الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ببناء أو غرس على أن البناء أو الغراس يكون للباني أو الغارس ملكاً وخلواً يباع ويورث عنه؛ لأن العمارة تكون لصاحبها، ويجعل في نظير الأرض الموقوفة حُكراً (مبلغاً دائماً) يدفع للمستحقين أو لخدمة المسجد؟
أفتى بعضهم وهو الشيخ الخرشي بالجواز، وأجازه الحنفية (1)، وهذا هو الذي يسمى خلواً، وقال الدردير شارح متن خليل: وهي فتوى باطلة قطعاً، وحاشا المالكية أن يقولوا بذلك؛ لأن منفعة الموقوف موقوفة، لا تملك بهذا العمل.
مذهب الشافعية في بيع الموقوف:
قال الشافعية (2):
1ً - إذا انهدم مسجد أو خرب وانقطعت الصلاة فيه، وتعذرت إعادته، أو تعطل بخراب البلد مثلاً، لم يعد إلى ملك أحد، ولم يجز التصرف فيه بحال ببيع أو غيره؛ لأن ما زال الملك فيه لحق الله تعالى لا يعود إلى الملك بالاختلال، كما لو أعتق عبداً، ثم مرض مرضاً مزمناً، لايعود ملكاً لسيده. وتصرف غلة وقفه لأقرب المساجد إليه إذا لم يتوقع عوده، وإلا حفظ.
وإن خيف على المسجد السقوط، نقض، وبنى الحاكم بأنقاضه مسجداً آخر، إن رأى ذلك، وإلا حفظه. والبناء بقربه أولى. ولا يبني به بئراً، كما لا يبني بأنقاض بئر خربت مسجداً، بل بئراً أخرى، مراعاة لغرض الواقف ما أمكن.
ولو وقف الواقف على قنطرة، فاحترقت الوادي، واحتيج إلى قنطرة أخرى، جاز نقلها إلى محل الحاجة.
(1) رد المحتار: 428/ 3.
(2)
المهذب: 445/ 1، مغني المحتاج: 392/ 2 ومابعدها، تكملة المجموع: 612/ 14 ومابعدها.
وغلة وقف الثغر (وهو الطرف الملاصق من بلادنا لبلاد الكفار) إذا حصل فيه الأمن، يحفظه الناظر، لاحتمال عوده ثغراً.
ويدخر من زائد غلة المسجد على ما يحتاج إليه ما يعمره، بتقدير هدمه، ويشتري له بالباقي عقاراً ويقفه؛ لأنه أحفظ له.
وتقدم عمارة الموقوف على حق الموقوف عليهم، لما فيها من حفظ الوقف.
ويصرف ريع الموقوف على المسجد وقفاً مطلقاً أو على عمارته: في مصالح المسجد من بناء وتجصيص وسلم ومظلات للتظليل بها، ومكانس يكنس بها، ومساحي ينقل بها التراب، وأجرة قيِّم، لا أجرة مؤذن وإمام وحصر ودهن؛ لأن القيِّم يحفظ العمارة، بخلاف الباقي. فإن كان الوقف لمصالح المسجد، صرف من ريعه لمن ذكر، لا في التزويق والنقش، بل لو وقف عليها لم يصح.
2ً - الأصح جواز بيع حُصْر المسجد الموقوفة إذا بليت، وجذوعه إذا انكسرت، ولم تصلح إلا للإحراق، لئلا تضيع ويضيق المكان به من غير فائدة، فتحصيل نزر يسير من ثمنها يعود إلى الوقف أولى من ضياعها، ولا تدخل تصفيتها تحت بيع الوقف؛ لأنها صارت في حكم المعدومة، ويصرف ثمنها في مصالح المسجد. فإن صلحت لغير الإحراق كاتخاذ ألواح أو أبواب منها، فلا تباع قطعاً.
والأصح جواز بيع نخلة موقوفة جفت إذا لم يمكن الانتفاع بجذعها بإجارة وغيرها، وبهيمة زمِنت؛ لأن ما لا يرجى منفعته، فكان بيعه أولى من تركه، بخلاف المسجد، فإن المسجد يمكن الصلاة فيه مع خرابه، وقد يعمر الموضع، فيصلى فيه.