الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والجدات، وإن علوا؛ لأن «الأب» يطلق على الجد وكل من كان سبباً في الولادة، كذلك «الأم» تطلق على الجدة مهما علت، فقد أطلق القرآن كلمة «الأبوين» على آدم وحواء، وقال تعالى:{ملة أبيكم إبراهيم} [الحج:78/ 22]، ولأن بين الولد وأصله قرابة توجب رد الشهادة، فأشبه الجد والجدة والوالدين القريبين، ويكون الأجداد والجدات من الآباء والأمهات، فيقوم الجد مقام الأب عند عدمه، وأجمع العلماء على أن الجدة تحرم على الإنسان، كما تحرم عليه أمه في الزواج، لقوله تعالى:{حرمت عليكم أمهاتكم} [النساء:23/ 4].
وقال الإمام مالك: الأصول الذين تجب نفقتهم: هم الآباء والأمهات المباشرون، لا الأجداد والجدات مطلقاً، سواء من جهة الأب أو الأم. فلا تجب نفقة على جد أو جدة، كما لا تجب على ولد ابن. والصحيح هو قول الجمهور.
المطلب الثاني ـ شروط وجوب النفقة للأصول:
يشترط لوجوب الإنفاق على الأصول ما يأتي (1):
1ً - أن يكون الأصل فقيراً، أوعاجزاً عن الكسب: فإن كان قادراً على الكسب فتجب أيضاً نفقته عند الحنفية، والشافعية في الأظهر؛ لأن الله تعالى أمر بالإحسان إلى الوالدين، وفي إلزام الآباء بالاكتساب مع غنى الأبناء ترك للإحسان إليهم وإيذاء لهم، وهو لايجوز، ويقبح بالإنسان أن يكلف قريبه الكسب مع اتساع ماله. وهذا بعكس الابن فإنه لا نفقة له إذا كان قادراً على الكسب، فيلزمه التكسب؛ لأن الله تعالى نهى الولد عن إلحاق أدنى الأذى بالوالدين وهو التأفيف في قوله تعالى:{ولا تقل لهما أف} [الإسراء:23/ 17] ولم يوجد النهي في الابن.
(1) فتح القدير: 347/ 3، البدائع: 34/ 4 وما بعدها، القوانين الفقهية: ص 223، الشرح الصغير: 752/ 2 وما بعدها، المهذب: 166/ 2، مغني المحتاج: 448/ 3، المغني: 584/ 7.
وقال المالكية والحنابلة: لا يلزم الفرع بنفقة الأصل إذا كان قادراً على الكسب، فيجبر على كسب يستغني به، ولا نفقة له؛ لأنها تجب على سبيل المواساة والبر والصلة، والكاسب كالموسر مستغن عن المواساة.
2ً - أن يكون الفرع موسراً بمال، أو قادراً على التكسب في رأي الجمهور، وقال المالكية: لا يجب على الولد المعسر تكسب لينفق على والديه.
وعلى رأي الجمهور: يشترط أن يكون مال الفرع أو مردود كسبه فاضلاً عن نفقة نفسه إما من ماله وإما من كسبه، فأما من لا يفضل عنه شيء، فليس عليه شيء، لحديث جابر المتقدم:«إذا كان أحدكم فقيراً فليبدأ بنفسه، فإن فضل فعلى عياله، فإن كان فضل فعلى قرابته» وفي لفظ: «ابدأ بنفسك ثم بمن تعول» ولحديث أبي هريرة السابق في ترتيب النفقة على النفس، ثم على الزوج، ثم على الولد، ثم على الخادم.
3ً - أن يكون المنفق وارثاً في رأي الحنابلة، فلا نفقة مع اختلاف الدين لقوله تعالى:{وعلى الوارث مثل ذلك} [البقرة:233/ 2] ولأن التوارث بسبب القرابة يجعل الوارث أحق بمال المورث، فينبغي أن يختص بوجوب صلة قريبة بالنفقة دون غير الوارث، ولأن هذه النفقة مواساة على البر والصلة، فلم تجب مع اختلاف الدين كنفقة غير عمودي النسب.
وقال الحنفية: يشترط أن يكون المنفق قريباً مستحقاً للإرث من قريبه، إلا أنهم مع المالكية والشافعية يقولون: اتحاد الدين ليس شرطاً لوجوب نفقة الأصل على الفرع، فتجب النفقة عليه وإن اختلف الدين؛ لأنه تعالى قال في حق الوالدين الكافرين:{وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم، فلا تطعهما، وصاحبهما في الدنيا معروفاً} [لقمان:15/ 31] وليس من المعروف ترك الإنفاق عليهما مع القدرة، وهذا هو الصحيح.