الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول ـ نفقة الزوجة:
نفقة الزوجة حق أصيل من حقوقها الواجبة على زوجها بسبب عقد الزواج، والكلام عنها في مطالب أربعة هي:
الأول ـ
معنى النفقة
وأنواعها و
وجوبها
ومن تجب عليه وسبب وجوبها.
الثاني ـ شروط وجوبها.
الثالث ـ كيفية تقدير النفقة بأنواعها، والحكم القضائي بها.
الرابع ـ أحكام النفقة (الامتناع عن الإنفاق، وإعسار الزوج، نفقة زوجة الغائب، متى تعتبر النفقة ديناً على الزوج؟ نفقة المعتدة، تعجيل النفقة، الإبراء عنها، المقاصة بدين النفقة، الكفالة بالنفقة أو ضمانها، الصلح عن النفقة).
المطلب الأول ـ معنى النفقة وأنواعها، ووجوبها، ومن تجب عليه، وسبب وجوبها:
معنى النفقة: بيّنت سابقاً أن النفقة لغة: هي ما ينفقه الإنسان على عياله. وهي شرعاً: الطعام والكسوة والسكنى، وعرفاً في إطلاق الفقهاء: هي الطعام فقط، ولذا يعطفون عليه الكسوة والسكنى، والعطف يقتضي المغايرة (1).
وجوبها: اتفق الفقهاء (2) على وجوب النفقة للزوجة مسلمة كانت أو كافرة بنكاح صحيح، فإذا تبين فساد الزواج وبطلانه رجع الزوج على المرأة بما أخذته من النفقة، وثبت وجوبها بالقرآن والسنة والإجماع والمعقول.
(1) الدر المختار وحاشية ابن عابدين: 886/ 2.
(2)
المرجع السابق، البدائع: 15/ 4، فتح القدير: 321/ 3، بداية المجتهد: 53/ 2 وما بعدها، مغني المحتاج: 426/ 3، المغني: 563/ 7.
أما القرآن: فقول الله تعالى: {لينفق ذو سعة من سعته، ومن قُدِرَ عليه رزقه (1)، فلينفق مما آتاه الله، لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها} [الطلاق:7/ 65] وقوله تعالى: {وعلى المولود له: رزقهن وكسوتهن بالمعروف} [البقرة:233/ 2] وقوله سبحانه: {أسكنوهن من حيث سكنتم من وُجْدكم} [الطلاق:6/ 65] أي على قدر ما يجده أحدكم من السعة والمقدرة. والأمر بالإسكان أمر بالإنفاق؛ لأن المرأة لا تحصل النفقة إلا بالخروج والاكتساب.
وأما السنة: فقوله صلى الله عليه وسلم في حديث حجة الوداع عن جابر: «اتقوا الله في النساء، فإنهن عوان (2) عندكم، أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف» (3) ورواه الترمذي بإسناده عن عمرو بن الأحوص قال: «ألا إن لكم على نسائكم حقاً، ولنسائكم عليكم حقاً، فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون. ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن» (4).
وجاءت هند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت:«يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي، فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف» (5) وفيه دلالة على وجوب النفقة الزوجية، وأنها مقدرة بكفايتها كما بينا، وأن نفقة ولده عليه دونها وهي مقدرة بكفايتهم، وأن النفقة بالمعروف، وأن لها أن تأخذ نفقتها بنفسها من غير علمه إذا لم يعطها إياه.
(1) أي من ضيق عليه.
(2)
أي كأسيرات.
(3)
رواه مسلم وأبو داود ومالك في الموطأ وغيرهم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه (نصب الراية: 48/ 3 - 50).
(4)
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(5)
رواه الجماعة إلا الترمذي عن عائشة (نيل الأوطار: 323/ 6).