الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد عدل عن لفظ «تمليك» الوارد في تعريف الحنفية إلى لفظ «تصرف» (1) ليشمل جميع مسائل الوصية.
فهو يشمل ما إذا كان الموصى به مالاً أو منفعة، والموصى له من أهل التملك، كالوصية لمعين بالاسم أو بالوصف، وهو ممن يحصون، أو معيناً بالوصف ممن لا يحصون كالوصية للفقراء، وما إذا كان الموصى له جهة من جهات البر كالملاجئ والمدارس.
ويشمل ما إذا كان الموصى به إسقاطاً فيه معنى التمليك كالوصية بالإبراء من الدين، وما إذا كان الموصى به إسقاطاً محضاً بإبراء الكفيل من الكفالة، وما إذا كان الموصى به حقاً من الحقوق التي ليست مالاً ولا منفعة ولا إسقاطاً، ولكنه مالي لتعلقه بالمال، كالوصية بتأجيل الدين الحالّ، والوصية بأن يباع عقاره مثلاً من فلان.
والمراد بالتركة: كل ما يخلف فيه الوارث المورث، مالاً كان أو منفعة، أو حقاً من الحقوق الأخرى المتعلقة بالمال التي تنتقل بالموت من المورث إلى الوارث.
ثانياً ـ مشروعية الوصية:
هذا يشمل
أدلة المشروعية
وسببها أو حكمتها، ونوع حكمها الشرعي.
أما أدلة المشروعية: فهي الكتاب والسنة والإجماع والمعقول.
أما الكتاب: فقوله تعالى: {كتب عليكم إذا حضر أحدَكم الموتُ، إن ترك
(1) التصرف أعم من كلمة «العقد» لأن العقد هو مجموع الإيجاب والقبول، وأما التصرف فيشمل كل ما يلتزمه الإنسان ويترتب عليه حكم شرعي، سواء صدر من طرف واحد أو من طرفين، وكل ما كان غير التزام. وبما أن الوصية تنشأ في الراجح لدى الحنفية بإرادة واحدة هي إرادة الموصي، فهي من قبيل التصرفات، على هذا الرأي.
خيراً، الوصيةُ للوالدين والأقربين بالمعروف، حقاً على المتقين} [البقرة:180/ 2] وقوله سبحانه: {من بعد وصية يوصى بها أو دين} [النساء:11/ 4]. {من بعد وصية توصون بها أو دين} [النساء:12/ 4]. فالآية الأولى دلت على مشروعية الوصية للأقارب، والآيتان الأخريان جعلت الميراث حقاً مؤخراً عن تنفيذ الوصية وأداء الدين، لكن الدين مقدم على الوصية، لقول علي رضي الله عنه:«إنكم تقرؤون هذه الآية: {من بعد وصية يوصى بها أو دين} [النساء:11/ 4]، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى أن الدين قبل الوصية» (1).
وأما السنة: فحديث سعد بن أبي وقاص السابق: «الثلث والثلث كثير» ، وحديث «إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم، بثلث أموالكم، زيادة لكم في أعمالكم» (2)، وحديث «ما حق امرئ مسلم يبيت ليلتين، وله شيء يريد أن يوصي فيه، إلا ووصيته مكتوبة عند رأسه» (3)، وخبر ابن ماجه:«المحروم: من حرم الوصية، من مات على وصية، مات على سبيل وسنة، وتقى وشهادة، ومات مغفوراً له» .
وأما الإجماع: فقد أجمع العلماء على جواز الوصية.
وأما المعقول: فهو حاجة الناس إلى الوصية زيادة في القربات والحسنات، وتداركاً لما فرط به الإنسان في حياته من أعمال الخير.
(1) رواه الترمذي.
(2)
رواه خمسة من الصحابة وهم: أبو هريرة، وأبو الدرداء، ومعاذ، وأبو بكر الصديق، وخالد بن عبيد، وحديث أبي هريرة باللفظ المذكور رواه ابن ماجه والبزار (نصب الراية: 399/ 4 - 400).
(3)
رواه الجماعة عن ابن عمر، واحتج به من يعمل بالخط إذا عرف (نيل الأوطار: 33/ 6) ومعناه: ليس من الرأي السديد أن يمر على الإنسان زمن يملك فيه مالاً، يوصي به، ولا يكتب وصيته، ففيه الحث على المبادرة بكتابة الوصية.