الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لكن قال ابن عابدين (1): وقف الدراهم متعارف في بلاد الروم دون بلادنا، ووقف الفأس والقدوم كان متعارفاً في زمن المتقدمين، ولم نسمع به في زماننا، فالظاهر أنه لا يصح الآن، ولئن وجدنا قليلاً لا يعتبر، لأن التعامل هو الأكثر استعمالاً.
والسبب في عدم جواز وقف المنقول عندهم: أن من شرط الوقف التأبيد، والمنقول لا يدوم.
3ً -
وقف المشاع:
يجوز عند الجمهور غير المالكية وقف المشاع الذي لا يحتمل القسمة، مع الشيوع، كحصة سيارة؛ لأن الوقف كالهبة، وهبة المشاع غير القابل للقسمة جائزة.
ولم يجز المالكية وقف الحصة الشائعة فيما لا يقبل القسمة؛ لأنه يشترط الحوز عنده لصحة الوقف، وهذا أحد قولين مرجحين في المذهب.
أما المشاع القابل للقسمة: فقال أبو يوسف ويفتى بقوله: يجوز وقفه؛ لأن القسمة من تمام القبض، والقبض عنده ليس بشرط لتمام الوقف، فكذا تتمته، وهذا موافق لرأي المالكية والشافعية والحنابلة.
وقال محمد، وأكثر المشايخ أخذوا بقوله: لا يجوز وقف المشاع؛ لأن أصل القبض عنده شرط لتمام الوقف، فكذا ما يتم به، والقبض لا يصح في المشاع.
قال القاضي أبو عاصم: قول أبي يوسف من حيث المعنى أقوى، إلا أن قول
(1) رد المحتار: 410/ 3.
محمد أقرب إلى موافقة الآثار. ولما كثر المصحح من الطرفين، وكان قول أبي يوسف فيه ترغيب للناس في الوقف وهو جهة بر، أطبق المتأخرون من أهل المذهب، على أن القاضي الحنفي والمقلد يخير بين أن يحكم بصحته وبطلانه، وإذا كان الأكثر على ترجيح قول محمد، وبأيها حكم صح حكمه ونفذ، فلا يسوغ له ولا لقاض غيره أن يحكم بخلافه، كما صرح به غير واحد. وقال في البحر: وصح وقف المشاع إذا قضي بصحته؛ لأنه قضاء في مجتهد فيه (1). وهذا هو المعتمد الذي جرى عليه صاحب الدر المختار، وهو يتمشى مع قوله: ولا يتم الوقف حتى يقبض الموقوف؛ لأن تسليم كل شيء بما يليق به، في المسجد بالإفراز، وفي غيره بنصب المتولي وبتسليمه إياه، وحتى يفرز، فلا يجوز وقف مشاع يقسم، خلافاً لأبي يوسف.
أما غير الحنفية (2) فقال المالكية: يصح وقف المشترك الشائع فيما يقبل القسمة، ولا يصح فيما لا يقبل القسمة.
وقال الشافعية والحنابلة: يصح وقف المشاع ولو لم يقبل القسمة، ويجبر عليها الواقف إن أرادها الشريك، ويجبر الواقف على البيع إن أراد شريكه، ويجعل ثمنه في مثل وقفه، بدليل أن عمر وقف مئة سهم من خيبر بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا صفة المشاع؛ لأن القصد حبس الأصل، وتسبيل المنفعة، والمشاع كالمقسوم في ذلك.
(1) فتح القدير: 45/ 5، اللباب: 181/ 2، الدر المختار: 399/ 3، 409.
(2)
الشرح الكبير: 76/ 4، المهذب: 441/ 1، المغني: 586/ 5، مغني المحتاج: 377/ 2، غاية المنتهى: 300/ 2.