الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جرى هذا القانون على أن الأصل أن اختلاف الدار لا يمنع من التوارث بين غير المسلمين، كما يقول المالكية والحنابلة، إلا أنه شرط أن تكون شريعة الدار الأجنبية لا تمنع من توريث الأجنبي عنها، فإذا كانت شريعتها تمنع من توريث الأجنبي، كان اختلاف الدار عندنا مانعاً من الإرث، معاملة بالمثل.
وأما القانون السوري في المادة (264) فإنه نص على أنه «لا يمنح الأجنبي حق الإرث إلا إذا كانت قوانين بلاده تمنح مثل ذلك للسوريين» وذلك أخذاً بمبدأ المعاملة بالمثل، وهذا شامل مع الأسف المسلمين من جنسيات مختلفة، وهو لم يقل به فقيه.
فمثلاً لا يورِّث السوريون الأتراك، ولا يورِّث الأتراك السوريين أخذاً بالمقابلة أو المعاملة بالمثل، وهذا غير جائز شرعاً لمخالفة النص القرآني:{إنما المؤمنون إخوة} [الجحرات:49/ 10].
لكن إذا فهم المقصود من كلمة (الأجنبي) أنه غير المسلم وغير المسيحي المقيم في بلاد إسلامية، لم يكن هناك مخالفة؛ لأن المسلم لا يعتبر في بلاد الإسلام أجنبياً، كما أن غير المسلمين المقيمين في البلاد الإسلامية يتوارث بعضهم من بعض (1).
الفَصْلُ السَّادس: الحقوق المتعلِّقة بالتّركة:
تعريف التركة:
التركة لغة: ما يتركه الشخص ويبقيه، واصطلاحاً عند الجمهور غير الحنفية: هي كل ما يخلفه الميت من الأموال والحقوق الثابتة مطلقاً فتشمل الأشياء المادية من منقولات وعقارات، والحقوق العينية كحقوق الارتفاق
(1) الأحوال الشخصية ـ الجزء الثالث: المواريث للدكتور مصطفى السباعي: ص 49.
من مسيل أوشِرب وغيرهما، والمنافع كحق الانتفاع بالمأجور والمستعار، والحقوق الشخصية كحق الشفعة وحق الخيار كخيار الشرط. وتشمل أيضاً ما تسبب فيه: من خمر صار خلاً بعد وفاته، وشبكة نصبها فوقع فيها بعد موته صيد، وكذلك الدية المأخوذة في قتله، بناء على الأصح عند الشافعية من دخولها في ملكه قبيل موته (1).
وهي عند الحنفية: الأموال والحقوق المالية التي كان يملكها الميت. فتشمل الأموال المادية من عقارات ومنقولات وديون على الغير، والحقوق العينية التي ليست مالاً، ولكنها تقوم بمال أو تتصل به، كحق الشرب والمسيل والمرور والعلو، والرهن إذ يرث الورثة الدين موثقاً برهنه.
وخيارات الأعيان، كخيار العيب وخيار التعيين وخيار فوات الوصف المرغوب فيه. ولا تشمل عندهم الخيارات الشخصية، كخيار الشرط وخيار الرؤية وحق الشفعة، فإنها حقوق متعلقة بشخص المتوفى لا بماله.
ولاتشمل أيضاً المنافع كالإجارة والإعارة، لانتهاء العقد بالموت، ولأن المنافع ليست مالاً عند متقدمي الحنفية.
ولا تشمل قبول الوصية، فتلزم الوصية بموت الموصى له، أي قبل أن يقبل أو يرد، ويعتبر عدم الرد قبولاً.
والحنفية يحصرون التركة في المال أوالحق الذي له صلة بالمال فقط، فالذي يورث عندهم هو الأعيان المالية، أما الحقوق فمنها ما يورث كحق حبس المبيع وحبس الرهن، ومنها ما لا يورث كحق الشفعة وخيار الشرط وحد القذف وحق
(1) رد المحتار: 538/ 5.