الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
11 - سقوط النفقة:
النفقة إما للزوجة وإما للأقارب، فمتى تسقط كل واحدة منها؟
سقوط نفقة الزوجة:
تسقط نفقة الزوجة في الحالات التالية (1):
1) ـ مضي الزمان من غير فرض القاضي أو التراضي: فتسقط عند الحنفية بمضي المدة بعد الوجوب قبل صيرورتها ديناً في الذمة، ولا تسقط بمضي المدة بعد القضاء به، وتصير ديناً. والحالات الأخرى تسقط فيها النفقة بعد صيرورتها ديناً في الذمة. وقال المالكية وباقي المذاهب: لا تسقط النفقة بمضي الزمان، وترجع الزوجة على زوجها بالنفقة المتجمدة، وهذا بخلاف نفقة الأقارب، فإنها تسقط بمضي المدة؛ لأنه إذا مضى زمنها استغني عنها.
2) ـ الإبراء من النفقة الماضية: تسقط النفقة الماضية بالإبراء أو الهبة ويكون الإبراء إسقاطاً لدين واجب. ولكن قال الحنفية: لا يصح الإبراء أو الهبة عن النفقة المستقبلة؛ لأن نفقة الزوجة تجب شيئاً فشيئاً على حسب حدوث الزمان، فكان الإبراء منها إسقاطاً لواجب قبل الوجوب، وقبل وجود سبب الوجوب أيضاً، وهو حق الاحتباس.
3) ـ موت أحد الزوجين: لو مات الرجل قبل إعطاء النفقة، لم يكن للمرأة أن تأخذها من ماله. ولو ماتت المرأة لم يكن لورثتها أن يأخذوا نفقتها. فإن كان
(1) البدائع: 22/ 4، 29 وما بعدها، فتح القدير: 332/ 3 وما بعدها، 342، الدر المختار: 889/ 2 - 892، 899، القوانين الفقهية: ص 223، الشرح الصغير: 740/ 2، بداية المجتهد: 54/ 2، مغني المحتاج: 436/ 3 - 438، المهذب: 160/ 2، المغني: 578/ 7، 604، 611 وما بعدها، غاية المنتهى: 238/ 3 وما بعدها، كشاف القناع: 548/ 5 - 551، الشرح الكبير والدسوقي: 517/ 2.
الزوج أسلفها نفقتها وكسوتها، ثم مات قبل مضي الوقت الذي أسلفها عنه، لم ترجع ورثته عليها بشيء في رأي أبي حنيفة وأبي يوسف. وكذا لو ماتت هي لم يرجع الزوج في تركتها في رأيهما.
4) ـ النشوز: هو معصية المرأة لزوجها فيما له عليها مما أوجبه له عقد الزواج. والنفقة تسقط بنشوز المرأة، ولو بمنع لمس بلا عذر بها، إلحاقاً لمقدمات الوطء بالوطء؛ لأن النفقة هي في مقابلة الاستمتاع، فإذا امتنعت فلا نفقة للناشز. وقال الحنفية: النفقة التي تسقط بالنشوز أو الموت هي النفقة المفروضة، لا المستدانة في الأصح.
فإن وجد عذر لوجود قروح قرب فرجها، أو التهابات حادة، فلا تسقط نفقتها. ومن الأعذار: مرض يضر معه الوطء، وعَبَالة زوج، أي كبر آلته بحيث لا تحتملها الزوجة.
أما خروج المرأة من بيت الزوج بلا إذنه، أو سفرها بلا إذنه، أو إحرامها بالحج بغير إذنه، فهو نشوز، إلا للضرورة أو العذر، كأن يشرف البيت على انهدام، أو تخرج لبيت أبيها لزيارة أو عيادة، فيعد خروجها عذراً، وليس نشوزاً.
وأما سفر المرأة بإذن الزوج: فقد فصل فيه الشافعية فقالوا: إن كان السفر مع الزوج أو لحاجته، فلا تسقط نفقتها به، وإن كان لحاجتها فتسقط في الأظهر.
ولا يعد نشوزاً عرفاً في رأي الشافعية خروج المرأة في غيبة زوجها لزيارة أقاربها أو جيرانها أو عيادتهم أو تعزيتهم، فلا تسقط نفقتها؛ لأن خروجها لا على وجه النشوز.
وكذا قال الحنابلة: لا نفقة لمن سافرت بلا إذن زوج لحاجتها، أو لنزهة،
أولزيارة ولو بإذن الزوج، أو لتغريب في حد أو تعزير، أو لحبس ولو ظلماً، أو صامت للكفارة أو قضاء رمضان ووقته متسع، أو صامت أو حجت نفلاً أو نذراً معيناً في وقته بلا إذنه. ولا تسقط عندهم وعند المالكية لو أحرمت بحج فرض.
ووافق الحنفية الحنابلة في أن حبس المرأة ولو ظلماً يسقط النفقة، إلا إذا حبسها الزوج بدين له، فلها النفقة في الأصح. ووافق الحنفية الشافعية في أن الحج مع غير الزوج ولو فرضاً، يسقط النفقة، لفوات الاحتباس.
وقال المالكية: إن حبست ظلماً فلا يسقط حقها في النفقة؛ لأن منعه من الاستمتاع ليس من جهتها.
وإن منعت المرأة نفسها عن الزوج بالصوم، فإن كان بصوم تطوع، فالصحيح لدى الشافعية أن نفقتها تسقط؛ لأنها منعت التمكين التام بما ليس بواجب، فسقطت نفقتها كالناشزة، وإن منعت نفسها بصوم رمضان أو بقضائه وقد ضاق وقته، لم تسقط نفقتها؛ لأن ما استحق بالشرع لا حقَّ للزوج في زمانه.
وإن منعت نفسها بصوم القضاء قبل أن يضيق وقته، أو بصوم كفارة أو نذر في الذمة، سقطت نفقتها؛ لأنها منعت حقه، وهو على الفور بما هو ليس فورياً. وكذا تسقط نفقتها بنذر معين بعد الزواج إن كان بغير إذن الزوج. والاعتكاف مثل الصوم: إن كان باعتكاف تطوع أو نذر في الذمة، سقطت نفقتها.
وإن منعت المرأة نفسها بالصلاة: فإن كانت بالصلوات الخمس، أو السنن الراتبة، لم تسقط نفقتها؛ لأن ما ترتب بالشرع لا حق للزوج في زمانه. وإن كان بقضاء فوائت، سقطت نفقتها؛ لأنها على التراخي، وحقه على الفور.
وإذا سقطت نفقة المرأة بنشوزها، ثم أطاعت وعدلت عن النشوز، والزوج
حاضر، عادت نفقتها، لزوال المسقط لها، ووجود التمكين المقتضي لها. وإن كان الزوج غائباً، لم تعد نفقتها في رأي الشافعية والحنابلة، لعدم تحقق التسليم والتسلم، إذ لا يحصلان مع الغيبة. وقال الحنفية: تعود نفقتها بعد عدولها عن النشوز ولو في غيبة الزوج.
5) ـ الردة: إذا ارتدت المرأة، سقطت نفقتها، لخروجها عن الإسلام، وامتناع الاستمتاع بسبب الردة. فإذا عادت إلى الإسلام، عادت نفقتها بمجرد عودها عند الشافعية والحنابلة. والفرق بين النشوز والردة: أن المرتدة سقطت نفقتها بالردة، وقد زالت بالإسلام، والناشزة سقطت نفقتها بالمنع من التمكين، وهو لا يزول بالعود إلى الطاعة، وإنما بالتمكين الفعلي، ولا يحصل المقصود في غيبة الزوج.
6) ـ كل فُرْقة جاءت من قبل المرأة بمعصية، مثل ردتها أو إبائها الإسلام إذا أسلم الزوج وظلت وثنية أو مجوسية، أو تمكينها ابن الزوج من نفسها، ففي هذه الحالات تسقط نفقتها؛ لأنها منعت الاستمتاع بمعصية، فصارت كالناشزة، ويظل لها حق السكنى في بيت الزوجية؛ لأن القرار فيه حق عليها، فلا يسقط بمعصيتها.
فإن حدثت الفرقة بغير معصية كخيار البلوغ وعدم الكفاءة ووطء ابن الزوج لها مكرهة، فلا تسقط نفقتها؛ لأنها حسبت نفسها بحق لها أو بعذر عذرت شرعاً فيه.
ولا تسقط نفقتها بفرقة جاءت من قبل الزوج مطلقاً، سواء أكانت بغير معصية، مثل الفرقة بطلاقه أو لعانه أو عنّته أو جبه، بعد الخلوة في رأي الحنفية، أو بمعصية مثل الفرقة بتقبيله بنت زوجته أوإيلائه مع عدم فيئه حتى مضت أربعة