الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما الإجماع: فإن الأمة أجمعت على صحة الإقرار؛ ولأن الإقرار إخبار على وجه ينفي عنه التهمة والريبة، فإن العاقل لا يكذب على نفسه كذبا يضر بها؛ ولهذا كان آكد من الشهادة فإن المدعى عليه إذا اعترف لا تسمع عليه الشهادة وإنما تسمع إذا أنكر (1).
أركان الإقرار
أركان الإقرار عند الجمهور أربعة: مُقِر، ومُقَر له، ومُقَر به، وصيغة (2).
وأما عند الحنفية فهو الصيغة فقط.
قال الكاساني: "أما ركن الإقرار (الصيغة) فنوعان: صريح، ودلالة، فالصريح نحو أن يقول: لفلان عليَّ ألف درهم؛ لأن كلمة عليَّ كلمة إيجاب لغةً وشرعًا، وكذا إذا قال لرجل: لي عليك ألف درهم، فقال الرجل: نعم؛ لأن كلمة نعم خرجت جوابًا لكلامه وجواب الكلام إعادة له لغة كأنه قال: لك علي ألف درهم.
وأما الدلالة فهي أن يقول له رجل: لي عليك ألف، فيقول: قد قضيتها؛ لأن القضاء اسم لتسليم مثل الواجب في الذمة فيقتضي أسبقية الوجوب فكان الإقرار بالقضاء إقرارًا بالوجوب ثم يدعي الخروج عنه بالقضاء، فلا يصح إلا بالبينة" (3).
شروط الإقرار:
1 -
أن يكون المقِرّ مكلفًا، فلا يصح إقرار الصبي والمجنون والسكران لحديث علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على
(1) المغني (7/ 262).
(2)
التاج والإكليل (5/ 216)، أسنى المطالب (2/ 287 - 288)، الموسوعة الفقهية (6/ 49).
(3)
بدائع الصنائع (7/ 207 - 208).
عقله حتى يعقل، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم" (1).
ويقبل إقرار الصبي المميز المأذون له بالتجارة للضرورة إذا أقر بحق مالي أما إذا أقرّ بما يوجب عقوبة بدنية فلا يقبل إقراره عند الجمهور (2).
وقال الشافعية في السكران إن كان سكره حصل بطريق محرم كما لو تناول الخمر مختارًا وهو يعلم أنه خمر وجب أن يؤاخذ بإقراره؛ لأنه تناول ما يزيل عقله مع علمه أنه مسكر فوجب أن يتحمل كل ما يتولد من فعله ويترتب عليه، لينزجر عما نهي عنه وذلك تغليظًا عليه، وإن كان سكره حصل بطريق غير محرم كأن شرب الخمر قسرًا أو عن غير قصد فلا يؤاخذ بإقراره حال سكره، لعدم تعديه (3).
2 -
ألا يكون المقِرّ متهما في إقراره كإقرار المريض لأحد الورثة بدين عليه، لأنه متهم بمحاباة هذا الوارث، والتهمة تخل برجحان جانب الصدق على جانب الكذب (4).
3 -
أن يكون المقِر مختارًا فلا يصح إقرار المكره بالمال أو بالطلاق أو بغيرهما (5).
لما روى ابن ماجه، والطبرانيُّ عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن
(1) سنن أبي داود، برقم (4401)، سنن الترمذيُّ، برقم (1423)، المستدرك على الصحيحين (2/ 67)، برقم (2350)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، الأحاديث المختارة (2/ 229)، برقم (608)، وقال: إسنادُهُ صحيحٌ. وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (3/ 56)، برقغ (4401).
(2)
المغني (7/ 263).
(3)
مغني المحتاج (2/ 238)، (3/ 269).
(4)
بدائع الصنائع (7/ 223).
(5)
المغني (7/ 264).