الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للفقهاء آراء (1):
فصل الحنفية في هذا الموضوع: فأبانوا قواعد حل التزاحم بين الوصايا.
1 - قاعدة التزاحم في الوصايا بين العباد:
إذا أوصى شخص بعدة وصايا لأشخاص معينين، وزادت الوصايا في مجموعها عن الثلث، ولم تجز الورثة الزائد، أو أجازوا ولم تتسع التركة لتنفيذ الوصايا، فيكون لها حالتان:
الأولى ـ أن تكون كل وصية من الوصايا لا تتجاوز الثلث: كسدس المال لشخص، والربع لآخر، والثلث لثالث. يضرب كل سهم في الثلث، أي يأخذ كل واحد من الوصية بنسبة وصيته من الثلث، ويقسم ثلث التركة على تسعة، فيعطى الأول اثنين من السهام، والثاني ثلاثة، والثالث أربعة. وهذا متفق عليه بين أبي حنيفة وصاحبيه، وبه أخذ القانون.
الثانية: أن تكون إحدى الوصايا زائدة على الثلث: كثلث لواحد ونصف لآخر:
قال أبو حنيفة: يقسم الثلث بينهما مناصفة؛ لأن الوصية إذا زادت عن الثلث ولم تجز الورثة، تكون باطلة في القدر الزائد، فيكون هناك وصيتان كلتاهما بالثلث تتزاحمان فيه، فيكون ثلث التركة بين الموصى لهما نصفين. وهذا هو المفتى به عند الحنفية.
(1) الدر المختار ورد المحتار: 468/ 5، تكملة الفتح: 467/ 8 - 469، الكتاب مع اللباب: 177/ 4، بداية المجتهد: 332/ 2، المهذب: 454/ 1، حاشية الباجوري: 86/ 2 - 88، المغني: 50/ 6.
وقال الصاحبان وبقية الأئمة وبه أخذ القانون المصري (م80) والسوري (م258): يقسم الثلث بينهما بنسبة أنصبائهم في الوصية، كالحالة الأولى، ولا يلغى الزائد على الثلث ـ كما قال أبو حنيفة ـ لأنه يلزم مراعاة رغبة الموصي بقدر الإمكان، في تفضيل بعض الموصى لهم على بعض.
واستثنى أبو حنيفة ثلاث حالات: هي المحاباة، والدراهم المرسلة، والسعاية، وافق فيها الصاحبين
في القسمة بحسب السهام، وليس مناصفة (1)، أوضح هنا الحالتين الأوليين، أما الثالثة فلا حاجة لبيانها بالعبيد، فهي غير واقعية الآن.
أما المحاباة: فهي محاباة بعض الناس في ثمن البيع، كأن يوصي شخص بأن تباع سيارته التي تساوي قيمتها ثلاثة آلاف بألف والسيارة التي تعادل قيمتها ستة آلاف بألفين، علماً بأنه لا مال له سواهما، فهو يريد الوصية بفرق السعرين، فيقسم الثلث وهو الثلاثة الآلاف بينهما أثلاثاً، ثلثه للأول، وثلثاه للثاني.
وأما الدراهم المرسلة (2): فهي أن يوصي لشخص بأربع مئة دينار، ولآخر بثمان مئة، وتركته كلها ألف ومائتا دينار، ولم تجز الورثة، فكأنه أوصى لواحد بالثلث، ولآخر بالثلثين. فيقسم الثلث بينهما أثلاثاً، للأول ثلثه، وللآخر ثلثاه.
وسبب الاستثناء في رأي أبي حنيفة: أن الموصي لم يصرح في وصيته بما يبطلها وهو الزيادة على الثلث، وإنما جاء البطلان من الواقع بطريق المزاحمة وضيق التركة وعدم وفاء ثلثها بالوصيتين، ومن الممكن أن يظهر له مال فوق هذا المقدار، فلا تبطل الوصية.
(1) الهداية مع تكملة الفتح وحاشية العناية: 442/ 8.
(2)
المرسلة: أي المطلقة غير المقيدة بثلث أو ربع أونحوهما.