الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من التعاون على البر والتقوى، وإلا فلا يجوز؛ لما فيه من التعاون على الإثم والعدوان، قال الله تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} ".
ومن يقول بمنعها بناء على أسباب ذكرها فإنه يفهم منه التقاؤه مع المجيزين إذا تم إبعاد المحذور.
أركان الوكالة:
أركان الوكالة بالخصومة أربعة وهي: الموكل، والوكيل، والموكل فيه أو محل الوكاله، والصيغة.
الركن الأول: الموكِّل
وهو الخصم الذي يقوم بالتوكيل ويشترط فيه ما يأتي:
1 -
أهلية التصرف: لما كان التوكيل تصرفًا شرعيًا يترتب عليه آثار معينة فيشترط فيمن يقوم به أن يتوافر فيه أهلية التصرف بأن يكون عاقلًا بالغًا، أما العقل فلا خلاف في اشتراطه فلا يصح توكيل المجنون والمعتوه ونحوهما.
وأما البلوغ فقد اختلف الفقهاء في اشتراطه على أقوال:
الأول: أنه شرط لصحة الوكالة فلا يصح للصبي أن يوكل غيره مطلقًا لفقدان الأهلية، وهو مذهب الشافعية وبعض المالكية.
الثاني: أنه ليس شرطًا وهو مذهب الحنفية والمالكية والحنابلة ولكنهم اختلفوا من حيث التفصيل فذهب الحنفية وبعض المالكية إلى جواز توكيل الصبي المميز لغيره في التصرفات النافعة نفعًا محضًا دون إذن وليه. واشترطوا إذن وليه فيما هو دائر بين النفع والضر.
وذهب الحنابلة والمالكية في ظاهر مذهبهم إلى جواز توكيل الصبي المميز لغيره بإذن وليه.
2 -
الرضا: لا خلاف بين الفقهاء في اشتراط رضا الموكل في صحة عقد الوكالة بينه وبين وكيله؛ لأن الوكالة عقد من العقود يترتب عليها آثار شرعية فلا بد من رضا المتعاقدين فيها. والأصل في اشتراط الرضا في العقود قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} (1).
رضا الخصم: اختلف الفقهاء في اشتراط رضا الخصم في صحة الوكالة ولزومها على قولين:
القول الأول: أنه يشترط لصحة الوكالة ولزومها رضا الخصم إذا كان حاضرا ولم يكن معذورًا بالمرض أو السفر ونحو ذلك، وهو مذهب أبي حنيفة وزفر.
قال الجصاص: "في وكالة الحاضر قال أبو حنيفة وزفر: لا يجوز توكيل الحاضر بالخصومة إلا برضاء خصمه أو عذر من مرض"(2). وجاء في فتح القدير: "وقال أبو حنيفة رحمه الله لا يجوز التوكيل بالخصومة من قبل المدعي أو المدعى عليه إلا برضا الخصم إلا أن يكون الموكل مريضًا أو غائبًا مسيرة ثلاثة أيام فصاعدًا وقالا يجوز ذلك بغير رضا الخصم وهو قول الشافعي رحمه الله"(3).
(1) سورة النساء: 29.
(2)
مختصر اختلاف العلماء (4/ 128).
(3)
(7/ 507). وانظر: تبيين الحقائق (4/ 255)، والبحر الرائق (7/ 143 - 144).
وعللوا ذلك بأن الجواب مستحق على الخصم ولهذا يطلب حضوره فلو قلنا بلزومه فقد يتضرر ولذا فيتوقف على رضاه كالعبد المشترك إذا كاتبه أحدهما يتخير الآخر بخلاف المريض والمسافر لأن الجواب غير مستحق عليهما هنالك (1).
القول الثاني: أنه لا يشترط لصحة الوكالة ولزومها رضا الخصم وهو مذهب أبي يوسف ومحمَّد من الحنفية وجمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة.
قال الجصاص: "وقال أبو يوسف ومحمَّد وابن أبي ليلى والشافعيُّ: يقبل من كل أحد بغير رضا الخصم"(2).
وفي المدونة الكبرى: "قلت: أرأيت الوكالات في الخصومات كلها والموكل حاضر، أيجوز -ولم يرض خصمه بالوكالة- في قول مالك؟ قال: نعم، الوكالة جائزة وإن كره خصمه، ولكل واحد منهما أن يوكل وإن كان حاضرًا إلا أن يكون ذلك رجلًا قد عرف أذاه، وإنما أراد بذلك أذاه، فلا يكون ذلك له، كذلك قال مالك"(3).
وقال الشافعي: "وأقبل الوكالة من الحاضر من النساء والرجال في العذر وغيره وقد كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكل عند عثمان عبد الله بن جعفر وعلي بن أبي طالب حاضر فقبل ذلك عثمان رضي الله عنه وكان يوكل قبل عبد الله بن جعفر عقيل بن أبي طالب"(4).
(1) انظر: الهداية شرح بداية المبتدي (3/ 137 - 138)، البحر الرائق (7/ 144).
(2)
مختصر اختلاف العلماء (4/ 128).
(3)
المدونة الكبرى.
(4)
الأم (3/ 233).