الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
مباحة: كالوصية للأغنياء من الأجانب والأقارب، فهذه الوصية جائزة.
4 - مكروهة تحريما ً
عند الحنفية: كالوصية لأهل الفسوق والمعصية. وتكره بالاتفاق لفقير له ورثة، إلا مع غناهم فتباح.
وقد تكون
حراما ً
غير صحيحة اتفاقاً كالوصية بمعصية، كبناء كنيسة أو ترميمها، وكتابة التوراة والإنجيل وقراءتهما، وكتابة كتب الضلال والفلسفة وسائر العلوم المحرمة، والوصية بخمر أو الإنفاق على مشروعات ضارة بالأخلاق العامة، وتحرم أيضاً بزائد على الثلث لأجنبي، ولوارث بشيء مطلقاً، والصحيح من المذهب عند الحنابلة أن الوصية بالزائد عن الثلث مكروهة، أو لوارث حرام.
والأفضل تعجيل الوصايا لجهات البر في الحياة، وعدم تأخيرها لما بعد الوفاة؛ لأنه لا يأمن إذا أوصى أن يفرط به بعد موته، ولما روى أبو هريرة رضي الله عنه، قال:«سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الصدقة أفضل؟ قال: أن تتصدق وأنت صحيح شحيح، تأمل الغنى، وتخشى الفقر، ولا تمهل، حتى إذا بلغت الروح الحلقوم، قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان» (1).
وعلى هذا تكون الصدقة في حال الحياة أفضل من الوصية؛ لأن المتصدق يجد ثواب عمله أمامه، ولصريح حديث أبي هريرة المتقدم.
ثالثاً ـ أركان الوصية:
قال صاحب الدر المختار من الحنفية: ركن الوصية: الإيجاب فقط من
(1) رواه الشيخان، وأصحاب السنن إلا الترمذي، ورواه أحمد في مسنده.
ومعنى قوله «صحيح شحيح» أي أن الإنسان في حال القوة يكون غالباً بخيلاً، لما يأمله من البقاء، وحذر الفقر، فتكون الصدقة أعظم للأجر. ومعنى «إذابلغت الحلقوم» أي قاربت بلوغه.
الموصي، بأن يقول: أوصيت لفلان بكذا، ونحوه من الألفاظ. وأما القبول من الموصى له فهو شرط، لا ركن؛ أي أنه شرط في لزوم الوصية وثبوت ملك الموصى به.
وهذا قول زفر، وهو الراجح لدى الحنفية؛ لأن ملك الموصى له بمنزلة ملك الوارث؛ لأن كل واحد من الملكين ينتقل بالموت، ولا يحتاج ملك الوارث إلى قبول، فيقاس عليه ملك الموصى له. وهذا هو الذي أخذ به قانون الأحوال الشخصية السوري (م 207)، والمصري (م 1) وبه تكون الوصية تصرفاً ينشأ بإرادة منفردة.
وقال الكاساني في البدائع: ركن الوصية عند أئمة الحنفية الثلاثة: الإيجاب والقبول، كسائر العقود مثل الهبة والبيع، إذ لا يثبت ملك إنسان باختياره من غير قبوله وسعيه، ولأن إثبات الملك له من غير قبوله يؤدي إلى الإضرار به، بخلاف الميراث، فإن الملك فيه ثبت جبراً من الشارع، فلا يشترط فيه القبول.
والمراد بالقبول: ما يكون صريحاً مثل قبلت، أو دلالة كموت الموصى له بعد موت الموصي بلا قبول ولا رد. ولا يصح قبول الوصية إلا بعد موت الموصي، فإن قبل الموصى له بعد موت الموصي، ثبت له ملك الموصى به، سواء قبضه أو لم يقبضه. فإن مات بعد موت الموصي قبل القبول أو الرد، انتقل الموصى به إلى ملك ورثته (1). وإن قبلها الموصى له في حال الحياة أو ردها، بطلت. هذا ما ذكره الكاساني والقدوري، والراجح لدى الحنفية أن الوصية تنشأ بإرادة الموصي.
ونص القانون المصري (م 20 - 24) على أحكام من مذهب الحنفية وغيره، مفادها: أن الوصية تلزم بقبولها من الموصى له بعد وفاة الموصي، وهو رأي
(1) م 93 من مرشد الحيران لقدري باشا.
الحنفية. ويقبل عن الجنين والصغير والمحجور عليه من له الولاية على مالهم، أخذاً من مذهب الشافعية في الجنين، ومن مذهب المالكية في المحجور عليه.
ويقبل عن جهات البر كالمؤسسات العلمية والدينية والملاجئ والمشافي ونحوها من يمثلها شرعاً أو قانوناً. ولا يعتبر القبول من الموصى لهم كطلبة المدرسة والموجودين بالملجأ أو المستشفى، أخذاً من مذهب الشافعية والإمامية.
ونصت المادة (20) على أنه إذا لم يكن لجهات البر من يمثلها كالفقراء والحج ونحوهما، فإن الوصية تلزم بلا قبول. ولا خلاف فيه بين المذاهب.
وفي المادة (21) يقوم الوارث مقام الموصى له إذا مات قبل القبول أو الرد، أخذاً من مذهب الشافعية.
ويصح القبول قبل الموت ويصح متراخياً، عملاً بمذهب الحنفية. أما رد الموصى له الوصية كلها أو بعضها قبل الموت فهو باطل.
ونصت المادة (23) على أن مطابقة القبول للإيجاب ليست شرطاً في لزوم الوصية. وتلزم الوصية فيما قبل، وتبطل فيما رد، وهو مذهب الحنفية.
وقال الجمهور: للوصية أركان أربعة: موص، وموصى له، وموصى به، وصيغة. والصيغة تنعقد بالإيجاب من الموصي كقوله: أوصيت له بكذا أو ادفعوا إليه أو أعطوه بعد موتي، والقبول من الموصى له المعين، ولا يصح قبول ولا رد في حياة الموصي، ولا يشترط الفور في القبول بعد الموت. وإن كانت الوصية لجهة عامة كمسجد أو لغير معين كالفقراء، فإنها تلزم بالموت بلا قبول. نص قانون الأحوال الشخصية السوري في المادة (225) على أن:«الوصية لغير معين لا تحتاج إلى قبول ولا ترتد برد أحد» .