الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومتعلقة بالتركة، وتؤدى ولو لم يوص بها الميت، وهذا الرأي أصح لما فيه من إبراء الذمة.
3 ً) ـ
ديون العباد
أوديون الميت التي لزمته في ذمته حال الصحة: تقدم على دين المرض، وديون الصحة في منزلة واحدة مهما اختلفت أسبابها كالقرض والمهر والأجرة ونحوها من كل ما وجب في الذمة بدلاً عن شيءآخر.
ودين الصحة: هو ماكان ثابتاً بالبينة، أو بالإقرار في زمان صحته، أو بالإقرار في زمان مرضه، وعلم ثبوته بطريق المعاينة بأن كان سببه معلوماً للناس كثمن دواء أو غيره، أو بدل شيء استهلكه.
ودين المرض، أي مرض الموت: هو ما ثبت بإقرار المدين في مرض موته. وهو أضعف من دين الصحة لضعف إقرار المريض.
وتقدم عند المالكية حقوق العباد على حقوق الله تعالى، وعند الشافعي بالعكس كما سأوضح. وأما عند الحنفية فتسقط حقوق الله ولا تؤدى.
4 ً) ـ
ديون المرض
التي لزمت الميت عن طريق الإقرار ولم يعلم الناس بها: تؤخر عن ديون الصحة؛ لأن الإقرار في مرض الموت مظنّة التبرع أو المحاباة، فتكون في حكم الوصايا التي تنفذ من الثلث، وهي مؤخرة عن الديون.
ولم يفرق الجمهور بين ديون الصحة وديون المرض، فهي في مرتبة سواء، لأنه إن عرف سببها للناس فهي ملحقة بديون الصحة على رأي الحنفية، وإن لم يعرف سببها يكفي الإقرار في إثباتها؛ لأن الإقرار حجة ملزمة لا تلغى إلا إذا ثبت ما يبطلها أو يكذبها. وأخذ القانون المصري (م4) والسوري (م238) برأي الجمهور، فلم يفرق بين الديون، وأطلق تقديمها بدون تفصيل. ويحسن بيان آراء المذاهب الأخرى في الديون، كل رأي على حدة.
قال المالكية (1): يبدأ من تركة الميت بحق تعلق بذات كمرهون، ثم بمؤن التجهيز، ثم بقضاء الديون، فالوصايا، بأن يقدم قضاء الدين من رأس المال على الوصايا، أي دينه الذي عليه لآدمي، سواء حل أجله أم لا؛ لأن الدين يحل بموت المدين. ثم يقدم هدي التمتع، سواء أوصى به أم لا، ثم زكاة فطر فرط فيها، وكفارات أشهد في صحته أنها بذمته أو أوصى فقط. وتعد زكاة نقد حلَّت وأوصى بها مثلَ كفارات أشهد بها.
والحاصل: أن زكاة الفطر التي فرط فيها، والكفارة التي لزمته، مثل كفارة اليمين والصوم والظهار والقتل، إذا أشهد في صحته أنهما بذمته، فإن كلاً منهما يخرج من رأس المال، سواء أوصى بإخراجهما أو لم يوص. ومثلهما الزكاة التي حل وقت أدائها.
وقال الشافعية (2): تقضى الديون بذمة الميت من رأس المال سواء أذن الميت في قضائها، أم لا، لزمته لله تعالى أم لآدمي؛ لأنها حقوق واجبة عليه.
ويقدم دين الله تعالى كالزكاة والكفارة والحج على دين الآدمي في الأصح.
ويقدم على مؤنة التجهيز الدين المتعلق بعين التركة، كزكاة المال الذي وجبت فيه؛ لأنه كالمرهون بها، والمرهون لتعلق حق المرتهن به، والمبيع بثمن في الذمة، إذا مات المشتري مفلساً بثمنه، تقديماً لحق صاحب التعلق على حق غيره، كما في حال الحياة. وهذا موافق لرأي الحنفية المتقدم.
وقال الحنابلة (3): ما بقي بعد مؤنة التجهيز بالمعروف يقضى من ديونه، سواء
(1) الشرح الصغير مع حاشية الصاوي: 617/ 4 وما بعدها.
(2)
مغني المحتاج: 3/ 3 - 4.
(3)
كشاف القناع: 447/ 4.