الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شروط الشهادة:
الشرط الأول: أن يكون الشاهد مسلمًا فلا تقبل شهادة الكافر عند الجمهور لقوله تعالى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} (1). والكافر لا نرضاه.
وقال الحنابلة والظاهرية: "تقبل شهادة الكافر في الوصية في السفر إذا لم يوجد غيره وحضر الموصي الموتُ وقال الحنفية: تقبل شهادة الذمي على الذمي"(2).
الشرط الثاني: أن يكون الشاهد عاقلًا وقت التحمل فلا يصح التحمل من المجنون والصبي الذي لا يعقل؛ لأن تحمل الشهادة عبارة عن فهم الحادثة وضبطها ولا يحصل ذلك إلا بآلة الفهم والضبط وهي العقل (3).
قال ابن قدامة: "لا تقبل شهادة من ليس بعاقل إجماعًا"(4).
الشرط الثالث: أن يكون الشاهد بالغًا فلا تقبل شهادة الصبي المميز قبل البلوغ عند الجمهور، وعند المالكية والحنابلة في رواية أن شهادة الصبي المميز تقبل على مثله في الجراح قبل الافتراق عن الحالة التي تجارحوا عليها، فإن تفرقوا لم تقبل شهادتهم (5).
الشرط الرابع: أن يكون الشاهد حرًا فلا تقبل شهادة العبد عند الجمهور
(1) سورة البقرة: 282.
(2)
الشرح الكبير والإنصاف على المقنع (29/ 327)، المحلى (9/ 405)، بدائع الصنائع (6/ 280).
(3)
بدائع الصنائع (6/ 266).
(4)
المغني (14/ 145).
(5)
بدائع الصنائع (6/ 267)، الشرح الصغير (2/ 330)، مغني المحتاج (4/ 427)، المغني (14/ 146).
وعند الحنابلة تقبل شهادته في غير الحدود (1).
الشرط الخامس: اليقظة والسلامة من الغفلة فلا تقبل شهادة مغفل (2).
الشرط السادس: أن يكون الشاهد عدلًا وهذا مما لا خلاف فيه؛ لقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (3).
قال ابن رشد: "أما العدالة فإن المسلمين اتفقوا على اشتراطها في قبول شهادة الشاهد؛ لقوله تعالى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} (4)، ولقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (5) "(6).
فلا تقبل شهادة الفاسق وشهادة مستور الحال. وقد حدد عمر بن الخطاب العدالة المطلوبة الاعتبار في الشهادة من معرفة حال الشاهد من التعامل معه ومعاشرته وعدم الاكتفاء بظاهره فروى البيهقي بسنده عن خرشة بن الحر قال: شهد رجل عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه بشهادة فقال له: لست أعرفك، ولا يضرك أن لا أعرفك، أئت بمن يعرفك فقال رجل من القوم: أنا أعرفه، قال: بأي شيء تعرفه؟ قال: بالعدالة والفضل فقال: فهو جارك الأدنى الذي تعرفه ليله ونهاره ومدخله ومخرجه؟ قال: لا، قال: فمعاملك بالدينار والدرهم اللذين بهما يستدل على الورع؟ قال: لا، قال: فرفيقك في السفر الذي يستدل به على مكارم
(1) بدائع الصنائع (6/ 267)، الشرح الصغير (2/ 325)، مغني المحتاج (4/ 427)، المغني (14/ 185).
(2)
الشرح الصغير (2/ 324)، الشرح الكبير والإنصاف على المقنع (29/ 335)، مغني المحتاج (4/ 427).
(3)
سورة الطلاق: 2.
(4)
سورة البقرة: 282.
(5)
سورة الطلاق: 2.
(6)
بداية المجتهد (2/ 346).
الأخلاق؟ قال: لا، قال: لست تعرفه، ثم قال للرجل: أثبت بمن يعرفك (1).
الشرط السابع: أن يكون الشاهد بصيرًا وقت التحمل عند الحنفية وقال المالكية والحنابلة تجوز شهادة الأعمى إذا تيقن الصوت (2).
الشرط الثامن: أن يكون الشاهد ناطقًا فلا تقبل شهادة الأخرس عند الجمهور وعند المالكية تقبل شهادة الأخرس ويؤديها بالإشارة المفهمة والكتابة.
وسبب الخلاف أن الجمهور يشترطون لفظ: أشهد في الشهادة والأخرس لا يستطيع أن ينطق بها إلا إذا كان له إشارة مفهومة أو كان يكتب وكتب شهادته (3).
قال ابن عبد البر: وإذا فهمت شهادة الأخرس جازت شهادته (4).
الشرط التاسع: أن لا يكون محدودًا في قذف لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (5).
واختلف العلماء في قبول شهادته بعد التوبة فقال الحنفية لا تقبل شهادته بعد التوبة وعند الجمهور تقبل شهادته بعد التوبة (6).
(1) سنن البيهقي الكبرى (10/ 125)، وحسنه العجلوني في كشف الخفاء (1/ 549).
(2)
بدائع الصنائع (6/ 266)، المغني (14/ 178).
(3)
بدائع الصنائع (6/ 268)، التاج والإكليل (6/ 154)، مغني المحتاج (4/ 427)، المغني (14/ 180).
(4)
الكافي لابن عبد البر (1/ 464).
(5)
سورة النور: 4، 5.
(6)
المبسوط للسرخسي (26/ 110)، بدائع الصنائع (6/ 271)، البحر الرائق (7/ 56)، الذخيرة (10/ 199)، الأم (6/ 209)، روضة الطالبين (11/ 245)، النكت والفوائد السنية على مشكل المحرر (2/ 254).