الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يساراً أو إعساراً؛ لأن أقل ما يدفع في الكفارة إلى الشخص الواحد مدّ (1) من الحبوب، والله سبحانه اعتبر الكفارة بالنفقة على الأهل، فقال تعالى:{من أوسط ما تطعمون أهليكم} [المائدة:89/ 5] فاعتبروا النفقة بالكفارة بجامع أن كلاً منهما مال يجب بالشرع، ويستقر في الذمة.
فعلى الزوج الموسر لزوجته كل يوم مدان من الطعام، وعلى المعسر مُدّ، وعلى المتوسط مدّ ونصف، واحتجوا لهذا التفاوت بقوله تعالى:{لينفق ذو سعة من سعته} [الطلاق:7/ 65] وأكثر ما وجب في الكفارة لكل مسكين مدان، وهو في كفارة الأذى من إزالة شعر أوظفر في الحج، وأقل ما وجب له مُدّ في نحو كفارة الظهار، فأوجبوا على الموسر الأكثر وهو مدّان؛ لأنه قدر الموسع، وعلى المعسر الأقل وهو مد؛ لأن المد الواحد يكتفي به الزهيد، ويتقنع به الرغيب، وعلى المتوسط ما بينهما دفعاً للضرر عنه.
والراجح لدي هو رأي الجمهور، بدليل ما قال الأذرعي الشافعي: لا أعرف لإمامنا رضي الله عنه سلفاً في التقدير بالأمداد، ولولا الأدب لقلت: الصواب أنها بالمعروف تأسياً واتباعاً.
وأما الأدم عند الشافعية فيجب أدم غالب كزيت وسمن وجبن وتمر وخل، وفاكهة لمن اعتادتها، ولحم بحسب يسار الزوج وإعساره كعادة البلد وتقدير القاضي.
حال من تقدر به نفقة الطعام:
للفقهاء رأيان في كيفية تقدير نفقة الطعام.
(1) الأصح أن المد بتقدير الشافعية (171 و 7/ 3 درهم) مئة وواحد وسبعون درهماً وثلاثة أسباع الدرهم، والمد يساوي 675 غراماً، والدرهم العربي (975.2) غم.
أـ ذهب المالكية والحنابلة: إلى أنه تقدر بحسب حال الزوجين يساراً وإعساراً، ومراعاة منصب المرأة وحال البلاد، لقوله تعالى:{لينفق ذو سعة من سعته، ومن قُدِر عليه رزقه، فلينفق مما آتاه الله} [الطلاق:7/ 65] وللحديث السابق: «خذي ما يكفيك» وذلك عند الحنابلة وقت عقد الزواج، واعتبار حال الزوجين للجمع بين الأدلة، ورعاية لكل من الجانبين، وهو الأولى؛ لأن الآية راعت حال الزوج، والحديث راعى كفاية الزوجة بالمعروف. فإن كانا موسرين فالواجب نفقة اليسار، وإن كانا معسرين فالواجب نفقة الإعسار، وإن تفاوت حالهما فالواجب نفقة الوسط بين الموسرين والمعسرين.
قال المالكية: والوسط من النفقة بالأندلس: رطل ونصف في اليوم من قمح أو شعير أو ذرة أو قطنية على حسب الحال.
ب ـ وذهب الحنفية والشافعية: إلى أنه تقدر نفقة الطعام والكسوة بحسب حال الزوج يساراً وإعساراً، للآية السابقة:{لينفق ذو سعة من سعته، ومن قُدِرَ عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله، لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها} [الطلاق:7/ 65] ولقوله صلى الله عليه وسلم: «أطعموهن مما تأكلون، واكسوهن مما تكتسون، ولا تضربوهن ولا تقبِّحوهن» (1)، ولأن النفقة واجبة على الزوج، وقد رضيت الزوجة بحاله، ويقصد من كلمة «المعروف» في حديث هند تحديد الواجب على الزوج.
وهذا القول هو الراجح لدي، عملاً بما نصت عليه الآية صراحة، وهو ما أخذت به القوانين في سورية ومصر، وفيه مرونة وعدالة؛ لأن القاضي له تعديل النفقة إذا تغيرت أحوال الزوج من الإعسار إلى اليسار وبالعكس.
(1) رواه أبو داود عن معاوية القشيري (نيل الأوطار: 322/ 6).