الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني ـ طرق إثبات النسب:
يثبت النسب بأحد طرق ثلاثة وهي (1):
1ً - الزواج الصحيح أو الفاسد.
2ً - الإقرار بالنسب.
3ً - البينة.
الطريق الأول ـ الزواج الصحيح أو الفاسد:
الزواج الصحيح أو الفاسد سبب لإثبات النسب، وطريق لثبوته في الواقع، متى ثبت الزواج ولو كان فاسداً، أو كان زواجاً عرفياً، أي منعقداً بطريق عقد خاص دون تسجيل في سجلات الزواج الرسمية، يثبت به نسب كل ما تأتي به المرأة من أولاد.
الطريق الثاني ـ الإقرار بالنسب أوادعاء الولد:
الإقرار بالنسب نوعان: إقرار على نفس المقر، وإقرار محمول على غير المقر.
أما
الإقرار بالنسب على نفس المقر:
فهو أن الأب بالولد أو الابن بالوالد، كأن يقول: هذا ابني، أو هذا أبي، أو هذه أمي. ويصح هذا الإقرار من الرجل ولو في مرض الموت، بشروط أربعة متفق على أغلبها بين المذاهب، وهي ما يأتي، وقد ذكرتها في بحث الإقرار، وأعيدها هنا:
(1) البدائع: 215/ 3 - 218، 228/ 7، الشرح الكبير معد الدسوقي: 412/ 3 - 414، الخرشي: 316/ 4، مغني المحتاج: 259/ 2، المغني: 184/ 5.
1 ً - أن يكون المقر به مجهول النسب: بأن لا يكون معروف النسب من أب آخر، فإن كان ثابت النسب من أب معروف غير المقر، كان هذا الإقرار باطلاً؛ لأن الشرع قاض بثبوت النسب من ذلك الأب، ومتى تأكد ثبوت النسب من شخص، لا يقبل الانتقال منه إلى غيره، فقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم من انتسب إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه.
ومجهول النسب عند بعض الحنفية: هو الذي لا يعلم له أب في البلد الذي ولد فيه. وهذا هو الظاهر الآن مع سهولة المواصلات والبحث عن بلد الميلاد.
واستثنى العلماء من هذا الشرط ولد اللعان، فإنه لا يصح ادعاؤه بالنسب وإلحاقه بغير الأب الملاعن، لاحتمال أن يرجع الملاعن ويكذب نفسه فيما ادعاه من أن الولد ليس منه.
2ً - أن يصدقه الحس: بأن يكون المقر به محتمل الثبوت من نسب المقر، بأن يكون ممن يولد مثل المقر به لمثل المقر، وذلك في سن تسمح بأن يكون ابناً للمقر. فلو كان المقر ببنوته أكبر من المقر أو مساوياً له في السن أو مقارباً، بحيث لا يمكن أن يكون ابناً للمقر عادة، لم يصح إقراره؛ لأن الحس أو الواقع يكذبه في هذا الإقرار، فمن قال لغلام: هذا ابني، وكان سن الغلام عشر سنوات، وسن المقر عشرين سنة، لم يعتبر هذا الإقرار عند الحنفية؛ لأن الغلام لا يولد له في رأيهم قبل بلوغ سن الثانية عشرة.
وكذلك إذا نازع المقر منازع آخر غيره، لم يثبت نسبه؛ لأنه إذا نازعه فيه غيره تعارض الإقراران، فلم يكن إلحاقه بأحدهما أولى من الآخر.
3ً - أن يصدقه المقر له في إقراره إن كان أهلاً للتصديق، بأن يكون بالغاً عاقلاً عند الجمهور، ومميزاً عند الحنفية؛ لأن الإقرار حجة قاصرة على المقر، فلا تتعداه
إلى غيره إلا ببينة، أو تصديق من الغير. فإن كان المقر به صغيراً أو مجنوناً، فلا يشترط تصديقهما؛ لأنهما ليسا بأهل للإقرار أو التصديق.
وقال المالكية: ليس تصديق المقر به شرطاً لثبوت النسب من المقر؛ لأن النسب حق للولد على الأب، فيثبت بإقراره بدون توقف على تصديق منه، إذا لم يقم دليل على كذب المقر.
4ً - ألا يكون فيه حمل النسب على الغير: سواء كذبه المقر له أو صدقه؛ لأن إقرار الإنسان حجة قاصرة على نفسه، لا على غيره؛ لأنه على غيره شهادة أو دعوى، وشهادة الفرد فيما لا يطلع عليه الرجال غير مقبولة، والدعوى المفردة ليست بحجة.
وبناء عليه إذا كان المقر ببنوة الغلام زوجة أو معتدة، فيشترط مع ما ذكر أن يوافق زوجها على الاعتراف ببنوته له أيضاً، أوأن تثبت ولادتها له من ذلك الزوج؛ لأن فيه تحميل النسب على الغير، فلا يقبل إلا بتصديقه أو ببينة.
ويبطل الإقرار إن صرح المقر في إقراره بأن الولد ابنه من الزنا؛ لأن الزنا لا يصلح سبباً لإثبات النسب، إذ النسب نعمة فلا تنال بالمحظور.
فإذا استوفى الإقرار بالبنوة أو الأبوة هذه الشروط، صح وثبت به نسب المقر له من المقر، وترتب عليه الإرث الشرعي. وإذا صح الإقرار لا يملك المقر الرجوع فيه بعدئذ؛ لأن النسب إذا ثبت لا يبطل بالرجوع.
وقد اشترط الحنفية لصحة الإقرار بالنسب أيضاً حياة الولد، فلو أقر شخص بأن فلاناً ابنه، وكان المقر له بالبنوة ميتاً، لم يصح هذا الإقرار، ولا يثبت به النسب؛ إذ لا حاجة بعد الوفاة لإثبات النسب؛ لأنه لا يحتاج الميت إلى تكريم ولا