الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفرق الحنفية بين المرأة والرجل، فقالوا: تصح وصايا المرأة، وتكون نافذة، كما تصح جميع تصرفاتها؛ لأنها لا تقتل عندهم بسبب الردة.
أما الرجل المرتد: فوصيته موقوفة، فإن عاد إلى الإسلام ومات عليه نفذت وصاياه كجميع تصرفاته، وإن مات على الردة بطلت وصاياه وتصرفاته جميعها.
وأخذ القانون بمذهب الجمهور.
المطلب الرابع ـ أحكام الموصى له:
الموصى له إما أن يكون متحقق الوجود عند الوصية، أو مرجح الوجود عندها كالحمل، أو أن يكون معدوماً. والموجود إما شخص طبيعي أو جهة عامة.
وأبحث هنا حكم الوصية للجهات العامة، وللحمل، وللمعدوم، ولجماعة محصورين أو غير محصورين.
1 - حكم الوصية للجهات العامة:
اتفق الفقهاء (1) على صحة الوصية لجهة عامة كالمساجد ومدارس العلم والمشافي والمكتبات والملاجئ ونحوها، سواء أكان الموصى به عيناً كمكتبة، أم منفعة كأجرة دار أو محل تجاري، بنحو دائم أو مؤقت (2).
ويصرف الموصى به بحسب شرط الموصي إذا لم يصادم مقاصد الشريعة، فإن لم يوجد شرط من الموصي يصرف على إصلاح وعمارة الجهة الموصى لها إنشاء
(1) البدائع: 341/ 7، الدر المختار: 470/ 5 وما بعدها، 492، الشرح الصغير: 581/ 4، مغني المحتاج: 42/ 3، كشاف القناع: 398/ 4، غاية المنتهى: 358/ 2 - 359.
(2)
أصل المذهب الحنفي: أن الوصية بشيء للمسجد لا تجوز؛ لأنه لا يملك، لكن جوزها الإمام محمد ابن الحسن، وبقوله يفتى (الدر المختار: 492/ 5).
وترميماً وخدمة من إمام ومؤذن في المسجد، وشؤون المتعلمين في دور العلم؛ لأن العرف يحمله على ذلك، ويصرفه القيِّم في أهم مصالح الجهة باجتهاده؛ لأن قصد المسلم من هذه الوصية التقرب إلى الله سبحانه وتعالى، بإخراج ماله إلى الله تعالى، لا التمليك إلى أحد، ولا تصرف في الأصح لفقراء المسجد.
وكذلك تصح الوصية لأعمال البر (1) مطلقاً من غير تحديد جهة معينة، وتصرف في أي جهة خيرية، كعمارة الوقف وسراج المسجد، دون تزيينه لأنه إسراف.
وتصح الوصية في سبيل الله، وتصرف للجهاد ومتطلباته، ويجوز صرفها لحاج منقطع.
ولو قال: أوصي بثلث مالي لله تعالى، صح عند محمد وهو المفتى به عند الحنفية، وتصرف لوجوه البر؛ لأنه وإن كان كل شيء لله تعالى، لكن المراد التصدق لوجهه تعالى، تصحيحاً لكلامه بقرينة الحال.
ونص القانون المصري (م 7، 8) والقانون السوري (م 213، 214) على وفق المقرر لدى الفقهاء من الأحكام المذكورة:
(م 213): 1 - الوصية لله تعالى ولأعمال البر بدون تعيين جهة: تصرف في وجوه الخير.
2 -
الوصية لأماكن العبادة والمؤسسات الخيرية والعلمية وسائر المصالح العامة: تصرف على عمارتها ومصالحها وفقرائها وغير ذلك من شؤونها، ما لم يتعين المصرف بعرف أو قرينة.
(1) قال في الفتاوى الظهيرية: كل ما ليس فيه تمليك فهو من أعمال البر.