الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحكم. وقد أخذ القضاء المصري بالتفرقة بين الأم وبين غيرها في الإرضاع والحضانة.
المبحث الخامس ـ
مكان الحضانة
والانتقال بالصغير إلى بلد آخر، وحق زيارته:
مكان الحضانة: هو مكان الزوجين إذا كانت الزوجية بينهما قائمة. وللفقهاء آراء متقاربة في تحديد مواطن الحضانة وما يترتب عليه (1). أما الحنفية ففصلوا القول كما يأتي:
أـ إذا كانت الأم هي الحاضنة في حال قيام الزوجية، أو أثناء العدة من طلاق أو وفاة، فمكان الحضانة: هو المكان الذي تقيم فيه مع الزوج، ولا يجوز لها الانتقال به إلا بإذن الزوج؛ لأن الزوجة ملزمة بمتابعة زوجها والإقامة معه حيث يقيم، والمعتدة يلزمها البقاء في مسكن الزوجية، سواء مع الولد أو بدونه، لقوله تعالى:{لا تخرجوهن من بيوتهن، ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة} [الطلاق:1/ 65].
ب ـ أما الأم المطلَّقة بعد انتهاء العدة: فمكان حضانتها هو أيضاً مكان إقامة الزوج، ولا يجوز لها الخروج من بلدة إلى أخرى بينهما تفاوت بحيث لا يمكن الوالد أن يبصر ولده، ثم يرجع في نهاره، إلا إذا انتقلت به إلى وطنها، وكان قد تزوجها (أي عقد عليها عقد الزواج) فيه. فإذا توافر هذان الشرطان: الوطن وكونه
(1) الفتاوى الهندية: 484/ 1، الدر المختار: 884/ 2، الكتاب مع اللباب: 104/ 3، فتح القدير: 319/ 3 وما بعدها، القوانين الفقهية: ص 224، الشرح الصغير: 762/ 2، المهذب: 172/ 2، مغني المحتاج: 458/ 3 وما بعدها، غاية المنتهى: 250/ 3، المغني: 618/ 7، كشاف القناع: 581/ 5 وما بعدها.
مكان العقد، جاز للأم الانتقال بالمحضون إليه، وإلا لم يجز، ويسقط حقها في الحضانة.
جـ ـ وأما الحاضنة الأخرى غير الأم كالجدة أو الأخت أو الخالة أو العمة، فلا يجوز لها الانتقال بالمحضون إلى غير بلد أبيه إلا بإذنه ورضاه، حتى لا يتضرر الولد، فلو انتقلت إلى بلد آخر بغير إذن الأب، سقط حقها في الحضانة.
وقال المالكية: مكان الحضانة للمطلقة بعد انقضاء العدة هو مكان إقامة والد المحضون. فليس لها السفر سفر نُقْلة وانقطاع من بلد إلى بلد ستة بُرُد (133 كم) فأكثر، فإن سافرت إلى مكان يبعد هذه المسافة عن بلد إقامة الأب، سقط حقها في الحضانة لاحتياج المحضون إلى رعاية الولي. ولا يسقط حقها في الحضانة بسفر التجارة والزيارة والحج ونحوه.
وذهب الشافعية إلى أنه إن كان السفر من أحد الزوجين المفترقين بالطلاق سفر حاجة كتجارة وحج، كان الولد المميز وغيره مع المقيم حتى يعود. وإن كان السفر من أحد الزوجين سفر نُقْلة، كان الأب أولى من الأم بالحضانة، بشرط أمن الطريق وأمن البلد المقصود بالسفر، حفظاً للنسب، فإنه يحفظه الآباء، أو رعاية لمصلحة التأديب والتعليم وسهولة الإنفاق.
فإن كان السفر مخوفاً، أو البلد الذي يسافر إليه مخوفاً، فالمقيم أحق بالحضانة للولد.
وقرر الحنابلة أنه متى أراد أحد الأبوين الانتقال بالمحضون إلى بلد آمن، مسافة القصر فأكثر، ليسكنه، فتسقط حضانة الحاضنة، ويكون الأب أحق، ما لم يرد بنقلته مضارتها، فإن أراد بنقلته مضارة الأم، لم يسقط حقها في الحضانة.