الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمنشآت لمن يمثلها قانوناً، فإن لم يكن لها من يمثلها قانوناً، لزمت الوصية من غير حاجة إلى قبول.
د ـ واختلف الفقهاء في ناقص الأهلية وهو الصبي غير المميز، والمحجور عليه بسبب السفه أو الغفلة:
فقال الحنفية: له القبول؛ لأن الوصية نفع محض له كالهبة والاستحقاق في الوقف، وليس له ولا لوليه الرد؛ لأنه ضرر محض، فلا يملكونه.
وقال الجمهور: أمر القبول والرد عن ناقص الأهلية لوليه، يفعل ما فيه الحظ والمصلحة.
موت الموصى له بلا قبول ولا رد:
إذا مات الموصى له بعد موت الموصي، بلا قبول ولا رد، فتصح الوصية عند الحنفية (1) استحساناً؛ لأن موته يعتبر قبولاً دلالة، ولأن الشرط عدم الرد، فتتم الوصية، ويدخل الموصى به في ملك ورثة الموصى له.
وينتقل حق القبول والرد إلى ورثة الموصى له عند الجمهور (2)، بعد موت الموصي، فمن قبل منهم أورد، فله حكمه؛ لأنه حق ثبت للمورث، فثبت للوارث بعد موته، لقوله عليه الصلاة والسلام:«من ترك حقاً أو مالاً فلورثته» .
وقت ثبوت ملكية الموصى به للموصى له:
حكم الوصية بمعنى الأثر المترتب على الشيء: هو انتقال ملكية الموصى به
(1) الكتاب مع اللباب: 170/ 4.
(2)
الشرح الكبير مع الدسوقي: 424/ 4، مغني المحتاج: 54/ 3، المغني: 23/ 6 وما بعدها، غاية المنتهى: 252/ 2.
إلى الموصى له ملكاً جديداً بقبول الموصى له بعد وفاة الموصي، وبه تلزم الوصية بالاتفاق.
واتفق الفقهاء على أن الموصي إذا حدد موعداً للملكية كابتداء شهر كذا، تبدأ به؛ لأن شرط الموصي يراعى ما لم يخالف مقاصد الشرع. أما إذا لم يعين الموصي وقتاً لابتداء الملكية، فإن قبل الموصى له عقب الوفاة، ثبت له الملك بالوفاة مباشرة، أما إذا تراخى القبول عن الوفاة فقد اختلفوا في وقت ثبوت الملكية على رأيين: رأي الحنفية والشافعية، ومشهور مذهب المالكية: بالقبول مستنداً إلى موت الموصي، أي أن له أثراً رجعياً، ورأي بعض المالكية والحنابلة: بالقبول وحده.
قال الحنفية (1): القبول ليس بشرط لصحة الوصية، وإنما هوشرط ثبوت الملك للموصى له، فقبول الموصى له شرط لإفادة الملك للموصى له، حتى لا يملك قبل القبول إلا في مسألة واحدة هي كما عرفنا: حال موت الموصي ثم موت الموصى له قبل القبول.
ومتى قبل الموصى له ثبتت ملكيته من تاريخ وفاة الموصي إذا كان قدر الثلث، فإن لم يقبل بعد الموت، كانت الوصية موقوفة على قبوله: ليست في ملك الوارث، ولا في ملك الموصى له، حتى يقبل أو يموت بلا قبول ولا رد.
وكذلك قال الشافعية (2): الأظهر أن ملك الموصى له موقوف، فإن قبل بان أنه ملكه بالموت، وإن لم يقبله بان أنه للوارث، أي أنهم كالحنفية تبتدئ الملكية عندهم من وقت وفاة الموصي، ولكن لا تثبت إلا بالقبول. والمشهور عند
(1) البدائع: 332/ 7، 385، الدر المختار ورد المحتار: 460/ 5، 465، تكملة فتح القدير مع حاشية العناية: 430/ 8، حاشية الشلبي على الزيلعي: 184/ 6، الكتاب مع اللباب: 170/ 4.
(2)
مغني المحتاج: 54/ 3.
المالكية (1) مراعاة الأمرين وهو أن الملك يثبت من وقت القبول ووقت الموت معاً، فبالقبول تبين أنه ملك الموصى به من حين الموت.
ورأى بعض المالكية والحنابلة (2) على الصحيح: أن الموصى له لا يملك الموصى به إلا بالقبول، إذا كانت الوصية لمعين، كما يملك الشيء المعقود عليه في سائر العقود، ولأن القبول من تمام السبب، والحكم لا يتقدم سببه. فتثبت الملكية بالقبول، ولا يستند وجودها إلى ما قبله.
والراجح لدي هو الرأي الأول، فيثبت الملك مستنداً إلى وقت الوفاة؛ لأن ذلك هو الذي قصده الموصي بوصيته، وهذا ما أخذ به القانون السوري (3).
وتظهر ثمرة الخلاف في ملك زوائد الموصى به وغلته الحادثة في المدة ما بين الموت والقبول، كنسل الحيوان وثمرة البستان وأجرة الدار وصوف الغنم ونحوها من الزوائد المنفصلة. أما الزوائد المتصلة كالسمن، فهي بالاتفاق للموصى له إذا احتملها الثلث.
فعلى الرأي الأول: تكون الزوائد بعد الموت وقبل القبول ملكاً لورثة الموصي، وعليهم نفقتها. لكن اختلف الحنفية مع الشافعية أصحاب الرأي الأول في اعتبار الزوائد من الثلث، فقال الحنفية: تعتبر من أصل الموصى به، فيشترط ألا تزيد مع الأصل عن الثلث.
وقال الشافعية: يعتبر ذلك نماءً زائداً عن أصل الموصى به، فلا تدخل في حساب الثلث، فتكون للموصى له. وهذا هو الأرجح؛ لأن هذا الزائد حدث على ملك الموصى له، فيسلم له، وبه أخذ القانون.
(1) الشرح الصغير: 582/ 4 وما بعدها، الشرح الكبير مع الدسوقي: 424/ 4.
(2)
المغني: 25/ 6، 158، كشاف القناع: 381/ 4.
(3)
الفقرة الثانية من المادة 25 من القانون المصري، والفقرة الأولى من المادة (254) من القانون السوري.