لأقرب الناس إلى الواقف، فإن لم يكونوا صرف إلى الفقراء والمساكين، أو مصالح المسلمين.
فإن أمكن الانتفاع بجذع الشجرة الموقوفة الجافة بإجارة وغيرها، لم ينقطع الوقف على المذهب، إدامة للوقف في عينها، ولا تباع ولا توهب، للخبر السابق عن عمر في أول بحث الوقف. والحاصل أن الشافعية في الجملة والمالكية أشد الآراء في عدم جواز بيع الوقف.
و
مذهب الحنابلة
(1):
أـ إذا خرب الوقف وتعطلت منافعه، كدار انهدمت، أو أرض خربت وعادت مواتاً، ولم تمكن عمارتها، أو مسجد انصرف أهل القرية عنه، وصار في موضع لايصلى فيه، أو ضاق بأهله ولم يمكن توسيعه في موضع، أو تشعب جميعه، فلم تمكن عمارته ولا عمارة بعضه إلا ببيع بعضه، جاز بيع بعضه لتعمر به بقيته، وإن لم يمكن الانتفاع بشيء منه، بيع جميعه.
واستدلوا بما روي أن عمر رضي الله عنه كتب إلى سعد، لما بلغه أنه قد نقب بيت المال الذي بالكوفة: انقل المسجد الذي بالتمارين، واجعل بيت المال في قبلة المسجد، فإنه لن يزال في المسجد مصل. وكان هذا بمشهد من الصحابة، ولم يظهر خلافه، فكان إجماعاً. ولأن فيما ذكر استبقاء الوقف بمعناه، عند تعذر إبقائه بصورته، فوجب البيع.
ب ـ وإذا بيع الوقف، فأي شيء اشتري بثمنه، مما يرد على أهل الوقف،
(1) المغني: 575/ 5 - 579، المغني والشرح الكبير: 225/ 6.
جاز، سواء أكان من جنسه أم من غير جنسه؛ لأن المقصود المنفعة، لا الجنس، لكن تكون المنفعة مصروفة إلى المصلحة التي كانت الأولى تصرف فيها؛ لأنه لا يجوز تغيير المصرف، مع إمكان المحافظة عليه، كما لا يجوز تغيير الوقف بالبيع، مع إمكان الانتفاع به.
جـ ـ وإذا لم يف ثمن الفرس الحبيس لشراء فرس أخرى، أعين به في شراء فرس حبيس، يكوِّن بعض الثمن؛ لأن المقصود استبقاء منفعة الوقف الممكن استبقاؤها، وصيانتها عن الضياع، ولا سبيل إلى الصون إلا بهذه الطريق.
د ـ وإذا لم تتعطل مصلحة الوقف بالكلية، لكن قلَّت، وكان غيره أنفع منه وأكثر فائدة على أهل الوقف، لم يجز بيعه؛ لأن الأصل تحريم البيع، وإنما أبيح للضرورة، صيانة لمقصود الوقف عن الضياع، مع إمكان تحصيله، وإمكان الانتفاع به، وإن قل النفع، اللهم إلا أن يبلغ في قلة النفع إلى حد لا يعد نفعاً، فيكون وجوده كالعدم.
هـ ـ لا يجوز نقل المسجد وإبداله وبيع ساحته، وجعلها سقاية وحوانيت إلا عند تعذر الانتفاع به.
ولا يجوز أن يغرس في المسجد شجرة كالنخلة وغيرها بعد أن صار مسجداً، وقال أحمد: لا أحب الأكل منها، ولو قلعها الإمام لجاز؛ لأن المسجد لم يبن لهذا، وإنما بني لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن؛ ولأن الشجرة تؤذي المسجد، وتمنع المصلين من الصلاة في موضعها، ويسقط ورقها في المسجد وثمرها، وتسقط عليها العصافير والطير، فتبول في المسجد، وربما رمى الصبيان ثمرها بالحجارة.
أما إن كانت النخلة في أرض، فجعلها صاحبها مسجداً، والنخلة فيها، فلا بأس.