الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اشتراط العدالة بحيث إذا ولي الفاسق القضاء أثم موليه ولم تصح، وبطلت ولايته، ولا ينفذ شيء من قضائه ولو صادف الحق (1).
2 -
وذهب الحنفية في ظاهر الرواية ومعهم طائفة من المالكية (2) إلى أن العدالة شرط كمال لا شرط جواز وصحة بمعنى أنه إذا ولي الفاسق القضاء أثم موليه ولكن تصح ولايته وينفذ قضاؤه رغم ذلك، على أن نفاذ كل قضاء مشروط بموافقة الشرع، فهذا الشرط متفق على اعتباره في جواز التقليد.
قال الكاساني: "العَدَالَةُ عِنْدَنَا لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِجوَازِ التَّقْلِيدِ لَكِنَّهَا شَرْطُ الكَمَالِ فَيَجُوزُ تَقْلِيدُ الفَاسِقِ وَتَنْفُذُ قَضَايَاهُ إذَا لم يجاوِزْ فيها حَدَّ الشَّرْعِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ رحمه الله شَرْطُ الجوَازِ فَلَا يَصْلُحُ الفَاسِقُ قَاضِيًا عِنْدَهُ بِنَاءً على أَنَّ الفَاسِقَ ليس من أَهْلِ الشَّهَادَةِ عِنْدَهُ فَلَا يَكُونُ من أَهْلِ القَضَاءِ، وَعِنْدَنَا هو من أَهْلِ الشَّهَادَةِ فَيَكُونُ من أَهْلِ القَضَاءِ لَكِنْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَلَّدَ الفَاسِقُ؛ لِأَنَّ القَضَاءَ أَمَانَةٌ عَظِيمَةٌ، وَهِيَ أَمَانَةُ الأَمْوَالِ وَالأَبْضَاع وَالنُّفُوسِ فَلَا يَقُومُ بِوَفَائِهَا إلَّا من كَمُلَ وَرَعُهُ وَتمَّت تَقْوَاهُ إلَّا أنَّهُ مع هذا لو قُلِّدَ جَازَ التَّقْلِيدُ في نَفْسِهِ وَصَارَ قَاضِيًا؛ لِأَنَّ الفَسَادَ لِمَعْنًى في غَيْرِهِ فَلَا يَمْنَعُ جَوَازُ تَقْلِيدِهِ القَضَاءَ في نَفْسِهِ"(3).
أدلة الجمهور:
1 -
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} (4).
(1) مغني المحتاج (4/ 375)، المغني (14/ 13)، تبصرة الحكام (1/ 26)، حاشية ابن عابدين (5/ 356).
(2)
فتح القدير لابن الهمام (5/ 454)، حاشية ابن عابدين (5/ 356)، تبصرة الحكام (1/ 26).
(3)
بدائع الصنائع (7/ 3).
(4)
سورة الحجرات: 6.
وجه الاستدلال: إن الله تعالى أمر بالتبيّن والتثبت عند إخبار الفاسق وهذا يقتضي تأخير قبوله إلى حين التبيّن والتثبت فلو صح تقليد القاضي الفاسق لأدى إلى تأخير قبول حكمه إلى حين التبيّن وهذا لا يجوز لما فيه من تأخير للقضاء الذي يجب أن ينفذ على الفور (1).
2 -
قال تعالى: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} (2).
إن الله تعالى اشترط العدالة في الذي يتولى الحكم في الصيد فكذلك يشترط في القاضي الذي سيتولى الحكم في جميع القضايا بما فيها الصيد.
3 -
قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} (3).
فالله أمر بأداء الأمانات إلى مستحقيها والقضاء أمانة والفاسق غير مؤتمن فلا يصح تقلده القضاء؛ لأنه ليس أهلًا للتولية.
4 -
قال تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (4).
إن الله اشترط العدالة في الشاهد في مسائل المعاملات فلا شك أن اشتراط العدالة فيمن يتولى الحكم في هذه الأمور من باب الأولى.
5 -
إن الفاسق لا يصلح شاهدًا لقوله: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (5).
(1) المغني (14/ 14).
(2)
سورة المائدة: 95.
(3)
سورة النساء: 58.
(4)
سورة الطلاق: 2.
(5)
سورة النور: 4.