الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيفرض لها على قدر كفايتها، على قدر يسرهما وعسرهما، وما جرت عادة أمثالهما به من الكسوة، فللموسرة ثياب رفيعة من حرير وكتان جيد، وللمعسرة ثياب غليظة من قطن وكتان، وللمتوسطة ما بينهما.
وأقل ما يجب من الكسوة قميص (ثوب مخيط يستر جميع البدن) وسراويل (وهو ثوب مخيط يستر أسفل البدن ويصون العورة) وخمار أو مقنعة (وهو ما يغطى به الرأس) ومداس أو مِكْعَب (وهو مداس الرجل من نعل أو غيره).
ويجب لها الكسوة في كل سنة مرتين: صيفية وشتوية، لتجدد الحاجة في الحر والبرد، وتكون كسوة الشتاء والصيف بما يناسبها بالاتفاق من غِطاء ووطاء في الشتاء بما يناسب، والصيف بما يناسبه بحسب العرف والعادة.
وتدفع الكسوة عند المالكية والحنابلة أول كل عام، وتملك بالقبض، فلا بدل لما سرق أو بلي.
وقال الشافعية والحنفية: تدفع الكسوة في كل ستة أشهر؛ لأن العرف في الكسوة أن تبدَّل في هذه المدة. فإن بليت الكسوة قبل هذه المدة، لم يجب عليه بدلها، كما لا يجب عليه بدل الطعام إذا نفد قبل انقضاء اليوم.
الواجب الثالث ـ المسكن:
يجب للزوجة أيضاً مسكن لائق بها (1) إما بملك أو كراء أوإعارة أووقف، لقوله تعالى:{أسكنوهن من حيث سكنتم من وُجْدكم} [الطلاق:6/ 65] أي
(1) فتح القدير: 334/ 3 وما بعدها، الدر المختار: 912/ 2، 914، الشرح الصغير: 737/ 2، القوانين الفقهية: ص 222، مغني المحتاج: 430/ 3، 432، المهذب: 162/ 2، المغني: 569/ 7.
بحسب سعتكم وقدرتكم المالية، وقوله سبحانه:{وعاشروهن بالمعروف} [النساء:19/ 4] ومن المعروف أن يسكنها في مسكن، ولأنها لا تستغني عن المسكن للاستتار عن العيون وحفظ المتاع. وذكر الشافعية أن الواجب في المسكن هو الإمتاع أي الانتفاع لا التمليك، أما المستهلك كطعام فيجب فيه التمليك.
ويكون المسكن كالطعام والكسوة على قدر يسار الزوجين وإعسارهما، لقوله تعالى:{من وجدكم} [الطلاق:6/ 65]، وبناء عليه يجب أن تتوافر في المسكن الأوصاف الآتية:
1ً - أن يكون ملائماً حالة الزوج المالية، للآية السابقة:{من وُجْدكم} [الطلاق:6/ 65].
2ً - أن يكون مستقلاً بها ليس فيه أحد من أهله إلا أن تختار ذلك، وهذا عند الحنفية؛ لأن السكنى من كفايتها، فتجب لها كالنفقة، وقد أوجبه الله تعالى مقروناً بالنفقة، وإذا وجب حقاً لها ليس له أن يشرك غيرها فيه؛ لأنها تتضرر به؛ لأن السكن المشترك يمنعها معاشرة زوجها والاستمتاع بها، ولأنها لا تأمن على متاعها. والحد الأدنى للمسكن عند المالكية وغيرهم حجرة واحدة مستقلة بمرافقها، بشرط قرره المالكية وبعض الحنفية: وهو ألا يكون في حجرة أخرى في نفس الشقة (الطابق) زوجة ثانية؛ لأن سكنى المرأة مع ضرتها يؤدي إلى الإضرار بها.
فإن كان للرجل أقارب فله عند الحنفية أن يسكن زوجته معهم إلا إذا ثبت أن الأقارب يؤذونها بقول أو فعل.
وفرق المالكية بين الزوجة الشريفة والوضيعة، فإذا كانت الزوجة شريفة (وهي ذات القدر) فلها الامتناع من السكنى مع أقاربه، ولو الأبوين في دار
واحدة، لما فيه من الضرر عليها باطلاعهم على حالها وشؤونها الخاصة، إلا إذا شرط الزوج عليها عند العقد أن تسكن معهم، فليس لها الامتناع من السكنى معهم إلا إذا حصل منهم الضرر من سكناها معهم أو الاطلاع على شؤونها وعوراتها.
وأما إن كانت الزوجة وضيعة (وهي التي لا قدر لها)، فللزوج أن يسكنها مع أقاربه في دار واحدة، إلا إذا اشترطت حين العقد ألا يسكن معها أحد من أقارب الزوج، أو حصل لها ضرر منهم.
وليس للزوجة عند الحنفية أن يسكن معها أحد من غير الزوج، ولو كان صغيراً غير مميز إلا إذا رضي الزوج بالسكنى. وأجاز المالكية أن يسكن معها ولد صغير من غير الزوج إذا لم يكن له حاضنة غيرها، وكان الزوج يعلم به عند الزواج، أو لم يعلم به ولم يكن له حاضنة غيرها. وإذا كان المسكن في مكان منقطع موحش أو كانت الدار كبيرة خالية من السكان ومرتفعة الجدران، فيلزم الزوج مؤنسة تؤنس الزوجة على ما اختاره الحنفية والحنابلة.
3ً - أن يكون المسكن مؤثثاً مفروشاً في رأي الجمهور غير المالكية: بأن يشتمل على مفروشات النوم من فراش ولحاف ووسادة، وأدوات المطبخ من آلات الأكل والشرب والطبخ من قِدْر (آلة الطبخ) وقَصْعة (آلة أكل) وكوز (إبريق) وجَرَّة (آلة شرب) ونحوها بحسب العادة مما لا غنى لها عنه كمغرفة، وما تغسل فيه ثيابها وأدوات الإضاءة؛ لأن المعيشة لا تتم بدون المذكور، فكان من المعاشرة بالمعروف.
وقال المالكية الذين يوجبون على الزوجة الجهاز المتعارف في حدود المهر المقبوض قبل الدخول: لا يكلف الزوج بتأثيث المنزل، بل المكلف هو الزوجة.
واتفق الفقهاء على اشتراط كون المسكن مشتملاً على المرافق الضرورية