الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصحيحة) (1)، والخال والخالة، ونحوهم من كل قريب ليس عصبة ولا صاحب فرض.
ثانياً ـ مذاهب العلماء في توريثهم:
اختلف الفقهاء في توريث ذوي الأرحام على رأيين:
1ً -
فذهب أبو حنيفة وأحمد:
إلى توريثهم، وهو رأي عمر وعلي وابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم، لقوله تعالى:
{وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله} [الأحزاب:6/ 33] ومعنى الآية أن بعضهم أولى ببعض فيما كتب الله تعالى وحكم به، وهو يشمل كل الأقرباء، سواء أكانوا ذوي فروض أم عصبات، أم لا، وقد بينت آية الفرائض ميراث ذوي الفروض والعصبات، فكان الباقون من ذوي الأرحام أولى من غيرهم بالتركة أو بما بقي منها. وهذه الآية نسخت التوارث بالمؤاخاة، كما كان في بدء الهجرة إلى المدينة، وتوارث الناس بعد هذه الآية بالنسب، كما روى الدارقطني عن ابن عباس.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: «ابن أخت القوم منهم» (2) وقوله عليه الصلاة والسلام: «من ترك مالاً فلورثته، وأنا وارث من لا وارث له، أعقل (3) عنه وأرثه، والخال وارث من لا وارث له، يعقل عنه ويرثه» (4).
(1) ويسمى ذلك عند الفقهاء الجد الفاسد: وهو من يتصل إلى الميت بأم، والجدة الفاسدة: وهي من يدخل في نسبتها إلى الميت أب بين أمين.
(2)
رواه البخاري ومسلم.
(3)
العقل هنا: أي دفع دية القتيل خطأ.
(4)
رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والحاكم وابن حبان وصححه، وحسنه أبو زرعة الرازي، وأعله البيهقي بالاضطراب، وذلك عن المقدام بن مَعْدِ يَكْرب (نيل الأوطار: 62/ 6).
ولما ثبت من الوقائع في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة من بعده من توريث ذوي الأرحام.
منها: أن ثابت بن دَحْدَاح مات في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ثابت غريباً لايعرف من هو؟ فقال صلى الله عليه وسلم لعاصم بن عدي:«هل تعرفون له فيكم نسباً؟ قال: لا، يا رسول الله، فدعا ابن أخته أبا لبابة بن عبد المنذر، فأعطاه ميراثه» (1).
ومنها: أن أبا عبيدة بن الجراح كتب إلى عمر، يسأله عمن يرث سهل بن حنيف حين قتل، ولم يكن له من الأقارب إلا خال، فأجابه عمر بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الله ورسوله مولى من لا مولى له، والخال وارث من لا وارث له» (2).
وروي عن عمر في رجل مات وترك عماً لأم، وأخاً، فأعطى العم الثلثين، وأعطى الخال الثلث.
وقضى عبد الله بن مسعود فيمن ترك عمة وخالة: بأن للعمة الثلثين، وللخالة الثلث.
هذا كله يدل على توريث ذوي الأرحام. وهو الذي اعتمده متأخرو المالكية بعد المئتين من الهجرة، وأفتى به متأخرو الشافعية منذ القرن الرابع الهجري إذا لم ينتظم بيت المال، بحيث لم يعد يأخذ المستحقون فيه نصيبهم منه، وتصرف أموالهم في غير مصارفها.
وأخذ به القانون المصري (م 31 - 38) والسوري (م 289 - 297).
(1) رواه سعيد بن منصور، وأبو عبيد في الأموال، إلا أنه قال:«ولم يخلف إلا ابن أخ له، فقضى النبي صلى الله عليه وسلم بميراثه لابن أخيه» .
(2)
رواه أحمد وابن ماجه، وللترمذي منه المرفوع، وقال حديث حسن، وهو من حديث أبي أمامة بن سهل (نيل الأوطار: 62/ 6).