الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومذهب الجمهور: المنافع أموال متقومة مضمونة كالأعيان؛ لأن الغرض الأظهر من جميع الأموال هو منفعتها.
والقانون أخذ برأي الجمهور، وأفتى متأخرو الحنفية باعتبار المنافع أموالاً متقومة، وإن لم يرد عليها عقد في ثلاثة أنواع:
المال المعدّ للاستغلال (1)، والأوقاف، وأموال الأيتام، وقد بحثت هذا الموضوع في الإجارة والغصب والضمان.
حـ ـ حكم الوصية بالمنافع من حيث الجواز وعدمه:
اتفق أئمة المذاهب الأربعة على جواز الوصية بالمنافع؛ لأنها كالأعيان في تمليكها بعقد المعاوضة والإرث، فصحت الوصية بها كالأعيان، حتى إن الحنفية الذين لايعتبرون المنافع أموالاً أجازوا الإيصاء بها؛ لأنه يصح تمليكها في حال الحياة ببدل، ويكون العقد إجارة، وبغير بدل ويكون العقد إعارةً، فكذا بعد الممات بالوصية، كما في الأعيان.
وتخرج من ثلث المال، فإن لم تخرج من الثلث أجيز منها بقدر الثلث.
د ـ تقدير المنفعة:
عرفنا أن الوصية تنفذ من ثلث التركة، فإذا كانت بالأعيان قدرت الأعيان بنفسها وخرجت من الثلث. وأما إن كانت بالمنافع، فكيف تقدر المنفعة؟ للفقهاء رأيان:
الأول ـ للحنفية والمالكية: هو النظر إلى الأعيان التي أوصي بمنفعتها أياً
(1) هو ما اشترى أو بني للاستغلال أو توالت إجارته ثلاث سنين فأكثر.
كانت مدة الانتفاع، فإن كانت رقابها (ذواتها) تخرج من الثلث، جازت ونفذت، وإن لم تخرج من الثلث، نفذ منها بقدر الثلث فقط، وتوقف الزائد على إجازة الورثة. فالمعتبر عندهم قيمة العين الموصى بمنفعتها، لا قيمة المنفعة مستقلة. فإذا أوصى شخص بمنفعة داره، وكان لا يخرج من ثلث التركة إلا نصف هذه الدار، كان للموصى له منافع نصف الدار فقط.
والدليل على رأيهم: أن الوصية بالمنافع يترتب عليها منع العين الموصى بمنفعتها عن الوارث، وتفويت المقصود منها، وهو الانتفاع بها، والمقصود من الأعيان منفعتها، فإذا بقيت العين على ملك الوارث، صارت بمنزلة العين التي لا منفعة لها، فوجب أن يخرج الممنوع منفعته ـ وهو العين ـ من ثلث المال.
والثاني ـ للشافعية والحنابلة (1): أن الوصية بالمنفعة تقدر بقيمة المنفعة الموصى بها في مدة الوصية؛ لأنها هي الموصى بها.
إلا أن الحنابلة قالوا: إن كانت الوصية مقيدة بمدة معلومة، قدرت بقيمة المنفعة نفسها في تلك المدة. وإن كانت الوصية مطلقة في الزمان كله، ففيها قولان في المذهب:
أحدهما ـ كما في المذهب الحنفي والمالكي: تقوَّم الرقبة (الذات) بمنفعتها، وتخرج من الثلث.
والثاني ـ تقوم الرقبة على الورثة، والمنفعة على الموصى له، فإذا كانت قيمة الشيء كله مائة، وقيمة الرقبة وحدها عشرة، علمنا أن قيمة المنفعة تسعون.
(1) انظر المذكرة التفسيرية للقانون المصري في بيان المادة 62، 63، فقالت: الفقرة الأولى من المادة 62 مأخوذة من مذهب الحنفية، وباقي المادة مأخوذ من مذهب الشافعي.