الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال البهوتي: "ويصح التوكيل في كل حق آدمي من العقود؛ لأنه صلى الله عليه وسلم وكل في الشراء والنكاح وسائر العقود كالإجارة والقرض والمضاربة والإبراء في معناه ومن الفسوخ؛ لأن الحاجة تدعو إلى ذلك أشبه البيع حاضرًا كان الموكل أو غائبًا صحيحًا كان أو مريضًا، ولو كان التوكيل في خصومة بغير رضا الخصم حتى في صلح وإقرار فيصح التوكيل فيهما كغيرهما"(1).
ودليلهم في ذلك ما تقدم من أن علي كان يوكل في الخصومة غيره وهو حاضر من غير نكير فهو كالاتفاق منهم على جواز توكيل الحاضر من غير اشتراط الرضا.
ولأن التوكيل تصرف في خالص حقه فلا يتوقف على رضا غيره كالتوكيل في تقاضى الديون (2).
والراجح: هو قول الجمهور لما ذكروه.
الركن الثاني: الوكيل
وهو المحامي ويشترط فيه شروط أهمها ما يأتي:
1 -
أهلية التصرف: كما هو الحال في الموكل بأن يكون عاقلًا فلا يجوز وكالة المجنون ولا الصبي لأنهما مرفوع عنهما القلم فتصرفاتهما غير معتبرة شرعًا. أما الصبي المميز فقد ذهب جمهور المالكية والحنفية والحنابلة إلى صحة توكيله إلا أن المالكية والحنابلة اشترطوا لذلك إذن وليه.
وذهب الشافعية إلى عدم جواز توكيله.
2 -
الرضا: فيشترط رضا الوكيل لصحة الوكالة؛ لأنها عقد من العقود كما تقدم فاشترط فيها الرضا كسائر العقود.
(1) كشاف القناع (3/ 463).
(2)
الهداية شرح بداية المبتدي (3/ 137 - 138)، البحر الرائق (7/ 144).
3 -
الإِسلام: يصح توكيل المسلم الذمي في التصرف له مع الكراهة عند الحنفية؛ لأنه لا يتحرز عن المحرمات وقد يقصد إيذاء المسلم (1). وعند المالكية لا يصح توكيله على المسلم ويصح على غير المسلم كالذمي مثله، فلا يصح توكيل الذمي على استخلاص دين على مسلم ويصح على استخلاص دين من الذمي؛ وذلك لعموم قوله تعالى:{وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} (2)؛ إذ في توكيله جعل السبيل له على المؤمن. ويجوز أن يوكل على الذمي مثله. ولأنه قد يغلظ على المسلمين إذا وُكِّل عليهم قصدًا لأذاهم فيحرم على المسلم إعانتُه على ذلك (3). ولأنه بالنسبة لإثبات الحقوق قد لا يعرف أحكام المعاملات الإسلامية.
4 -
أن يكون عدلًا: فلا بد أن يكون المحامي عدلًا والعدالة كما تقدم هي الصلاح في الدين والمروءة.
5 -
أن لا يكون عدوًا لخصم موكله: ينص المالكية على اشتراط أن لا يكون الوكيل عدوا لخصم موكله.
جاء في حاشية الدسوقي: "قوله: إلا لعداوة أي بين الوكيل والخصم. . قال ابن القاسم: وللحاضر أن يوكل من يطلب شفعته أو يخاصم عنه خصمه وإن لم يرض بذلك إلا أن يوكل عليه عدوًا له فلا يجوز"(4).
6 -
أن يكون معينًا: فلا يجوز توكيل مجهول. جاء في شرح مجلة الأحكام
(1) انظر: المبسوط (12/ 216).
(2)
سورة النساء: 141.
(3)
الذخيرة (8/ 5)، جامع الأمهات (ص: 398)، مواهب الجليل (5/ 119)، حاشية الدسوقي (3/ 386).
(4)
(3/ 378).
العدلية: "كون الوكيل معلومًا شرط يعني أنه يشترط ألا يكون الوكيل مجهولًا جهالة فاحشة. فإذا كان الوكيل مجهولًا فلا تصح الوكالة"(1).
وقال البهوتي: "ويعتبر لصحة الوكالة تعيين وكيل فلو قال وكلت أحد هذين لم تصح للجهالة، وقال في الانتصار: فلو وكل زيدًا وهو لا يعرفه لم تصح لوقوع الاشتراك في العلم فلا بد من معرفة المقصود إما بنسبة أو إشارة إليه أو نحو ذلك مما يعينه"(2).
وعليه فيجب أن يكون المحامي معلومًا أمام القضاء قبل بداية جلسات القضية. أما جهل الخصم بالوكيل أي محامي خصمه فلا يؤثر في صحة الوكالة (3).
7 -
أن لا يكون وكيلًا للخصمين في الدعوى نفسها: نص الشافعية على عدم جواز أن يكون الوكيل في الخصومة واحدًا عن الطرفين لما في ذلك من تناقض (4). وعليه فلو وكل المحامي طرفا الخصومة لم يصح التوكيل وله أن يختار أيهما شاء. وقد نص نظام المحاماة السعودي على هذا الشرط حيث نص في المادة الخامسة عشرة من لائحته التنفيذية في الفقرة الثالثة على أن على المحامي ألا يقبل الوكالة عن طرفين في قضية واحدة.
8 -
أن يكون المحامي عالمًا بأحكام التقاضي وطرق إثبات الحق ودفع التهم: وذلك لأن القصد من توكيله هو إثبات حق الموكل أو دفع التهمة عنه، فإذا كان الوكيل المحامي مثل موكله لا يهتدي إلى وسائل تحقيق ذلك لم يكن في توكيله فائدة.
(1)(3/ 520).
(2)
كشاف القناع (3/ 462). وانظر شرح منتهى الإرادات (2/ 185).
(3)
انظر: درر الحكام شرح مجلة الأحكام العدلية (3/ 546).
(4)
انظر: روضة الطالبين (4/ 305)، مغني المحتاج (2/ 225).